قضايا وآراء

ظاهرة تيار تعويق إحياء البعث الإسلامي وكيفية مواجهته (1-2)

إبراهيم الديب
يرى الكاتب أن تيار التعويق يستغل حالة الإحباط بعد الربيع العربي- عربي21
يرى الكاتب أن تيار التعويق يستغل حالة الإحباط بعد الربيع العربي- عربي21
موضوع المقال: تيار الاستضعاف والتخاذل والتثبيط؛ ماهيته وعناصره وخطورته وكيفية تجاوزه.

أهداف المقال:

1- كشف وبيان ظاهرة تيار التخاذل والتعويق الفكري والعملي لوقف إحياء وبعث وتحرر ونهضة الأمة الإسلامية.

2- بيان مخاطر ظاهرة الاستسلام والتبعية الاستضعاف والتثبيط والتعويق.

3- المناقشة والتفكيك العلمي لمقولات وادعاءات ظاهرة تيار التثبيط والتعويق.

4- تحديد وبيان الواجب فعله مع تيار التخاذل والتعويق.

عناصر المقال:

- المقدمة الرمزية التوضيحية.

- الجزء الأول: ماهية وعناصر ظاهرة تيار تعويق بعث وتحرر ونهضة الأمة.

- الجزء الثاني: المخاطر الاستراتيجية لتيار التعويق.

- الجزء الثالث: مناقشة أفكار التعويق.

- الجزء الرابع: الواجب فعله، وواجبنا العملي تجاه تيار التعويق.



المقدمة الرمزية التوضيحية:

قرن وربع من المحاولة ورصيد من الخبرات الإصلاحية، وآلاف من الشهداء، وملايين من المعتقلين ونهر متدفق من الجهود والتضحيات الجارية لإحياء وبعث وتحرير ونهضة الأمة الإسلامية من جديد.

هذا النهر المتدفق منذ نزول الوحي وبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم تتغذى مياهه العذبة من قيم الرسالية والمسئولية والأمانة والطموح الكبير والقوة والجهاد والمقاومة التحدي والهمة والعمل، والإصرار على النجاح والإنجاز وإعلاء كلمة الله في مكانها الطبيعي كبيرة وعالية فوق كل ما سواها، وكما جرت عادة المجتمعات الإنسانية عامة بوجود مفاصلة وصراع بين الأجيال:

أ- بين جيل قديم عاش الاستبداد والهزيمة واستوعبته التداعيات النفسية للهزيمة والانكسار، فرضع وتشرّب مفاهيم الاستضعاف والخنوع والتبعية والاستسلام للأمر الواقع واستمراء التعايش معه، وتعقدت مصالحه وحساباته التي ربطها، وعقد مصيره مع النظم الاستبدادية حتى أصبح شريكا لها وجزءا منها، وبذلك تحوّل إلى جزء رئيس في الأزمة.

ب- وجيل جديد عاش الاستبداد والهزيمة، ولكنه رضع وتغذّى وتربّى ونشأ على مفاهيم القرآن الصافية، والقوة والعزة المقاومة والغلبة والانتصار لله تعالى والذي صفت وخلصت حياته مع الله تعالى فقط.

الحقيقة هي أننا نعيش الآن هذه المرحلة الخطيرة، والتي نريد لها أن تنتهي سريعا، مرحلة صراع الأجيال بين جيل الأمل الجديد، وجيل الهزيمة واليأس والإحباط والتعويق

وهنا حدثت المفاصلة والتقاطع وبدأت معها الحرب الخفية من الجيل القديم لإعاقة وتدمير الجيل الجديد، وصدق فيهم القول: أيها المارون بين الكلمات العابرة.. احملوا أسماءكم وانصرفوا.. احملوا فشلكم وانصرفوا.. احملوا مقولاتكم وانصرفوا، احملوا ذلّكم ومطالبكم ومناشدتكم وانصرفوا أيها المعوقون احملوا أثقالكم وانصرفوا.

والحقيقة هي أننا نعيش الآن هذه المرحلة الخطيرة، والتي نريد لها أن تنتهي سريعا، مرحلة صراع الأجيال بين جيل الأمل الجديد، وجيل الهزيمة واليأس والإحباط والتعويق بوجود أفراد:

- ضعفاء في أنفسهم لم يتحملوا مشقة الطريق فتحولوا إلى رسالتهم الخاصة لتأمين حياتهم ومستقبل أبنائهم، متخلين عن مصلحة الدين ورسالتهم الإسلامية العظمى.

