هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توقع رئيس حزب "جيل جديد" الجزائري، جيلالي سفيان، الإعلان عن موعد انعقاد اللقاء الشامل للأحزاب والمنظمات مع الرئيس عبد المجيد تبون، في 5 تموز/ يوليو المقبل، تزامنا مع عيد استقلال البلاد، مؤكدا أن "معظم الأحزاب والمنظمات سيشاركون في تلك الندوة المرتقبة".
وأضاف، في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21": "هناك إجماع على أنه حان الوقت لإقامة هذا الحوار، وهذا النقاش الواسع، أما بعض الأطراف المتطرفة، والتي لها مواقف شبه عدمية، فمن حقها ألا تشارك، لكن الأغلبية الساحقة وكل مَن له تمثيل حقيقي في المجتمع سيكون حاضرا".
وأوضح جيلالي أنه "سيتم تشكيل لجنة وطنية مشتركة تضم ممثلي الأحزاب والمجتمع المدني والنقابات، وسيكون أهم أعمالها دراسة وإعادة النظر في المنظومة التجارية والاقتصادية في البلاد".
وكان الرئيس الجزائري قد أعلن مؤخرا عن انعقاد "لقاء شامل للأحزاب في الأسابيع المقبلة"، وذلك في أعقاب اللقاءات الفردية التي يجريها مع قادة الأحزاب، دون أن يحدد موعدا بعينه.
اقرأ أيضا: حقوقي جزائري لـ"عربي21": مبادرة لم الشمل لن تنجح
فيما تكثف الحكومة الجزائرية تحضيراتها الخاصة بالاحتفال بستينية استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي 5 تموز/ يوليو 1962، بإعداد أنشطة كبيرة في كل الولايات الـ58.
يشار إلى أنه في 3 أيار/ مايو الماضي، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير، مقالة مفاجئة، قالت فيها إن "الرئيس تبون الذي انتخبه الجزائريون المتطلعون لحلول جزائر جديدة، يمد يده للجميع بصفته رئيسا جامعا للشمل، إلا من تجاوزوا الخطوط الحمراء"، دون مزيد من التفاصيل.
ومنذ الإعلان عن المبادرة، أثيرت أحاديث مختلفة وجدل واسع بشأن أبعادها ومآلاتها، وسط ترقب لما ستنتهي إليه.
ونفى جيلالي صحة حديث البعض عن سيطرة الجيش على مقاليد الحكم في الجزائر، قائلا: "مثل هذا الخطاب الهدف منه تحريض الشعب ضد الجيش من أجل العمل على إضعاف الدولة، وخلق بلبلة، ومحاولة للذهاب بالمجتمع مرة أخرى نحو اصطدامات داخلية خطيرة عشناها في فترة التسعينيات".
وشدّد على رفضه التام لأي دعوات لاستئناف الحراك مُجددا، وقال: "مَن ينادي الآن بحراك جديد هو في الحقيقة ينادي لتحريك المجتمع على أساس آخر، لأن السبب الرئيس في خروج الجزائريين للشارع هو رفض مواصلة النظام السابق، وقد نجح الحراك تماما في تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، وهناك تغيير جذري، وإن كان بطيئا".
وأردف: "نحن نعمل الآن لإعادة بناء دولة الحق والقانون والديمقراطية بطرق سلمية، وعلينا أن ندافع عن كيان الدولة الجزائرية، وألا ندخل في صراع أجندات خارجية تريد هلاك الجزائر. أما الأشخاص المصممون على الاصطدام داخل المجتمع، فقد خسروا المعركة، ولن ينجح مساعيهم"، وفق قوله.
وفي ما يأتي نص المقابلة كاملة مع "ضيف عربي21":
ما الجديد بخصوص مبادرة "لم الشمل" التي أطلقها الرئيس عبدالمجيد تبون؟
بعد إعلان عن هذه المبادرة عُقدت عدة لقاءات بين رؤساء الأحزاب، ورئيس الجمهورية، ونحن الآن في انتظار ما ستنتج عنه هذه المشاورات الأولية، وبحسب ما صرّح به رئيس الجمهورية ستنعقد ندوة وطنية يُدرس فيها شروط لم الشمل في البلاد، وقد حان الوقت لكي يكون هناك انفتاحا من طرف السلطة نحو كل شرائح المجتمع والمُمثلة في عدد من الأحزاب السياسية سواء في البرلمان أو المعارضة.
