قضايا وآراء

العدل المفقود بين رجاله في مصر

محمد أحمد سليمان
يتساءل الكاتب عن العدل في أرجاء وزارة العدل في مصر
يتساءل الكاتب عن العدل في أرجاء وزارة العدل في مصر
منذ أيام صدر قرار من خلف أسوار الاتحادية بفصل شقيقي د. أسامة أحمد سليمان من الطب الشرعي، بزعم ممارسة أفعال تمس الأمن القومي.

الواقع أن كل من شارك في إصدار هذا القرار منذ بزوغ فكرة فصل د. أسامة حتى التحقيق معه في وزارة العدل ثم صدور قرار من خلف أسوار الاتحادية بفصله.. جميعهم لا يعرفون ما هي هذه الأفعال المزعومة، بل يوقنون أنه لا توجد أفعال من الأساس ولكن ليس لديهم الجرأة ليعلنوا ذلك، ولكني سأعلن تلك الأسباب التي تمس الأمن القومي التي لأجلها تم فصل الطبيب الشرعي أسامة أحمد سليمان من العمل.

* تخرج د. أسامة في كلية الطب دفعة 2004 بتقدير جيد جداً، وقد كان صاحب ترتيب متقدم بين زملاء دفعته، حتى أنه قد تم تعيين عدد المعيدين حتى السابق له مباشرة في الترتيب.

* انتسب د. أسامة لكلية الحقوق وتخرج عام 2010 بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف، وكان الرابع في الترتيب على دفعته.

* قبل تخرجه في كلية الحقوق بعدة أشهر صدر قرار تعيينه طبيباً شرعياً بمصلحة الطب الشرعي، والتي يتم تعيين أطبائها بمسابقة يتم فيها اختيار الأعلى تقديراً.

* في نهاية عام 2010 أعلنت النيابة العامة عن مسابقة لتعيين معاوني النيابة العامة دفعة 2010 من الحاصلين على تقدير جيد على الأقل، بشرط ألا يتجاوز سن المتقدم ثلاثين عاماً وقت الإعلان (وكان د. أسامة لم يبلغ من العمر حينها عامه التاسع والعشرين).

* في شهر آذار/ مارس 2012 ثارت أزمة قضية التمويل الأجنبي، التي قام فيها المستشار عبد المعز إبراهيم (رئيس محكمة استئناف القاهرة حينها وعضو مجلس القضاء الأعلى الذي ينظر في تعيين دفعة النيابة العامة 2010) بتشكيل دائرة خاصة انعقدت بليل لإصدار قرار بإخلاء سبيل متهمين أمريكيين بناء على تدخل خارجي، حيث كانت هناك طائرة خاصة تنتظرهم على أرض مطار القاهرة. وصدر القرار بناء على ذلك التدخل السافر والانتهاك الفاضح لاستقلال القضاء، وحينها تحرك قضاة تيار استقلال القضاء وعلى رأسهم المستشار أحمد سليمان (والد د. أسامة) الذي عُين لاحقاً وزيراً للعدل في عام الحرية؛ لعقد جمعية عمومية طارئة لمحكمة استئناف القاهرة لسحب التفويض الممنوح من الجمعية العمومية للمحكمة للمستشار عبد المعز إبراهيم، كرد فعل عن ذلك التصرف الذي بدر منه.

* انعقدت الجمعية العمومية للمحكمة، وكان سيئ الذكر أحمد الزند حينها رئيساً لنادي القضاة وتبنى الاتجاه المعارض الذي يرى مساندة عبد المعز إبراهيم والانبطاح أمام السلطة، واستطاع حشد قضاة الموالاة وانتهت الجمعية برفض سحب التفويض من المستشار عبد المعز إبراهيم ودعمه في موقفه، وحينها قام أحد قضاة الزند بحمل عبد المعز إبراهيم على كتفيه قائلاً: "الصحافة فين.. الشريف أهو"!!

بعد الجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة بثلاثة أشهر أصدر مجلس القضاء الأعلى قرار الموافقة على تعيين معاوني النيابة العامة دفعة 2010، وتم استبعاد د. أسامة من التعيين بالنيابة العامة بحجة أن عمره تجاوز الثلاثين عاماً وقت صدور القرار، وهو سبب لا يمت للقانون بصلة، إذ العبرة بوقت تقديم أوراق الترشح وليس وقت إعلان النتيجة، وقد استقرت أحكام مجلس الدولة صراحة على ذلك، وأي طالب مر من أمام سور كلية الحقوق يعي ذلك جيداً، والمؤكد أن من رفض تعيينه لذلك السبب كان يعي ذلك جيداً!!

