كشفت وسائل الإعلام العبرية، عن جهود حثيثة تقوم بها حكومة الاحتلال الإسرائيلي من أجل إخماد الغضب المصري عقب الكشف عن
مجزرة إسرائيلية بحق جنود مصريين تضمنت حرقهم وهم أحياء عام 1967.
وذكرت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "
كان"، أنه "في إطار المحاولات لتحسين العلاقات مع مصر، تدرس إسرائيل إقامة نصب تذكاري رسمي لجنود الكوماندوز المصريين الذين قتلوا قرب كيبوتس "نحشون" وسط إسرائيل (فلسطين المحتلة) خلال حرب 1967".
وأشارت إلى أن "إسرائيل تدرس هذه الإمكانية، بعد غضب مصر على إسرائيل عقب قيام عدد من الوسائل الإعلامية في شهر تموز/يوليو، بنشر معلومات تفيد بأن الجنود المصريين دفنوا في قبر جماعي، وبقي الأمر سرا على مدار عقود".
اقرأ أيضا:
مجزرة إسرائيلية ضد جنود مصريين تضمنت حرقهم عام 1967
ورجحت "كان" وصول وفد مصري إلى تل أبيب خلال الفترة القادمة من أجل "تنسيق إقامة النصب التذكاري"، منوهة أن "إسرائيل تأمل أن تصلح هذه الخطوة العلاقات مع النظام المصري".
وأكدت أن الكشف عن المجزرة الإسرائيلية بحق الجنود المصريين "تسبب بتوتر كبير بين إسرائيل ومصر، وطرح الموضوع خلال المكالمة الأولى بين رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد والزعيم المصري عبد الفتاح السيسي، وتعهد لابيد خلال المكالمة مع السيسي بأنه سيقوم بفحص الموضوع وعين سكرتيره العسكري، الجنرال أفي جيل، المسؤول على فحص القضية والعلاقة مع مصر".
وأضافت: "بعد شهر من ذلك، ارتفعت حدة التوتر بين القاهرة وتل أبيب بعد سوء الفهم حول آليه إنهاء العملية العسكرية الأخيرة في غزة، الأمر الذي أدى إلى أزمة خطيرة بالعلاقات بين الجانبين، لدرجة إلغاء التمارين المشتركة والزيارات المخطط لها".
وسبق أن كشفت وسائل الإعلام العبرية، عن زيارة سرية قام بها وفد أمني إسرائيلي لمصر في نيسان/أبريل الماضي، بهدف إزالة التوتر الذي تصاعد مؤخرا بين القاهرة وتل أبيب.
وقفة جادة مع الاحتلال
من جهته، استنكر مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عبد الله الأشعل، ما تعتزم إسرائيل فعله، قائلا: "هذا تصرف لا معنى له على الإطلاق، وهو مرفوض جملة وتفصيلا"، متسائلا: "ما الذي سيعود علينا من هذا النصب التذكاري المزعوم؟ وهل بذلك تُكفّر إسرائيل عن جرائمها البشعة؟".
واستطرد قائلا، في تصريح لـ"عربي21": "هذه المجزرة ارتكبها الصهاينة عن عمد، وبالتالي فلا بد من وقفة حاسمة وجادة مع إسرائيل، ومثل هذه الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم طال الزمن أم قصر".
ودعا الأشعل إلى "ضرورة وجود ضغط شعبي مصري يدفع الحكومة المصرية للاهتمام أكثر بهذه القضية الخطيرة"، متمنيا أن تنجح السلطات المصرية في الحصول على حق هؤلاء الضحايا.
اظهار أخبار متعلقة
استعادة رفات الضحايا
فيما عبّر مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، شريف هلالي، عن امتعاضه من الموقف المصري تجاه المجزرة الإسرائيلية بحق الجنود المصريين، "خاصة أننا لم نجد أي تحرك ملموس إزاء ما حدث، وما تعتزم سلطة الاحتلال فعله من خلال إقامة نصب تذكاري لشهدائنا لم ولن يمحي عار الجريمة ولا قيمة له مطلقا".
وتساءل هلالي: "متى ستتحرك السلطات المصرية ردا على تلك الجريمة النكراء؟ ولماذا لا نجدها حريصة على استعادة رفات الضحايا كما تفعل إسرائيل مع رفات جنودها؟ وكيف لنا أن نقبل أو نرضى بإقامة نصب تذكاري لجنودنا على الأراضي الفلسطينية المحتلة؟".
وأضاف: "هذه محاولة إسرائيلية مفضوحة لامتصاص الغضب المصري، لكنهم لن ينجحوا في ذلك".
خطوة سياسية
بدوره، وصف الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور السيد أبو الخير، الخطوة الإسرائيلية المحتملة بأنها مجرد "خطوة سياسية لامتصاص الغضب المصري"، وقال: "هذا تصرف مرفوض تماما ولا بد من محاسبة الجناة على جرائمهم البشعة".
وأضاف أبو الخير، في تصريح خاص لـ"عربي21": "قتل الأسرى المصريين جريمة حرب لا تسقط بالتقادم مهما مر عليها الزمن، وتتحمل إسرائيل المسؤولية الجنائية الكاملة عن تلك الجريمة الدولية، ويجب محاكمة المسؤولين عنها"، مُشدّدا على أن "اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية تؤكد على ضرورة محاكمة مرتكب تلك الجريمة الدولية".
وتابع: "يمكن محاكمة المتورطين في تلك الجريمة إما عن طريق القضاء الوطني المصري الذي له الأولوية طبقا للدساتير المصرية، وطبقا للفقرة الأخيرة من ديباجة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمادة الأولى من هذا النظام التي تفيد المادة الأولى منها بأن الأصل في حق المحاكمة للمحاكم الوطنية، وأن القضاء الدولي قضاء مكمل، وهو ما يسمى في القانون الدولي الجنائي مبدأ التكامل، وبالتالي فالاختصاص معقود أولا للقضاء المصري للمحاكمة".
وأردف: "الدساتير المصرية المختلفة تعتبر الاتفاقيات الدولية التي تصدق عليها مصر قوانين وطنية تلتزم المحاكم المصرية بتطبيقها، بينما يأتي دور القضاء الدولي في حالتين فقط: الأولى انهيار القضاء الوطني بحيث لا يمكنه القيام بواجبه في المحاكمة، والثانية في حال عدم رغبة القضاء الوطني في القيام بالمحاكمة، وتلك هي الحالة المصرية؛ فالقضاء المصري لا يرغب في إجراء المحاكمة لأمور سياسية".
وأوضح الأكاديمي المصري أنه "يمكن للقاهرة اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مرتكبي جريمة قتل الأسرى المصريين طبقا للفقرة الثالثة من المادة (12) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية"، متابعا: "المسؤولية الدولية ما تزال قائمة حتى الآن ولم ولن تسقط بالتقادم".