صحافة إسرائيلية

"يديعوت": 3 دروس إسرائيلية بعد 40 عاما من حرب لبنان

شن الجيش الإسرائيلي عدوانا على لبنان في عام 1982- جيتي
شن الجيش الإسرائيلي عدوانا على لبنان في عام 1982- جيتي

رغم مرور 40 عاما على حرب لبنان الأولى التي اندلعت عام 1982، إلا أنها ما زالت تحظى باهتمام مختلف المحافل التابعة للاحتلال الإسرائيلي، التي تجتهد في استخلاص الدروس والعبر.

ورأت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، في مقالها الافتتاحي الذي كتبه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، الجنرال غيورا آيلند، أن "من الصواب بعد مرور 40 عاما على الحرب مراجعة ثلاثة من دروس أساسية، لأهمية الساحة اللبنانية (بالنسبة للاحتلال)".

الدرس الأول يتعلق بـ"الرواية"، حيث "تبنت القيادة السياسية-الأمنية الإسرائيلية "القصة التالية؛ هناك أشرار؛ وهي منظمة التحرير الفلسطينية، وأخيار؛ النخبة المسيحية ذات التوجه الغربي، وعلينا أن نقاتل الأشرار ونعزز الأخيار الذين سيصبحون حكام لبنان، وهذا خير لتل أبيب".

وأعربت الصحيفة عن "شدة أسفها لهذه الرواية الصبيانية التي لم تعكس الواقع، وتبين أيضا أن الرواية التي تم تبنيها وعنيت بالفلسطينيين من جهة وبالكتائب من جهة أخرى، تجاهلت وجود نحو 80 في المئة من سكان لبنان ولم يكونوا في القصة بل كانوا في الواقع وهم؛ الشيعة، السُنة، الدروز، المسيحيين من غير الكتائب وكذا السوريين الذين سيطروا على قسم من الدولة".

وقالت: "هكذا، كلما كانت الفجوة بين القصة وبين الواقع أكبر، يكون من السهل الانجرار إلى أخطاء على الأرض، يجدر بنا أن نعترف بهذا الجانب حتى عندما نتبنى روايات في مجالات أخرى، ومنها غزة والقدس وغيرها".

وأما الدرس الثاني فـ"ينشأ عن الأول، فالغاية أو الهدف الحقيقي من الحرب تمثل في إحداث تغيير للنظام في لبنان؛ لكن كان هناك تخوف من أن لا يحظى هذا الهدف بتأييد واسع بين الجمهور، وبالتأكيد لم ينل هذا في العالم، وعليه، فقد تحددت غاية وهمية، هي عسكرية فقط ومتواضعة، بإبعاد عناصر المنظمة 40 كم عن الحدود، وكانت الفرضية المهنية (في كل جيوش العالم) تعتقد أن الجملة الأهم في أمر الحملة هو بند "الهدف".

اقرأ أيضا: هكذا خدع الاحتلال أمريكا والعالم بشأن حرب لبنان الأولى

وذكرت "يديعوت" أن "الهدف هو الرد على السؤال: ماذا نريد أن نحقق، أو لماذا ننطلق إلى الحرب؟"، منوهة إلى أن "الجملة الثانية التي تنشأ مباشرة عن الأولى، هي تعريف "المهمة"؛ والمهمة هي الجواب على السؤال: ماذا نريد أن نفعل كي نحقق الهدف؟".

وتابعت: "مبدأ الحرب رقم "1"، هو إذن؛ "التمسك بالمهمة في ضوء الهدف"، و بالنسبة لمادة الهدف فهي ليست واضحة، وفي هذه الحالة مخفية، وبالتالي فإنه ليس واضحا أي مهمة علينا أن نتمسك بها، وهكذا حصل أنه في اثنتين من جبهات العمل الثلاثة، المركزية والشرقية، تقدم الجيش الإسرائيلي ببطء وعلى مدى خمسة أيام لكنه وصل إلى مدى الـ 40 كم".