ما أبرز ملامح هذه المبادرة؟
هناك عدد من الملفات التي تعتبر "حساسة جدا" منها مثلا ملف دعم المواد الاستهلاكية الواسعة، ومنها المواد الغذائية وغيرها، وإعادة النظر في كل هذه المنظومة تُلزم السلطة لفتح هذا الحوار؛ لكي يكون هناك توافق شامل قبل الذهاب لمثل هذه القرارات الصعبة.
وهنالك ملفات أخرى مهمة مثل كيفية تسيير الشؤون العامة، من خلال فتح قنوات الاتصال، ووسائل الإعلام، وهناك القضايا التي تمس العدالة مثل قضايا سجناء الرأي، وغيرها من "الملفات الحساسة" التي لها علاقة مباشرة مع الرأي العام، وتحتاج إلى حوار ونقاش وتوافق في الساحة السياسية حتى نتمكن من الذهاب إلى مرحلة أخرى، والمرحلة المهمة التي ننتظرها هي فتح البلاد اقتصاديا، ودفع عجلة التنمية بطريقة وإرادة أقوى.
هل اطلعتم على تفاصيل هذه الملفات؟
حتى الآن ليست لدينا تفاصيل دقيقة، المهم أنه سيتم تشكيل لجنة وطنية مشتركة تضم ممثلي الأحزاب، وممثلي المجتمع المدني، وممثلي النقابات إلى آخره.. وهذه اللجنة كان من المفترض تشكيلها منذ أيام، ثم تأجل التشكيل للمستقبل القريب، وهذه اللجنة سيكون أهم أعمالها: دراسة وإعادة النظر في المنظومة التجارية والاقتصادية في البلاد.
البعض يرى غموضا يكتنف هذا الطرح، ما أسباب هذا الغموض؟
هناك بعض المماطلة، وفي بعض الأحيان تأخر كبير، لكن علينا أن نضع الأشياء في نصابها؛ فالكل يعرف أن الجزائر مرت بمرحلة صعبة جدا بعد انهيار النظام السابق عن طريق حراك شعبي كان قويا جدا عام 2019 ثم ذهبنا إلى انتخابات. الإشكال الآن هناك تراكم للمشاكل الموجودة على الأقل من 10 سنوات، وحل كل المشاكل في وقت وجيز أمر الصعب، لكن تدريجيا ستذهب الأمور نحو الاستقرار، ونتمنى أن تتم الإصلاحات سريعا فليس لدينا كثير وقت، وعلينا أن نفتح المجال للاستثمار وللتنمية الوطنية بقوة، وهذا بعد الانتهاء من المشاكل السياسية الثانوية التي تلوث الأجواء.
مَن هو صاحب مبادرة "لم الشمل"؟ وهل ساهمتم في صياغة هذا الطرح؟
أجهزة الحكومة هي التي قامت بصياغة قانون الاستثمارات، أما عن المراحل المقبلة فهناك ملامح وأسس، أو مبادئ كبرى، لكن لا يزال مضمونها قابل للنقاش، وننتظر الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة لأخذ القرار النهائي.
اقرأ أيضا: لماذا أطلق تبون مبادرة "لم الشمل" في الجزائر؟
وهل لديكم معلومات عن موعد عقد الندوة الوطنية المرتقبة؟
لا، ليست لدي معلومة محددة، لكن من الممكن الإعلان عن الندوة في 5 تموز/ يوليو المقبل، باعتباره يوم مهم في تاريخ الجزائر من الناحية الرمزية، وهو عيد استقلال البلاد، لكن هذا مجرد احتمال.
هل تتوقع مشاركة كبيرة من الأحزاب والمنظمات في هذه الندوة؟
لا شك أن معظم الأحزاب والمنظمات سيشاركون فيها؛ فهناك إجماع على أنه حان الوقت لإقامة هذا الحوار، وهذا النقاش الواسع، أما بعض الأطراف "المتطرفة"، والتي لها مواقف شبه عدمية فمن حقها ألا تشارك، لكن الأغلبية الساحقة، وكل مَن له تمثيل حقيقي في المجتمع سيكون حاضرا إن شاء الله.
لكن، هناك عدد من نشطاء الحراك أعلنوا رفضهم لمبادرة "لم الشمل".. فهل تعتقد أن هذا سيخصم من رصيد تلك المبادرة؟
أولا الحراك ليس مِلكا لأي شخص، وعدد كبير من هؤلاء "النشطاء" معزولين تماما، فليست لهم أي تنظيمات أو أحزاب أو تيارات، وهم فقط نشطاء على الشبكات الاجتماعية، ويعطون لأنفسهم قيمة أكثر من قيمتها، وليس لديهم أي تأثير حقيقي.