- خائفين مرتجفين مرجفين.

- منهزمين في أنفسهم مثبطين.

- مرضى في ذاتهم ومعوقين.

- خائرين مبطئين.

- كسالى قاعدين.

- مفلسين مخلفين.

- غرتهم الدنيا ينافقون.

حقيقة المشهد أنهم بمثابة الحصوات الصغيرة التي تجرى بين ثنايا التيار فقال عنهم القرآن "منكم" بحكم وجودهم داخل النهر، وبليل دامس، وعبر أجهزة استشعار الحصى تم استقطاب وتجميع تلك الحصى في إطار واحد من الأفكار والمفاهيم وإعلائها طافية على سطح النهر في محاولة لتلويث وتعكير مياه النهر وتشتيته وتعويقه
وفي ظل غياب المؤسسية والمرجعية الفكرية القوية اللازمة لإدارة المشهد سارعت قوى الباطل وأعداء المشروع الإسلامي لالتقاط الخيط واستقطاب هؤلاء الناس، وصناعة تيار عكسي مهمته تعطيل تيار البعث الإسلامي.

حقيقة المشهد أنهم بمثابة الحصوات الصغيرة التي تجرى بين ثنايا التيار فقال عنهم القرآن "منكم" بحكم وجودهم داخل النهر، وبليل دامس، وعبر أجهزة استشعار الحصى تم استقطاب وتجميع تلك الحصى في إطار واحد من الأفكار والمفاهيم وإعلائها طافية على سطح النهر في محاولة لتلويث وتعكير مياه النهر وتشتيته وتعويقه، وهيهات هيهات للمخلفين المرجفين المثبطين المبطئين القاعدين المعوقين أن ينالوا من عزيمة المؤمنين الصادقين.

الجزء الأول: ماهية وعناصر تيار تعويق البعث الإسلامي

1- ماهية تيار التعويق: تيار نخبوي يتشكل من بشر وأفكار وأجندة سياسية:

الأول: مجموعة من النخب والأفراد ضحايا ومخلفات العيش لعقود في دولة الاستبداد الغاشم، والرضا بالعيش في المتاح من قبل المستبد، وعدم القدرة على ولوج مساحات الممكن والمستحيل، وما تلاها من صدمة الربيع العربي، وقد أصابهم الوهن واليأس والإحباط والاستسلام للأمر الواقع نتيجة نمو حشائش حب الدنيا والضعف والوهن، فحاولوا الهروب المنظم من المشهد بالمحافظة على الزي الإسلامي وأفكار ومفاهيم وقلب النظام العالمي الكافر بالمشروع الإسلامي والمنهج الرباني وبالله تعالى إلها ومسيطرا على الكون.

الثاني: مجموعة من المفاهيم والأفكار الاستسلامية البعيدة عن مقررات الإيمان، والغريبة عن عالم المصلحين المخلصين الأقوياء الصامدين، تم تجميعها ونظمها في منظومة مهينة أطلقوا عليها فقه الاستضعاف، وخلطوا بين سطر من صفحات وكتاب الإسلام ربما يلجأ إليها المسلم الغريب بأرض الكفر إلى عدم إظهار إسلامه مؤقتا خوفا من عدو أو سلطان جائر، محاولين فرض ذات السطر الاستثنائي المؤقت على كتاب وموسوعة الإسلام العظيم كله ونهره المتدفق منذ خمسة عشر قرنا من الزمان، واستمرار جريانه في العصر الحديث منذ قرن وربع من الزمان لإعادة إحيائه وبعثه على نفس قوته الأولى إن شاء الله.

الثالث: جهات معادية للإسلام تمتلك أجهزة استشعار وتنقيب واتصال وتأثير وتوجيه ما يجمع هذه المفاهيم ويؤطرها ويغنيها وينمّيها، ويقوم على نشرها وتمكينها في غيبة من وعي هؤلاء الضعفاء المساكين.

أهم السمات المميزة لتيار التعويق

- الاستغراق في توظيف الظواهر والحديث عن الماضي.

- تبنى ثقافة الهزيمة والاستسلام والابتلاء واليأس والإحباط والتحبيط.

- الشخصنة والدخول في النوايا والتشكيك في الآخرين.

- وقف التفكير وعدم إنتاج وحلول أفكار جديدة، وتجريم ومحاربة منتجي الأفكار الجديدة.

- الاستعلاء والاستغناء والاستكفاء.

