هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
هاجم المعارض المصري، والمنسق المساعد للجمعية الوطنية للتغيير سابقا، محمد صلاح الشيخ، الدعوة التي أطلقها رئيس النظام عبد الفتاح السيسي للحوار الوطني، قائلا؛ إنها "تهدف لإنقاذ سفينته الغارقة"، ومؤكدا أن "أي حوار حقيقي يبدأ برحيل السيسي".
وشدّد الشيخ، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أن "هذه دعوة غير جادة على الإطلاق لحوار وطني يعمل على إنهاء الأزمة المصرية المتفاقمة، وهذا ليس بجديد على السيسي الذي أطلق العديد من الوعود السابقة، بينما أثبت الواقع كذب وخداع جميع تلك الوعود، ومن ثم فقد أضاع كل الفرص التي كانت أمامه طوال تلك السنوات الماضية".
ونوّه إلى أن ما وصفها بالأزمة الاقتصادية الطاحنة، والضغوط الخارجية المتزايدة، هي التي دفعت رأس النظام لإطلاق تلك الدعوة، موضحا أن "العملة المصرية فقدت نحو 50 ضعفا من قيمتها منذ 1952 وحتى الآن، نتيجة 70 سنة من حكم العسكر، بينما الشعب هو مَن يدفع ثمن النهب المُنظم، بعدما تحوّل نظام تموز/ يوليو إلى حكم عصابات مافياوية فاشية بشكل صريح لا مواربة فيه".
النموذج النازي
وأردف الشيخ: "هذه المجموعة العسكرية التي خرجت علينا في انقلاب 23 تموز/ يوليو 1952 لتحتكر وتصادر قرار الدولة المصرية، تمثل نموذجا أسوأ من التجربة النازية الهتلرية، ولتطعن في تجربة حزب الوفد وثورة 1919، بينما لم تفهم حتى الآن أن زمانها انتهى تماما في عالمنا الحديث، ومن ثم فهم غير مؤهلين للحوار بأي صورة من الصور".
وأضاف: "فليرحل السيسي وكفى ما دفعه المصريون من أثمان باهظة بسببه. هذا السيسي زاد الجباية الظاهرة من المصريين أربعة أضعاف، أما الجباية غير الظاهرة فحدث ولا حرج، وهو أشبه بشخص مجنون يجلس على الدريكسيون (عجلة القيادة)، وهو يتزعم عصابات الاستبداد واللصوصية، بينما يجب عقاب مَن أخذ بالمصريين إلى طريق الأشواك إفقارا وإرهابا، وصم الأذن عن صوت الحق والعقل والحكمة".
وأكمل: "عصابات العسكر صانعة الإجرام والإرهاب، تضع اليوم حوالي ربع مليون إنسان في سلخانات غير آدمية في أماكن حجز أقسام شرطة عصابة صريحة، وتضع أكثر منهم في سلخانات سجون شبه دولة تم إفقار وقهر أصحابها"، مضيفا: "قبل آلاف السنين صنع المصريون جيشهم، وكانت هناك صفحات بيضاء كثيرة، لكن أغلبها كان بعد صفحات خيانة سوداء من عسكريين جعلوا جيشنا علينا لا لنا".
واستطرد المنسق المساعد للجمعية الوطنية للتغيير سابقا، قائلا: "القطار لكي يسير لا بد له من قضبان وسائق جيد، لكن مصر اليوم بلا قضبان أو سائق، ومن ثم فلن يسير عليها أي قطار".
أحزاب "صنيعة أمنية"
وردا على ترحيب حزب الوفد الليبرالي، وغيره من الأحزاب الأخرى، بدعوة السيسي للحوار، قال: "بكل أسف بات الوفد اليوم جزءا من صنيعة الدولة البوليسية؛ فنخبة جرى صناعتها سرا على أعين الأجهزة الأمنية، بينما الوفد الحقيقي هو الذي يُصنع في النور، وهو الذي يدير الجيش والمؤسسات لصالح الشعب المصري".
وتابع القيادي السابق في حزب الوفد: "الدولة العسكرية العميقة صنعت النخب الحالية من أحزاب، ومنظمات مجتمع مدني، وجمعيات أهلية، ورجال أعمال، ورؤساء جامعات، ورجال دين، وإعلاميين؛ فهي كلها مجرد صور مصنوعة برداءة. ولذلك فعلى الشعب أن يفرز نخبا جديدة وحقيقية بدلا من النخب العفنة".
