حول العالم

اليابانيون يلجأون لحلول "فريدة" لاتقاء موجات الحر التاريخية

رأى الدكتور أوكا أن سترات التبريد يمكن أن تكون وسيلة مفيدة للتكيف مع الحرارة المرتفعة- كرستين روو
رأى الدكتور أوكا أن سترات التبريد يمكن أن تكون وسيلة مفيدة للتكيف مع الحرارة المرتفعة- كرستين روو

ابتكر اليابانيون وسائل "فريدة" للاتقاء من موجات الحر التي تضرب البلاد مؤخرا، في أوقات مبكرة أو غير متوقعة أحيانا، بحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

 

ورغم ذلك لا يزال ارتداء الأقنعة في اليابان منتشرا في كل مكان، حتى في الهواء الطلق، وفي أيام تتجاوز فيها الحرارة 35 درجة مئوية مع رطوبة عالية، بحسب ما ذكرته كاتبة التقرير كريستين روو.


ويلجأ اليابانيون إلى وسائل تبريد شخصية جديدة، خصوصا في ظل التأثير السلبي لأجهزة التكييف على البيئة والتغير المناخي، كما ابتكروا أنواعا من الكمامات تعد بتوفير الراحة وتساعد على تحمل درجات الحرارة.

 

كمامات تبريد


وذكرت كاتبة التقرير أن إحدى هذه الكمامات، مزودة بزيت المنثول والأوكالبتوس، لكن المشكلة هي أن التعود على هاتين المادتين القويتين يحتاج إلى بعض الوقت، وليس فقط بسبب الرائحة النفاذة التي تشبه رائحة دواء السعال، مضيفة "لكن كنت أشعر ببرودة في وجهي".


والمنثول هو زيت طيار ذو رائحة عطرية مميزة، وهو مركب عضوي موجود في بعض النباتات العشبية، ويستخرج غالبا من النعناع أو عشبة الفليو، ويعتبر نوعا من الكحول الثانوي المشبع.

ولفتت روو إلى أن ذراعها كافحت الحرارة باستخدام مناديل مبردة خاصة، تتسبب بالشعور بخدر قوي بشكل مدهش في الجلد.


وهذه ليست سوى بعض المنتجات الشخصية المذهلة المخصصة لمكافحة الحر، والتي تباع في المدن اليابانية حيث الصيف حار ورطب للغاية، وفقا للكاتبة.

 

عوامل حر أخرى

 

وإضافة إلى الحر الطبيعي، يؤدي الاعتماد على المباني الشاهقة في المدن اليابانية إلى الحد من مساحات الظل، ويزيد من حدة تأثير الجزر الحرارية الحضرية (وهي المناطق التي ترتفع حرارتها بسبب التدخل البشري) إذ تمتص المباني والطرق الحرارة، وتحتفظ بها، وتصبح أكثر سخونة بشكل ملحوظ من المناطق المحيطة بها حيث يوجد الظل أو المساحات الخضراء.


وأكد الباحث المختص بالمناخ الدكتور كازوتاكا أوكا، ارتفاع درجة الحرارة في طوكيو بمقدار 3 درجات مئوية خلال القرن الماضي. لكن درجة واحدة منها يعزى السبب في ارتفاعها إلى التغير المناخي، في حين يعود الارتفاع بمقدار درجتين مئويتين إلى تأثيرات ما يسمى بجزيرة الحرارة الحضرية.

 

ويكتسب استخدام مكيفات الهواء أهمية بالغة في اليابان، ويعتبر إنقاذا للأرواح مع الارتفاع المستمر في درجات الحرارة.

 

وقال الدكتور أوكا إن "تكييف الهواء هو أحد العوامل المسببة لجزيرة الحرارة الحضرية".

 

وهذا يستدعي حاجة ملحة لطرق تكييف أكثر كفاءة باستخدام الطاقة، وإلى البحث عن مزيد من مصادر الطاقة المتجددة.

  

والدكتور أوكا، هو المسؤول عن تقصي تأثيرات الحر على الصحة وسبل التكيف معه في "مركز التكيف مع تغير المناخ"، وهو جزء من المعهد الوطني للدراسات البيئية في مدينة تسوكوبا اليابانية.

 

 

 

سترة بمروحتين

 

وذكرت المراسلة أنه "بينما كنت أتحدث إلى الدكتور أوكا في المعهد، كان عامل فني يقوم بإصلاح المصعد، مرتديا سترة مزودة بمروحتين صغيرتين".


