لم تعثر
الشرطة الإيطالية على أي أسلحة نارية خلال تفتيشها، الثلاثاء، المبنى الصغير الذي كان
يقيم فيه زعيم
المافيا الإيطالي ماتيو ميسينا دينارو قبل توقيفه، الاثنين، في باليرمو
بعد 30 عاماً كان خلالها متوارياً وفاراً من وجه العدالة.
ويقع
المبنى الذي كان دينارو (60 عاماً) يتخذه مخبأ في مدينة كامبوبيلو دي مازارا الصغيرة، التي لا يتجاوز عدد سكانها عشرة آلاف، وتبعد نحو عشرة كيلومترات عن معقله كاستلفيترانو
بإقليم تراباني، حيث ولد ونشأ ومارس أنشطة الإجرامية الأولى.
ودهمت
قوات الأمن المبنى السكني الصغير المكوّن من طبقتين والمطلي باللون الأصفر، الذي يُعتقد
أن زعيم المافيا أقام فيه مدة طويلة داخل شقة تتوافر فيها كل وسائل الراحة، من مفروشات
وتجهيزات ومواد غذائية.
ولم
يعثر المحققون في الشقة على أي أسلحة، ولكن مما وجدوه مثلاً عشرات الأحذية وقطع الملابس
من العلامات التجارية الكبرى، إضافة إلى واقيات ذكرية وحبوب من عقار "فياغرا".
وفرضت
الشرطة مراقبة دائمة على المبنى الصغير، ومنع أي شخص من الاقتراب منه.
وكان
دينارو أوهم جيرانه بأن اسمه أندريا بونافيديه، وكان يملك بطاقة هوية بهذا الاسم، وكان
يدعي أنه طبيب.
ونُقل
دينارو بمروحية بعد توقيفه إلى منطقة أبروتسو الواقعة شرق روما والمطلة على البحر الأدرياتيكي،
حيث أودِع سجن لاكويلا الخاضع لحراسة مشددة.
وأوقف
دينارو صباح الاثنين، خلال زيارة طبية لمستشفى لا مادالينا الشهير في باليرمو، حيث كان
يتلقى علاجاً من سرطان القولون، مستخدماً اسماً مستعاراً.
ويخضع
طبيبه المعالج ألفونسو تومباريلو البالغ 70 عاماً للتحقيق.
وكان
دينارو يرتدي لدى توقيفه ملابس بالغة الأناقة، ويضع ساعة فاخرة تتراوح قيمتها بين 30
و35 ألف يورو.
وقال
رئيس النيابة العامة في باليرمو ماوريتسيو دي لوسيا خلال مؤتمر صحفي إن دينارو كان
يتمتع خلال مسيرته "بحمايات كبيرة"، مشيراً إلى أن "التحقيق يركز على
هذه الحمايات".
ويحتل
ماتيو ميسينا دينارو، المولود في نيسان/ أبريل 1962 قرب تراباني في صقلية، المرتبة الأولى
على قائمة وزارة الداخلية لأخطر ستة مطلوبين متوارين في
إيطاليا.
توارى
دينارو عن الأنظار منذ عام 1993، وحُكم عليه غيابيا بالسجن مدى الحياة؛ لضلوعه في جريمة
قتل المدعيين العامين اللذين كانا يلاحقان المافيا، جيوفاني فالكوني وباولو بورسيلينو، عام 1992، وهو ما تسبب في صدمة لإيطاليا، وأدى إلى حملة أمنيه ومداهمات ضد (كوزا نوسترا).
لم يكن
دينارو متورطا فحسب في مقتل المحققين فالكوني وبورسيلينو، بل شارك في حملات التفجير
عام 1993 عندما استهدفت "كوزا نوسترا" أماكن ذات أهمية ثقافية وسياحية في
ميلانو وفلورنسا وروما، لمحاولة إجبار الدولة على إلغاء قوانين مكافحة المافيا المتشددة.
كما
كان متورطا في واحدة من أكثر الجرائم المروعة عام 1993، وسط الحملة الأمنية ضد المافيا
الإيطالية، حيث شارك في اختطاف جوزيبي دي ماتيو البالغ من العمر 11 عاما، وهو نجل رجل
من المافيا كان قد وافق على الشهادة ضدها، والعمل مع السلطات الأمنية.
كان
دينارو واحدا من عصابة أبقت الصبي مقيدا بالسلاسل في مواقع مختلفة في غرب صقلية لمدة
عامين للضغط على والده للتراجع، قبل أن يتم خنقه ويتحلل جسده في حمض كيميائي.
ويُعتبر
ماتيو ميسينا دينارو أحد آخر الأسماء البارزة المرتبطة بمافيا "كوزا نوسترا"، التي فقدت الكثير من عناصرها بفعل العمليات المستمرة التي تجريها السلطات الإيطالية
بعد اغتيال القاضيين جوفاني فالكوني وباولو بورسيلينو سنة 1992.
وأشارت
صحيفة "إل ميساديجيرو" إلى أن ثروة دينارو تصل "إلى أربعة مليارات يورو"،
جمعها من مداخيل تهريب المخدرات والابتزاز وغسل الأموال.