قالت الأكاديمية والحقوقية
المغربية،
الدكتورة نزيهة امعاريج، إن "ما نُشر مؤخرا في بعض وسائل الإعلام المغربية
حول أبرز التوصيات التي انتهت إليها الهيئة المُكلّفة بإصلاح مدونة (قانون) الأسرة، هي مجرد تسريبات غير دقيقة، وحرب نفسية يشنّها الطرف الآخر (في إشارة إلى مَن يوصفون
بالحداثيين) من أجل جس نبض الشارع بشأن هذه القضية بالغة الحساسية".
وأضافت، في
تصريح خاص لـ"عربي21": "التوصيات النهائية للمدونة لم تصدر بعد،
وسيعلن عنها رسميا
الملك محمد السادس بن الحسن خلال الأيام المقبلة"، متابعة: "قانون
المدونة لا يمر للمصادقة في البرلمان، ولا علاقة للحكومة بإقراره، بل يتم ذلك من
خلال الملك؛ فالمقتضيات الشرعية من اختصاص عاهل البلاد باعتباره أمير المؤمنين".
والجمعة، نشرت وسائل إعلام مغربية توصيات هيئة
تعديل المدونة، التي كان من بينها نصف الإرث للمرأة، وتسهيل إجراءات الطلاق، وإزالة
اختلاف الدين من ضمن موانع الزواج.
وأردفت امعاريج: "التكليف
بإصلاح المدونة جاء بأمر من الملك شخصيا، وبالتالي الإعلان عن التوصيات النهائية
سيكون من قِبل الملك، والشعب يترقب كلمة جلالته، ولا ثقة لنا إلا في الملك"،
لافتة إلى أنه "عندما احتدم الخلاف المجتمعي سابقا قبيل إقرار
مدونة الأسرة
لأول مرة، تدخل الملك، وحسم هذا الخلاف آنذاك".
اظهار أخبار متعلقة
وكان ملك المغرب قد دعا، في أيلول/ سبتمبر
2023، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، لإعادة النظر في "قانون الأسرة"، وهو ما
أثار جدلا واسعا داخل البلاد فيما يخص العديد من القضايا ذات الصلة، مثل حقوق المرأة،
وزواج القاصرات، والإرث، وتحقيق المساواة.
وينص قانون الأسرة المغربي، الذي جرى إقراره منذ
نحو 19 عاما، على المساواة بين الزوجين، وتحديد سن الزواج لكل من الزوجين بعمر 18 سنة
(مع استثناءات يوافق عليها القاضي)، ووضع الأسرة تحت رعاية ومسؤولية الزوجين، ووضع
الطلاق تحت مراقبة القضاء.
وواصلت امعاريج حديثها
بالقول: "مدونة الأسرة من ثوابت الأمة المغربية، وستُعبّر عن الانتماء الحضاري
لأمتنا العربية والإسلامية، والخطاب الملكي سبق أن أكد بشكل جلي لا لبس فيه، أنه
لا مساس بالشريعة الإسلامية، ولا مساس بالنصوص الشرعية
قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وشعبنا لن يقبل مطلقا بأي خروج عن ذلك".
اظهار أخبار متعلقة
واستطردت أستاذة مادة العقيدة ومقارنة الأديان والفكر الإسلامي، قائلة: "مَن يريد مدونة حداثية تتصادم
مع شريعتنا الإسلامية، فعليه أن يبحث عنها في أي دولة أخرى. هذا خط أحمر ولعب
بالنار، وسنقف له بالمرصاد من أجل صيانة ثوابتنا المغربية والفقه المالكي وإمارة
المؤمنين".
وقالت: "نحن
نرتب حاليا لأنشطة وندوات جديدة وتحركات مختلفة ستنطلق بعد عيد الفطر من أجل مدونة
الأسرة، وحراكنا لن يتوقف حتى نطمئن أن التعديلات جاءت في إطار المرجعية
الإسلامية، والإشكالات الموجودة
نبحث لها عن الحلول والمقاربات الأسلم والأقرب للصواب".
ونوّهت امعاريج، وهي رئيسة جمعية
حوار النسائية (غير حكومية)، إلى أنهم طالبوا سابقا بـ"إيجاد حلول قانونية مبتكرة لتفادي الاختلالات التي كشف عنها التطبيق العملي للمدونة
خلال السنوات المنصرمة، بشرط أن يتم ذلك من خلال الاجتهاد الخلاق في نطاق الشريعة الإسلامية
الغراء".
وشدّدت على أن "تعديلات مدونة الأسرة لا بد أن تراعي دستور البلاد، الذي يعتبر المغرب دولة إسلامية ذات
سيادة كاملة، كما يعتبر الهوية المغربية تتميز بتبوؤ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح
والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء".
وفي 30 آذار/ مارس الماضي، تسلّم رئيس الحكومة
المغربية، عزيز أخنوش، تقرير الهيئة المكلفة بمراجعة "قانون الأسرة"، على
هامش استقباله أعضاء الهيئة المكلّفة بذلك، على أن يتم رفع خلاصة ونتائج عمل تلك اللجنة
إلى الملك.