هكذا يهدد تغير المناخ الأمن المائي والغذائي للهند وباكستان
عواصم- الأناضول31-May-2207:10 AM
0
شارك
تجتاح البلدين حاليا موجة حر شديدة تصل فيها درجات الحرارة إلى 51 درجة مئوية في باكستان و49 درجة مئوية في الهند
يحذر
علماء بيئة باكستانيون وهنود من مخاطر ارتفاع درجات الحرارة الناتج عن تغير
المناخ، ما يهدد الأمن المائي والغذائي في البلدين.
ووفقا لتقرير لوكالة الأناضول، فإنها تجتاح البلدين حاليا موجة حر شديدة تصل فيها درجات الحرارة إلى
51 درجة مئوية في باكستان، و49 درجة مئوية في الهند.
ومع
توقعات باستمرار ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة، يحذر علماء البيئة من أن
ذلك سيسرع من ذوبان أنهار الجليد، ما سيؤدي في النهاية إلى إتلاف المراعي والمحاصيل
الزراعية مع زيادة في انكماش الأراضي الرطبة.
ويحذر
عالم البيئة الباكستاني عاشق أحمد خان من أن ارتفاع درجات الحرارة "سيؤدي إلى
نقص حاد في المياه، وبالتالي فإنه سيضر بالزراعة والتنوع البيولوجي في المنطقة".
ويقول
إن "ذوبان الأنهار الجليدية يمثل التأثير الأساسي لتغير المناخ، وخاصة ارتفاع
درجات الحرارة".
ويعتقد
خان أن "ملايين الأشخاص في المنطقة، وخاصة الذين يعتمدون على تربية الماشية في
المناطق الجبلية، سيواجهون خسائر كبيرة ناتجة عن تدمير المراعي بسبب تغير المناخ".
فيما
قال ماهيش بالاوات، رئيس وكالة الطقس الهندية الخاصة "Skymet" إن "درجات الحرارة غير الاعتيادية
في البلاد نتيجة لتغير المناخ".
وأضاف
أن "المناطق الشمالية الغربية والوسطى في الهند تأثرت بشدة بسبب موجات الحر، التي
تسببت أيضا في انقطاع التيار الكهربائي وأزمة مياه في أجزاء كثيرة من البلاد".
أرقام
غير اعتيادية
كبير
خبراء الأرصاد الجوية الباكستانية سردار سارفراز، قال إن موجة الحر الحالية "غير
عادية" بسبب وصولها المبكر قبل أكثر من أسبوعين من الموعد المتوقع، وهذا يعود إلى تغير المناخ.
ولفت
إلى أن شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل الماضيين، شهدا درجات حرارة عالية تاريخيا مع
انخفاض كبير بمعدل هطل الأمطار عن المستوى المعتاد بنسبة 62 بالمئة، و72 بالمئة على
التوالي.
وأردف:
"بصرف النظر عن الإجهاد المائي وذوبان الأنهار الجليدية، فإن موسم الرياح الموسمية
آخذ في التحول، ما يؤثر بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي لدول جنوب آسيا".
وتعدّ
الهند وباكستان من بين الدول العشر الأكثر عرضة لتغير المناخ، حيث زادت حدة العواصف
البحرية والأعاصير في كلا البلدين، بسبب هذه الظاهرة على مدى السنوات العشر الماضية.
وخلال
الأسبوع الماضي، حظرت الهند، ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، صادرات المواد الغذائية
الأساسية، مؤكدة "وجود خطر على الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار".
ورغم
امتلاكها أحد أكبر أنظمة الري في العالم، إلا أن باكستان تعد مستوردا للقمح وغيرها
من المواد الغذائية الأساسية، خاصة مع تقلص أراضيها الزراعية بسبب سلسلة من العوامل
تشمل: الفيضانات الهائلة، والجفاف، وأزمة الإسكان المتزايدة.
وفي
مقاطعات البنجاب الشمالية الشرقية، والسند الجنوبية، حيث تتواجد سلتا الخبز الرئيسيتان
في باكستان، أدت الزيادة السكانية في السنوات الأخيرة إلى تحويل مساحات شاسعة من الأراضي
الخضراء إلى غابات خرسانية.
ونزح أكثر من مليوني شخص في باكستان بسبب الفيضانات التي غمرت خُمس مساحة البلاد في
2010، ما أدى إلى هجرة جماعية من المناطق الريفية نحو المدن.