الإطاحة بالسيسي
وفي الوقت الذي عبّر فيه عن تفهمه لموقف بعض الشخصيات العامة من التعاطي مع دعوة الحوار، انطلاقا من محاولة إيجاد حل وسط والإفراج عن بعض سجناء الرأي، أضاف: "الحل الوسط، وبداية حل الأزمة، لن يخرج من هذا الحوار؛ لأن إصلاح أي شيء يبدأ من العقل والرأس، فلا يمكن تصور حدوث أي إصلاح حقيقي في ظل وجود السيسي في منصبه".
وتابع الشيخ: "لا يمكن ترك السيسي المغتصب لمنصب الرئاسة في هذا الموقع أكثر من ذلك، خاصة بعد تآمره الكبير والواضح على ثورة يناير، وبعدما باتت الأزمات والمصائب الخطيرة تلاحقنا من كل صوب وحدب، ومَن يقول غير ذلك فهو يخادع نفسه والآخرين".
إلغاء التعديلات الدستورية
وطالب بإلغاء التعديلات الدستورية التي تم إدخالها على دستور 2014، والتي قال إنها "جاءت تفصيلا على مقاس السيسي ومنظومته العسكرية، ولذلك يجب علينا تفعيل دستور 2014 وإيجاد مخرج قانوني للأزمة الخانقة، وقد يكون ذلك عبر تفويض إدارة الدولة لرئيس وزراء مستقل ووطني كالدكتور زياد بهاء الدين، المعروف بتوجهه الديمقراطي والاجتماعي".
وقال: "يجب استعادة دستور 2014 الديمقراطي، ومحاسبة المنقلبين عليه، ثم البدء خلال عامين في مسار انتقال ديمقراطي واقتصادي حقيقي، يكون على رأسه تحقيق العدالة الانتقالية لكل جرائم ما قبل ثورة يناير وبعدها، والاتفاق على قوانين حقيقية لاستقلال القضاء والإعلام وغيرهما، مع قيام أحزاب حقيقية، وحينها فقط سنكون إزاء جمهورية جديدة حقا".
واتفق الشيخ مع التصريحات التي قالها الحقوقي والناشر البارز، هشام قاسم، في مقابلة سابقة مع "عربي21" بأن "السيسي سيكون آخر الحكام العسكريين لمصر"، مرجعا ذلك إلى "طبيعة العالم الحديث الذي نعيشه، وبعدما أدرك الجميع الفشل الذريع للحكم العسكري، بالإضافة إلى أن هناك إدراكا عالميا متناميا بخطورة وجود مستبدين؛ كبارا كانوا أو صغارا".
اقرأ أيضا: هشام قاسم لـ"عربي21": السيسي آخر حاكم عسكري بمصر
غياب البرادعي
وبسؤاله عن سر غياب المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، عن تطورات المشهد المصري، أوضح الشيخ، الذي كان قياديا في حملة دعم البرادعي قبيل اندلاع ثورة يناير، أن "البرادعي لا يختفي عن أي مشهد سياسي حقيقي أو شبه حقيقي، لكن هذا المشهد عبثي بامتياز لا يليق بأن يتفاعل معه".
وأردف: "البرادعي أعطى للوطن ما له تعطه المنظومة العسكرية طوال 70 عاما، والرجل لا يمكن أن يتأخر، ولن يتأخر مستقبلا، حينما يرى أملا حقيقيا وجادا ومخلصا، خاصة أنه حاول وسعى سابقا لعقلنة كل العصابات العسكرية أو الدينية، لكنه لم يفلح في ذلك مع الأسف".
ومحمد صلاح الشيخ كان أول من نادى بعودة البرادعي إلى مصر عام 2009، وهو صاحب فكرة ترشح البرادعي ممثلا للمعارضة لانتخابات الرئاسة في مواجهة الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل اندلاع ثورة يناير، وقاد حينها، بصفته عضوا بحزب الوفد، تيارا داخل الحزب العريق لمساندة البرادعي، بعدما أسّس حركة "وفديون ضد التوريث".
وحول مستقبل الحكم العسكري في مصر، قال؛ إن "التاريخ يخبرنا أن هذا النموذج من الحكم يستمر في الصعود إلى قمة الجبل لفترة، طالت أو قصرت، إلا أنه حتما سيهوي إلى سفح الجبل يوما ما، وحينها لن تقوم له قائمة".
وكان السيسي قد دعا، نهاية شهر رمضان المبارك، إلى إطلاق حوار بين القوى السياسية كافة، "دون تمييز ولا استثناء"، وذلك في دعوة هي الأولى من نوعها منذ وصوله للسلطة صيف 2014، مُعلنا عن إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تشكلت أواخر 2016.
وتباينت ردود الفعل من القوى السياسية المختلفة ورموز المعارضة في الداخل والخارج إزاء تلك الدعوة؛ بين الرفض والتأييد والتحفظ المشروط.