ولفتت إلى أنه "في اليوم الأخير، حين فهم فجأة بأن استجابة للضغط الدولي علينا وقف النار في غضون يوم، صدر أمر عاجل بالتحرك شمالا بسرعة والسيطرة على طريق دمشق-بيروت، والسيطرة على هذا المحور كان حيويا في ضوء الهدف الحقيقي، السيطرة على لبنان، لكن قادة الفرق لم يعرفوا هذا، والنتيجة أنه في الجبهة الشرقية علقت فرقتان، وفي الجبهة الشرقية خرقنا وقف النار وكذبنا على أنفسنا وعلى العالم، بأننا نتقدم نحو الطريق المنشود، وفقدنا الكثير من عناصرنا على الطريق".

وأما الدرس الثالث فيتعلق بقول رئيس الوزراء في حينه مناحيم بيغن، الذي اعترف بأن "لبنان كانت "حربا اختيارية"، أي ليست حربا فرضت علينا، بل هي حرب بادرنا إليها انطلاقا من رغبة إسرائيلية في تحسين وضعنا الاستراتيجي؛ وبالفعل، هذا امتياز للقوى العظمى، لكن مشكوك أن يكون مناسبا لنا".

 

1
التعليقات (1)
سلام الجليل
الثلاثاء، 07-06-2022 11:34 م
بعد مضى 4 عقود اليوم على الغزو العسكرى " الإسرائيلى " للبنان فيما أُطلق عليه حينها عملية " سلام الجليل " ، فإن استخلاص الدروس و العبر من تلك الحرب ليس مقتصرا بحال على الجانب " الإسرائيلى " فقط دونا عن الجانب العربى ! فقد بنت القيادة " الإسرائيلية " حساباتها عشية اجتياحها العسكرى للبنان عام 1982 م على أن العالم الغربى سيصطف فى صف موارنة لبنان بقيادة جناحهم السياسى " حزب الكتائب المارونى " ، و جناحهم العسكرى ميليشيا " القوات اللبنانية " ، فتطبق بذلك " إسرائيل " و الغرب الخناق على المقاومة الفلسطينية فى لبنان ، و ينجحا بذلك فى توحيد الفرقاء اللبنانيين خلال الحرب الأهلية الدائرة حينها فى البلاد منذ عام 1975 م ، و الذين إتفقوا على اختلاف مشاربهم على حتمية إبعاد المقاومة الفلسطينية خارج لبنان ؛ لأنها كانت سبب اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) م فى المقام الأول ، و استعادة نظام حكم يقوده الموارنة كما كان الحال فى لبنان قبل اندلاع الحرب الأهلية ! لكن الحسابات " الإسرائيلية " المتعلقة بتنصيب نظام حكم موال للغرب و " إسرائيل " فى بيروت لم تتلاق مع الحسابات الغربية ، فقد أدركت الدول الغربية أن ذلك التدخل السافر فى الشأن اللبنانى سيثير حفيظة الدول العربية ، لأنه كان سيشكل حينها سابقة لم يعرفها العالم العربى منذ الحقبة الاستعمارية فى صورة الإطاحة بأنظمة سياسية ، و تنصيب أخرى موالية له ، و كان سيدفع الدول العربية - بطبيعة الحال - لتهديد المصالح الغربية فى المنطقة ، و ذلك بعد أن عانى الغرب كثيرا من الضربة النفطية الموجعة التى تلقاها من الدول العربية المنتجة و المصدرة للنفط أثناء حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973 م ، و قطعها الإمدادات النفطية عن الدول الغربية الداعمة لـ " إسرائيل " - و على رأسها الولايات المتحدة - أثناء القتال ، بشكل رفع من أسعار النفط فى السوق العالمى إلى مستويات قياسية حينها ، و أنهك اقتصاديات الدول الغربية المستهدفة