هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كلما اشتدت الأزمات السياسية في إسرائيل
يدفع الفلسطينيون الثمن، بسبب هذه الأزمات، فهذا الشعب ورقة في حروب الإسرائيليين
بين بعضهم بعضا، يتم السعي لحرقها كل فترة.
بين أيدينا حدثان أساسيان، الأول
العملية الإسرائيلية ضد قطاع غزة وقصف المدنيين، مما أدى الى استشهاد العشرات،
وجرح المئات، وهدم البيوت، في توقيت يتزامن مع أمر ثان، أي الدعوة لاقتحام المسجد
الأقصى اليوم، بموافقة الشرطة الإسرائيلية، في ذكرى ما يسمى خراب الهيكل، والحدثان
يصبان باتجاه صناديق الانتخابات الإسرائيلية، ورئاسة الحكومة.
قبيل انتخابات الكنيست وبسبب أزمة
الحكم في إسرائيل، وفي محاولة من رئيس الوزراء بالوكالة يائير لبيد ووزير الدفاع
بيني غانتس، تحقيق انتصارات قبيل هذه التواقيت، يتم شن هذه العملية المسماة” الفجر
الصادق” ضد غزة، تقليدا لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو من خلال
العملية العسكرية المسماة “حارس الأسوار” والتي شنها في شهر أيار 2021، وعلينا أن
نلاحظ التزامن بين غزة والقدس، في الحالتين، وهذا تزامن لن يأتيَ من فراغ.
هنا تتطابق المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية،
لأهدافها الخاصة بها، مع القرار السياسي، الذي يريد رفع شعبيته قبل انتخابات
الكنيست، ومع جموع المتطرفين المحتلين الذين يتم استقطابهم، من خلال سفك دماء
الفلسطينيين، وتحديهم في غزة والقدس، وكل فلسطين، وهذا يعني انه كلما استجد توقيت
سياسي في إسرائيل، على الفلسطينيين الاستعداد لمحاولة حرقهم.
خط الأزمة الحالية في بدايته، لأن
العملية ضد قطاع غزة، لن تبقى كما يعلن الاحتلال موجهة ضد تنظيم محدد، أو ضد
جماعات بحد عينها، خصوصا، أن اقتحام المسجد الأقصى اليوم، على الطريقة التي جرت
قبل عامين في شهر رمضان، قد يؤدي الى دخول كل الفصائل الفلسطينية، الى المواجهة،
وهذا يعني أن التصعيد اكثر يبدو محتملا جدا، خصوصا، أن الاحتلال يبدأ كل مرة
المواجهة ويشعل النار، لكنه لا يمتلك في حالات كثيرة حد نهايتها، وعلينا أن نفتح
عيوننا على الأقصى اليوم، واحتمالات غدره، بذريعة الصواريخ التي يتم إطلاقها من
غزة.
الأمن الإسرائيلي هش لاعتبارات كثيرة، إذ
على الرغم من استمرار عمليات القصف، والغارات الجوية، إلا أن بنية الاحتلال الإسرائيلي،
لا تحتمل تلقي صاروخ واحد، على أي منطقة في فلسطين المحتلة، وهذا يعني أن جهود
إطفاء النار المشتعلة هذه المرة، قد لا تنجح، بسبب توسع العمليات من جهة، ودخول
القدس على الخط، اليوم، وهنا علينا أن نتوقع توسعا في حدة المشهد، من خلال ثلاثة
عناصر، أولها زيادة عدد الصواريخ التي يتم إطلاقها من غزة، ثانيها دخول تنظيمات
ثانية على الشراكة في الرد برغم محاولات التحييد الإسرائيلي، التي لن تنجح تحت ثقل
المشهد، وثالثها أن علينا أن نتوقع تحولا مختلفا وفقا لما سيجري في القدس اليوم.
أمام هذا المشهد المعقد، تغيب سلطة رام
الله، مثل كل مرة، فهي تتفرج بحياد، وقد تكتفي ببيان شجب، لكنها في بواطنها سعيدة
بالقصف، على أساس أن الأخيرة متمردة وليست بحوزتها.
كلفة السلطة اليوم على الفلسطينيين
اخطر من الاحتلال، خصوصا، وهي تقيد ردود الفعل في الضفة الغربية التي تتوسط
المسافة بين غزة، والضفة الغربية التي تعد القدس من مدنها، فهذا الشلل الوطني على
يد السلطة يضعف موقف وفعل الفلسطينيين، ويفتح المجال اكثر للاستفراد بهم في هذه
المذابح التي تقوم بها إسرائيل كل فترة، وهي تدرك أن السلطة خارج الحسابات.
نحن أمام عدة سيناريوهات هذه المرة،
إما أن العمليات الإسرائيلية سوف تتواصل ضد غزة، وسوف ترتكب إسرائيل المزيد من
المذابح، وسوف تتنزل عليها الصواريخ، ليل نهار، حتى يتدخل طرف ما، في محاولة لوقف
المواجهة، فيما السيناريو الثاني يضع احتمالات أن تتدهور كل الظروف داخل فلسطين،
خصوصا، والحكومة الإسرائيلية التي لها حسابات انتخابية، ستمنح المجال اكثر لإيذاء
الفلسطينيين، في غزة والقدس، وربما مواقع ثانية، وبشكل يهدد كل شيء.
هذه هي عقيدة الاحتلال، أي مواصلة
الجرائم، وتغطيتها بعناوين مختلفة، دون أن يعرف أحد مدى احتمالية اشتعال جبهات
ثانية في الإقليم ضد إسرائيل، خصوصا، من سورية، ولبنان، لحسابات جيوسياسية،
ودولية، وليس لحسابات فلسطينية مجردة، وهو احتمال لا يبدو قائما.