* بناء على رفض مجلس القضاء الأعلى تعيين د. أسامة صدر القرار الجمهوري بتعيين دفعة 2010 وقد خلا من اسمه، وبالمناسبة هي الدفعة الوحيدة التي اعتمد الرئيس الشهيد محمد مرسي قرار تعيينها بناء على قرار مجلس القضاء الأعلى (وهذه المعلومة لمروجي أكاذيب الانتماء السياسي).

* تقدم د. أسامة بتظلم لمجلس القضاء الأعلى بعد رفض تعيينه، شارحاً عدالة موقفه القانوني وأن سبب استبعاده لا يمت للقانون ولا المنطق ولا العدالة بصلة.

* انتهى مجلس القضاء الأعلى إلى قبول التظلم والموافقة على تعيين د. أسامة معاوناً للنيابة العامة، وكان من بين أعضاء المجلس حينها المستشار  حامد عبد الله، وتم رفع القرار إلى السيد الرئيس محمد مرسي في 27 حزيران/ يونيو 2013، وتتابعت الأحداث إلى أن صدر بيان 3 تموز/ يوليو 2013 المشئوم على مصر والذي حضره المستشار حامد عبد الله، رئيس مجلس القضاء الأعلى حينها (هو الحضور الأشد سوءاً في تاريخ القضاء).

* في سابقة لم تحدث من قبل وبالمخالفة للقانون وما استقرت عليه أحكام المحكمة الادارية العليا، قام المستشار حامد عبد الله باسترجاع قرار التعيين من رئاسة الجمهورية واستبعاد بعض المرشحين السابق الموافقة على تعيينهم من مجلس كان هو أحد أعضائه، وتم استبعاد د. أسامة بذات الزعم ظاهر البطلان، رغم سبق التقرير بعدم صحة الاحتجاج بتعديه سن الثلاثين من العمر!!

* تلك الوقائع السابقة يعرف بتفاصيلها قطاع عريض من قضاة مصر، ويعرفها بعض أعضاء مجلس القضاء الأعلى سابقين وحاليين، ولن أذكر أحداً باسمه فالتاريخ يذكر كل شيء.

* استمر د. أسامة في عمله بالطب الشرعي إلى أن تم التحقيق معه في مقر وزارة العدل.. عبثيات مكررة مع كل شريف في مصر.. أقوال مرسلة وتهم ملفقة وأكاذيب مفضوحة وفقدان للعدل حتى في أرجاء وزارة العدل!!

* صدر قرار بإيقاف د. أسامة عن العمل ثم صدر قرار من خلف أسوار الاتحادية بفصله..

* خلال ثلاثة عشر عاماً قضاها د. أسامة في الطب الشرعي، شهد له جميع من عملوا معه بالكفاءة والإخلاص والتفاني وعدم الخشية من اتباع الحق فيما يصدره من تقارير أو ما يشهد به وأنه بحق لا يخشى في الله لومة لائم، ويشهد بذلك رؤساء مصلحة الطب الشرعي السابقون.

* هذه هي مسيرة د. أسامة مع العدل المفقود في أرض الكنانة، وهذه هي الأفعال التي تمس الأمن القومي لمصر المحروسة!!

* المؤكد أن د. أسامة لم يحنث بالقسم الذي أقسمه قبل توليه العمل، لم يخن الله ورسوله ولم يخن الأمانة، لم يخن مصر ولا شعبها ولم يفرط في مقدراتها، لم يقتل ولم يسرق ولم يرهب ولم ينتهك عرضاً.

* في الدول التي تحترم شعوبها يُكرّم د. أسامة، فمثله يستحق أن يكون على رأس مصلحة الطب الشرعي.

ورسالتي للسيد وزير العدل والذي كان يعمل مساعدا لوزير العدل وقت تولي المستشار أحمد سليمان وزارة العدل:

لقد عملتَ مع المستشار أحمد سليمان وتعرفه جيدا، كما يعرفه كل قضاة مصر، وتعرف جيدا أنه آخر وزير جلس بحق على كرسي وزير العدل، وأنه يتعرض لحملة انتقام لا لشيء إلا أن قال ربي الله، ولو قبل ما قبله غيره لكان إلى اليوم على رأس وزارة العدل لكنه أكبر من أن يبيع آخرته بدنياه أو دنيا غيره.

