سياسة دولية

هل يحدث تحالف اليسار المفاجأة بانتخابات فرنسا التشريعية؟

يتصدر التحالف اليساري الذي أسسه ميلنشون نتائج سبر الآراء - جيتي
يتصدر التحالف اليساري الذي أسسه ميلنشون نتائج سبر الآراء - جيتي

يتجه الفرنسيون الأحد إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات التشريعية، التي تجرى على  جولتين، الأولى في 12 والثانية في 19 من الشهر الحالي، حيث سيحتاج الحزب الفائز إلى 289 مقعدا لتشكيل حكومة أغلبية.


ويتصدّر التحالف اليساري "لا نوب"، الذي أسّسه زعيم "فرنسا الأبية" جون لوك ميلنشون نتائج سبر الآراء، متفوقا بذلك على الأغلبية الرئاسية "معا" التي يتزعمها الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون.


وتشير نتائج سبر الآراء الذي نشرته مؤسسة "سوبرا ستيريا" بالشراكة مع التلفزيون والإذاعة الحكوميين، إلى تصدّر التحالف اليساري لنتائج انتخابات المجلس الوطني (البرلمان) بنسبة 28 بالمئة، متفوقا بنقطة وحيدة على الأغلبية الرئاسية التي كونها ماكرون، فيما حلّ "التجمع الوطني" الذي تتزعمه اليمينية المتطرفة مارين لوبان ثالثة بـ19.5 بالمئة من الأصوات.


وبحسب المصدر ذاته، من المتوقع أن تبلغ نسبة المشاركة بين 44 و48 بالمئة، فيما بلغت نسبة المقاطعة في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2017، 51.3 بالمئة، حيث من المنتظر أن تبلغ مستوى قياسيا جديدا.


ويضم تحالف "NUPES"، ويعني: الاتحاد الشعبي الاجتماعي والبيئي الجديد حزب فرنسا الأبية الراديكالي اليساري، والشيوعيين والاشتراكيين والخضر، لمواجهة تحالف ماكرون.


وفي سباق الانتخابات، يشارك التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان حيث يوجد بعد المتصدرين الأولين في استطلاعات الرأي (الوسط واليسار)، لكنه يتقدم على اليمين التقليدي.


واستطاع اليساري الراديكالي ميلنشون توحيد أكبر أحزاب اليسار في تحالفه، حيث نجح في فرض الجزء الأكبر من برنامج حزبه "فرنسا الأبية" ضمن البرنامج الانتخابي لتحالف "NUPES"، بالنظر إلى النجاح النسبي الذي حققه في الانتخابات الرئاسية، باحتلاله المركز الثالث.


وفي الدور الأول للانتخابات الرئاسية، حصل مرشحو الأحزاب اليسارية المكونة للتحالف الجديد على 28.33 بالمئة من الأصوات مجمعة، مقابل 27.84 بالمئة لماكرون، الذي حسم السباق الرئاسي في الجولة الثانية ضد لوبان.


ويريد التحالف تأميم البنوك وشركات الطاقة، وتأمين فرصة عمل لكل مواطن، وينتقد حلف شمال الأطلسي "الناتو" ويريد أن تخرج فرنسا منه، ويخطط من أجل التفاوض من جديد حول بعض قواعد الاتحاد الأوروبي.


ومنذ تأسيس التحالف اليساري، يقول ميلنشون للناخبين: "انتخبوني رئيسا للحكومة"، فيما تقول الحسابات المحسوبة عليه على مواقع التواصل الاجتماعي إنه "إذا فاز التحالف بأغلبية مقاعد البرلمان، فيجب على الرئيس ماكرون أن يعينه رئيسا للوزراء، وإلا فإن البرلمان سيحجب الثقة عن الحكومة". 


في المقابل، ردّ الرئيس ماكرون في تصريح لصحيفة محلية على الزعيم اليساري بالقول إنه "ليس هناك حزب يمكنه فرض رئيس حكومة على الرئيس".


كما أشار ماكرون أيضا إلى التوقعات الخاصة بجولة الإعادة، والتي تستند إلى تقديرات قائمة على نتائج الانتخابات الرئاسية. وعليه، يجب أن يفوز الحزب الحاكم، حزب ماكرون، والأحزاب الشريكة بأغلبية المقاعد.


وإذا نجح تحالف ماكرون "معا" في المحافظة على سيطرته في البرلمان، فإن الرئيس سيكون قادرا على تنفيذ جدول أعماله كما كان الأمر في السابق، فيما تقول نتائج سبر الآراء عكس ذلك. 


ومهما كانت نتيجة هذه الانتخابات، فإنه ستكون لماكرون سلطات ملموسة على السياسة الخارجية، ولكن أي ضعف لائتلافه ربما يكون عقبة في طريقه على مدى السنوات الخمس المقبلة من ولايته الثانية، ما سيؤثر على جدول أعمال الرئيس الفرنسي، الذي يتضمن التخفيضات الضريبية والإصلاحات الاجتماعية وزيادة سن التقاعد. 


وبناء عليه، سيكون ماكرون رئيسا متعثرا من خلال فقدان السيطرة على البرلمان عن طريق عدم القدرة على تنفيذ مشاريعه للمسائل الاقتصادية والداخلية الرئيسية، وفي مقدمتهم ملف الهجرة، رغم احتفاظه بملفات الشؤون الخارجية والدفاع وأوروبا. 


ويتصدر ملف التضخم أهم اهتمامات الناخبين الفرنسيين، مثل مسألة الغذاء وارتفاع الأسعار، حيث يأمل ماكرون أن تعطي مبادراته بالمضي قدما بالنمو وإنتاج الغذاء، وقعا إيجابيا لدى الناخبين، فيما يخطط التحالف اليساري بدوره لزيادة الأجر الأدنى الضروري إلى 1400 يورو شهريا.


كذلك أصبح موضوع عنف الشرطة "الطبق السياسي الساخن" هذه الأيام، بعد إطلاق نار دام في باريس. ويأتي ذلك بعد أسبوع من إدانة مسؤولين في الشرطة لاستعمال الغاز المسيل للدموع ضد مشجعين لكرة القدم، خلال نهائي دوري أبطال أوروبا الذي جرى في باريس.

 

اقرأ أيضا: 12 يساريا بحكومة فرنسا الجديدة.. ماذا يريد ماكرون؟

وقد استغل التيار اليساري تلك الأحداث لينتقد ماكرون بشأن سياسة الأساليب الغليظة. في المقابل يقول مراقبون إن ماكرون قد فعل حسنا بنظر الناخبين بشأن القضايا الأمنية، ما دام قد اتخذ تاريخيا نهجا أكثر تشددا من اليسار.


0
التعليقات (0)