حتى مطلع ثمانينيات القرن الماضى على الأقل ! بينما سعت فرنسا - الحليف التاريخى لموارنة لبنان - إلى تحسين علاقاتها بالعالم العربى ، و عقد الصفقات التجارية الضخمة مع دول الخليج و العراق و ليبيا مستفيدة فى ذلك من الانتعاش الاقتصادى الذى عاشته تلك البلدان بفضل عائدات النفط المضاعفة خلال تلك الفترة ، ففضلت فرنسا مصالحها الاقتصادية مع العالم العربى على دعم المغامرة السياسية لموارنة لبنان مع " إسرائيل " ! فى المقابل فإن التدخل العسكرى السورى فى لبنان منذ صيف عام 1976 م ، و حربه ضد فصائل المقاومة الفلسطينية ، و القوى السنية المناوئة له فى لبنان ؛ أفسح المجال أمام صعود قطب سياسى جديد فى البلاد هو القوى الشيعية اللبنانية بقيادة حركة " أمل " ! فى حين أدى انقلاب ملالى إيران على منظمة التحرير الفلسطينية بعد انحياز الأخيرة إلى جانب العراق فى أعقاب اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية (1980 - 1988) م ، إلى تأسيس إيران لجماعة " حزب الله " فى الجنوب اللبنانى لتحل محل منظمة التحرير الفلسطينية بعد اجتياح الجيش " الإسرائيلى " لبنان ، و إجلائه للفصائل الفلسطينية من الأراضى المتاخمة للحدود الشمالية للكيان الصهيونى بعمق لا يقل عن 40 كلم من الأراضى اللبنانية ، وصولا إلى محاصرة مقر " ياسر عرفات " فى بيروت ! لكن " إسرائيل " لم تتخل عن الموارنة الذين راهنوا عليها ، و خذلهم الغرب فأسست منهم " جيش لبنان الجنوبى " لحماية الحدود الشمالية للكيان الصهيونى ، و ظل ذلك الجيش العميل قائما حتى الانسحاب " الإسرائيلى " من جنوب لبنان ربيع عام 2000 م تحت وطأة هجمات حزب الله منذ عام 1982 م . أما الولايات المتحدة و فرنسا فقد أرسلا قواتهما إلى بيروت تحت مظلة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ، و ذلك من أجل حماية الموارنة فى أعقاب الاجتياح " الإسرائيلى " للبنان ، و نجح حزب الله فى إجلائهم عن بيروت بعد أن نفذ أحد مقاتليه عملية استشهادية باستخدام شاحنة مفخخة - هى الأولى من نوعها على الإطلاق فى تاريخ حروب العصابات - استهدفت موقعا لتلك القوات فى شهر أكتوبر / تشرين الأول عام 1983 م ، و أسفرت عن خسائر بشرية فادحة فى تلك القوات التى فوجئت بتلك النوعية غير المسبوقة من الهجمات ! بينما ظلت لبنان ساحة لحرب استخبارية بين الولايات المتحدة و إيران لسنوات تالية للانسحاب الأمريكى من بيروت ، سقط خلالها العديد من ضباط الاستخبارات المركزية الأمريكية فى قبضة مقاتلى " حزب الله " ، حيث جرى إعدام بعضهم ! و بطبيعة الحال لم تكن لتقدم " إسرائيل " على اجتياح عسكرى للبنان دون تأمين الجبهة الجنوبية مع مصر ، و إتمام انسحابها العسكرى الكامل من سيناء فى أبريل / نيسان عام 1982 م ، تنفيذا لمقررات إتفاقية السلام الموقعة مع مصر فى مارس / آذار عام 1979 م ، حيث قامت بنقل فرق عسكرية " إسرائيلية " من سيناء بعد 6 أسابيع من عملية الانسحاب ، لتشارك فى لاحقا عملية " سلام الجليل " !