وهناك بعض الإخوة، وهم الأغلبية في المهجر، ومنتظمين في بعض الأحزاب أو التنظيمات، ولهم موقف معروف مناهض للدولة الجزائرية، وليس للنظام الجزائري فقط، ولكن ليست لديهم قدرة على تغيير الأحداث.
هل الحراك في الشارع الجزائري انتهى تماما أم من الوارد عودته مرة أخرى خلال الفترة المقبلة؟
عندما انطلق الحراك في 22 شباط/ فبراير 2019 كان على أساس رفض العهدة الخامسة للرئيس السابق، ولم يكن هناك أي هدف سياسي آخر، وقد انتهى خلال هذه المرحلة الماضية، والآن من الممكن أن يكون هناك حراك لأسباب أخرى اقتصادية، واجتماعية، كما من الممكن أن بعض الجزائريين يتظاهروا فهذا من طبيعة الدول، ولكن دون أن يكون لهذا التظاهر أي علاقة مع الحراك الأصلي، وأذكّر بأن حزبنا "جيل جديد" كنّا سبّاقين في خروجنا للشارع قبل الحراك نفسه، ورافقنا الحراك طيلة سنة، ولكن لم نحتكر الحراك، وليس لأحد أن يحتكره، والإشكال الآن في بعض الناس الذين التحقوا بالحراك بعد عدد من الأسابيع أو الأشهر وكأنهم يملكون ويحتكرون الحراك، وهذا تضليل كبير للرأي العام.
ومَن ينادي الآن بحراك جديد هو في الحقيقة ينادي لتحريك المجتمع على أساس آخر، لأن السبب الرئيس في خروج الجزائريين للشارع هو رفض مواصلة النظام السابق، وقد نجح الحراك تماما في تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، والآن هناك العشرات من رموز النظام السابق من الوزراء، والقياديين، حتى من الجيش والمخابرات في السجن اليوم، وملفاتهم أمام العدالة، وهناك تغيير جذري، وإن كان بطيئا.
ونحن نعمل الآن لإعادة بناء دولة الحق، والقانون، والديمقراطية بطرق سلمية، علينا أن ندافع عن كيان الدولة الجزائرية، وألا ندخل في صراع أجندات خارجية تريد هلاك الجزائر كبلد أو كدولة، وأظن أن أغلبية الجزائريين فهموا جيدا كل المناورات، أما الأشخاص المصممون على الاصطدام داخل المجتمع قد خسروا المعركة، ولن ينجح مساعهم.
لكن الحراك كان ينادي ببعض الشعارات الخاصة بإنهاء سيطرة العسكر على الحكم، وإنهاء سيطرة الجيش على الأوضاع السياسية والاقتصادية.. فكيف تنظر لسيطرة الجيش على مقاليد الحكم في الجزائر؟
هذا التحليل ليس بجديد، وله وجاهته؛ فالكل يعرف أن الدولة الجزائرية قامت بعد الاستقلال عام 1962، وكان عمودها الفقري هو الجيش. أما الآن هل الجيش كمؤسسة معنية بأمن الجزائر تتدخل مباشرة في تسيير الحكومة أو شؤون العامة؟، هذا غير صحيح.
فعلى سبيل المثال رئيس الأركان يهتم بالثكنات العسكرية، وبالتسليح وما يتعلق مباشرة بعملية الأمن الجزائري، أما الحكومة، والوزارات، والولاة ليست لديهم أي علاقة مع الجيش؛ فهذا الخطاب الهدف منه تحريض الجمهور الجزائري ضد الجيش الشعبي، وله هدف استراتيجي هو إضعاف الدولة الجزائرية، وخلق بلبلة، ومحاولة للذهاب بالمجتمع الجزائري مرة أخرى نحو اصطدامات داخلية خطيرة عشناها في فترة التسعينيات، ونفس الأشخاص الذين كانوا يقفون خلف الإرهاب في الجزائر سابقا أصبحوا اليوم ينادون بالديمقراطية، وبحقوق الإنسان، وينادون بهدم الجيش الجزائري الذي يلعب دورا مهما واستراتيجيا في حفظ أمن واستقرار الجزائر، وليست له صلاحيات مباشرة في تسيير الشؤون العامة.
