صحافة دولية

ذي انترسيبت: لماذا لم يهتم أحد باغتيال زعيم القاعدة؟

لقد دفع الظواهري الثمن، لكن من العار وجود العديد من المجرمين الآخرين الذين أضروا بالأبرياء- جيتي
لقد دفع الظواهري الثمن، لكن من العار وجود العديد من المجرمين الآخرين الذين أضروا بالأبرياء- جيتي

نشر موقع " ذي انترسبت" مقالا للصحفي مرتضى حسين، تساءل فيه عن أسباب عدم اكتراث الأمريكيين بمقتل زعيم تنظيم القاعدة الظواهري، عكس ما حدث مع سلفه أسامة بن لادن، متطرقا للتعاطي الإعلامي والسياسي مع الحدث، ومنوها إلى وجود مجرمين آخرين تسببوا في قتل الملايين من الأبرياء.

 

وتساءل حسين في مستهل مقاله: "ماذا لو قُتلت فجأة شخصية كان يُنظر إليها ذات مرة على أنها بعبع، أو حتى شرير هتلري، ولم يكن هناك من يهتم؟" .

 

ثم تابع: "هذا ما حدث هذا الأسبوع إلى حد ما، عندما قامت الولايات المتحدة أخيرا باغتيال أيمن الظواهري، زعيم القاعدة منذ فترة طويلة". 


ولفتت كاتب المقال إلى أن الظواهري، وهو أحد الرجال المسؤولين عن الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/ سبتمبر 2001، قُتل في غارة بطائرة مسيرة على منزل في منطقة عصرية في كابول، أفغانستان. وجاءت وفاته بعد أكثر من 20 عاما من الأحداث. 


يمكن أن يُغفر لأعضاء الجيل الجديد؛ لعدم معرفتهم من هو، ولكن يبدو أن عدم إعارة أحد آخر الكثير من الاهتمام للأمر يبدو غريبا.

 

وأتى رد الفعل على مقتل الظواهري خافتا بشكل ملحوظ، على عكس مقتل أسامة بن لادن قبل أكثر من عقد من الزمان، ما أدى إلى احتفالات الشوارع، وتفاخر من قبل السياسيين الأمريكيين ونخب الأمن القومي.


ولن تكون هذه آخر غارة أو غارة بطائرة مسيرة تقوم بها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكن مقتل الظواهري يمثل نهاية فصل معين في التاريخ الأمريكي، وفقا للموقع الأمريكي.

 

وأشار كاتب المقال إلى أن الولايات المتحدة منشغلة الآن بحرب مميتة في أوكرانيا، فضلا عن التنافس المتزايد مع الصين، الذي من المرجح أن يفرض ضغوطا على مواردها أكثر بكثير مما فعل تنظيم القاعدة في أي وقت مضى.

 

وبعد انهيار تنظيم الدولة، لم تواجه الولايات المتحدة أي هجمات تقريبا، وبدلا من ذلك تعرضت لموجة تلو الأخرى من الإرهاب اليميني المتطرف المميت. 


وأعلن الرئيس جو بايدن مقتل الظواهري في خطاب باهت ألقاه مساء الاثنين، قائلا: "لم يعد الناس في جميع أنحاء العالم بحاجة إلى الخوف من القاتل الشرير".

 

والقليل، كان يخشى الظواهري، الذي اشتهر بمقاطع الفيديو حول نظرية المؤامرة من منظوره للسياسة العالمية بدلا من الإرهاب الفعلي، لفترة طويلة.


ورد الفعل الفاتر لبايدن في هذه الحالة مطابق لرد الفعل العام، فإذا كان اغتيال بن لادن اعتبر ضربة ناجحة، فإن اغتيال الظواهري لم يحظ بنفس المرتبة: ففي الأخبار الصباحية لـNPR كانت العملية مجرد خبر آخر.

 

وبحلول الظهيرة، تم دفع أخبار الظواهري من أعلى موقع نيويورك تايمز على الإنترنت، حيث تصدرت زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايوان وقصة قسم الأناقة عن مدرس غيتار شهير في مدينة نيويورك. 


وكون مقتل الظواهري لم يحظ باهتمام كبير، هو علامة على أن "الجهاد العالمي" لم يعد يمثل أولوية كبيرة للجمهور الأمريكي، وكذلك للإسلاميين أنفسهم، حسب كاتب المقال. 

