هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال تقرير للكاتبين جيمز أوليفر ونيكولاس غيلبي،
بمجلة أوبزيرفر، إن وثائق سرية كشف عنها النقاب مؤخرا، كشفت عن "حملة خداع
قذرة" قامت بها وزارة الخارجية البريطانية، للتأثير على الانتخابات الإيطالية
عام 1976.
وأوضح التقرير الذي ترجمته
"عربي21"، أنه في السابع من حزيران/ يونيو من عام 1976، بث برنامج شؤون
الساعة الأهم في البي بي سي، واسمه بانوراما، تقريراً حول الانتخابات العامة
القادمة في إيطاليا. قبل أسبوعين من موعد الاقتراع، كان الحزب الشيوعي الإيطالي أكبر
الأحزاب الشيوعية في أوروبا يقف على عتبة السلطة.
أثناء تقديمه لأول مقابلة يجريها زعيم الحزب
الشيوعي الإيطالي إنريكو بيرلينغير مع قناة تلفزيونية أجنبية، وقف دافيد ديمبلبي
أمام صورة لبيرلينغير كتبت عليها عبارة "هل تثقون بهذا الرجل؟". وتأكيداً
على العواقب المحتملة لانتصار الحزب الشيوعي الإيطالي، أخبر ديمبلبي مشاهدي البي
بي سي بأنه إذا صوتت إيطاليا لصالح الحزب فسوف تكون لذلك آثار ممتدة تتجاوز إيطاليا
نفسها.
وكان الذي أجرى اللقاء هو ريتشارد ليندلي، أحد
كبار المراسلين العاملين في برنامج بانوراما. وبينما جلس بيرلينغير يحمل في إحدى
يديه سيجارة وفي الثانية كأساً من الشراب، استجوبه ليندلي حول موقف حزبه من القمع
السياسي في الاتحاد السوفياتي، وحول التزامه بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسأله:
"فيما لو عادت الحرب الباردة ثانية.. فلمن سيكون ولاؤكم؟".
وضغط عليه ليندلي في ما يتعلق بمدى متانة ما
أعلن من استقلال الحزب الشيوعي الإيطالي عن الحزب الشيوعي السوفياتي، مقتبساً من
كلام زعيم الحزب الشيوعي الإيطالي السابق الذي أشار إلى وجود "رابطة من
الفولاذ" بين الحزبين. فأجابه بيرلينغير قائلاً: "إن استقلالنا بكل
بساطة حقيقة واقعة".
سُرت الحكومة البريطانية بالحوار، وكتب بيتر
جوي، المسؤول في وزارة الخارجية يقول لصديق له في روما: "لقد أثار اهتمامنا
إشارة ليندلي إلى آصرة الفولاذ. أفترض أنه لربما أتيحت لك الفرصة للحديث مع ليندلي
قبل المقابلة؟ إذا حصل ذلك، فحسناً فعلت".
ولم يكن اهتمام جوي أكاديمياً، بل كان يرأس
وحدة سرية في دائرة البحث المعلوماتي، الذراع السرية لدعاية الحرب الباردة في وزارة
الخارجية. كانت وحدة التحرير الخاصة التابعة لدائرة البحث المعلوماتي مسؤولة عن
أكثر العمليات حساسية في الدائرة، وتقوم بمهام دعائية حول العالم ضد الشيوعيين وضد
غيرهم ممن كانوا يعتبرون خطراً على المصالح البريطانية. وكانت تلك الوحدة تعمل
بشكل وثيق مع جهاز المخابرات البريطاني إم آي 6.
وتكشف تحقيقات أجرتها المجلة مؤخراً كيف كانت
دائرة البحث المعلوماتي تحرض على ارتكاب جرائم القتل الجماعي في إندونيسيا في
ستينيات القرن العشرين وتشن حملة لتشويه صورة أوغينغا أودينغا، نائب الرئيس الكيني
ذي التوجه اليساري.
والآن تكشف وثائق رفع عنها غطاء السرية مؤخراً
عن أن دائرة البحث المعلوماتي كانت تدير حملة بالتعاون مع المخابرات البريطانية
(إم آي 6) من أجل تقويض صدقية الحزب الشيوعي الإيطالي والتأثير على انتخابات 1976.
