صحافة دولية

نفط غيانا يخلق بؤرة ساخنة جديدة على الساحة الدولية.. ما علاقة فنزويلا؟

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدولة غيانا بنسبة 62 بالمئة خلال عام 2022- الأناضول
ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدولة غيانا بنسبة 62 بالمئة خلال عام 2022- الأناضول
نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن جمهورية غيانا التي أصبحت نقطة ساخنة جديدة على الساحة الدولية، بعد أن تزايدت أهميتها بشكل كبير بفضل اكتشاف موارد النفط والغاز الطبيعي في البلاد.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن غيانا، وهي دولة صغيرة تقع في أمريكا الجنوبية، تشعر بالقلق منذ إجراء استفتاء في فنزويلا يهدف إلى ضم جزء من أراضيها. وفي هذا الإطار، من المقرر أن يجتمع نيكولاس مادورو، رئيس فنزويلا، ونظيره الغوياني عرفان علي، يوم الخميس 14 ديسمبر/ كانون الأول؛ لمناقشة الخلاف بينهما.

وبينت الصحيفة أنه في سنة 2022، سجلت هذه الدولة الصغيرة غير المعروفة التي تغطيها الغابات إلى حد كبير، معدل نمو هائل، ما وضعها في قمة التسلسل الهرمي العالمي، مع زيادة في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 62 بالمئة. ويبدو أن غيانا، التي يبلغ عدد سكانها 800 ألف نسمة، تتمتع بمستقبل مشرق منذ اكتشاف النفط في باطنها في سنة 2015. وذلك في حال لم تنفذ فنزويلا، التي أجرت استفتاء في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر الجاري بهدف ضم ثلثي أراضيها، تهديداتها.

شهية كاراكاس المثيرة للقلق
ولفتت الصحيفة إلى أنه في اليوم السابق لاجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، جرت مناورات عسكرية أمريكية. في المقابل، يشعر المجتمع الدولي بالقلق إزاء التوتر المتزايد بين فنزويلا وغيانا بشأن منطقة إيسيكويبو الغنية بالنفط. من جهتها، تصر فنزويلا على أن نهر إيسيكويبو يجب أن يكون في حدودها، كما كان الحال في زمن الإمبراطورية الإسبانية والاستقلال، وهو ما سيسمح لها بالتالي بدمج المنطقة المتنازع عليها والتي تبلغ مساحتها 160 ألف كيلومتر مربع. وتعتقد غيانا، من جانبها، أن النزاع تمت تسويته في سنة 1899 من قبل محكمة تحكيم أنشئت لهذه المناسبة في باريس.

وفي أصل هذا التوتر المتجدد، تم تنظيم الاستفتاء في الثالث من كانون الثاني/ ديسمبر في فنزويلا، حيث صوت الناخبون لصالح الضم. وبعد فترة وجيزة، دعا الرئيس نيكولاس مادورو إلى إنشاء منطقة عسكرية خاصة بالقرب من الحدود، وأمر شركة النفط الفنزويلية بمنح تراخيص لاستغلال الذهب الأسود في إيسيكويبو. وكان رد فعل نظيره الغوياني فوريًّا، إذ أشار عرفان علي إلى "تهديد مباشر لسلامة أراضي غيانا وسيادتها واستقلالها السياسي"، ووضع جيشه في "حالة تأهب قصوى".

اظهار أخبار متعلقة


وأضافت الصحيفة أنه سرعان ما انتشر القلق إلى جيرانه، فقد حث أعضاء ميركوسور (البرازيل والأرجنتين وباراغواي وأوروغواي) وكذلك تشيلي وكولومبيا والإكوادور وبيرو، "الطرفين على الحوار، والبحث عن حل سلمي لتجنب المبادرات الأحادية التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع". وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، في واشنطن: "إنه أمر مثير للقلق، ونحن نتابع هذا الأمر عن كثب".