- الجدال والهروب من الأسئلة الحقيقية الهامة إلى مسارات جانبية.

- إطلاق شعارات واستدعاء مقولات ومحاولة فرضها كمسلّمات يهرب بها من مواجهة الحقائق والأسئلة.

- تكوين عصبية جديدة (عصبية المصلحة) والانغلاق على الذات، وإعلان الحرب الخفية والمعلنة بكل الوسائل غير مشروعة على كل من يخالفهم الرأي والمنهج.

2- أشكال المعوقين في القرآن الكريم

لخطورة الظاهرة وتكرارها في تاريخ وواقع ومستقبل الأمة الإسلامية، أولاها القرآن الكريم اهتماما كبيرا، وبيّن وناقش وفضح مفاهيمهم ومقولاتهم ومرجعياتهم، وسمّاهم بمسميات عدة بحسب نوع الضلال والتضليل الذي يمارسونه

لخطورة الظاهرة وتكرارها في تاريخ وواقع ومستقبل الأمة الإسلامية، أولاها القرآن الكريم اهتماما كبيرا، وبيّن وناقش وفضح مفاهيمهم ومقولاتهم ومرجعياتهم، وسمّاهم بمسميات عدة بحسب نوع الضلال والتضليل الذي يمارسونه.

- المعوقون: "قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً" (الأحزاب).

- المبطئون: "وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (النساء).

- القاعدون: "لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ۚ" (النساء).

- المخلفون: "فرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً ۚ لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ" (التوبة).

- "سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ۚ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ" (الفتح).

- "سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ۖ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ۚ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ ۖ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً" (الفتح).

- المنافقون: "لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً" (الأحزاب).

3- آلية تشكل ظاهرة تيار التعويق
استغل معسكر الطغيان فرصة صدمة الربيع العربي، ووضع شروط خاصة للاستقطاب وتمديد الصلاحية لمجموعة من النخب الذين جمعتهم أفكار الهزيمة وإن لم يلتقوا سويا، ولكن منطق التفكير الاستسلامي جمعهم في دار للمتقاعدين على جانبي طريق الإصلاح، التقطتهم النظم المستبدة لتعيد لهم الحياة من جديد، وتزيف تاريخ صلاحيتهم المنتهي، وفق شروط التمديد المحددة من النظم المستبدة

أخطاء سابقة متكررة، ومحاربة وتنحية للقيادات الفكرية الواعية، وقيادات تنفيذية ضعيفة، وصدمة كبيرة مع الربيع العربي وما تلاه من ثورة مضادة، وأجهزة عالمية تتابع وترصد، وتخطط للاستثمار في ضحايا ومخلفات الربيع العربي، تماما كما حاول ملك الغساسنة الرومي الكافر استغلال موقف ضعف وقع فيه الصحابي كعب بن مالك، واستقطاب كعب إلى جواره وفي ولايته وهو ملك الغساسنة، ولكن كعبا رد عليه الرد الصارم القاطع بالانتماء لله تعالى ولرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لرسالته الإيمانية في حربه ضد الكفر والطغيان.

استغل معسكر الطغيان فرصة صدمة الربيع العربي، ووضع شروط خاصة للاستقطاب وتمديد الصلاحية لمجموعة من النخب الذين جمعتهم أفكار الهزيمة وإن لم يلتقوا سويا، ولكن منطق التفكير الاستسلامي جمعهم في دار للمتقاعدين على جانبي طريق الإصلاح، التقطتهم النظم المستبدة لتعيد لهم الحياة من جديد، وتزيف تاريخ صلاحيتهم المنتهي، وفق شروط التمديد المحددة من النظم المستبدة، بأن يكونوا من:

1- المفلسين عن إنتاج أفكار وحلول متجددة منتهي الصلاحية الفكرية والقيادية، المستسلمين للأمر الواقع، العاملين في حدود المتاح المحدد لهم من قبل النظم المستبدة.

2- المؤمنين بالقدرة والسلطة المطلقة لأمريكا والنظام الدولي، والتفاني في كسب رضاهما وعدم إغضابهما.

3- القابلين بالهزيمة الحضارية، وإعلان الانبهار والإيمان بالحضارة الغربية والترويج والدعوة لتبعيتها.

4- فاقدي الهوية الإسلامية تدريجيا، المتماهين مع الهوية العالمية، وثقافة الإنسانية والعلمانية والليبرالية، بديلا عن الإسلام الذي يعتقدون بانتهاء صلاحيته لبناء وإدارة الدولة الحديثة.