يا سيادة وزير العدل لقد فاحت رائحة الظلم حتى ازكمت الأنوف.

يا سيادة وزير العدل الناس باتوا يدركون يقينا قدر كل شخص.. فلم تعد تنطلي الروايات الكاذبة والحكايات المدلسة إلا على عقول الأراذل.

يا سيادة وزير العدل: أين أنتم من قول ابن تيمية لما أتاه الجلاد في سجنه بدمشق وقال له: اغفر لي يا شيخنا فأنا مأمور. فقال له ابن تيمية: والله لولاك ما ظلموا؟؟

أين أنتم من قول سفيان الثوري لما أتاه خياط فقال: إني رجل أخيط ثياب السلطان أفتراني من أعوان الظلمة؟ فقال له سفيان: بل أنت من الظلمة أنفسهم، ولكن أعوان الظلمة من يبيع لك الإبرة والخيوط؟؟

أين أنتم من قول الإمام أحمد بن حنبل حينما جاءه السجان فقال له: يا أبا عبد الله، الحديث الذي روي في الظلمة وأعوانهم صحيح؟ قال الإمام أحمد: نعم. قال السَّجَّان: فأنا من أعوان الظلمة؟ قال الإمام أحمد فأعوان الظلمة من يأخذ شعرك ويغسل ثوبك ويصلح طعامك ويبيع ويشتري منك، فْأما أنت فمن الظلمة أنفسهم.

هذه الأقوال سجلها التاريخ..

يا سيادة وزير العدل، إن أهم سمات القاضي هي القوة والشجاعة والمروءة والنخوة والعدل.

يا سيادة وزير العدل، إن القاضي الخائف لا يحكم بالعدل وصاحب اليد المرتعشة لا تستطيع يده كتابة حكم عادل.

يا سيادة وزير العدل، إن القاضي عليه أن يقرأ ما بين السطور لا تنطلي عليه خيالات الباطل ولا تستخفه هيبة الطغاة وقد جرت الأنهار من تحتهم، وحسبه الإيمان بأن رسالته كلمة حق في وجه سلطان جائر يلقى بها الله يوم أن يقال "لا ظلم اليوم" لعلها تكون شفيعة له يوم القيامة.

ورسالتي لكل من شارك في إصدار ذلك القرار ولو بحرف سطره بمداد ظالم:

* أقول لكم والحق أقول: إن التاريخ يكتب والشعب يسجل.. ويوم الظلم لن يطول ويوما ما ستشرق شمس الحرية يقينا.. وأول من سيحملكم الفاتورة هو من بعتم آخرتكم لأجله.. هو من خنتم الله ورسوله وخنتم أماناتكم لإرضائه.. أترى من يستخدم منديلاً ليتخلص من نجاسته هل تراه يحتفظ به ثانية؟ خذوا من التاريخ العبر.. تعلموا دروس الماضي وثقوا أن أمر الله نافذ ووعده حق ولن يخلف الله وعده.. "وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ".

تخلصوا من الهوى الجامح والطيش البين.

صارحوا أنفسكم وصارحوا ضمائركم.

لا تظنوا أن الهرولة خلف الباطل ستدوم لكم، سيأتي اليوم ويطرحكم بعدما ضمن خضوعكم له..

خذوا من التاريخ العبر.. خذوا من الأيام الدروس.

* اعلموا أن وعد الله حق، وقوله نافذ، وساعة النصر آتية لا ريب، وحينها لن يشفع لكم عذر ولا اعتذار.

استمروا في طريقكم في أحاديثكم في شعاراتكم في أقوالكم، ودعوا الأفعال والتضحيات لمن عظمت غايته حقاً إيماناً بمبادئه وحسبة لوجه الله.

* أعلم يقيناً أنه من أشق المهام على النفس محاورة شخص لم يتعلم معنى البذل والتضحية في سبيل الله بأقل ما يملك، لتقنعه بأن هناك أشخاصاً يضحون بأعز ما يملكون ابتغاء مرضاة خالقهم وطمعاً في جنته، ولكني أقولها معذرة إلى ربكم ولعلكم تتقون.

