هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استعادت العاصمة الليبية هدوءها عقب اشتباكات دامية نهاية الأسبوع، أسفرت عن مقتل 32 شخصا إضافة لأضرار مادية، بينما استمر التراشق في التصريحات والاتهامات بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المعينة من البرلمان فتحي باشاغا، فيما اتخذ المجلس الرئاسي موقف الحياد، تزامنا مع دعوات دولية وأممية لحل الأزمة في البلاد.
ودعا المجلس الرئاسي الليبي، في بيان له مساء الأحد، الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم من أجل استقرار الوطن وتجنيب البلاد أتون أي حرب محتملة، مذكراً كل من يحمل السلاح بأن "سلاحه موجه لصدور أبناء بلده".
وأكد المجلس الرئاسي، أنه يسير بخطوات ثابتة نحو الاستقرار والمصالحة الوطنية، وأنه لن يفرط في ما حققه من مكتسبات على صعيد إنهاء الانقسام السياسي، وتوحيد المؤسسات.
ومن جانبه، قال عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي في منشور عبر صفحته الرسمية على فيسبوك إن المجلس الرئاسي لن يخذل أبناء الوطن وسيواصل السير نحو الاستقرار والمصالحة الوطنية، الذي قطع فيه خطوات ملموسة.
ودعا اللافي لتجاوز كافة الخلافات من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، والدفع بالبلاد نحو البناء والاستقرار، وصولًا لانتخابات حرة نزيهة.
باشاغا: الدبيبة سفك الدماء
ومن جهته، حمّل باشاغا، منافسه الدبيبة ومستشاريه وعائلته مسؤولية الدماء التي سفكت والأموال التي نهبت بسبب تشبثهم بالسلطة وعدم قبولهم بما وصفه "إرادة الليبيين والتداول السلمي على السلطة".
وقال باشاغا في بيان رسمي إنه "لا يسعى للسلطة وإنما يسعى لإقامة دولة مدنية يسودها القانون" واصفاً حكومة الدبيبة بالعصابة التي تمارس "القمع والإرهاب" في العاصمة طرابلس.
كما أشار إلى أن الدبيبة هو من استغل موارد الدولة ومقدراتها لدعم مجموعات مسلحة، متهمًا إياه بالسعي لترسيخ دولة دكتاتورية تستهدف كل من يعارضها بالقتل والسجن، وفقا للبيان.
ويأتي بيان فتحي باشاغا عقب إصدار المدعي العسكري قرارًا بإلقاء القبض عليه وعلى عدد من المتورطين في الاشتباكات الأخيرة.
الدبيبة.. باشاغا فشل
وقبيل بيان باشاغا مساء الأحد، توعد الدبيبة، في كلمة متلفزة المتورطين بما أسماه "العدوان على طرابلس"، الذي وقع السبت.
وقال في خطابه: "سنلاحق كل من تورط في العدوان الأخير على طرابلس، من عسكريين ومدنيين، ساهموا بالعمل المباشر أو الدعم، وسنسعى لعدم إفلاتهم من العقاب".
واتهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة من يقفون وراء اشتباكات طرابلس بأنهم مطية لأجندات دولية لا تريد الاستقرار لليبيا، وفق تعبيره.
كما وجه الدبيبة رسائل إلى رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، قائلا: "فشل مشروع الحكومة الموازية".
ملاحقة قضائية
وقبل ذلك، أصدر المدعي العام العسكري، خطابا للأجهزة الأمنية المختصة ومصلحة الجوازات بالقبض على رئيس الحكومة المعينة من البرلمان فتحي باشاغا واللواء أسامة جويلي والوزير بالحكومة المعينة من البرلمان عثمان عبد الجليل ورئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان ومنعهم من السفر على خلفية اشتباكات طرابلس.
صوان يستنكر ملاحقته
وردا على القرار، استنكر صوان، في بيان رسمي للحزب، ما صدر بحقه بمطالبة المدعي العسكري بالقبض عليه ومنعه من السفر.
وقال رئيس الحزب الديمقراطي: "أعتبر ما صدر بحقي توظيفا سياسيا معيبا ومخجلا ومنافيا لكل القوانين والأعراف والقضاء العسكري معني بمن يحملون أرقاما عسكرية فقط".
اقرأ أيضا: الدبيبة: سنلاحق كل من تورط بعدوان طرابلس.. وقرارات أمنية
اشتباكات.. وخسائر
وعاشت العاصمة الليبية السبت، أسوأ اشتباكات منذ عامين، حيث أسفرت عن مقتل 32 شخصا وإصابة 159 آخرين، بحسب وزارة الصحة الليبية.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرها الصحفي الليبي حمزة تركية، حجم الدمار الذي لحق بممتلكات المواطنين جراء الاشتباكات التي طالت عددا من الأحياء السكنية داخل العاصمة.
وعلى الصعيد الدولي، أكدت بريطانيا أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة المستمرة بخصوص الشرعية في ليبيا، مشددة على أنه من الضروري للغاية أن تتواصل جميع الأطراف الليبية مع الأمم المتحدة للاتفاق على مسار تجاه إجراء انتخابات حرة ونزيهة وممثلة للجميع، وبدعم من جميع الفاعلين الدوليين.
— 🇬🇧وزارة الخارجية والتنمية البريطانية (@FCDOArabic) August 28, 2022
بدورها، أدانت فرنسا الاشتباكات التي حصلت في طرابلس وأدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى وتدمير البنية التحتية التي طالت بعض المراكز الصحية.
وقالت السفارة الفرنسية لدى ليبيا في بيان لها إن فرنسا تضم صوتها إلى الأمم المتحدة عبر دعوة جميع الأطراف إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه بسبب حدوث اشتباكات عنيفة في العاصمة طرابلس تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية.
ودعا غوتيريش إلى الوقف الفوري للعنف في طرابلس، حاثا الأطراف الليبية على الدخول في حوار حقيقي لمعالجة المأزق السياسي الحالي وعدم استخدام القوة لحل خلافاتهم، كما دعا إلى حماية المدنيين والامتناع عن القيام بأي أعمال من شأنها زيادة حدة التوتر وتعميق الانقسامات.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الأمم المتحدة تظل على استعداد لتقديم المساعي الحميدة والوساطة لمساعدة الأطراف الليبية على إيجاد مسار للخروج من المأزق السياسي الذي يهدد بشكل متزايد الاستقرار في ليبيا الذي تحقق بشق الأنفس وفق تعبيره.