قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنّ مرسوم الهجرة الحكومي
الجديد في
إيطاليا بشأن عمل سفن الإنقاذ الإنسانية سيؤدي حتمًا إلى وفاة مزيد من
المهاجرين وطالبي اللجوء في البحر الأبيض المتوسط.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي له اليوم أرسل نسخة منه إلى
"عربي21"، أنّ الحكومة اليمينية الإيطالية الجديدة أصدرت المرسوم رقم
(1) لعام 2023، والذي اشتمل على "أحكام عاجلة لإدارة تدفقات الهجرة"؛
تهدف إلى وضع قواعد سلوكية جديدة للمنظمات غير الحكومية التي تنشط في عمليات إنقاذ
المهاجرين وطالبي اللجوء في البحر، ودخلت تلك الأحكام حيّز التنفيذ في 3 يناير/
كانون الثاني الجاري.
وبموجب المرسوم، فإنه يتعيّن على سفن الإنقاذ إخطار السلطات فورًا عند
تنفيذ أي عمليات بحث وإنقاذ، بالإضافة إلى التنسيق معها لطلب موقع ميناء آمن
للتفريغ وللحصول على جميع التصاريح والمعدات المخصصة للإنقاذ. أي باختصار، أن
يفعلوا ما كانوا يفعلونه بالفعل.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ المنظمات غير الحكومية المنخرطة في
عمليات البحث والإنقاذ دائمًا ما تقدّم للسلطات معلوماتٍ دقيقة عن عمليات الإنقاذ،
وتتواصل على الفور مع المراكز البحرية المختصة لتحديد ميناء آمن لإيصال الأشخاص
الذين تم إنقاذهم إلى بر الأمان، لكنّ المشكلة تكمن في عدم استجابة المراكز
البحرية لطلبات تحديد الميناء الآمن بشكل فوري، أو تقوم بإيكال المسؤولية إلى
بعضها البعض، تاركةً سفن الإنقاذ تنتظر لعدة أيام في البحر وعلى متنها الأشخاص
الذين تم إنقاذهم.
وقالت الباحثة في شؤون الهجرة واللجوء في المرصد الأورومتوسطي
"ميكيلا بولييزي" إنّ "السريان الفوري للمرسوم يعني بشكل ضمني أنّ
المنظمات غير الحكومية كانت تطلق عمليات الإنقاذ بشكل فردي –أي دون اتباع أي
قانون– ولكن الآن، وبفضل الحكومة الإيطالية الجديدة، فقد فُرضت بعض القواعد أخيرًا".
وأضافت: "حقيقة أنّ تحظى عمليات البحث والإنقاذ المسؤولة عن 12– 15% فقط من إجمالي عدد الوافدين بحرًا إلى إيطاليا بأهمية قصوى لدى الحكومة
بصفتها تهديدًا للنظام العام تغذي بقوة سياسة التجريم القانوني والوصمة الاجتماعية
ضد المنظمات غير الحكومية".
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ بعض المستجدات في المرسوم الجديد قد
تنتهك الالتزامات الوطنية والدولية لإيطاليا، إذ تقتضي القواعد الجديدة البدء بإجراءات طلب الحماية الدولية على متن السفينة، وهو أمر غير مشروع لكلٍ من السفن
الأجنبية والسفن الإيطالية.
وعلاوة على ذلك، فإنها لم تعيّن إيطاليا سلطة مختصة لتلقي طلبات اللجوء سوى
اللجان الإقليمية ووحدة دبلن وشرطة الحدود أو مقر الشرطة الإقليمي المختص.
وفي جوانب أخرى من المرسوم الجديد، تسعى الحكومة الإيطالية إلى حظر
عمليات الإنقاذ ونقل العالقين في آن واحد؛ بمعنى منع سفن الإنقاذ الصغيرة من نقل
العالقين الذين تم إنقاذهم إلى سفن أخرى أكبر والعودة لتنفيذ مهمات إنقاذ أخرى،
وهو ما يتعارض مع
قوانين البحار التي تُوجب على قبطان السفينة الذي قدّم بالفعل
المساعدة للعالقين العودة إلى منطقة الحادثة مرة أخرى في حال وجود ضرورة لذلك.
وما يثير القلق أيضًا، وفق بولييزي، أن السلطات الإيطالية اختارت
ميناءً بعيدا جدًا عن المناطق التي سبق فيها حصول عمليات إنقاذ، وصنفته كميناء آمن،
وبناء على ذلك فستضطر سفن الإنقاذ للإبحار لعدة أيام من البحر الأبيض المتوسط إلى
مدن شمال إيطاليا مثل لفرنة أو أنكونة أو ربنة، ما قد يتسبب في تدهور الحالة النفسية
والبدنية للأشخاص الذين تم إنقاذهم، ما يحرمهم من التقدم الفوري بطلبات الحماية
الدولية أمام السلطات الوطنية المختصة.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أن الأهداف الحقيقية للمرسوم الجديد تتمثل
في منع الأشخاص الذين تم إنقاذهم من الوصول إلى إيطاليا، وتنصّل السلطات الإيطالية
من مسؤولية النظر في طلبات اللجوء التي قد يقدمونها.
وأوضحت "بولييزي" أن "البحر المتوسط سيشهد المزيد من
الوفيات نظرًا لأنّ المرسوم الجديد يضاعف تكلفة وتوقيت عمليات الإنقاذ من خلال حظر
عمليات نقل العالقين، وإجبار سفن الإنقاذ على نقل الأشخاص الذين تم إنقاذهم إلى
الشاطئ على الفور، بالإضافة إلى تحديد موانئ آمنة بعيدة جدًا عن أماكن الإنقاذ".
وأضافت: "لا يوجد على متن السفن في البحر تصنيف لاجئ أو مهاجر،
ولا ينبغي أن يكون هناك هامش يسمح لقبطان السفينة باختيار من ينقذ ومن لا ينقذ.
ليس هناك سوى أشخاص عالقين يجب إنقاذهم من الألم والخوف والموت المحتوم".
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه بعد ثلاثة أيام فقط من دخول
المرسوم الجديد حيّز التنفيذ، توفي ثلاثة أشخاص على الأقل بعد غرق مركبهم على بعد
حوالي 30 ميلًا من جزيرة لامبيدوزا، بينهم رضيعة من ساحل العاج تبلغ من العمر عامًا
ونصف.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة الإيطالية إلى الكف عن وضع عقبات
غير مشروعة أمام عمل سفن الإنقاذ الإنسانية في البحر الأبيض المتوسط، والوفاء
بالتزاماتها ذات العلاقة بموجب القانون الدولي، لا سيما اتفاقية الأمم المتحدة
لقانون البحار والاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار، بالإضافة إلى أحكام
الدستور الإيطالي وخاصةً مادة (10) المتعلقة باللجوء.
وحث المرصد الأورومتوسطي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على
السماح لجميع الأجانب الذين يستوفون متطلبات دخول الاتحاد الأوروبي بالدخول بشكل
نظامي وآمن عبر تأشيرات دخول ودون تصنيف وفقًا للبلد أو المنطقة الأصلية.