ورسالتي لكل الشامتين والمنافقين والمرجفين في الأرض:

لا زلنا على يقين لا يتزعزع بأن هناك فتحا مبينا، ونصرا قريبا، وفرجا بعد شدة، ويسرا بعد عسر.. أن هناك لطفا خفيا وأملاً مشرقا ومستقبلاً حافلاً ووعدًا صادقًا.. (وَعْدَ اللهِ لاَ يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ).. لا زلنا نؤمن أن لحظة آتية ستنقشع فيها وساوس الظلام بوجه الفجر الصادق، وستذهب مرارة الفتن بنور يلقف ما يأفكون، لا زلنا نثق بأننا في معية غالب على أمره، لطيف بعباده، رحيم بخلقه، حسن الصنع في تدبيره، لذلك ندرك أن العواقب حسنة، والنتائج مريحة، والخاتمة كريمة.

لا زال قول رسول الله يقرع أسماعنا يوم أن قال لصحبه يوم غزوة أحد "لا تبرحوا اماكنكم".. يتملكهم ذلك المشهد وكأنه ينظر إليهم صلى الله عليه وسلم بعد أن استشعر بداخل بعضهم حزن وقهر، فيقول قولته لصحبه يوم أحد "لا تبرحوا أماكنكم.. لا تبرحوا أماكنكم" وكأنه يدعوهم لألا يخذلوه ويتراجعوا، وكأنه يدعوهم لأن ينصروه، ونحن نعاهد الله ونعاهد رسوله ألا نبرح أماكننا ما حيينا:

لا زلنا نردد قول الشاعر
إنَّ الكِرًامَ وإن ضَاقَت مَعِيشَتُهُم
دَامَت فَضِيلتُهُم والأصلُ غلَّابُ
لِلهِ دَرُّ أُنَاسٍ أينَما ذُكِرُوا
تَطِيبُ سِيرَتُهُم حتَّى وإن غَابُوا

* يوما ما سنلتقيكم لنقول لكم أمام العالمين: "لقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا".

سنلتقيكم ولو كنتم في سحابة لصعدنا إليكم، أو لهبطتم إلينا.

يوماً ما ستأتون راجين وسنعرض عنكم الإعراض المهين، فقد صدق فيكم قول الله عز وجل "سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ".

إن الله قد يسركم للعسرى فمهد لكم طريق الهاوية فجعله لكم سهلاً ميسراً، لأنكم اتبعتم الباطل ورأيتموه حقاً، ولأنكم رأيتم الحق باطلاً فحاربتموه، لأنكم استحببتم العمى على الهدى..

نأسف لما ترديتم إليه ونأسف لما نالنا منكم.

ورسالتي إلى الجميع..

إن من يقرأ التاريخ سيجد أن من دفع به الى الأمام دائما طراز نبيل من البشر.. أحبوا الحق وتمسكوا به ودفعوا الثمن باهظا من حريتهم ورزقهم.. بل إن ظهور المدافعين عن الحق في أي أمة غالبا ما يؤذن بتغيير كبير قادم، عندما يمعن الحاكم في الفساد والظلم يكون ظهور المدافعين عن الحق علامة على قرب زواله.. فالذين ذهبوا مع سعد زغلول عام 1919 إلى المعتمد البريطاني ليطالبوه بالجلاء عن مصر، كانوا يدافعون عن الحق لا عن مصالحهم.. وطلاب مصر الذين فجروا الحركة الطلابية العظيمة في السبعينيات كانوا يدافعون عن الحق لا عن مصالحهم.. وقد كان ظهور المدافعين عن الحق، دائماً إيذانا بتغييرات كبرى حدثت في مصر.

لا أخفي أننا قد فقدنا، لكننا أبدا لم نفقد الله ومن لم يفقد الله لم يفقد شيئا ومن فقد الله فقد كل شيء، لم نفقد الأمل واليقين بالنصر ولم يهتز ثبات عقيدتنا ورسوخ مبادئنا، نعم نتألم لكن اليقين الراسخ أنه "وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ".. هم يتألمون يقينا ويشعرون بالخذلان يقينا فقط يتمنون إطالة الأمد، لكنهم يدركون أنه لا مفر من افتضاحهم وانكسارهم، وخسارتهم المشهد ثابتة أمام أعينهم. نحن نرجو الله وجنته.. وهم يرجون دنيا فانية وأموالا زائلة ومكاسب على رفات الوطن..

لقد ساقوا الأكاذيب وأشاعوا الأباطيل وأضاعوا الفضل وكالوا الاتهامات ونالوا بالعبارات فلم نهتز إلا كما يهتز الجبل الأشم عندما تلامسه الذبابة.