5- مدعي الواقعية والحكمة السياسية، وحتمية التعايش مع الأمر الواقع والقبول والرضا بالتبعية.



4- أهم مفاهيم ومسلّمات ومقولات تيار التعويق

1- الدولة القُطرية الضعيفة الباحثة عن مجرد الوجود والأمن النسبي، التابعة لأحد أو بعض اٌقطاب النظام الدولي، بدلا من مفهوم الأمة الإسلامية القوية المنافسة حضاريا.

2- تفسير الصراع كونه صراع مصالح فقط، وليس صراع سيطرة مشاريع أيديولوجية على العالم.

3- مشروع الاستضعاف والاستسلام والتعايش المهين في خدمة النظام الدولي، وانتهاء وتأجيل مشروع الإصلاح والمقاومة والتحرر والنهوض.

4- المرجعية الفكرية العلمانية والليبرالية الحديثة، بدلا من المرجعية الفكرية الإسلامية.

5- المعارضة الوظيفية بدلا من الثورة والخروج على النظم الاستبدادية الغاشمة.

6- التزام الحل السياسي منزوع الأدوات الرافعة له، وفق شروط ومعايير نظم الحكم الاستبدادية والنظام الدولي، والكيانات السياسية الكرتونية المستأنسة تحت السيطرة للاستخدام الوظيفي والتجمل الديمقراطي المزيف (محلل الأنظمة المستبدة).

7- الحالة الإسلامية في القرنين التاسع عشر والعشرين حققت أهدافها كاملة وحافظت على الوجود الإسلامي، مع تفسير عدم الوصول للحكم وعدم النجاح فيما تم الوصول إليه، بسبب حداثة العهد بالعمل السياسي وضعف الخبرة، وعدم قبول النظام الدولي واحتشاد وتكالب وتآمر الأعداء.

5- أهم أدوات تيار التعويق في التسكين الداخلي

مشكلته ومستهدفه مع الداخل، وخاصة مع أصحاب العقل والأفكار والحلول الإصلاحية المتجددة، ومع الأجيال الإسلامية الجديدة الحرة الباحثة عن أفكار وحلول جديدة خارج الإطار السابق الذي ثبت استيعابه وعد نجاحه، لذلك جاءت أدواته دينية مغشوشة وتقليدية ضعيفة، مما اضطره إلى استخدام أدوات ضغط أخرى غير فكرية تتعلق بأسباب العيش والأمن والحياة

تيار التعويق لم تعد له مشكلة مع النظم الاستبدادية والنظام الدولي، بل أصبح ينعم بقبولهم ورضاهم وتعاونهم ودعمهم وولايته ونصرتهم من دون الله، إنهم يمنحونه مساحات الدعم المالي واللوجستي وفرص الكتابة والظهور والحركة للقيام بدوره المزدوج؛ لخدمة النظم الاستبدادية من جهة والمحافظة على وجوده ومصالحه حتى باب القبر.

ولكن مشكلته ومستهدفه مع الداخل، وخاصة مع أصحاب العقل والأفكار والحلول الإصلاحية المتجددة، ومع الأجيال الإسلامية الجديدة الحرة الباحثة عن أفكار وحلول جديدة خارج الإطار السابق الذي ثبت استيعابه وعد نجاحه، لذلك جاءت أدواته دينية مغشوشة وتقليدية ضعيفة، مما اضطره إلى استخدام أدوات ضغط أخرى غير فكرية تتعلق بأسباب العيش والأمن والحياة خاصة للمهاجرين، والتي كان فيها حازما وحاسما وواضحا فيما لم يُعهد عليه ابداً من قبل.

1- تعزيز منهج الوصاية على الأفراد وما يتناولونه من أفكار، وتحديد والتأكيد على مفاهيم معينة يجب تبنيها.

2- وقف أية دعاوى لإجراء عمليات نقد وتقويم شامل للمرحلة السابقة، واعتبار أي نقد على أنه تجريح وخروج عن النص، وشخصنة الأمر، وإن صاحبه خارج ومهاجم ومعادٍ يجب حصاره ومحاربته حفاظا على الدين والإصلاح.

3- رفض وطرد وحصار وتشويه وتجريم منتجي الأفكار والحلول ودعاة المقاومة والتحرر، ووصفهم بالمتهورين وصناع المشاكل الخارجين عن الإطار الصحيح المعتمد إصلاحياً، وحقيقة الأمر أنه من النظام الدولي.