ووفقا
لوزارة التغير المناخي الباكستانية، فإن نحو 70 بالمئة من المهاجرين داخليا لم يعودوا
إلى بلداتهم وقراهم الأصلية، بل استقروا في المدن الكبرى لكسب لقمة العيش، خاصة بعد
تدمر منازلهم القديمة وأراضيهم الزراعية.
أما
في الهند، فتؤدي الأمطار والفيضانات الغزيرة إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص كل عام،
إضافةً إلى إتلاف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.
المزيد
من موجات الحر
"تقرير
حالة المناخ"، الصادر مؤخرا عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم
المتحدة، حذر من أن المنطقة "يجب أن تتوقع موجة حر كل ثلاث سنوات، تتجاوز درجات
الحرارة القياسية التي شوهدت في 2010".
وأضاف
أنه "بدون تغير المناخ، لن تحدث درجات الحرارة القصوى هذه إلا مرة واحدة كل
312 سنة".
ووفقا
للتقرير، فإنه "يتسبب تغير المناخ في ارتفاع درجات الحرارة، ما يزيد من احتمالية ارتفاعها
بمعدل 100 مرة عن درجات الحرارة الاعتيادية".
وتشيع
موجات الحر في الهند وباكستان خلال أيار/ مايو وحزيران/ يونيو وتموز/ يوليو، ولكن بسبب
البدء المبكر لموسم الصيف من هذا العام، فقد ارتفعت درجات الحرارة إلى مستويات عالية جديدة
في مارس الماضي.
ويستند
التقرير إلى موجة الحر التي ضربت باكستان والهند في نيسان/ أبريل وأيار/ مايو 2010، عندما شهدت المنطقة
أعلى متوسط درجات حرارة منذ عام 1900.
وفي
حال تواصل حالة تغير المناخ بحسب الاتجاهات المتوقعة في الدراسة، فإن البلدين سيشهدان
درجات حرارة عالية مماثلة تقريبا كل عام، وحتى نهاية القرن الحالي.
التكيف
مع تغير المناخ
يقول
عالم البيئة الهندي رافيندرا خيوال إن "دراسة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية
تثير الحاجة الملحة للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته، وتحديدا في الاقتصادات
الناشئة مثل الهند".
ولفت
خيوال إلى أنه "على الرغم من النمو الاقتصادي المرتفع نسبيا، إلا أن نيودلهي لا تزال
بحاجة إلى العمل لتحقيق القضاء التام على الجوع".
وأضاف:
"في ظل الظروف المناخية المتغيرة، يجب أن يكون الأمن الغذائي على رأس أولويات
جهود التنمية في البلاد للحد من الجوع وسوء التغذية".
وأوضح
أن بعض الأدلة حول وضع الأرز والقمح الموجود في الأراضي المنخفضة الهندية "جانجتيك"،
والذرة الرفيعة والبطاطا في غرب البنغال، والذرة الرفيعة والبطاطا والذرة على الهضبة
الجنوبية، تشير إلى أنها ستشهد انخفاضا في الإنتاج خلال السنوات القادمة.
الأمراض
والتلوث
وأصدرت
وزارة الصحة الهندية، خطة خاصة بالتكيف الصحي مع الأمراض المرتبطة بالحرارة والتلوث،
كجزء من خطة وطنية بشأن تغير المناخ والصحة.
واعتبر
خيوال أن "الهند تبلي بلاءً حسنا في التنبؤ بموجات الحر، ومع ذلك، فإنه بالنظر إلى
عدد سكانها الكبير بالمناطق الريفية،فإننا نحتاج للتركيز عليهم بشكل أكبر، بما في ذلك السكان
المهمشون والضعفاء".
من جانبه،
قال العالم الباكستاني أحمد خان إن "دولا مثل باكستان، التي لها نصيب ضئيل جدا
من تدمير البيئة، لا يمكنها فعل الكثير لتقليل تأثيرها (..) ما يمكننا فعله هو الاستعداد
للتكيف".
وتابع:
"هذا يعني أنه يجب علينا تقليل وإدارة استهلاك الغذاء للتعامل مع الأمن الغذائي
بالمستقبل القريب، أو تجهيز أنفسنا للتعامل مع الأمراض التي تسببها الحرارة الشديدة،
والآثار الأخرى لتغير المناخ".