هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت
الذي تواجه فيه أجهزة أمن الاحتلال عجزا لوقف سلسلة العمليات الفدائية الفلسطينية،
فإنها في المقابل تبذل جهودا حثيثة لمحاولة استباق تنفيذ أي هجوم جديد من خلال حملات
الاعتقال اليومية التي تشهدها الضفة الغربية، وزيادة مستوى التنسيق الأمني مع السلطة
الفلسطينية، ولكن دون جدوى، حيث تعاود العمليات من جديد بين حين وآخر.
ضابط
اقترح لوقف الهجمات الفدائية أن لا يقتصر الأمر على اعتقال منفذيها وذويهم ومرسليهم فقط، بل إن
الحملة يجب أن تطال الجوانب المالية والاقتصادية للمنظمات الفلسطينية بزعم أنها توفر
الدعم لعائلات منفذي العمليات، بحيث لا يقلق المنفذون على مصير أهاليهم، مما يستدعي،
بنظر الإسرائيليين، تكثيف العمل الاستخباري للتعرف على جوانب التمويل، وطريقة تحويل
الأموال إلى الأراضي الفلسطينية، وزيادة الرقابة على البنوك الفلسطينية.
أودي
ليفي المسؤول الكبير السابق بجهاز الموساد، ومنسق الحملة الاقتصادية ضد المقاومة الفلسطينية،
نقل في مقاله على "القناة 13"، ترجمته "عربي21" عن رئيس الموساد الراحل مائير
دغان عبارة أن "المال هو الأكسجين الذي تتنفسه المنظمات الفلسطينية المسلحة، مما
يجعل من الحرب الاقتصادية عليها جزءا لا يتجزأ من المواجهة المادية معها، مما يتطلب
من إسرائيل أن تفهم أنه إذا لم تستهدف النظام المالي لهذه المنظمات، وتقطع مصادر تمويلها،
فلن تنجح في هزيمتها".
وأضاف
أن "المنظمات الفلسطينية بالتوازي مع تحريضها على تنفيذ الهجمات، فإنها دأبت على
تحويل الأموال لمختلف النشطاء وأهالي الأسرى والشهداء، وفي حال فقد هؤلاء مصادر دعمهم،
فلن يكون لديهم حافز لتجنيد المزيد من النشطاء، وتنفيذ المزيد من الهجمات، وفي هذه
الحالة لا بد من تكثيف التعاون الاستخباري الذي يشمل جمع المعلومات، وتحديد مكان المنظمات
التي تمول العمليات، وكيفية تحويل الأموال، ووضع القيود القانونية لمنعها من استغلال
تلك الطرق، خاصة من خلال البنوك".
تزعم
الأوساط الأمنية الإسرائيلية التي تتبنى هذا المقترح "المجرب" أن إعادة استخدامه
وتفعيله ضد الفلسطينيين، كفيل بتعزيز الردع ضد المنظمات المسلحة، من خلال تكثيف الدعاوى
القانونية ضد البنوك والمصارف الفلسطينية والعربية التي تسمح بتحويل الأموال للمنظمات
الفلسطينية وعناصرها، باعتبار ذلك أداة مهمة رادعة ضد الهجمات المسلحة، ووسيلة أساسية
مهمة للغاية لحجب الأكسجين عن هذه المنظمات، وقد تم رفع دعاوى سابقة ضد هذه البنوك
لإغلاق مئات الحسابات المصرفية خشية ارتباطها بقوى المقاومة.
ليست
المرة الأولى التي تستحضر فيها دولة الاحتلال أساليب قديمة تم استخدامها لكبح جماح
العمليات الفدائية، لكنها جميعاً أثبتت فشلها، بما فيها أسلوب "تجفيف المنابع"
عنها، وقطع طرق التمويل، ومحاربة الجهات المصرفية التي تحول الأموال لعائلات الأسرى
والجرحى والشهداء، دون أن تعترف دولة الاحتلال أن الدافع الحقيقي لهذه العمليات هو
وجود الاحتلال ذاته، وإمعانه في التنكيل بالفلسطينيين، ووضع يده على أراضيهم، وتدنيس
مقدساتهم، وسواء حضر التمويل أم لا، فإنهم سيردون على هذا الاحتلال بما يناسبه من مقاومة
متعددة الأشكال والأساليب.