هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توقع رئيس المكتب السياسي لحزب "تيار يا بلادي" الليبي، الدكتور عوض عبد الصادق، اندلاع حرب جديدة في ليبيا، وذلك في حال إصرار بعض الأطراف التي وصفها بـ"المهزومة" على تشكيل حكومة ثالثة بعيدا عن حكومتي الدبيبة وباشاغا.
وشدّد عبدالصادق، في مقابلة خاصة مع "عربي21" على أن "الشعب الليبي لا يريد حكومات مؤقتة متعاقبة، بل يريد دستورا وانتخابات تزيل الوجوه الموجودة في المشهد السياسي".
وأضاف: "لو كرّر باشاغا، ومَن يخططون له، محاولة السيطرة على السلطة بإشعال حرب في طرابلس فأتوقع أن ذلك سيكون آخر مسمار يُدق في نعوشهم"، مشدّدا على أن "باشاغا تلقى صفعة قوية له ولمشروعه حينما حاول سابقا دخول العاصمة"، وفق قوله.
وفي 27 آب/ أغسطس الماضي، شهدت العاصمة الليبية طرابلس، معارك عنيفة بين قوات محسوبة على حكومة البرلمان المنافسة برئاسة فتحي باشاغا من جهة والقوات المحسوبة على حكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة، ما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والمصابين.
ولا تُعدّ هذه المحاولة الوحيدة لباشاغا في السعي لدخوله طرابلس؛ فقد حاول السيطرة على العاصمة في 17 أيار/ مايو المنصرم، إلا أنه سرعان ما غادرها إثر تعرض مقر كتيبة "النواصي" التي استقبلته، لهجوم مسلح، قبل أن تسيطر حالة من الهدوء الحذر على المدينة حينها.
ولفت عبدالصادق، الذي شغل سابقا منصب النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام، إلى أن "الخلاف الليبي سيستمر ما دامت الأطراف الإقليمية والدولية لم تتفق أو يتغلب أحدها على الآخر".
لكنه استدرك بالقول: "الظروف الدولية الآن مناسبة للاستقرار في بلادنا في ظل أزمة الطاقة وحاجة أوروبا للغاز من ليبيا ومن وسط أفريقيا عبر ليبيا، وهذا الأمر ربما يدفع الدول الفاعلة في المشهد الدولي إلى فرض حالة من الاستقرار في ليبيا بالانتخابات أو بدونها".
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف تقرأ توقيع حكومة الوحدة الوطنية الليبية مذكرتي تفاهم مع تركيا بشأن الاستثمار النفطي؟
في الحقيقة لا نستطيع التقييم إلا من خلال ما صرّح به الجانبان الليبي والتركي، وبناءً على هذا يمكن القول بأن هذا الاتفاق قطع الطريق على دول أخرى تريد أن تستولي على مناطق بحرية تخص البلدين وتستحوذ على ما فيها من ثروات، وبالتالي فإننا نستطيع القول بأن الاتفاق سيكون له مردود إيجابي على الطرفين على كثير من الصعد الاقتصادية والأمنية.
وكيف ترى حالة الجدل والرفض التي حدثت مؤخرا؟
في ما يخص حالة الجدل فإن هذا أمر متوقع من دول وأطراف خسرت معركة أخرى للسيطرة على ثروات كانت تريد أن تستحوذ عليها أو في أسوأ الأحوال أن تحرم منها تركيا بالذات.
لماذا كان هناك هجوم داخلي وخارجي بشكل سريع ضد الاتفاقيات الجديدة مع تركيا؟ وما مستقبل هذه الاتفاقيات؟
في الواقع، أن الهجوم يأتي إما من الرأي العام المُغيّب عن الحقيقة، والذي صورت له أطراف ودول أن هذا الاتفاق يفقد ليبيا سيادتها.. مع أن حقيقة الأمر عكس ذلك، حيث إن ليبيا إن لم تكسب من هذا الاتفاق فهي لن تخسر شيئا..