وقالت إن "هذا المشهد على غرابته شائع في اليابان، وهو ينتشر بشكل متزايد"، فمنذ عام 2019، الذي أعقب موجة حر شديدة في البلاد، ازدادت شعبية المراوح الإلكترونية الصغيرة المحمولة باليد.


واقترن انتهاء موسم الأمطار في وقت مبكر أيضا بانخفاض احتياطيات الطاقة، ما دفع الحكومة إلى مناشدة السكان تقليل استخدامهم للكهرباء. 


ومنذ موجة الحر الشديدة في حزيران/يونيو الماضي، شهدت اليابان انفجارا في استخدام منتجات التبريد الشخصية، بما في ذلك المظلات التي تحجب الأشعة فوق البنفسجية، ومحارم تبريد الوجه المزودة بمادة هلامية.


وتغص الأسواق اليابانية بمنافذ مختصة ببيع منتجات تبريد شخصية تستهدف الأطفال وراكبي الدراجات والعاملين في الهواء الطلق، بل وتوجد الآن مراوح يمكن ارتداؤها خاصة بالكلاب.

 

ورأى الدكتور أوكا أن سترات التبريد يمكن أن تكون وسيلة مفيدة للتكيف مع درجات الحرارة المرتفعة، لكنه أكد أن التدابير التكنولوجية ليست حلا سحريا، مشيرا إلى أن المنتجات التي تستخدم الرذاذ والفعالة في التبريد، يشتكي البعض من أنها ترفع الرطوبة.


وقالت كاتبة التقرير: "اشتريت سترة مزودة بمراوح بسعر يعادل نحو 19 دولارا من أحد المتاجر التي تبيع كل شيء تقريبا، لكن حين أرتديها كنت أشعر بثقل حول رقبتي".

 

وأضافت: "في حرارة 38 درجة مئوية، خلال موجة الحر الثانية في صيف 2022 في اليابان، كان ما تفعله المراوح هو تحريك الهواء الساخن من حولي".

 

مناشف التبريد

 

 

 

ووجد اختبار لمناشف التبريد، والتي من المفترض أن تُبلل بالماء قبل ارتدائها على الجلد مباشرة، أن درجة حرارة الجسم انخفضت على الفور بمقدار 1.8 إلى 2.8 درجة مئوية، وهذا يعني أنها يمكن أن توفر بعض الراحة والتبريد الفوريين.


وتحظى هذه المناشف بشعبية كبيرة في اليابان مع الأجواء الحارة حاليا، حيث قالت نانا نيهي، البائعة في أحد المتاجر، إن مبيعات المناشف المذكورة ارتفعت هذا العام بنسبة 200 في المئة مقارنة بالسنوات السابقة.

 

اقرأ أيضا:  موجة حر تضرب الصين.. ومحطات "المترو" ملاذ للهاربين من الحرارة

 

حلول أخرى


وقال يوشينوري كاتو، رئيس قسم تطوير المنتجات في شركة "شوا شوكاي" إنه كانت هناك ثلاث مراحل متميزة بالنسبة للاتجاهات الرائجة في مبيعات الشركة.

 

وتعمل "شوا شوكاي" طوال السنوات الـ 21 الأخيرة على صنع مجموعة دائمة التوسع من التدابير المضادة لارتفاعات الحرارة.

 

وأوضح أن منتجهم الأول كان عبارة عن أقراص ملح، وذلك استجابة لتقارير أفادت بأن عمال البناء الذين يعانون من الجفاف، كانوا يلعقون التربة للحصول على الملح اللازم لأجسامهم، والمرحلة الثانية كانت تطوير وسائل التبريد المحمولة والبخاخات، أما المرحلة الحالية فتركز على المنتجات التي تبرد الأفراد بدلا من البيئات.

 

وأكثر المنتجات شيوعا الآن هي السترات ذات المراوح المدمجة فيها، ولكن بعد تخطي درجة الحرارة الـ 35 درجة مئوية، تصبح لهذه المراوح نتائج عكسية بسبب جلبها الهواء الساخن.

 

وأفاد كاتو أنه "لمواجهة ذلك، نحتاج إلى منتج يمكنه تبريد الجسم مباشرة".


وفي حين أن هذا يمكن أن يكون له - على غرار مكيفات الهواء - تأثير سلبي على تسخين البيئة الخارجية، قال كاتو إن المنتج يمكن أن يعمل في درجات حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية، وفي الرطوبة العالية.


