صحافة دولية

موقع بريطاني: تراس هي رئيسة وزراء "الأوليغارشية"

قال الصحفي جورج مونبيوت إن ليز تراس تنتمي إلى النيوليبرالية المتطرفة- فيسبوك
قال الصحفي جورج مونبيوت إن ليز تراس تنتمي إلى النيوليبرالية المتطرفة- فيسبوك

نشر موقع "دابل داون نيوز" فيديو للصحفي جورج مونبيوت انتقد فيه رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس التي يرى أنها دمية تتلاعب بها مجموعات الضغط لتحقيق مصالح شركات ومتنفذين أجانب.


وقال الصحفي جورج مونبيوت، في الفيديو الذي ترجمته "عربي21"، إنه يمكن النظر إلى الوضع في بريطانيا على أنه لمحة عما يمكن أن يحدث عندما يسيطر أتباع النيوليبرالية المتعصبون على الحكومة لتحقيق مصالحهم الخاصة.

 

 

 

 

وستكون النتيجة انهيار العملة والاقتصاد بين عشية وضحاها، فهؤلاء السياسيون الذين يدّعون الوطنية يعملون في الواقع على تقويض مكانة هذه الأمة من الازدهار والرخاء إلى الفقر والبؤس والفوضى، بحسب ما ذكره الصحفي.


وتنتمي كل من ليز تراس وكواسي كوارتنغ إلى النيوليبرالية المتطرفة التي ظهرت لأول مرة في أواخر الثلاثينيات، لكن لم يعرها أحد اهتمامًا كبيرًا حتى بدأت في تلقي أموال من بعض الأوليغارشية، وبدأت وسائل الإعلام المملوكة من قبلهم في الدفاع والترويج لهذا التوجه السياسي حتى أصبح واقعًا وجزءًا من الحياة السياسية.


وذكر الصحفي أن الفكر النيوليبرالي كان الأيديولوجية المهيمنة في هذا البلد على مدى السنوات الأربعين الماضية تحت إدارة كل من ثاتشر وبلير، وهدفه تقليص دور الدولة ونقل الخدمات العامة للقطاع الخاص ومنع النقابات العمالية من ممارسة سلطتها، وتغيير منظور الشعب من مواطنين إلى مجرد مستهلكين، لتصبح لمكاسب السوق الأسبقية على الديمقراطية، ويتولى الأقلية من أصحاب النفوذ والمليارات السيطرة على هذا النظام.


وأشار إلى أن هذا الوضع استمر لمدة 40 عامًا، حيث تعد تراس وكوارتنغ الأكثر تطرفًا بين دعاة النيوليبرالية في الحكومة الحالية.

 

وقال: "لقد تلقوا تعليمهم في أكبر مؤسسات الفكر النيوليبرالية مثل معهد الشؤون الاقتصادية ومعهد آدم سميث وتحالف دافعي الضرائب، التي تعود أصول بعضها إلى مؤسسي النيوليبرالية ومموليها لتحول هذه المنظمات الفكر الهامشي إلى تيار سائد".

 

وتابع: "كما يتبع العديد من مستشاريهم المهمين مثل روث بورتر وماثيو سنكلير وكارولين إلسون مراكز الفكر المذكورة التي ترفض الكشف عن مموليها".


ولفت مونبيوت إلى أن هذه الفئة لم تعد تضغط على الحكومة بل أصبحت هي نفسها تمثل الحكومة.

 

اقرأ أيضا:  خبير اقتصادي: هكذا تسببت تراس بكثير من الضرر في غضون أيام

 

ورغم ادعاء هذه المراكز أنها ذات فكر مستقل يهدف لتقديم سياسة أفضل للبلاد، إلا أنها في الواقع مجموعات ضغط تعمل نيابةً عن أصحاب النفوذ والشركات التي تموّلهم، بحسب الصحفي.

 

وفي كثير من الأحيان، تحدث تسريبات ونكتشف من كان يدفع لهم مثل شركات النفط وأصحاب المليارات الأمريكيين، حيث يثير ذلك تساؤلات عن العلاقة بين الجهات الممولة والمناصب التي يتقلدها هؤلاء السياسيون، وكيف يحاولون إعفاء الأغنياء من دفع الضرائب، ومنع تنظيم الصناعة وتقويض النقابات العمالية.

