ملفات وتقارير

هل تنتهي الحرب في السودان خلال العام القادم؟.. تفاؤل حذر

وشهد السودان أكبر نزوح داخلي في العالم خلال 2023- جيتي
وشهد السودان أكبر نزوح داخلي في العالم خلال 2023- جيتي

لم يكن كافيا انتعاش الدراما السودانية مع مطلع العام الجديد قبل 12 شهرا، حينما اندمج نجوم السوشيال ميديا في الأعمال الدرامية، بالإضافة إلى اختيار السودانية دعاء طارق ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة حول العالم، لجعل أخبار السودان سارة طيلة السنة.

كما أن الترشح الذي يعد الأول من نوعه للسودان لمسابقة ملكة جمال العالم، لم يمنع من الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات، وأكبر نزوح للأطفال في تاريخ البلاد.

عام "الفشل والحرب"


في عام 2023، فشلت آمال الاستقرار في البلد الأفريقي الذي يؤوي أكثر من 48 مليون نسمة، بعد انزلاق البلاد إلى حرب عسكرية غير متوقعة، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية ونزوح ملايين السكان.

انطلقت هذه الأحداث بعد تصاعد الأزمة السياسية منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2021، حين قام قائد الجيش السوداني بحل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ.

في نهاية 2022، فشل اتفاق إطاري مرتقب بين تحالف قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري في تحقيق التوافق، مما أدى إلى انقسام كبير بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتسبب في تعثر التوقيع النهائي على الاتفاق في أبريل 2023.

اظهار أخبار متعلقة


في 15 نيسان/ أبريل 2023، اشتعلت الحرب في الخرطوم، ممتدة إلى مناطق أخرى بما في ذلك إقليما كردفان ودارفور والجزيرة وسنار. أسفرت هذه النزاعات عن نزوح كبير، حيث فرّ ما يقرب من 7 ملايين شخص في أكبر موجة نزوح داخلي في العالم.

وتتسارع الآثار الاقتصادية السلبية، حيث تراجعت الإيرادات وشهد الجنيه السوداني تدهورا هائلا، وارتفعت معدلات التضخم إلى أكثر من 300 في المئة. فقد أدى تأثير الحرب إلى فقدان الوظائف، مما تسبب في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي وزيادة في الديون.

في ظل هذا السياق المعقد، تسعى المنظمة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) للوساطة في لقاء نادر بين قادة الجيش وقوات الدعم السريع في ديسمبر 2023، بهدف تحقيق تسوية سلمية.

اظهار أخبار متعلقة


ومع أمل السودانيين في نهاية إيجابية لهذه الأزمة المستمرة منذ 9 أشهر، يعلو الترقب للقاء المنتظر بين قادة الجيش وقوات الدعم السريع، والذي يُرجى أن يمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق سلمي.

يشير المحللون إلى أن هذا اللقاء يمكن أن يكون نقطة تحول حاسمة في تسوية النزاع المسلح الذي أثر بشكل كبير على الاقتصاد وحياة المدنيين.

على الساحة الدولية، تستمر منظمة إيغاد في جهودها لتعزيز المفاوضات بين الأطراف المتحاربة، في حين تسعى المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لتقديم الدعم والوساطة.

اظهار أخبار متعلقة


في ظل هذه التطورات السياسية والاقتصادية، يتساءل العالم ككل عما إذا كانت الأيام القادمة ستشهد تطورات إيجابية أم ستظل الأزمة الراهنة تلقي بظلالها على مستقبل السودان.

"الواقع يشير لقرب انتهاء الحرب في 2024"

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي ياسر الحسين، أنه "استنادا لمجريات حالية، فالواقع الميداني يشير إلى قرب انتهاء هذه الحرب"، مبيناً أن "المآلات ستكون في ما بعد الحرب ليست كما كانت قبلها".

وتابع لـ "عربي21": "المسرح السياسي كله سيتغير ويصار إلى تفكير سياسي جديد يتجاوز الأخطاء التي أفضت إلى الحرب".

المحلل السياسي السوداني، ذكر أنه "لعل فظاعة الحرب وآثارها قد تفرض فترة يلتقط فيها الناس أنفاسهم قبل أن تعود عجلة الحياة، لا سيما في جانبها السياسي المدني، لطبيعتها وتفاعلاتها مع الحياة في البلاد".

اظهار أخبار متعلقة


وأشار إلى أن "الكلمة والسلطة كاملة والترتيبات الأولى ستكون بيد السلطات العسكرية والأمنية واجتراح خطة لسحب السلاح من أيدي الناس واقتصاره على الدولة ومؤسساتها الأمنية".

وبيّن أنه "لن تكون نتائج أي اتفاق بأن تعود ميليشيا الدعم السريع لتضطلع بأي دور سياسي أو عسكري"، مرجحا أنه "قد يكون حينها تم الاتفاق دوليا على تصنيفها منظمة إرهابية".

ولفت إلى أن "التحدي الأكبر للدولة بكل مؤسساتها رسمية وشعبية هو إعادة تعمير ما دمرته الحرب من مؤسسات وبنى تحتية".

اظهار أخبار متعلقة


واستطرد: "لن ينجح إعادة الإعمار إذا ما تم التعويل على الخارج وانتظار الإيفاء بوعود يمكن أن يقطع بها بعض المانحين".

إلى ذلك، يعتقد الحسين، أنه على الصعيد السياسي، يجب أن "تقتنع القوى السياسية بعبثية عزل قوى سياسية ومجتمعية تحت أي مسوغ، فالمعادلة الصفرية (إما نحن أو هم) أثبتت خطرها وكلفتها الباهظة على أمن واستقرار البلاد"، حسب قوله.

وخلص إلى أن مؤسسات الدولة الاجتماعية والدينية والإعلامية "ستجد نفسها أمام تحدي التعافي الاجتماعي وإزالة آثار البغضاء والكره الذي وقر في القلوب نتيجة لممارسات ميليشيا الدعم السريع الإجرامية".

اظهار أخبار متعلقة


 وأوضح أن ذلك "يتضمن محاولة إعادة إدماج أفراد تلك الميليشيا المغرر بهم (الدعم السريع) وكل من ساندها من طرف عصبية أو جهوية أو قبلية، في المجتمع ليعودوا أفراداً صالحين يعملون بإيجابية ضمن المجتمع".

وانتقلت المعارك في العاصمة الخرطوم إلى غرب البلاد، حيث سيطرت قوات الدعم السريع بعد معارك ضارية، على معظم ولايات غرب ووسط وجنوب دارفور، كما تمددت في تطور سريع إلى شرق ولاية الخرطوم عبر ولاية الجزيرة حتى تمكنت من دخول "ود مدني" عاصمة الولاية، والتي يعيش فيها ما يقارب الـ 5 ملايين و900 ألف شخص، معظمهم نازحون من ولايات الخرطوم وغرب السودان.

وقتل ما لا يقل عن 9 آلاف شخص جراء العنف القائم، وانتشار حالات النهب والسرقة والاغتصاب، وسط معاناة الأنظمة الصحية، التي تناشد لتلقي الدعم بالأدوية والإمدادات المنقذة لحياة السودانيين.

التعليقات (0)