ويشكل عمال البناء أو الميكانيكيون نسبة لا بأس بها من مستخدمي منتجات شوا شوكاي، حيث بيّن كاتو أن العديد من الأشخاص أخبروا الشركة أنهم بحاجة إلى شيء أكثر مرونة.

 

وفي الواقع، عندما ارتديت السترة وأنا أتنقل في مكتب شوا شوكاي، دهشت من مدى المرونة التي تتميز بها عند الحركة.

  

ولكن، سيكون على هذه التحسينات على ملابس التبريد مواجهة المفاضلة بين قابليتها للحمل والتنقل من جهة، وبين قوة مصدرها للطاقة وطول فترة الاستخدام من جهة أخرى.


البطارية المحمولة التي تشغل هذه السترة، هي بحجم شاحن صغير، ويمكن وضعها في الجيب بسهولة، وحاليا يمكنها العمل بكامل طاقتها لثلاث ساعات ونصف الساعة فقط.


ونظرا لعمر البطارية القصير وسعرها البالغ 30 ألف ين (نحو 216 دولارا)، فهذه المنتجات مناسبة أكثر للارتداء لفترات قصيرة، ويمكن أن يشتريها أصحاب العمل، وليس العمال اليدويين أنفسهم.


وأكد عامل بناء يعمل لحسابه الخاص، أنه أثناء العمل يستخدم سترة مع مراوح ومزودة بكيس ثلج، لكن البطارية باهظة الثمن، وعليه أن يشتري مثل هذه الأجهزة بنفسه، لذا فهو يستخدمها فقط في الأيام الحارة جدا.

 

ومن المهم هنا أن نضع في اعتبارنا محدودية هذه التكنولوجيا، كما سيكون من غير المجدي أن يلجأ أصحاب العمل إلى استخدام هذه التكنولوجيا كطريقة لضمان إنتاجية العمال، بدلا من تنظيم حجم العمل وفترات الاستراحة في الأوقات التي ترتفع فيها درجات الحرارة بشدة.


وهناك مشكلة أخرى، وهي أن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة نتيجة الارتفاع الكبير في الحرارة، ليسوا عادة ممن يستخدمون هذه المنتجات على نحو كبير.


وتستخدم أجهزة ووسائل التبريد الشخصية بشكل أساسي من قبل الشباب والعمال اليدويين، رغم أن المتقاعدين وكبار السن هم الأكثر عرضة للخطر مع استمرار درجات الحرارة في اليابان في الارتفاع.

 

ضحايا موجات الحر

 

 

 


وقالت مساعدة رئيس السلامة البيئية في وزارة البيئة اليابانية، واكاكو ساكاموتو، إن معظم الذين ماتوا بسبب الحرارة في طوكيو عام 2021، كانوا في سن 65 وما فوق، وكانوا في منازلهم، ولم تكن أجهزة التكييف مشغلة حينها.


وفي حين لا تتوفر المساحة أو المال اللازمان لدى الجميع للحصول على مكيفات الهواء، فلا يزال هناك العديد من كبار السن الذين لديهم مكيفات هواء في منازلهم، ولكن لا يستخدمونها أثناء فترات الحر الشديد.

 

وأوضحت ساكاموتو: "نحن نطلب بشدة من هؤلاء الأشخاص استخدام مكيفات الهواء".


بدورها، أكدت زميلتها تاكاهيرو كاساي، المسؤولة عن إجراءات معالجة الحرارة في وزارة البيئة، أن بعض وسائل التبريد الشخصية الأكثر استخداما واختبارا تعتمد تقنيات بسيطة جدا نسبيا.


وأشارت إلى أن "المظلة ثبت علميا أنها وسيلة تمنع أشعة الشمس والحرارة. كما أنها تغطي الجسم بالكامل وتمنح حاملها الظل".


وبطبيعة الحال فإن أجهزة التبريد الشخصية هذه، سواء كانت مظلات أو مناشف مبردة أو مراوح يمكن ارتداؤها، يمكن أن تكون وسائل ناجعة لكي يظل المرء على قدر من الراحة وهو خارج المنازل.

 

التعليقات (1)
خالد
الثلاثاء، 30-08-2022 08:26 م
يشكون من 40 درجه! كيف لو جاءوا عندنا في 55 درجه؟! ??