أثارت التعديلات على سياسة الهجرة واللجوء التي اعتمدها البرلمان الأوروبي انتقادات حقوقية واسعة، حيث اعتبرت منظمات تُعنى بحقوق الإنسان، أن التعديلات التي تبناها التكتل الأوروبي من شأنها تصعيب حصول اللاجئين على الحماية.
ومن أبرز التعديلات التي أثارت الجدل إمكانية احتجاز طالبي
اللجوء أثناء عملية فحص طلباتهم، وتطبيق الترحيل السريع على أولئك الذين لا يسمح لهم بالبقاء.
وتُسرع التعديلات دراسة طلبات لجوء الأشخاص الوافدين من دول يبلغ مستوى رفض مواطنيها حين يتقدمون بطلبات لجوء في
الاتحاد الأوروبي معدل 80 في المئة على الأقل مثل المغرب وتونس، وكذلك طلبات الذين تعد فرص حصولهم على الحماية أقل.
ومن المرتقب كذلك، أن يتم إنشاء مراكز جديدة على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية (البرية والبحرية والجوية) بهدف تبسيط وتسريع عملية البت في طلبات اللجوء. في المقابل ستعمل هذه المراكز على إعادة المهاجرين الذين يتم رفض طلباتهم بسرعة أكبر.
وعن الإقامة تُجيز التعديلات احتجاز المهاجرين في تلك المراكز، مع إمكانية اتخاذ إجراءات بديلة مثل فرض الإقامة المنزلية مع قيود معينة.
والتعديل الأكثر جدلاً، هو رفض طلبات اللجوء في حال وصول المهاجر إلى الاتحاد الأوروبي عبر دولة تعتبر آمنة، مثل
تركيا.
اظهار أخبار متعلقة
انتقادات حقوقية
وانتقدت منظمات حقوقية من ضمنها "لجنة الإنقاذ الدولية" و"منظمة أوكسفام" في بيان التعديلات، معتبرة أن الاتفاق "يترك شروخاً مقلقة في نهج أوروبا تجاه اللجوء والهجرة، ويفشل في تقديم حلول مستدامة للأشخاص الذين يبحثون عن الأمان على حدود أوروبا".
وفي السياق ذاته، استهجن المحلل السياسي المطلع على السياسات الأوروبية أسامة بشير التعديلات، واصفاً إياها بـ"المخالفة لحقوق الإنسان".
وقال لـ"عربي21" إن "إنشاء مراكز على حدود التكتل الأوروبي لاحتجاز طالبي اللجوء، وإعادة من يتم رفض طلبه، يخالف بشكل صريح قوانين حقوق اللاجئين".
واعتبر بشير أن "من الصعب" تطبيق هذه التعديلات على الأرض، مرجعاً ذلك إلى "خطورة تطبيق التعديلات على سمعة الاتحاد الأوروبي، خاصة أن هناك حالة من عدم التوافق على سياسات اللجوء، ففي حين تطالب بعض الدول الأوروبية المتوسطية مثل اليونان وإيطاليا بالتشدد في سياسة اللجوء، فإن العديد من الدول المركزية ترفض ذلك".
وقال المحلل السياسي، إن هذه التعديلات في الغالب ستبقى خارج الإجماع الأوروبي، لأن ذلك ينطوي على مخالفة كبيرة لقوانين وأنظمة العديد من الدول.
اظهار أخبار متعلقة
التخوف من موجات لجوء
من جانبه، أرجع مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" الحقوقي الدولي فضل عبد الغني التعديلات، إلى تخوف الاتحاد الأوروبي من تصاعد موجات اللجوء، وخاصة في ظل حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والحرب على غزة، وإلى تصاعد اليمين الشعبي في بعض الدول الأوروبية.
وفي حديثه لـ"عربي21" قال إن بعض التعديلات أو الشروط على سياسة اللجوء تنتهك اتفاقيات حقوق اللاجئين، مضيفا أنه "في المقابل لا تنتهك بعض التعديلات القوانين".
وأوضح أن التعديلات تنص على عدم قبول اللاجئين الذين وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي من دولة ثالثة (آمنة)، وقال: "على سبيل المثال، هل سيتم رفض طلبات لجوء الذين قدموا عبر تركيا التي تُصنف آمنة للاجئين، رغم أن تركيا تُعيد الآلاف من اللاجئين السوريين إلى بلادهم قسرا؟"، على حد تأكيده.
في المقابل، أشاد عبد الغني ببعض التعديلات التي تبحث في عدم استحقاق البعض للجوء، معتبراً أن "الاتحاد الأوروبي استفاد من تجارب اللجوء الطويلة، بحيث تقطع التعديلات الأخيرة الفرص على غير المستحقين، خاصة أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع استيعاب كل اللاجئين، وخاصة على سبيل المثال الذين يأتون من مناطق سيطرة النظام السوري، وهم من الموالين له".
وفي شباط/ فبراير الماضي، أظهرت بيانات من وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء ارتفاع طلبات اللجوء في التكتل 18 في المئة إلى 1.14 مليون في 2023، وهو أعلى مستوى منذ أزمة المهاجرين في عامي 2015 و2016.