 

والأمر المذهل الذي تشترك فيه البي بي سي مع جميع وسائل الإعلام تقريبا، وفقا للصحفي البريطاني، هو دعوة هؤلاء الناس في برامجهم طوال اليوم دون أن يُطرح عليهم سؤال يتعلق بمصادر تمويلهم والجهات التي يمثلونها.


وأفاد: "عندما نرى الوضع الاقتصادي المالي والكارثة الاجتماعية التي أحدثها هذا الفكر النيوليبرالي المتطرف، لا يقع اللوم فقط على تراس وكوارتنغ، بل أيضًا على هذه الصحافة الثرية ومراكز الفكر التي تدعمهم".


ورأى الصحفي أن هذه الكارثة الاقتصادية التي تتسبب بها الحكومة عن عمد ستنتهي بتسليط ضغط كبير على المالية العامة مما يعطي الحكومة الفرصة لخصخصة الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات العامة بدعوى أنه لا تتوفر الأموال لتحمّل تكلفتها، لكن نظام الخصخصة شديد الخطورة اقتصاديا واجتماعيا وليس فقط سياسيًا.


ولفت إلى أنه خلال الأعوام التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، اعترفت الحكومات في كل مكان أنه لمنع عودة الفاشية لا بد من ضمان تلبية احتياجات الناس والأمن اقتصادي، ويجب التأكد من توفر خدمات عامة جيدة تلبي احتياجات الصحة والتعليم.

 

واعتبر أن الحكومات تعلم أنه إذا توفرت هذه المتطلبات فلن يستسلم الناس للفاشية ولن يمكن خداعهم بسهولة إذا لم يكونوا في حاجة ماسة إلى حل، ذلك أن الفاشية تتغذى بالأساس على يأس الناس.


ولكن هذا الدرس أصبح طيّ النسيان مع تقدم النيوليبرالية التي دعمتها ثاتشر وريغان وغيرهم من المقلدين حول العالم الذين مزقوا شبكة الأمان الاجتماعي.

 

ويأتي الخطر عندما يعود الفاشيون متظاهرين بالقضاء على الفساد وأنهم الحل للمشاكل المستعصية ولكنها بالطبع كذبة أخرى لأنه لا يوجد فاشي غير مدعوم من الأوليغارشية، وفقا لمونبيوت.

 

وحسب الصحفي، يكمن الخطر عندما لا تتوفر بدائل حقيقية وقابلة للتطبيق للبرنامج الكارثي الذي تفرضه الحكومة الحالية، عندها سيتحول الناس إلى الاتجاهات المناهضة لها التي تمثلها الفاشية.


ومضى بالقول: "لهذا السبب، يجب على أحزاب العمال أن تتوقف عن الإذعان وتقدم مقترحات جذرية لضمان حقوق المجتمع وتأمين الخدمات العامة والأمن الاقتصادي، حيث يجب أن تسعى ليكون لها دور كبديل حقيقي لهذه الحكومة وليس نسخة معدلة منها".

 

وإذا أردنا تحديد قلب الفكر النيوليبرالي فسيكون إنكار الإنسانية والعلاقات البشرية لصالح عمليات البيع والشراء المجردة. إنهم يحاولون زرع فكرة انعدام التعاطف والرحمة والإيثار والخير في الناس، ولكن هذا لا يعكس الطبيعة البشرية الأصلية حتى إن رأيت منها الأنانية والقسوة في بعض الأحيان. لذلك، لا يجب أن ندافع عن هذا الفكر ويجب أن نتّحد ضده، وفقا للصحفي البريطاني.


وختم قائلا إن هذه الكارثة تقع على الحكومة ولكن أيضًا على وسائل الإعلام الكبيرة، التي وفرت منصة ضخمة لهؤلاء المتعصبين النيوليبراليين المجانين الذين قاموا بتدمير وتمزيق الاقتصاد ونسيج الأمة.

 

التعليقات (1)
واحد عميق وممتاز
الجمعة، 07-10-2022 04:09 م
مقال ممتاز وفي العمق