بورتريه

درعي يخرج من الباب ليدخل من النافذة (بورتريه)

درعي يستخدم طريقة نتنياهو ذاتها في التصدي للنظام القضائي- عربي21
درعي يستخدم طريقة نتنياهو ذاتها في التصدي للنظام القضائي- عربي21
حكومة تعج بالفاسدين، على رأسهم رئيسها بنيامين نتنياهو وآخرون.

تاريخه مليء بملفات الفساد، ومسيرته في المناصب الرسمية تنبعث منها رائحة الرشاوي والاحتيال، ورغم سجله الملطخ بالكثير من السواد، إلا أن شعبيته داخل حزبه لم تتأثر ولم يخسر صوتا واحدا من مؤيديه وغالبيتهم من اليهود الشرقيين. 

أرييه مخلوف درعي المولود في مدينة مكناس بالمغرب عام 1959 لأسرة ثرية من يهود المغرب، عاش نحو تسع سنوات بالمغرب. 

لكن بعد حرب حزيران/يونيو عام 1967 قرر والداه الهجرة إلى دولة الاحتلال عام 1968. وعانت عائلته اقتصاديا بعد انتقالها إلى فلسطين المحتلة، ما دفع إلى إرسال ابنها أرييه درعي إلى مدرسة داخلية دينية هربا من الواقع الذي عانت منه بعد توطينها في عقار سكني متدني المستوى. 

انخرط درعي في السياسة الإسرائيلية في سن مبكرة أثناء دراسته في المعهد الديني، حيث التحق بحزب اليهود المتدينين الشرقيين "شاس" تحت وصاية الحاخام المتطرف والعنصري عوفاديا يوسف رجل الدين اليهودي ذي الأصول العراقية، الذي لا يزال الزعيم الروحي للحزب ويضخ فيه دماء سوداء. 

اظهار أخبار متعلقة


صعد أرييه سلم الترقي في "شاس" سريعا وتصاعدت شعبيته في أوساط المتدينين مما فرض على الحزب وضعه على رأس القوائم الانتخابية لانتخابات "الكنيست" الذي أصبح عضوا فيه، بل أكثر من ذلك حين شغل منصب وزير بدون حقيبة وهو في عمر 24 عاما، ثم منصب وزير الداخلية في عمر 29 عاما. 

أدين أثناء تقلده منصب وزير الداخلية بقبول رشاوي تقدر بنحو 155 ألف دولار، وتهم تتعلق بالاحتيال وانتهاك الثقة خلال توليه مناصب عليا. وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات في عام 2000، وسار معه الآلاف من مؤيديه وقتها نحو بوابة السجن مرددين شعارات حول براءته مؤكدين أن قضيته "مدبرة بدافع الاضطهاد الطائفي". 

لكنه لم يكمل محكومتيه بعد أن أطلق سراحه من السجن في عام 2002 بعد سجن فعلي 22 شهرا تحت ذريعة حسن السلوك. 

الفساد والسجن والمشاكل القانونية لم تؤثر على شعبيته وسط جمهوره التقليدي من اليهود المزراحيين الحريديم الشرقيين، الأمر الذي شجعه في عام 2011 على العودة إلى السياسة فكانت الخطوة الأولى استعادة رئاسة حزب "شاس" بعد ابتعاد دام 13 عاما.  

ويبدو أن الرجل لم يوقف فساده فقد عاد إليه وإلى منصبه في وزارة الداخلية عام 2016 بعد أن قضت محكمة إسرائيلية بأن إدانته السابقة لا تحرمه من الحصول على المنصب. ومع ذلك لم يغلق ملف فساد درعي فقد قامت الشرطة الإسرائيلية في عام 2017 باستجوابه مع زوجته بتهم فساد، مع 14 مشتبها آخرين. 

وأُعيد اتهامه عام 2018 بالاختلاس والحصول على ملايين في مخالفات ضريبية، لكن الملف خضع لمصالح السياسة من جديد، فأُدين درعي فقط بتهمة التهرب الضريبي، واعترف أواخر العام الماضي بالذنب في التهم الموجهة إليه، وكان اعترافه جزءا من صفقة سياسية انتهت بحصوله على عقوبة المراقبة وحكم بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ وغرامة مالية، واستقالته من عضوية الكنيست.

وشملت الصفقة ألا يسعى المدعي وراء فضائح فساد جديدة يمكن أن تمنعه من الترشح لـ"الكنيست" مع السماح له بالبقاء زعيما للحزب. 

اظهار أخبار متعلقة


 ورغم معارضة الادعاء العام الإسرائيلي لتعيين درعي إلا أن نتنياهو رفض التراجع وعين درعي في منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية والصحة، وهو ما يضع درعي في موقع الرجل الثاني في حكومة نتنياهو. 

ولم يكد يهنأ بجلوسه في منصبه حتى أصدرت ما تسمى "المحكمة العليا" الإسرائيلية، قرارا بإلغاء تعيين درعي في منصب وزير بالحكومة بأغلبية 10 قضاة. 

وقالت المحكمة إن "زعيم شاس أرييه درعي، أدين بجرائم فساد خطيرة، وتعيينه وزيرا، يتخطى بشكل لا لبس فيه حد المنطق". 

لكن كل ذلك لم يَعْن "شاس" بشيء فقد علق الحزب قائلا: "المحكمة العليا تتعدى على أصوات 400 ألف ناخب ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وهم على دراية بمن هو رئيس شاس أرييه درعي، قرار المحكمة مسيس وفاضح، واليوم قضت المحكمة فعليا أن الانتخابات لا لزوم لها". 

وألمح وزراء "شاس" إلى إمكانية سقوط الحكومة الإسرائيلية في حال لم يشغل زعيم حزبهم درعي منصبا وزاريا. 

وتشكل "شاس" الشريك الأساسي في الائتلاف الحكومي الحالي، بعد حزب "الصهيونية الدينية". وتملك "شاس" 11 مقعدا في "الكنيست"، ويعني انسحابها من الائتلاف الحكومي فقدان نتنياهو الأغلبية البرلمانية، وهي 64 عضوا من أصل 120 عضوا في "الكنيست". 

درعي يستخدم طريقة نتنياهو ذاتها في التصدي للنظام القضائي، إذ إن كليهما مكبل باتهامات الفساد. إذ على الرغم من تهديدات "شاس" بالانسحاب من الحكومة، إلا أنه من السيناريوهات المتوقع أن يتمكن نتنياهو من تأخير تنفيذ القرار القضائي، ريثما يتوصل إلى "تسوية وحل وسط" تتيح إعادة درعي للحكومة، من خلال تشريع قانون جديد يتيح الإبقاء على الحكومة بالائتلاف الحالي.  

يبدو درعي مطمئنا عبر تهديده "إذا أغلقوا الباب سندخل من النافذة" فثمة احتمالات تقول إن ابن درعي، يانكي درعي، سيدخل في منصب وزير الداخلية، خلفا لوالده، وسط تقديرات بأن نتنياهو سيقر هذا التعيين، يانكي درعي سبق الكل وغرد على "تويتر" قائلا: "على كرسيه لا يجلس غريب"، في إشارة إلى أنه قد يتولى المنصب. 

في جميع الأحوال إقرار تشريع جديد قد يكون طوق النجاة ليس لدرعي فقط وإنما لرئيس حكومته نتنياهو، وهو سيناريو قائم وفي طريقه إلى التنفيذ.
التعليقات (0)