 

وعلم انتصار حركة طالبان الأفغانية على الجيش الأمريكي وحلفائها في أفغانستان درسا مهما للإسلاميين في جميع أنحاء العالم.

 

اقرأ أيضا: طالبان تنفي علمها بوجود الظواهري في أفغانستان

  

وفي حين نفذ تنظيم الدولة الإسلامية هجمات إرهابية ضد المدنيين الغربيين أغضبت الجماهير الأجنبية وبررت ردود فعل عسكرية ساحقة، ركزت حركة طالبان على الصراع على الأرض في الداخل ضد الحكومة المركزية الأفغانية، حتى أنها أبرمت صفقات مع الأمريكيين لإبقاء القوات الأمريكية خارج المعركة. 


وكانت النتيجة بالنسبة للإسلاميين في أفغانستان أكثر نجاحا بكثير من فكرة بن لادن الشهيرة باستهداف "العدو البعيد"، الولايات المتحدة، كوسيلة لتجفيف الدعم للديكتاتوريات الإقليمية.

 

ولطالما كان الإرهاب الدولي انحرافا عن الجماعات الإسلامية، التي كان تركيزها حتى في تنفيذ هجمات خارجية هو إحداث تغييرات في الوطن. 


ومن المرجح، كما لاحظ محللون آخرون، أن الجماعات الإسلامية ستعود إلى هذا النموذج القديم من القتال، والذي يترك الغرب إلى حد كبير بعيدا عنه، بدلا من الاستمرار في النهج الفاشل لابن لادن والظواهري والتنظيمات المنبثقة عن القاعدة والأكثر تطرفا مثل تنظيم الدولة. 


وقد يوفر مقتل الظواهري قدرا ضئيلا من العدالة لضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر.

 

وفي الواقع، كانت تلك هي الحلقة النادرة في الحرب على الإرهاب، حيث دفع شخص مسؤول عن أحداث 11 أيلول/ سبتمبر ثمنها، مهما كانت العقوبة خارج نطاق القضاء.

 

وتمت محاكمة خمسة فقط بتهمة التورط في أحداث 11 أيلول/ سبتمبر من بين مئات الرجال المحتجزين في معتقل خليج غوانتانامو سيئ السمعة، حيث ظلوا هناك، وتوقفت قضاياهم في جلسات الاستماع السابقة للمحاكمة. 


وفي حين أنه من الصعب العثور على منفذي هجمات 11 أيلول/ سبتمبر الذين دفعوا ثمن الهجوم بأي شكل من الأشكال، فقد مات ملايين آخرون أو أصيبوا أو طردوا من منازلهم؛ بسبب الأعمال العسكرية الأمريكية في أعقاب الهجمات.

 

والغالبية العظمى من هؤلاء الضحايا الأبرياء لا علاقة لهم بأحداث 11 أيلول/ سبتمبر، وفي الواقع لم يلحقوا أي ضرر بالولايات المتحدة. 


وكانت المأساة الكبرى وجريمة الحرب على الإرهاب هي أن الولايات المتحدة قررت الانتقام من سكان مدنيين بالكامل في بلدان مثل العراق وأفغانستان، الذين لم يرتكبوا أي ذنب لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر.

 

والسجل التاريخي قبيح من الناحية الأخلاقية بالنسبة للولايات المتحدة، وهو ما يزيد من صعوبة الاحتفال بقتل حتى شخص إرهابي يستحق القتل بعد مشاهدة ملايين الأرواح الأخرى تزهق خلال هذه الحرب. 


لقد انتهى عصر الظواهري، حتى لو لم يكن جيل صاعد من الشباب الأمريكي يدرك الحقيقة.

 

وقد يعود الإرهاب إلى الظهور، لكنني أشك في أنه سيفعل ذلك في أي وقت قريب بطريقة تؤثر على الأمريكيين كما حدث في 11 أيلول/ سبتمبر. 


لقد دفع الظواهري الثمن، نعم. لكن العار الكبير هو وجود العديد من المجرمين الآخرين في هذا الصراع الذين أضروا بالأبرياء دون مواجهة شيء من العدالة، داخل المحاكم أو خارجها.

التعليقات (0)