وبحسب ما يقوله البروفيسور سكوت لوكاس من جامعة
بيرمنغهام، يبدو أن دائرة البحث المعلوماتي تجاوزت الخط الذي يقضي بأن
"الديمقراطيات لا تتدخل في العمليات الديمقراطية التي تجري في بلدان
أخرى"، ناهيك عن أن "إيطاليا كانت عضواً زميلاً في حلف شمال الأطلسي
(الناتو)، وعضواً زميلاً في المجموعة الاقتصادية الأوروبية، وكانت بلداً
ديمقراطياً".
وتكشف الوثائق التي رفع عنها غطاء السرية إن
مسؤولي السفارة في روما كانوا يحيطون ليندلي علماً بالتطورات أولاً بأول ويسلمونه
مذكرة غير منسوبة لأحد حررتها دائرة البحث المعلوماتي حول الحزب الشيوعي الإيطالي،
تضمنت اقتباساً منسوباً إلى زعيم الحزب السابق بالميرو تالياتي حول "آصرة
الفولاذ" التي زعمت دائرة البحث المعلوماتي أنها مازالت تصف علاقة الحزب
الشيوعي الإيطالي مع السوفييت.
وكانت هيولين دنلوب، المسؤولة في وحدة التحرير
الخاصة التي أرسلت إلى روما للعمل ضمن الحملة، قد أفادت بأن المراسل الصحفي كان
ينوي في لقائه مع بيرلينغير طرح عدد من الأسئلة غير المريحة.
فيما بعد، لاحظ جوي باغتباط أن "ليندلي
نجح في إثارة حفيظة بيرلينغير – وخاصة في ما يتعلق بمسألة الناتو".
وطبقاً لرئيس دائرة البحث المعلوماتي راي
ويتني، فإن ورقة الإفادة غير المنسوبة لأحد كانت "منجماً من المعلومات
الأساسية حول الحزب للاستخدام من قبل أهل الثقة من المعارف". وكان يقال
للصحفيين إنها حصيلة جهد الدبلوماسيين، "ولكن يُسمح لنا على أساس شخصي
توفيرها للناس الذي قد يجدونها مفيدة".
وزودت تلك المادة ليندلي ببحث بذل فيه جهد كبير
حول الحزب الشيوعي الإيطالي، تضمن اقتباسات من مصادر مختلفة من الممكن استخدامها
ضد بيرلينغير. تشير الوثائق إلى أن ليندلي لم يكن معروفاً لدى العاملين في الدعاية
ولم يكن لديه معرفة بمن كان يقف من وراء الإفادات. وكانت نفس المواد قد سلمت
لمراسلين أجانب يعملون لصالح الفاينانشال تايمز والواشنطن بوست.
تماماً كما أن كثيراً من المراقبين يخشون الآن
من أن الحكومة اليمينية الجديدة في إيطاليا قد تكون لينة مع روسيا برئاسة بوتين
وتعيق جهود الاتحاد الأوروبي، كان المسؤولون البريطانيون في منتصف سبعينيات القرن
العشرين يخشون من مآل مشابه فيما لو انضم الحزب الشيوعي الإيطالي إلى ائتلاف ما.
وكان الحزب الشيوعي الإيطالي قد فاز في
الانتخابات المحلية التي نظمت في عام 1975 بحوالي 33 بالمائة من الأصوات، فجاء
مباشرة بعد الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم، إذ إنه نجح في جذب الدعم من خلال مهاجمته
للفساد والنأي بنفسه عن موسكو والتعهد بالالتزام بالديمقراطية والحرية والتجارة
الحرة. بل ووعد بيرلينغير بالتكيف مع الناتو ومع المجموعة الاقتصادية الأوروبية.
حصل انقسام داخل وزارة الخارجية البريطانية حول
مدى صدق الحزب الشيوعي في ذلك. فقد رأي البعض أن قيادة بيرلينغير منحت فرصة
"الجائزة المتلألئة" – والمتمثلة في سلخ حزب شيوعي أوروبي عن موسكو –
بينما رأى آخرون أن الحزب الشيوعي الإيطالي ما هو سوى ذئب في لباس حمل.
في الواقع، أخبر فاسيلي ميتروخين، عميل
المخابرات الروسية الهارب، المخابرات البريطانية فيما بعد بأنه بينما استمرت موسكو
في تمويل الحزب الشيوعي الإيطالي إلا أن السوفييت كانوا ممتعضين من بيرلينغير،
ومثلهم مثل دائرة البحث المعلوماتي، سعوا إلى تشويه سمعته والنيل من صدقيته.