أو أن الهجوم يأتي من أطراف محلية وإقليمية يهمها السيطرة على المشهد السياسي الليبي وبأي ثمن، وهذا ما جعلها تهاجم الاتفاق حتى وإن كان في مصلحة ليبيا وتصوّره بأنه فشل لحكومة الوحدة الوطنية، مع أنها في أوقات سابقة لم تعلق على اتفاقات أخرى حدثت على ظهر بوارج دول أجنبية ولم يعرف الليبيون فحواها إلى يومنا هذا.
أما مستقبل هذا الاتفاق فأتوقع له نجاحا سريعا، خصوصا في ظل أزمة الطاقة واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية.
البعض يرى أن أنقرة تستغل ضعف المؤسسات الليبية في الوقت الحالي وتُبرم اتفاقيات لا تصب في صالح ليبيا بالدرجة الكافية.. ما تعقيبكم؟
هذا كلام بعيد عن الحقيقة؛ فنحن في ليبيا رأينا مواقف تركيا خلال السنوات الماضية وكيف أفشلت العديد من المؤامرات والحروب التي حاولت إعادة ليبيا إلى حقبة الديكتاتورية، بل وتسليم ليبيا على طبق من ذهب لدول للأسف تدعي بأنها شقيقة لتستغل ثرواتها وإمكانياتها بل وأراضيها، في حين أن أنقرة بفضل هذه الاتفاقية ساهمت في حصول ليبيا على مساحات بحرية وثروات متوقعة من النفط والغاز في البحر المتوسط، وأصبحنا نثق في أنقرة أكثر من عواصم عربية أخرى ساهمت في دعم الانقلابات وإشعال الفتن وصناعة الإرهاب في ليبيا طيلة السنوات الماضية.
على صعيد آخر، هل توجد جهود آنية للمصالحة الوطنية في ليبيا؟ وهل هناك وساطات محلية أو إقليمية أو دولية بهذا الخصوص؟
للأسف، أن الجهود المبذولة في هذا الجانب قليلة جدا وتكاد تكون شكلية وبعيدة عن الواقعية، بل إن هناك أطرافا ما زالت تعمّق الشرخ الاجتماعي بمحاولة إشعال مزيد من الحروب والانقسامات بين مناطق ليبيا، لأن هذا الوضع وهذا التشظي، يزيد من عمر هذه الأطراف.
وفي ما يخص الجهود والوساطات الإقليمية والدولية أكاد أجزم بأنها معدومة، بل إن هناك بعضا من هذه الأطراف مستفيدة من حالة الانقسام والاحتراب الداخلي، والذي يدفع ثمنه الشعب الليبي.
الكثيرون في ليبيا يتحدثون عن ضرورة إجراء الانتخابات.. لكن السؤال: هل هناك مَن هم غير جادين في إجراء الانتخابات؟ ولماذا؟
نتمنى أن تكون هناك انتخابات في أقرب فرصة، ونحن في "تيار يا بلادي" طالبنا وعملنا على دعم هذا التوجه، لكن للأسف هناك أطراف في الداخل والخارج لا تؤمن بالانتخابات، ولن توافق على نتائجها إلا إذا كانت في صالحها، وهي تعلن هذا صراحة، وفي أكثر من مناسبة، وللأسف لم نر موقفا أو حتى إدانة من الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي لهذه الأطراف.
هل يمكننا القول إن مساعي البعض لإنشاء حكومة ثالثة بعيدا عن حكومتي الدبيبة وباشاغا فشلت تماما؟
الشعب الليبي لا يريد حكومات مؤقتة متعاقبة، بل يريد دستورا وانتخابات تزيل الوجوه الموجودة في المشهد السياسي، وفي حالة كان هناك إصرار من بعض الأطراف "المهزومة" على تشكيل هذه الحكومة (الثالثة) فإني أتوقع حدوث حرب أخرى في ليبيا هذه المرة - لا سمح الله.