4- اعتماد منهج التبرير ورد أي إخفاق إلى القدر الإلهي، وعظم التحديات الدولية، والدعوة العامة إلى الحوقلة والحسبنة.

5- اختلاق حقبة المحنة والابتلاء والاختبار الإلهي المقرر، والاستثمار فيها بإدخال العمل الإصلاحي غرفة الإنعاش، وتكريس الصمت والسكون واختزال الأهداف في هدف واحد هو المحافظة على الوجود المستضعف على ما تبقى.

6- الاستغراق في عرض المظالم، وأشكال التآمر والمشاريع الجارية ضد الإسلام، دون الانتقال إلى الواجب فعله فكرياً وخططيا وأدواتياً.

7- إعلان شعار المرحلة والحل الوحيد هو الصبر والثبات على التحمل مع المحافظة على تناول منتظم للمخدرات بالمفاهيم الدينية المغشوشة (الاستضعاف- فقه المتغلب- حتمية البلاء والاختبار طول الطريق.. الخ).

8- يمتلك منظومة من مراكز البحوث والدراسات والفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية وبعض المقاعد الأمامية في المكونات الإصلاحية، تعززها مصادر تمويل رافعة ومؤمنة لوجودها وتأثيرها.
التعليقات (1)
الاسئلة الكبرى
الأربعاء، 11-01-2023 12:21 م
السؤال الكبير وتصحيح المسار أما السؤال الكبير فهو: هل من المعقول و المقبول ان يقال ان كل ما قاله واجتهد به العلماء الاوائل والمعاصرون هو من ثوابت الدين؟ وهل كل تفاصيل الحياة المعيشية الدنيوية اليوميه للنبي عليه الصلاة والسلام، واجتهادات من أتى بعده من الخلفاء والائمة والعلماء هي من ثوابت الدين؟ ان هذه الأمة في حاجة ماسة اليوم الى قراءات جديدة للتنزيل الحكيم كتلك التي قام بها بعض المفكرين المعاصرين، (ومنهم مثلا المفكر الكبير د محمد شحرور)، والتي من شأنها احداث ثورة فكرية دينية شاملة، تؤدي لتصحيح القناعات المجتمعيه للعقل العربي، والى احياء الأمة بعد سباتها الطويل. لقد انعزلت أمة العرب عن بقية امم الارض المتحضرة لمئات السنين. وكان من نتائج هذا الانعزال، انها اصبحت عاحزة عجزا شبه تام عن انتاج المعرفة. وكانت الثقافة الدينية الموروثة الخاطئة هي السبب الرئيسي في هذا الانعزال. فالموروث الديني كرس وقبل بوجود الترادف في كتاب الله، والترادف يفتقد الى الدقه. والموروث الديني رسخ فكرة القياس وجعل العقل العربي عقلا قياسيا، فهو يحتاج دائما الى نموذج او نسخة اصليه للقياس عليها وذلك يمنعه من الابتكار. والموروث الديني جعل العقل العربي مكبلا بفكرة المسموح والممنوع فهو يسأل دائما عن "حلالية" كل جديد (أي هل هو حلال ومسموح استخدامه والتعامل معه)، مما قيد انطلاقه في انتاج المعرفه. وذلك اضافة الى التناقضات الكثيرة في كتب الموروث الديني، مع ايات التنزيل الحكيم، سواء بين الطوائف المتعدده او ضمن الطائفة الواحده، مما اثر سلبا في تشكل العقل الجمعي العربي واختلاف طوائفه وتناحرها. وكان السبب الرئيسي لذلك التناقض هو قيام ائمة وعلماء المسلمين (الاوائل والمعاصرين ومن مختلف الطوائف)، بنقل اسلوب الحياة الدنيوية للنبي وصحابته، على انه جزء من الدين، واعطوا ذلك صفة القداسة والشموليه والعالميه والابديه. فكان من تنيجة ذلك ان اصبحت المحرمات بين ايدينا بالمئات بل بالالاف بدلا عن اقتصارها على الاربعة عشر محرما المنصوص عليها في كتاب الله تعالى (وهي المبينة في الايات151،152 سورة الانعام، اية 3 سورة المائده، اية 33 سورة الاعراف، اية 23 و 24 سورة النساء، اية 275 سورة البقرة)، وكلها تؤكد ان المحرمات محصورة في الايات المذكورة ولا يمكن الاجتهاد فيها، وأن الله تعالى هو صاحب الحق الوحيد في التحريم. فكل ما حرمه علماء الفقه في كتبهم خارج المحرمات الالهية المبينة في الايات المذكوره ما هو الا منهيات او محظورات لاترقى