صحافة إسرائيلية

نتنياهو يختلق تصريحات لروزفلت عن المحرقة.. هل يسبب أزمة مع واشنطن؟

اتهم نتنياهو روزفلت بأنه رفض قصف معسكرات الإبادة النازية
اتهم نتنياهو روزفلت بأنه رفض قصف معسكرات الإبادة النازية

في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الحكومة الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو ضغوطا متزايدة من جانب الإدارة الأمريكية الديمقراطية، فإنه يبذل جهودا لافتة لتخفيف هذا الضغط. لكن أوساطا إسرائيلية اتهمته بأنه "سجل هدفاً ذاتياً في مرماه" بتوجيه اتهام للرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت بأنه لم يبذل جهودا كافية لمنع وقوع المحرقة النازية ضد اليهود في ألمانيا، عقب رفضه الضغط الصهيوني عليه لقصف معسكرات الإبادة النازية عام 1944.

 

أكثر من ذلك، فإن نتنياهو نقل عن مصادر، لم يسمها، أن روزفلت أعلن أنه "على جثتي، لن يخرج أي طيار أمريكي ليقوم بعملية القصف"، وحين توجه الصحفيون إلى مكتب نتنياهو لمعرفة مصدر اقتباسه، فإنهم لم يردوا على ذلك، ما تسبب في ضجة في أوساط الباحثين والمؤرخين الإسرائيليين الذين أكدوا أن "هذا النص ببساطة لم يُقل".

نداف آيال مراسل الشؤون الدولية لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ذكر أن "نتنياهو تسبب في هذه العاصفة السياسية خلال محادثة أجراها بمناسبة إصدار كتابه الجديد عن سيرته الذاتية، كاشفا النقاب عن ما أسماها جهود والده مؤرخ الحركة الصهيونية بنتسيون نتنياهو الذي أدرك أنه يجب عليه تغيير تصور روزفلت الذي "تبنى سياسة قاسية مناهضة للصهيونية" على حد تعبيره، وعندما أخبروه عن ما كان يحدث في معسكرات الإبادة في أوشفيتس، فإنه قال لهم: "فوق جثتي، لن يخرج طيار أمريكي واحد لقصفها".

 

وأضاف أمام حضور سياسي ودبلوماسي لافت أن "روزفلت كان قائداً عظيماً، وله الفضل في الانتصار على النازيين، لكنني أريد التأكيد على المشكلة التي واجهها والدي لتقويض سياسة روزفلت "المعادية للصهيونية"، لاسيما عدم قصف الحلفاء لمعسكرات الإبادة، هذا أمر محزن ومعقد، رغم أن الحركة الصهيونية طلبت ذلك في حزيران/ يوليو 1944، لكن البيروقراطية الأمريكية في وزارة الدفاع لم توافق، وعزت ذلك إلى متطلبات الحرب".

 

الكاتب الإسرائيلي المطلع على تفاصيل السياسة الأمريكية، ذكر في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، أنه "لم يقرأ أبدًا أن روزفلت تعامل مع القضية، ولم أعلم أن رئيس الولايات المتحدة، الشخصية الأكثر احتراما في الحزب الديمقراطي حتى يومنا هذا، تحدث بهذه المفردات.. لم أسمع أحدا يردد عبارة كهذه. صحيح أنني لست مؤرخًا ولا ابن مؤرخ كنتنياهو، لكنني عدت لبحث البروفيسور يهودا باور، أحد كبار باحثي الهولوكوست، الذي لم يذكر عبارة كهذه، وأكد أن الموضوع لم يصل أبدًا إلى مكتب روزفلت".

 

أكثر من ذلك، أنه يضيف: "اتصلت بالعديد من الخبراء المشهورين، أولهم مايكل بيرنباوم، أحد مؤسسي متحف الهولوكوست بواشنطن، وأستاذ الدراسات اليهودية بالجامعة الأمريكية في لوس أنجلوس الذي ألف 18 كتابًا معظمها عن الهولوكوست، وأكد لي أنه "لا يوجد دليل على أن قضية قصف أوشفيتس وصلت إلى مكتب روزفلت"، موضحا أن أكبر مسؤول متورط في هذا الأمر في الولايات المتحدة في ذلك الوقت كان نائب وزير الدفاع، فسألته عن عبارة "على جثتي"، فأكد لي أن العالم كله فحص الوثائق التاريخية، إذا ما حدث هذا في أي وقت.. لكنّنا قد رأيناها، أنا أراهنك أن نتنياهو لا يستطيع توفير مصدر هذه الاقتباسات".

 

إضافة إلى ذلك، فقد أكد "البروفيسوران ريتشارد برايتمان وألان ليختمان، وهما باحثان يهوديان ألفا كتاب (روزفلت واليهود)، أكدا لي أننا لم نعثر على أي دليل على أن مقترحات تفجير أوشفيتس وصلت إلى روزفلت، ولم نعثر على أي دليل إشاعات من هذا القبيل، حتى إن دراسة متعمقة صدرت عام 2018 حول لجنة لاجئي الحرب من قبل ريبيكا آربيلدينغ لم تتضمن أي محادثة من روزفلت حول الاقتباسات أعلاه، أو أي تورط له في قرار عدم القصف. والمعرض الدائم لمتحف الهولوكوست في واشنطن لا يصف هذه المحادثة.. بعبارة أخرى، أجاب برايتمان بأنه لا يوجد مثل هذا الاقتباس".

 

الكاتب الإسرائيلي يخلص إلى القول إن "روزفلت لو قال مثل هذا الشيء كنا سنعرفه، وسيكون عنوانًا رئيسيًا على الصفحة الأولى لـ نيويورك تايمز، لكنه غير موجود، لكنها عادة نتنياهو مرارا وتكرارا كيف يأخذ مثل هذه الأشياء، ويجعلها سياسية، وقد اتصلت بمكتبه، وسألت عن مصدر اقتباسه.. ربما تخيلت أن بعض البروتوكولات السرية وقعت في يديه، وغيّرت دراسة الحرب العالمية الثانية وإرث روزفلت.. لكن لم يصلني رد من مكتبه".

 

الغريب أن نتنياهو الساعي لترميم علاقته بالحزب الديمقراطي الأمريكي يرتكب مثل هذه الحماقة السياسية، ويختلق مثل هذا الكلام المنسوب للرئيس الديمقراطي الأشهر روزفلت، ما سيتسبب في أزمة حقيقية بينهما، لا سيما أنه ليس من السهل إسناد مثل هذه الاقتباسات إلى رئيس بهذا الثقل التاريخي، ما يؤكد أن هذه ليست الطريقة الجيدة لإعادة علاقة نتنياهو بالحزب الديمقراطي.

التعليقات (0)