هل تعتقدون أن باشاغا ربما يحاول مُجددا دخول العاصمة طرابلس؟ وماذا لو كرّر تلك المحاولة بالفعل؟
في الحقيقة؛ لقد استغربت محاولته السيطرة على السلطة بإشعال حرب في طرابلس وقع ضحيتها مئات من الأبرياء بين قتيل وجريح، وهو مَن كان في يوم من الأيام في صفوف المدافعين عن العاصمة في حرب سابقة شنّها الانقلابيون، حلفاؤه اليوم.. لكن الصفعة كانت قوية له ولمشروعه، ولو حاول مرة جديدة، هو ومَن يخطط له ومن يؤيده، فأتوقع بأنه سيكون آخر مسمار يُدق في نعوشهم.
هناك تحذيرات من احتمالية تشكيل سلطة قضائية موازية، وذلك في أعقاب توجهات رئيس البرلمان، عقيلة صالح، لتشكيل محكمة دستورية عبر تمرير القانون من خلال البرلمان.. فكيف تنظرون لفكرة تشكيل سلطة قضائية موازية؟
الذنب ليس على عقيلة صالح وحده، بل الذنب الأكبر، والذي لا يغتفر هو ذنب من أحيا هذا الجسم المنعدم "البرلمان" وبث فيه الحياة بالتزوير والتحايل على القانون عبر صفقة الصخيرات، وبالتالي فإن عقيلة يحاول أن يمتلك السلاح الذي فتك به يوما ما لكي يسيطر على كل خيوط اللعبة بحسب مخططه وداعميه.
ومع هذا فأنا أعتقد بأن المتغيرات الدولية والوضع الدولي سيسمح للبعثة الأممية بتجاوز السلطة القضائية مرة أخرى كما تعودت في السابق وفرض أمر واقع جديد، وبالتالي تفشل مساعي عقيلة وداعميه.
ما فرص حل النقاط الخلافية في مشروع الدستور الليبي المنجز عام 2017؟
ليست هناك فرصة لحل النقاط الخلافية أو تجاوزها بوجود مجلسي النواب والدولة، والحل سيكون إما بتدخل المجتمع الدولي وفرض الاستفتاء على مشروع الدستور من قِبل الليبيين، أو بتدخل الشعب الليبي بحراك جديد مُتمثل في انتفاضة أخرى تمسح هذه الأجسام من على وجه الخارطة السياسية وتفرض سيادتها ثم دستورها.
برأيكم، ما التنازلات المطلوبة من كل الأطراف من أجل إنهاء الأزمة؟
بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على الانقسام السياسي وتجربة كل الحلول واستنفاد كافة المحاولات والجهود ومعرفة المعرقلين والمتشبثين بالسلطة فليس هناك من تنازلات مطلوبة من طرف ما، بل المطلوب هو إنهاء هذه الأطراف "وبأي طريقة كانت"، لكي تستقر ليبيا.
إلى متى سيستمر الخلاف الليبي من وجهة نظركم؟
من خلال رؤيتنا للعديد من التجارب في المنطقة العربية (لبنان، العراق، اليمن، سوريا ... )؛ فالخلاف الليبي مثله مثل أي خلاف في باقي البلدان المذكورة سيستمر ما دامت الأطراف الإقليمية والدولية لم تتفق أو يتغلب أحدها على الآخر. والظروف الدولية الآن مناسبة للاستقرار في ليبيا في ظل أزمة الطاقة وحاجة أوروبا للغاز من ليبيا ومن وسط أفريقيا عبر ليبيا، فهذا الأمر ربما يدفع الدول الفاعلة في المشهد الدولي، وبالذات الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما، إلى فرض حالة من الاستقرار في ليبيا بالانتخابات أو بدونها.