هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت الكاتبة في صحيفة الغارديان روث مايكلصن إن مجموعة حقوقية أصدرت الخميس
تقريرا احتوى على نتائج تحقيق كشف للعيان "العرض المذهل للعنف" الذي
مارسته قوات النظام السوري على المدنيين في داريا قبل عقد.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" قتل
في المجزرة 700 شخص على الأقل، عندما داهمت القوات الموالية لبشار الأسد البلدة
ما بين 24- 26 آب/أغسطس 2012، ومضت القوات من بيت إلى بيت وقتلت واعتقلت الرجال
والنساء والأطفال فيما اختبأ الناس المرعوبون في الغرف التحتية من بيوتهم.
ولإحياء ذكرى المجزرة قام محققون من سوريا أو
من أصول سورية وبدعم من مجموعة سورية بريطانية "سيريان بريتش كونسرتيوم"
بالبحث عن الناجين وشهود العيان الذين توزعوا حول العالم وسجلوا شهاداتهم وحللوها.
وتم تغيير أسماء بعض المحققين لأسباب أمنية.
ويأمل معدو التقرير باستفادة مؤسسات الأمم
المتحدة من التحقيق والقصاص من المسؤولين عن الجريمة.
وجاء فيه: "يسجل التقرير المجازر التي
ارتكبت في داريا بناء على شهادات الشهود والضحايا. للحفاظ على ذاكرتهم وتسجيلها للأجيال المقبلة". و"يقدم أيضا، أنه رغم مرور 10 أعوام وجمع أدلة جوهرية
لا تزال العدالة والمحاسبة تتملص من سكان داريا.
ورغم خيبة أملهم من النظام
الدولي، فقد قدم الشهود شهاداتهم واستعادوا فيها الجرائم الشنيعة التي ارتكبتها
حكومتهم في داريا، وبناء على اعتقادهم أن قصصهم- لا تستحق التسجيل فقط بل وربما
أسهمت في تحقيق المحاسبة والعدالة".
واعتبرت مجزرة داريا في وقتها أسوأ جريمة
يرتكبها النظام في أثناء الحرب الأهلية. في وقت وصفها نظام الأسد بأنها عملية
لمكافحة الإرهاب. ومع ذلك لم يتم الاهتمام بتسجيل تفاصيل الجريمة، باستثناء ذكر
عابر لها في تقرير للأمم المتحدة عن سوريا عام 2013، واعترف أن القوات التابعة
للحكومة هي من ارتكبت الجريمة وطالب بمزيد من التحقيق.
وقالت ياسمين النحلاوي، المتخصصة بالقانون
الدولي ومنع المذابح: "اخترنا التحقيق بالمذبحة لأنها تفكك داريا" و"دخل الجيش في مناوشات من قبل ودخل المدينة وأطلق النار على المتظاهرين،
ولكنها كانت أول حدث كبير قاد إلى دوامة من الحملات المستهدفة ضد المدينة،
المذابح، الحصار والقصف".
وقالت يافا عمر، التي تتذكر أنها سمعت القصف من
بيتها في مركز دمشق: "لو سمحت لهذه الجرائم في سوريا، فستصبح عادية وستحصل في
أماكن أخرى".
وأضافت أن "عمل السوريين هذا سيعبد الطريق
أمام الضحايا في الدول الأخرى واستخدام نفس الوسائل للحصول على العدالة".
وقال شهود العيان إن النظام قام قبل المذبحة
بقصف عشوائي للأحياء في داريا وقتل وجرح المدنيين. وذكر شاهد عيان: "بدأ
النظام بالتصعيد ضد مدينة داريا في اليوم الأول أو الثاني من العيد (19 أو 20
آب/أغسطس)، وأصبح القصف لا يطاق. وكانت هناك قنابل هاون وأسوأ أنواع القصف بأسلحة
لا نعرفها وذات صوت مختلف".
وقال آخر: "علمنا أن الدور على منطقتنا
جاء بعدما توقفت قنابل الهاون". وقال شاهد عيان للباحثين إن المشاهد في
المستشفى بعد الهجوم كانت "مريعة ومثل يوم القيامة" و"كان الجميع
يبحثون عن أعزائهم، ويحاولون الحصول على علاج لهم. وكان الناس يهربون ويختفون..
وتدفق الكثيرون على المستشفى. وكان الجميع يصرخون: أنقذوا هذا الشخص وإلا مات.
والدخول للمستشفى يعني أنك ستشاهد الناس وهم يموتون. وكنت أفكر بأخي وإن كان على
قيد الحياة أم مات. وكان مشهد الدم مرعبا ولا أزال أسمع صراخ الناس وكل واحد ينادي
عزيزا عليه.
وتساءلت إن مات الناس أم بقوا على الحياة لأنهم
توقفوا عن الصراخ". ويقول الباحثون إنهم استطاعوا تحديد هوية القوات الحكومية
والإيرانية وحزب الله التي شاركت في الهجوم، وذلك من خلال الشارات والزي والسلاح.
واستطاع فريق التحقيق تحديد هوية بعض الأفراد المسؤولين.
وكشف التحقيق عن حملة التضليل الإعلامي التي
تعرضت لها مجزرة داريا، بما فيها أدلة عن إجبار مراسلي التلفزيون الحكومي الجرحى على القول إن المعارضة السورية المسلحة هي المسؤولة عن القتل.
وقال المحقق أحمد سعيد،
المولود في داريا إن الجهود للخلط بين الحقائق بشأن ما حدث "كانت أسوأ من
المجزرة نفسها".
واعترف أن توثيق ما حدث في بلدته كان صعبا
"تعتقد أنك قوي وأن هذه القصص لن تؤثر عليك، ولكنك تكتشف أنها تؤثر عليك وإن
بطريقة خفية". وعرض على كل المحققين المساعدة النفسية أثناء التحقيق.
وقال محمد زردة الذي فقد والده وأخاه وابن عم
له إن تقديم الشهادة منحه وسيلة للتعبير عن ذكرياته المؤلمة. ووجد عزاء في التحدث
مع سوريين آخرين يستطيعون فهم تجربته و"أعتقد أنه من المهم التوثيق الرسمي
وتحقيق يقول إن هؤلاء هم المسؤولون ونستطيع إثبات هذا، لكن أهل داريا كلهم يعرفون
من المسؤول".