الى درجة التحريم. اننا كمسلمين (والبشرية جمعاء في كل العصور والى يوم القيامة) مأمورون باتباع النبي عليه الصلاة والسلام، في كل ما امر به او نهى عنه، من مقام الرسالة، وذلك في نطاق الاوامر والنواهي الربانيه وما يوافقها. لكن اوامر النبي عليه الصلاة والسلام ونواهيه المتعلقة بالممارسات المعيشيه اليوميه، فنحن مخيرون في الاخذ بها او الاجتهاد فيها بما ينفعنا وبما لا يخالف التنزيل الحكيم، لأنها اوامر ونواهي تحمل الصفة المدنيه ضمن نطاق حكمه المدني من مقام النبوه، وهدفها تنظيم الحلال فيما يتعلق بمجتمعه المدني ودولته المدنيه في زمانه فقط، ولا تحمل صفة الشموليه ولا العالمية ولا الابدية، باستثناء ما كان منها يتعلق بشعائر الصلاة والزكاة، حيث امرنا الله تعالى بطاعة الرسول فيهما بشكل منفرد (واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واطيعوا الرسول لعلكم ترحمون). لقد كاد فقهاء الاسلام الاوائل والمعاصرين ان يؤلّهوا رسول الله (عليه الصلاة والسلام). وكان من نتائج ذلك أن طغت محورية الحديث النبوي المنقول، على محورية كلام الله تعالى. واصبح ينظر لاحاديث النبي وتشريعاته على انها وحي ثان مواز للتنزيل الحكيم ومطابق له في القدسية، وربما اعلى منه في بعض الاحيان. واستندوا في ذلك على تفسيرهم للاّية الكريمه "وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى". واعتبروا ان تفسيرهم ذلك لهذه الاية هو تفسير نهائي غير قابل للمراجعة ولا للتصحيح، رغم ان هذا التفسير للآّية الكريمة لم يصدر عن النبي، ولم يرد عنه انه قال ان كل ما يقوله هو وحي من الله. فمعظم كتب الموروث الديني ماهي الا صناعه انسانية بحته، بمعنى انها لاتعدو كونها اجتهادات بشرية قائمة على ما تم جمعه من الاحاديث (بصرف النظر كونها احاديث صحيحة او مفتراه) وفي حدود ما سمح به السقف المعرفي في العصور الاولى. أما التشريع النبوي الانساني (الصادر من مقام النبوه)، فقد كان ينحصر في تقييد المطلق او اطلاق المقيد ضمن دائرة الحلال الواسعه. فالنبي عليه الصلاة والسلام معصوم عن الخطأ من مقام الرسالة فقط، وليس من مقام النبوة (يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضاة ازواجك...) – (ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض، تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخره...). لقد أعطى الله سبحانه وتعالى للنبي عليه الصلاة والسلام (وللبشرية من بعده كذلك) حق الاجتهاد في التشريع الانساني الدنيوي، دون ان يجعل لذلك الاجتهاد صفة القداسة والشمولية والعالمية والابدية. وكانت تلك هي العلة الكبرى وراء كونه عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين (أي لا نبي بعده). والا، فان البشرية كانت ستكون دائما بحاجة الى انبياء جدد. وباعطائه سبحانه للبشرية ذلك الحق في التشريع، فقد قضى بان محمدا عليه الصلاة والسلام هو خاتم النبيين. ان الحقيقة الكبرى التي غفل عنها فقهاء الاسلام قديما وحديثا هي ان الاسلام قد دشّن عصر ما بعد الرسالات، أي عصر صلاحية الانسانية للتشريع لنفسها فيما لا يخالف التنزيل الحكيم. وبغير ذلك فان البشرية كانت ستبقى دائما بحاجة الى انبياء جدد. ذلك، بالطبع، مع تسليمنا الكامل بأن كل فكر جديد هو خاضع للقبول او الرفض او التصحيح او التخطئة. ولكن لنتذكر دائما بأنه ليس كل رأي او فكر جديد هو دائما قادم من متاّمر او عدو. (كانت هذه قبسات من بعض ما فهمته من فكر المصلح العبقري الكبير الدكتور محمد شحرور رحمه الله. واعادة النشر لهذه المقالة متاح بغرض فتح باب النقاش بشكل اوسع وتعميما للفائده)