هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسببت أحداث المسجد الأقصى في الأيام الأخيرة بالعديد من النتائج الإسرائيلية، الداخلية والخارجية، لا سيما على صعيد علاقاتها مع الدول العربية، خاصة الأردن، لأن نظرة رصينة وشاملة على التطورات الإقليمية الأخيرة أدت إلى استنتاج مفاده أن النزاعات حول المسجد الأقصى قبل مائة عام، تسببت في تسخين الأوضاع داخل المملكة، وتحولها إلى ألسنة اللهب، مما جعلها تعيش بين المطرقة والسندان.
مع العلم أن الملك الأردني عبد الله الثاني، الذي يتعافى حاليًا من جراحة في ظهره في ألمانيا، سمع عن تفاقم الأحداث في المسجد الأقصى، وقد أوعز لحكومته بالتصرف مع هذه الأحداث، بعد أن رفض إرسال ممثل له إلى قمة النقب التطبيعية الأخيرة، خشية التأثيرات المتوقعة على الصعيد الأردني الداخلي.
أوري بارزيل منسق البرنامج الدولي بجامعة رايخمان، والخبير في صنع القرار والسياسة الخارجية والاستراتيجية في "إسرائيل"، ذكر في مقاله بموقع "زمن إسرائيل"، ترجمته "عربي21" أن "الأردن فضل هذه المرة الابتعاد عن الرياح الحارقة، وآخر ما يريد فعله هو عزل نفسه عن التطورات الجارية في المنطقة، لكن الملك يدرك أهمية علاقاته مع الفلسطينيين، وتجنب تصور تخليه عن القضية الفلسطينية، وفي القلب منها المسجد الأقصى، مما يرجعه جزئيًا للتحديات المتزايدة داخل المملكة".
اقرأ أيضا: معاريف: الأردن طلب من إسرائيل تحمّل الانتقاد بشأن الأقصى
وأضاف أن "أحداث الأقصى الأخيرة أكدت أنه لا يوجد جديد تحت الشمس على صعيد الموقف الأردني من القضية الفلسطينية، ففي كثير من الأحيان في الماضي وقف بجانبها، حتى لو كلفه ذلك التفريط بإنجازات أخرى محتملة، ولذلك سارع لإدانة سلوك إسرائيل في المسجد الأقصى، وليس بالضرورة الإضرار بالعلاقات الحميمة معها، لا سيما في أعقاب ركودها في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولقاء الملك الأخير مع الرئيس يتسحاق هرتسوغ في عمان لإنشاء مستودع غذائي مشترك لتعزيز الأمن الغذائي الإقليمي عقب حرب أوكرانيا".
جاء تزامن أحداث المسجد الأقصى مع التطورات الإقليمية ليجعل الأردن يتخذ سياسة أكثر حزما من مرات سابقة تجاه إسرائيل، رغم غيابه عن منتدى النقب الذي ضم إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين والمغرب، لكنه يعلم أن أي تساهل منه في الموقف من أحداث الأقصى يعني إفساح المجال أمام قوى إقليمية عربية وإسلامية أخرى للدخول على خط الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس المحتلة، خاصة السعودية.
في الوقت ذاته، يدرك الأردن أن كل طرف فلسطيني وإقليمي يحاول وضع نفسه على أنه "مدافع عن الأقصى"، خاصة في شهر رمضان، رغم أن ذلك قد يضر بعلاقاته مع إسرائيل، مما قد يحمل في طياته مخاوف من تأثيرات أمنية داخلية في المملكة، وفي هذه الحالة فإن فقدان السيطرة الرمزية على المسجد الأقصى، قد يعني تقويض الوصاية الأردنية عليه، وهذا يعني، وفقا للتقدير الإسرائيلي، اختبارا لقيادة الملك عبد الله، خاصة على صعيد قدرته بوضع الأردن كعامل استقرار إقليمي، مع الحفاظ على الاستقرار الداخلي.