اقرأ أيضا: ما تأثير الانتخابات البرلمانية بإيطاليا على الاتحاد الأوروبي؟
فبسبب الذعر من انزلاق إيطاليا نحو اليسار، طلب
مسؤولو وزارة الخارجية البريطانية في تشرين ثاني/ نوفمبر من عام 1975 من دائرة
البحث المعلوماتي استهداف بيرلينغير وحزبه وفضح التناقض القائم بين الصورة
الديمقراطية الجديدة للحزب الشيوعي الإيطالي والتزامه الرسمي بالماركسية
الليلينية.
وحينذاك لاحظ دبلوماسي بريطاني كبير "أننا
لا نريد أن تصل الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية إلى السلطة بأي شكل من
الأشكال، وينبغي أن يستمر صدهم بكل الوسائل الممكنة". وصرح السفير البريطاني
في روما بأنه فيما لو دخل الحزب الشيوعي الإيطالي إلى الحكومة فسيكون ذلك مفجعاً.
وفي نيسان/ أبريل من عام 1976، قام رئيس
الوزراء البريطاني الجديد جيم كالاهان بتعيين أنطوني كروسلاند خلفاً له كوزير
للخارجية. تظهر الملفات التي رفع عنها غطاء السرية أن المسؤول الكبير في وزارة
الخارجية السير مايكل بوليزار أخبر وزير الخارجية الجديد بأنه لم يفت الأوان لمنع
الشيوعيين من الوصول إلى السلطة في إيطاليا، ووعد بتزويده ببعض المقترحات. كان لدى
وزارة الخارجية من الأسباب ما يجعلها تتوقع مباركة كروسلاند للخطوة، وذلك أنه
بوصفه ديمقراطياً اجتماعياً ملتزماً كان قد عارض الشيوعية السوفياتية وله كتابات
ينتقد فيها الشيوعية الأوروبية.
ثم بعد خمسة أيام من إعلان موعد الانتخابات
الإيطالية، تقدم المسؤولون البريطانيون بما أطلقوا عليه "خيارات من أجل
التصرف"، وذلك في ورقة بعثوا بها إلى كروسلاند، وحذروا فيها من أن مشاركة
الحزب الشيوعي الإيطالي في الحكومة "بات احتمالاً بالغ الخطورة" وأنه
فيما لو حقق الحزب "الأغلبية من خلال المشاركة ... بما يسمح له باستلام
السلطة بشكل كامل، فلربما توجب اعتبار الوضع غير قابل للتدارك من قبل الحلفاء في
الناتو والشركاء في المجموعة الأوروبية".
وتم رفض خيار "الانقلاب الجراحي
النظيف" باعتباره "غير واقعي"، مع أنه "في الظروف
المناسبة"، كما خطر ببال المسؤولين، فإنه يمكنهم تشجيع الحكومة الإيطالية على
قمع الحزب الشيوعي الإيطالي، واقترحوا أن "الأمر قد يستحق" إعداد
المبررات لذلك. إلا أن المسؤولين نصحوا بأنه من الممكن "تنظيم حملة" ضد
بيرلينغير والحزب الشيوعي الإيطالي، وأوصوا "بمزيد من العمل في حقل الدعاية،
علانية وبشكل سري في نفس الوقت، من أجل النيل من مصداقية الحزب الشيوعي
الإيطالي".
وبينما كان المسؤولون ينتظرون موافقة كروسلاند،
كما تكشف الوثائق، بدأت دائرة البحث المعلوماتي في تنفيذ العمليات السرية. وتم
انتداب دانلوب من وحدة التحرير الخاصة إلى روما لاكتشاف السبل الكفيلة بالتأثير
على الرأي العام الإيطالي نحو دعم "الأرضية الوسط في الفترة التي سبقت تنظيم
الانتخابات".
وبدأت النقاشات حول الأساليب التي يمكن
انتهاجها. فاقترح أحد مسؤولي دائرة البحث المعلوماتي أن ذلك "قد يكون من خلال
ترويج شائعة" تقول إن آلتو أديجه، وهي منطقة شمالية نقلت إلى السيادة
الإيطالية بعد الحرب العالمية الأولى، تنوي فيما لو فاز الحزب الشيوعي الإيطالي في
الانتخابات إعلان استقلالها أو الانضمام إلى النمسا.
كانت دائرة البحث المعلوماتي تريد من البي بي
سي بث تعليق غربي حول "التطورات السياسية الإيطالية" إلى المستمعين عبر
إذاعتها الناطقة باللغة الإيطالية، وأفادت أن البي بي سي "تبدو مستعدة جداً
للتعاون".
