حسب ما تم نشره، فإن عدد اليهود المتدينين أو المتشددين الذين انضموا لجنود الاحتياط في
الجيش الإسرائيلي هو 3 آلاف، وبينما يعد هذا العدد قليلا مقابل قرابة 400 ألف من جنود الاحتياط في جيش
الاحتلال، إلا أنه بالرغم من ذلك لم تلق مشاركة 3 آلاف من المتدينين في الجيش دعم الحاخامات، حيث إنها ستؤسس لفكرة إلغاء إعفاء المتدينين من الانضمام للجيش. لطالما كان هذا الملف خلافيا في دولة الاحتلال، حيث إن الشباب في دولة الاحتلال يخدمون لمدة 32 شهرا، بينما يعفى
الحريديم من هذه الخدمة العسكرية، ومن ثم كان هناك استياء متزايد، وخاصة عندما تحصل عمليات كبيرة للمقاومة توقع خسائر كبيرة في الأرواح، حيث يفتح النقاش حول غياب المتدين ودفاع العلماني أو غير المتدين فقط عن الدولة وتضحيته بدمائه، وكان المتدينون يردون بأن الدعاء والصلاة من أجل إسرائيل وأمنها لا يقل أهمية عن الخدمة في الجيش.
بين هذين السجالين، هناك رؤية ثالثة تريد تكريس انضمام 3000 شاب متدين الذين انضموا لجيش الاحتياط، ضمن تغلغل أكبر للمتدينين بالجيش، وترى أن الجيش والمؤسسة الأمنية لا بد أن يكون بها حضور لهذا التيار، ولا تترك للتيار الليبرالي أو العلماني القريب من الولايات المتحدة. ويمثل هذه الرؤية وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي قال: نؤمن بحل قضية التجنيد من خلال التفاهم، والخدمة في الجيش امتياز كبير لليهودي الذي يدافع عن نفسه وبلده. ولكن هذه الرؤية ترتطم بالرؤية الحاخامية التي عبر عنها بطريقة أحدثت سجالا كبيرا الحاخام يتسحاق يوسف، الحاخام الأكبر لليهود السفارديم وهم اليهود الشرقيون، حيث قال؛ إنه إذا تم إجبار المتدينين على الخدمة العسكرية، فإنهم سيسافرون جميعا للخارج، وبكل سهولة سيشترون تذاكر الطيران وسيغادرون. كما اتهم العلمانيين بأنهم يضعون الدولة على المحك.
صحيح أن الخلاف حول التجنيد ليس جديدا، لكن تصريح يتسحاق يوسف غير مسبوق من حيث الحديث عن المغادرة، في وسط حرب بقاء يعيشها الكيان الصهيوني، تفجر حقيقة حاول قادة الاحتلال إخفاءها، هي إمكانية المغادرة وبكل سهولة، ولذلك كان الرد سريعا من وزير الحرب غانتس الذي قال إن كلمات كبير حاخامات السفارديم تمثل ضررا أخلاقيا على الدولة والمجتمع الإسرائيلي. كما كان وزير الدفاع السابق أفيجدور ليبرمان أكثر وضوحا بالقول؛ إن تصريح الحاخام يعرض أمن إسرائيل للخطر.
قريبا، ستكون هذه القضية من القضايا المتفجرة في ظل وجود سعي من الحكومة لإقرار مشروع قانون يستثني الحريديم من الخدمة العسكرية، ويزيد في الوقت نفسه الخدمة العسكرية من 32 إلى 36 شهرا. ومن جهة أخرى، فإن تصريح حاخام السفارديم في إحدى دلالاته يظهر بشكل غير مباشر الاحتجاج على عنصرية اليهود الأشكناز تجاه السفارديم الذين يمثلون أقلية، وهذا يشير إلى الخلاف داخل المجتمع الصهيوني.
وعلى كل حال، فيما يزداد عدد الحريديم كمكون في المجتمع الصهيوني، سيكون لهذا الملف وقعه في إضفاء مزيد من الخلافات بين مكونات المجتمع التي ساهمت عملية طوفان الأقصى في إبرازها. ولا ننسى أن هذا المكون قبل عند إنشاء دولة الكيان في 1948 فكرة الدولة بصعوبة بالغة، وكان قبولهم بوجود الدولة التي رفضوها من منظور ديني، هو إعفاؤهم من التجنيد الإجباري كأحد الشروط، وكان هذا عندما كان عددهم محدودا. ولكنهم منذ عام 1998 ومع تزايد أعدادهم، عادت هذه القضية للحضور، وتم إيجاد بعض الحلول التي رآها الحريديم ضغطا عليهم، كما أن الانضمام من الحريديم لحكومة نتنياهو كان شرطه هو الإعفاء التام لهم من الخدمة العسكرية، والآن هم يضعون الحكومة والدولة أمام الاختبار، فهذا الملف يدخل في سياق ما يسمى العقود الاجتماعية للكيانات.
(الشرق القطرية)