قيادة بالجيش أعلنت قبل أيام ترحيبها بمبادرة تبون.. ألا يعد ذلك عملا سياسيا؟
لا، هذا دعم واضح من قبل المؤسسة العسكرية للقيادة الرئاسية، وهذا مفهوم لأن الجزائر مرت بعد الحراك بمرحلة عدم استقرار، وكانت هناك تغييرات عميقة في الجيش، والأمن، والرئاسة، والحكومة.. إلى آخره، وهو أمر طبيعي نراه في عدد كبير من البلدان؛ فعندما تكون هناك أزمات تمثل خطرا على وجود الدولة يتدخل الجيش بطريقة أو بأخرى، ويبقى أن الجيش الجزائري بقي في حدوده الدستورية، ومثل هذا الدعم يعطي انطباعا أن هناك انسجام داخل الدولة، وهناك تلاحم بين المؤسسات، وهذا شيء مهم للغاية؛ لأن بعض الأطراف تلعب على وتر تقسيم قلب الدولة، وهو ما يمثل خطرا واضحا على الدولة، وبالتالي فلماذا نبقى في هذا الجدل.
هل تستبعد تماما أي تدخل عسكري في الشأن العام حال تأزم الأوضاع في الجزائر؟
لم يكن هناك تدخلا عسكريا في السابق، حتى في اللحظات الصعبة لعب الجيش دورا كبيرا في الضغط على الرئيس السابق لرحيله من السلطة، وكان ذلك بدعم من الجزائريين، فكان الشعب في شوارع الجزائر يهتف "الجيش والشعب خاوة، خاوة"، وهو دليل على دعم الجيش للإرادة الشعبية ليحدث تغيير حقيقي، والكل يعرف أن النظام السابق كان نظاما فاسدا، نظام أهلك البلاد، وعدد كبير من رموزه انتقموا من الجزائر، بينما الآن أصبحت هناك أوضاعا أخرى وباتت هناك حركية وديناميكية جديدة ومختلفة، وحان الوقت حتى يظهر الجزائريون التضامن، ويُعبّروا عن نيتهم لبناء دولة الحق والقانون وبناء الديمقراطية، ولكن بطرق سلمية، وطرق سلسة من خلال الحوار، والنقاش، والتفاهم، والإجماع.
ما تقييمكم لمجمل الأوضاع الحالية في البلاد؟
كان الإرث كبيرا جدا في بداية عام 2020، ولا ننسى أنه في نفس السنة بدأ وباء كورونا الذي عطّل الاقتصاد، وعطّل عددا كبيرا من الإصلاحات التي كانت في برنامج رئيس الجمهورية. الآن الخروج من الحالة المتأزمة التي كنّا فيها نحو بر الأمان طريق صعب، ولا شك أن الأزمة لها جذور في المجتمع؛ فهناك صعوبات مالية واقتصادية واجتماعية، ولكي نضع حلولا لتلك المشاكل علينا مسبقا أن نؤسس لتوافق سياسي وأمنى، واستقرار في كافة قطاعات الدولة، ولكي تكون الحكومة قادرة على حل هذه المشاكل يجب أن تُشكّل من كفاءات حقيقية، كل هذا لم نصل إليه بعد، والأمور تعطلت؛ فالعالم يعيش أزمة كبيرة جدا مع انهيار اقتصادي عالمي، ومشاكل أمنية وشيكة، نتيجة ما يجري في أوكرانيا، وما يجري في الشرق الأوسط، والخلافات بين إسرائيل، ولبنان، وسوريا، وإيران، حتى في الصين مع تايوان.. كل هذا يؤزم الأوضاع على المستوى العالمي، والجزائر ليست جزيرة منعزلة.
لكن يمكننا القول إن الأوضاع تحسنت في الجزائر عما قبل، على الأقل الأجواء السياسية العامة، ونتمنى في المرحلة المقبلة مع فكرة "لم شمل" كل التيارات السياسية في خطة واحدة ستدفع بالجزائر إلى الأمام نحو الإيجابية إن شاء الله.
التقيتم بالرئيس تبون أكثر من مرة.. فكيف تنظر لمجمل هذه اللقاءات؟ وما أبرز ما دار فيها؟
رئيس الجمهورية لديه نية حسنة، وإرادة للاستماع للآخر، والكل يعرف أن رئيس الجمهورية أو أي مسؤول كبير يستمع إلى مَن يحيطوه، وليست لديه كل المعلومات والقراءات السياسية من زوايا أخرى؛ فعندما يستمع رئيس الجمهورية للطبقة السياسية، ويفتح أبواب الرئاسة للمعارضين، ويحاول أن يفهم منهم مقصودهم وتحليلهم.. فهذه أمور إيجابية، وهذا ما كنّا ننتظره من مسؤول بهذا المستوى، ليستمع للآخر ثم يتخذ القرارات الصائبة لاحقا.