ولكن في روما، كان الدبلوماسيون في السفارة
البريطانية يخشون من "أن التوجيه المباشر للمادة" قد يكشف عن "دور
حكومة صاحبة الجلالة" في الأمر، كما كتبت دنلوب. ولهذا ضمنت تلك الحساسيات
ضلوع المخابرات البريطانية (إم آي 6) في عمليات دائرة البحث المعلوماتي، والتي تم
التخطيط لها بالتعاون مع جواسيس بريطانيا. تكشف مذكرة سرية عن أن دائرة البحث
المعلوماتي وجهاز مخابرات إم آي 6 عرضا التعاون فيما بينهما. فطلب جوي من جواسيس
بريطانيا تزويده بمعلومات استخباراتية سرية عن زعماء الحزب الشيوعي الإيطالي، وعن
علاقاتهم بموسكو وبالتمويل السوفياتي، وعن أي المنصات الإعلامية هي الأكثر استخداماً
من قبل الناخبين المتقلبين.
وتكشف وثائق أخرى عن أن عميلاً مخضرماً يديره
رئيس وحدة إم آي 6 في سويسرا تيري أوبريان تير جند السياسي السويسري اليميني
فرانكو ماسوني لنشر مواد معادية للشيوعية في مجلة غازيتا تيتشينيزه. عرض ماسوني
توزيع ستين آلف نسخة من المجلة عبر الحدود السويسرية مما وفر منصة إعلامية سرية
لوحدة البحث المعلوماتي داخل إيطاليا. كما وافق "عميل" أوبريان تير على
طباعة كتيب يشرح كيف استغل الشيوعيون العملية الديمقراطية في تشيكوسلوفاكيا
للاستيلاء على السلطة في عام 1948.
كانت العملية البريطانية بالغة الحساسية، وقبل
بضعة شهور من ذلك تم الكشف في الصحافة الأمريكية عن أن وكالة المخابرات الأمريكية
السي آي إيه مولت أحزاباً سياسية إيطالية. وكان دافيد ليبسي، المستشار السياسي
لكروسلاند، قد حذر بريطانيا من أنه "لا يمكن لها أن تتوقع بأن يلتزم الحزب
الشيوعي بالقواعد الديمقراطية إذا ما لجأنا نحن إلى ممارسة الخداع القذر".
وكتب يقول: "لو منحنا الشيوعيين حبلاً أطول فلعلهم يثبتوا به براءتهم أو
لربما شنقوا به أنفسهم." وأضاف محذراً أن "عملية الاغتيال خارج
القانون" تهدد بالإضرار "بمصداقيتنا الديمقراطية وليس مصداقيتهم".
وقبل الانتخابات بما يزيد قليلاً عن شهر واحد،
عُقد اجتماع لمناقشة خيارات وزارة الخارجية للتصرف داخل إيطاليا. أخفق بوليسار
وكبار زملائه في إقناع كروسلاند بقبول توصياتهم، ولم يتم اتخاذ أي قرار سواء في
هذا الاتجاه أو ذاك.
نصح ليبسي ويتني، رئيس دائرة البحث المعلوماتي،
بعدم توزيع ورقة الدائرة حول الحزب الشيوعي الإيطالي خارج نطاق الجهاز الدبلوماسي.
وفي اليوم التالي، التقى كروسلاند بزملائه في الوزارة واتفق معهم على أنه يتوجب
على بريطانيا "عدم إصدار أي تصريحات عامة أو تحذيرات خاصة من شأنها التأثير
على نتيجة الانتخابات".
ومع ذلك مضت عمليات دائرة البحث المعلوماتي
قدماً في داخل إيطاليا، مستفيدة فيما يبدو من تردد كروسلاند البين. يكشف محضر جلسة
لدائرة البحث المعلوماتي مؤرخة في الثالث من حزيران/ يونيو 1976 عن أنه في لقاءً
ترأسه ريتشارد سايكس، الذي كان يشغل حينذاك منصب نائب وكيل وزارة الخارجية لشؤون
أوروبا، تم الاتفاق على أن "الاستمرار في النشاط المعلوماتي غير المنسوب
لأحد" لا يتطلب "موافقة من قبل الوزير".
وقال ليبسي: "ما كان لأحد أن يظن بأن الأمر
ما كان يجب أن يصل إلى كروسلاند. كان يتوجب على دائرة البحث المعلوماتي أن تعمل
بناء على تعليمات وزير الخارجية في حينه." وقال إنه على قناعة بأن كروسلاند
لم "يعط الإذن بالمضي قدماً في حملة من هذا النوع".