ورسالتي إلى شقيقي د. أسامة أحمد سليمان:

لقد أرادوا لك ذلا فأعزك الله.

أرادوا لك فقرا فسيغنيك الله.

أرادوا لك انكسارا فسيجبرك الله.

أرادوا لك مرضا فسيعافيك الله.

أرادوا لك هلاكا فسينجيك الله.

أرادوا لك موتا فأحياك الله.

أرادوا زرع كراهية الناس لك فزرع الله في قلوب العباد محبتك.

أرادوا لك خوفا فزرع الله في قلوبهم الخوف منك.

أرادوا لك شقاء فسيسعدك الله.

أرادوا لك ندما فزادك الله تشبثا بالحق.

أرادوا لك الزلل وأراد الله لك ثباتا.

أرادوا لك يأسا فزادك الله يقينا.

أرادوا لك ظلاما فأراد الله لك ضياء.

أرادوا لك ضلالا وأراد الله لك الهدى.

أرادوا لك الفناء وأراد الله لك البقاء.

أرادوا لك نقمة وأراد الله بك نعمة.

أرادوا لنا تحقيرا وأراد الله لنا عزة ومكانة.

أرادوا لك مشقة وأراد الله لك تيسيرا.

أرادوا لك حزنا فسيسعدك الله.

أرادوا لك بكاء فسيضحكك الله.

أرادوا لك العوز وأراد الله لك الاكتفاء به.

أرادوا لك هزيمة وأراد الله لك نصرا.

أرادوا لك حدادا وأراد الله لك احتفالا.

أرادوا لك الشتات وأراد الله لك السكينة.

أرادوا لك المذلة وأراد الله لك الكرامة.

أرادوا لك هاوية وأراد الله لك قمة الجبال.

أرادوا لك التيه وأراد الله لك التبصر.

أرادوا لك فقدا وأراد الله لك فوزا عظيما.

أرادوا لك خوفا فأمنّك الله.

أرادوا أن تكون مثلهم وأراد الله لك علو شأن؛ ودعوة بالنصر والتثبيت تخترق السماء في جوف الليل من مظلوم أو مقهور أو مكلوم بطغيانهم توزن بأموال الدنيا.

أرادوا لك أن تكون لقمة سائغة على موائد اللئام وأراد الله لك أن تكون كريما في مجالس الكرام، بينما صاروا هم كطير مهيض الجناح استُذل واستُبيح.

أرادوا نزع منصب ووظيفة كما يخيل لهم فتلك أمانيهم وأراد الله لك حمل رسالة تنوء بحملها الجبال الراسخات، وأردت أن يصدق فيك قول سيد الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس، موعدكم معي ليس الدنيا، موعدكم معي عند الحوض، والله لكأني أنظر اليه من مقامي هذا. أيها الناس، والله ما الفقر أخشي عليكم، ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم، فتهلككم كما أهلكتهم".

أرادوا لك عارا ففضحهم الله.

أرادوا لأنفسهم دنيا وأردت جنة عرضها السماوات والأرض.

أرادوا ان يؤذوك إيذاء شديدا فكانت إرادة الله أن ينزل عليك بردا وسلاما..

أرادوا كسرك واهانتك ببث الأكاذيب وترويح الأباطيل فكانت ارادة الله أن يحفظ نفسك منها..

يصرون أن يتجاهلوا أنك في ملكوت الله الجبار وأن أقصى ما يملكون هو تنفيذ جميل قدر الله لك.

يصرون أن يتجاهلوا أنهم لا يملكون لأنفسهم حتى أنفاس هواء لم يكتبها الله لهم فماذا يملكون لك؟!!

يصرون أن يتجاهلوا أن ما حدث هو قضاء الله.. يسيرك برحمته حيث شاء.. يقسم لك من عطاياه ما تناله شئت أم أبيت.

لا يعلم هؤلاء الأراذل أن المدافعين عن المبادئ في مكانة أنبل وأرفع بكثير من المدافعين عن الرزق.

الحمد لله تعالى أن جعل ذلك العطاء في طريقه وما لك في ذلك إلا الرضا المصحوب بالحمد، تترقب في ذلك نصرا يسر القلوب فكأنما ما رأيت بؤسا ولا نَصَبا قط..

"وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ".
التعليقات (0)