ومع ذلك؛ ظهر انفتاح دبلوماسي يوم السبت مع الإعلان عن اجتماع، الخميس 14 ديسمبر/ كانون الأول، بين نيكولاس مادورو وعرفان علي في سانت فينسنت والغرينادين، وهو أرخبيل في جزر الأنتيل الصغرى.

إلدورادو جديد
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ سنة 2015، أصبحت غيانا، وهي دولة صغيرة تبلغ مساحتها 215 ألف كيلومتر مربع، "المدينة الذهبية" مع أكبر احتياطي من الذهب الأسود للفرد على هذا الكوكب. وقد أظهرت منذ سنة 2020 معدلات نمو مذهلة (أكثر من 40 بالمئة في سنة 2020، و20 بالمئة في سنة 2021).

وحسب فريديريك ماسي، وهو مستشار في بوغوتا: "قريبا، ستنتج غيانا من النفط ما يعادل إنتاج فنزويلا وكولومبيا مجتمعتين، اللتين يبلغ عدد سكانهما 70 مليون نسمة".

ويوضح فريديريك ماسي، الذي عاد من جورج تاون، عاصمة غيانا، حيث شارك، قبل أيام قليلة من الاستفتاء الفنزويلي، في ورشة عمل لمنظمة الدول الأمريكية بشأن الألغام غير القانونية، وهي آفة في أمريكا الجنوبية، قائلًا: "لم ألاحظ أي قلق خاص لدى من تحدثت معهم. يمكنك رؤية الملصقات في المطار التي تؤكد أن إيسيكويبو هي بالفعل لمواطني غيانا".

على أرض الواقع، لم يكن تطور "الإلدورادو" الجديد ملفتا للنظر بعد: لا توجد مباني مهيبة ومراكز تسوق بالتأكيد، ولكن لا توجد أحياء لامعة ما زالت فقيرة في العاصمة. لكن المكاسب غير المتوقعة موجودة، خاصة في الخارج.

اظهار أخبار متعلقة


وأضافت الصحيفة أنه من الصعب أن نفهم ما الذي يمكن أن تفعله فنزويلا، القوة النفطية الغارقة في أزمة لا مثيل لها، بهذه الاحتياطيات الجديدة. وعلى الرغم من أن باطن أرضها لا يزال غنيا بالهيدروكربونات، فإنها في المركز الثامن عشر في العالم بنحو 700 ألف برميل يوميا (مقارنة بثلاثة ملايين في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين).

بالنسبة لفنزويلا، صراع دولي أم قضية وطنية؟
وتوضح الصحيفة أن الأسئلة التي طرحتها المستشاريات حول النوايا الحقيقية لنظام تشافيز تثير قلق كاراكاس. هل يريد نيكولاس مادورو حقا القتال مع جاره؟ هل يمكن لنظامه، الذي فقد مصداقيته على نطاق واسع، أن يستسلم لإغراء مغامرة عسكرية تهدف إلى ضرب الوتر القومي للشعب المنهك اقتصاديا، كما حدث مع الدكتاتورية العسكرية الأرجنتينية في ذلك الوقت؟ هل ينبغي لنا أن نرى في هذا علامة على رغبة موسكو في إجبار واشنطن على النظر إلى مكان آخر غير اتجاه كييف؟

من المؤكد أن خريطة إيسيكويبو، وهي مطالبة قديمة من الحزبيين في فنزويلا، مفيدة لإحراج خصومها، قبل سنة واحدة من الانتخابات الرئاسية، في نهاية سنة 2024. في المقابل؛ بالنسبة لماريا كورينا ماتشادو، التي فازت في الانتخابات التمهيدية داخل المعارضة، فإن قضية إيسيكويبو ليست سوى "إلهاء".

وختاما، نقلت الصحيفة عن أحد الأصدقاء المقربين لماريا ماتشادو قوله: "قد يتعلق الأمر أيضا بتهيئة الظروف التي تبرر، في غضون عدة أشهر، إلغاء الانتخابات في حالة حدوث موجة اضطرابات على الحدود".

التعليقات (0)