أما اللورد دافيد أوين، الذي خلف كروسلاند في
منصب وزير الخارجية عام 1977، فقال في تصريح للأوبزيرفر: "لسنا بحاجة لأن
نقول إنه ينبغي على السياسيين الديمقراطيين عدم التدخل سراً في الانتخابات التي
تنظمها الديمقراطيات الأخرى".
وكان قد تم توزيع ورقة دائرة البحث المعلوماتي
حول الحزب الشيوعي الإيطالي على "المعارف المهتمين" بناء على "ما
تراه" كل سفارة بعينها. وأصدرت السفارة البريطانية في روما نشرة تحتوي على
تعليقات صحفية بريطانية على الانتخابات كانت بالمجمل منحازة ضد الحزب الشيوعي
الإيطالي.
ومن روما بعثت دنلوب باقتراحات لمقالات، بما في
ذلك مقارنة ارتفاع شعبية الحزب الشيوعي الإيطالي بصعود بنيتو موسوليني. وبعث جوي
إلى معارفه في الصحافة بمقالات ضد الحزب الشيوعي الإيطالي صاغتها دائرة البحث
المعلوماتي، مسلطة الضوء على انعدام النزاهة لدى بيرلينغير والشيوعيين، بالإضافة
إلى عدد من المواضيع الأخرى المعادية للشيوعية.
بعد نشر مقالة بقلم الوزير العمالي السابق
اللورد تشالفونت في صحيفة ذي تايمز حول الخطر الشيوعي على الديمقراطية وكيف يمكن
أن يؤدي انتصار الشيوعيين في إيطاليا إلى طردها من الناتو، دعت دنلوب إلى نشر
مقالة أخرى لتفنيد "الحجج التي يستند إليها الحزب الشيوعي الإيطالي".
وفي مقابلة بعد يومين، فند اللورد تشالفونت حجج الحزب الشيوعي الإيطالي مستخدماً
نفس الأفكار التي زوده بها جوي.
أفادت دنلوب بأن ورقة دائرة البحث المعلوماتي
حول الحزب الشيوعي الإيطالي تم تمريرها إلى الحزب الديمقراطي المسيحي، والذي ينوي
توزيع نسخاً منها على مرشحي الحزب قبل الانتخابات".
قبل أسبوع من الانتخابات، تم توزيع نشرتين
مزورتين زُعم أنهما صادرتان عن وكالة الأنباء السوفياتية نوفوستي.
وقال دنلوب إن الغاية منهما فيما يبدو كانت
"إثبات أن السوفيات يسعون للتلاعب بالانتخابات" وأنهم "ربما ساهموا
بدرجة ما في تعزيز الصوت لصالح الديمقراطيين المسيحيين". ومع أن مصدر النشرات
المزورة غير معروف إلا أن دائرة البحث المعلوماتي كانت من قبل قد أنتجت ما لا يقل
عن أحد عشر نشرة مزورة منسوبة لوكالة نوفوستي. قال جوي إنها "كانت بوضوح ناجحة
جداً وقدمت دروساً مهمة للمستقبل".
وشهد يوم الاقتراع تأرجحاً نحو اليسار إلا أن
الديمقراطيين المسيحيين خرجوا من الانتخابات وهم الحزب الأكبر. فيما بعد أفادت
دنلوب بأن التطور المهم كان "الحملة الفعالة والذاتية إلى حد كبير" من
قبل الصحافة الإيطالية التي نبهت الإيطاليين "إلى مخاطر التصويت لصالح الحزب
الشيوعي الإيطالي وتمكينه من الوصول إلى السلطة". وكتبت تقول إن عمليات دائرة
البحث المعلوماتي ضد الحزب الشيوعي الإيطالي كانت "إجراء اللحظة
الأخيرة" وأنها "لم يكن لها سوى تأثير محدود".
وقال جوي إن الانتخابات "أكسبتنا حيزاً
قصيراً للتنفس تمكنا خلاله من الإعداد للجولة الثانية في إيطاليا". ولكن
العملية السرية كانت آخر "مهمة سوداء" كبرى تقوم بها دائرة البحث
المعلوماتي ووحدة التحرير الخاصة التابعة لها، ففي العام التالي أمر وزير الخارجية
دافيد أوين بإغلاق دائرة البحث المعلوماتي.