لماذا لا يستمع الرئيس إلى المعارضين من داخل الحراك أو من بعض التيارات في خارج البلاد؟
لا أعتقد أن الرئيس الجمهورية يرفض الحوار مع المعارضين، سواء من المنطلق القانوني أو منطلق الاحترام، أما بعض الأشخاص الذين لهم مواقف انعزالية ويرفضون الحوار والمشاورات.. فهؤلاء ليس لرئيس الجمهورية السلطة أو القدرة ليجبرهم على الحوار معه، وأعتقد أن معظم الأحزاب السياسية الآن كانت لها كلمة، والتقوا برئيس الجمهورية، أما بعض الأطراف التي على الهامش فستبقى على الهامش.
البعض يرى أن مبادرة "لم الشمل" مجرد خطوة تستهدف مصالحة داخلية بين رموز السلطة.. فهل هناك ثمة صراع بين رموز السلطة في النظام الحاكم؟
أعتقد أنه لا فائدة من خلق نوع من "مشاكل وراء الستار" وندخل في تفكير مؤامراتي إلى آخره. وأعتقد أن رئيس الجمهورية بدعم من كل المؤسسات (العسكرية، والبرلمانية) وبدعم الأحزاب السياسية.. الكل متفق على ضرورة إقامة هذا الحوار، لنستمع لبعضنا البعض، ونحاول أن نجد أحسن السبل للخروج من هذه الأزمة الموجودة الآن.
هل تتوقع نجاح مبادرة لم الشمل؟
نتمنى أن تنجح هذه الفكرة، وأن يجد المجتمع أملا جديدا في الطبقة السياسية؛ فالجزائريون كانوا قد فقدوا الثقة في الحكام وفي الطبقة السياسية، لأن الاضطرابات والنزاعات الداخلية، وفي بعض الأحيان الاصطدام بالمؤسسات أدى لأشياء سلبية جدا، والآن هناك خطاب موحد - ولا نؤسس للفكر الوحيد – حول المصالح الكبرى للبلاد، وبدأ نوع من الهدوء والاستقرار يرجع إلى النفوس، لنخوض المعركة الأساسية وهي معركة التنمية والنجاح الاقتصادي والرفاهية؛ فالعالم في مرحلة صعبة جدا، وعلى الجزائر أن تأخذ كل احتياطاتها لكي تعبر هذه الأزمة التي هي لا محالة آتية في المستقبل القريب.
بعيدا عن التمني.. هل ستنجح فكرة لم الشمل على أرض الواقع؟
من غير الممكن أن نقول نحكم عليها مسبقا، لكن نحن نعمل من أجل النجاح، وهناك شروطا للنجاح، وفي نهاية الأمر هذه ممارسة سياسية، والسياسة ليست رياضيات لننتظر إجابات دقيقة، فنحن نتمنى، ونعمل على توفر كل شروط النجاح، والباقي غيب عند الله.
لكن ماذا لو فشلت تلك المبادرة؟
لا ندري، وليس هناك فشل تام أو نجاح تام، ودائما نتأقلم مع الأشياء، فإذا لم تنجح سوف تكون هناك مبادرة أخرى، أو تقييم آخر للوضع، وهكذا حال الأمم؛ فهناك صعوبات نحاول تجاوزها، إذا نجحنا فشيء جميل، وإذا أخفقنا نعاود مرة أخرى، وهذه طبيعة العمل السياسي.
هل وارد أو محتمل أن تقوموا أنتم بطرح أفكار أخرى بعيدا عن مبادرة تبون؟
وارد جدا، ونحن لنا برنامج، ولنا مشروع مجتمعي ندافع عنه، ولنا اتجاه ورؤية عامة سنعمل من أجلها؛ فإذا كان هناك توافق والذهاب إلى الطريق ذاته، فمرحبا بالجميع، وإذا كان أمر آخر، فسنأخذ بالموقف الأفضل في خدمة البلاد دائما.
كنّا نتعامل مع النظام السابق من موقع المعارض الراديكالي، ونرفض أي تعامل معه، لأنه كان نظاما خطيرا على بلادنا، بينما الآن نحن في وضعية أخرى بطبيعة الحال، ونكيف موقفنا مع هذا الواقع الجديد، وسنرى الأحداث المقبلة ونتعامل معها إن شاء الله بنفس المنطق وبنفس الرغبة، وفي نهاية الأمر الجزائر سوف تنتصر.