هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ارتفعت خلال الأيام القليلة الماضية حدة التوتر
بين روسيا وإسرائيل، على خلفية عدة قضايا، أهمها الموقف الإسرائيلي من تدخل موسكو
في أوكرانيا، حيث وجه وزير الخارجية يائير لابيد نقدا للحرب الروسية هناك واعتبرها
جريمة حرب.
كذلك أيدت إسرائيل طرد روسيا من مجلس حقوق
الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعلى إثر ذلك استدعت وزارة الخارجية الروسية السفير
الإسرائيلي في موسكو أليكس بن تسفي للمثول أمامها الاثنين احتجاجا على الموقف
الإسرائيلي.
مآلات التوتر
وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية ككل لم
تعلق بشكل واضح على التدخل الروسي في أوكرانيا، إلا أن هذا التوتر الحاد بينهما إثر
تصريحات لابيد يشي بوجود اختلاف في وجهات النظر حول هذا الملف، لكن يبقى السؤال
إلى أي مدى يمكن أن يصل هذا الخلاف والتوتر؟
أكد المحلل السياسي الروسي تيمور دويدار أن
"التوتر بين الطرفين لا يقتصر على الملف الأوكراني فقط، حيث ظهر توتر آخر
بينهما حول حوش الكسندر الأرثوذكسي في القدس والذي تطالب روسيا بملكيته".
وأشار إلى أن "هذه القضية تم نقاشها في
زمن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، الذي وعد وقتها الرئيس
الروسي بوتين بنقل ملكية الحوش لموسكو، وهذا الموضوع دخل المحاكم لدى الاحتلال، ولم
تحل القضية بعد، ورسميا الكرملين يقول لإسرائيل أعطونا هذا الحوش كما وعدتم".
وتابع دويدار خلال حديثه لـ"عربي21":
"أيضا الموقف الإسرائيلي ضد روسيا في الاجتماع الأخير للجمعية العمومية للأمم
المتحدة، أوضح بأن الخلاف بين الطرفين كبير، خاصة بعد أن أخذت إسرائيل موقفا قريبا
للموقف الغربي".
اقرأ أيضا: تصعيد روسي على شرق أوكرانيا.. واجتماع مرتقب لبايدن
ولفت إلى أن "التصريحات في الداخل
الإسرائيلي المناهضة لروسيا تزداد ليس فقط في الإعلام أو الشارع، إنما في إطار
السياسة الإسرائيلية، وبرأيي كل هذا ليس في صالح العلاقات الثنائية".
واستدرك بالقول: "لكن الإدارة الروسية من
الناحية السياسية لا تستطيع اتخاذ قرار حاسم تجاه إسرائيل، فهذه روسيا الاتحادية
وليست الاتحاد السوفيتي في عام 1982 عندما قرر وزير الدفاع آنذاك تدمير مفاعل
ديمونا وإسرائيل، بالتالي ربما لن يكون هناك شجار مشكلة دبلوماسية أو عسكرية بين
الطرفين لكن ستبقى النار موقدة ولكنها ستبقى خفيفة وساكنة وليست ملتهبة
بقوة".
توتر محدود
من جهته أشار المختص بالشأن الإسرائيلي مأمون
أبو عامر، إلى أن "التوتر بين الطرفين لا زال محدودا بسبب تصريحات وزير
الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، وبالتالي أعتقد إذا بقي الأمر على هذا المستوى
لن تحدث تطورات كبيرة".
وأوضح أبو عامر خلال حديثه
لـ"عربي21"، أن "روسيا تدرك أن الموقف الإسرائيلي ناتج عن محاولة إسرائيلية لإرضاء الضغط الغربي الكبير على تل أبيب لاتخاذ موقف ضد التدخل الروسي في أوكرانيا،
وبالتالي الأمر لا زال في مهده بين الطرفين".
ولفت إلى أن "إسرائيل تناور بين الطرفين،
فهي تحاول الحفاظ على مصالحها بأن تبقى مدعومة غربيا، وبنفس الوقت لها مصلحة كبرى
مع روسيا في موضوع الملف السوري والهيمنة على الأجواء السورية، خاصة أن من يهيمن
على هذه الأجواء هي روسيا".
وأضاف: "بالتالي فإسرائيل مضطرة للمحافظة
على هذه التوازنات، لكن إذا استمر التوتر أكثر واتخذ منحى أكبر، ربما يكون هناك
نوع من اختلالات التوازن، بمعنى إذا قررت
روسيا سحب قواتها من سوريا، ربما يتغير الموقف الإسرائيلي لصالح الموقف الغربي
بشكل أكبر، بالتالي ربما هذا يصعد الموقف أكثر بين الطرفين، خاصة أن روسيا لن تكون
هي المسيطر الأكبر على الأجواء السورية، لهذا أعتقد أن العلاقة بين الطرفين تعتمد
على المصلحة على الأرض".
وأوضح أن "موضوع الإدانة الإسرائيلية
سيبقى ضمن المستوى السياسي، بالتالي هذا الأمر يخفض من مستوى التعاون بين الطرفين،
لكنه سيبقى قائما فروسيا غير معنية بكسر هذه العلاقة أيضا".
وتابع: "خاصة أن الموقف الإسرائيلي في
الجانب السياسي لا يؤثر كثيرا على مصالح روسيا في أوكرانيا، لكن إذا حدثت اختلالات
عبر تدخل إسرائيلي إضافي في الساحة الأوكرانية، ربما يؤدي إلى تناقض في المصالح
وقد يؤدي لتحرك الدفاعات الجوية الروسية في سوريا للتصدي للطائرات الإسرائيلية،
بالتالي لا أعتقد أن روسيا ستبادر لقطع العلاقة من طرفها طالما بقيت الأمور على
حالها".
اتفاق غير موقع في سوريا
من المعلوم جيدا أن إسرائيل على الرغم من وجود
روسيا في سوريا إلا أنها تقوم بين الفترة والأخرى بقصف الأراضي السورية دون تدخل
روسي للتصدي لها عبر الدفاعات الجوية.
كذلك هناك تنسيق بين الطرفين حول الملف السوري
والتحركات الإسرائيلية داخل سوريا، مما يدفع للتساؤل حول تأثير استمرار التوتر بين
الطرفين خاصة إذا ما زاد منسوبه على التنسيق بينهما في الملف السوري.
أكد دويدار أن "سياسة الباب الخلفي بينهما
في سوريا سوف تستمر، بالتالي سيبقى هناك اتفاق بينهما ولن يتم تغييره بمعنى عدم
تعرض الدفاعات الجوية الروسية للطيران الإسرائيلي، خاصة أن هناك بينهما أمور
أسميها اتفاقا، لأنه لا توجد كلمة أخرى لتسمية ذلك نعم ربما غير موقع كاتفاقية
رسمية ولكن هو نوعا ما اتفاق ضمني حتى لو كان غير موقع".
وأضاف: "كذلك لو عدنا مرة أخرى لقوة
كلمة وقدرة روسيا اليوم، فهي كما قلت ليست الاتحاد السوفيتي السابق بقوته، حيث ليس
لديها القدرة على إخماد أو إسكات إسرائيل مثلما كان الاتحاد يفعل ذلك قديما،
فوقتها كان العالم كله بمن فيهم أمريكا يصمت أمام قدرته الاقتصادية والعسكرية،
بينما الآن نحن نشاهد دولة مختلفة تماما،
بالتالي لا داعي للمقارنة بينهما في رد الفعل، خاصة تلك المقارنة التي يقوم بها من
هم في الشرق الأوسط تحديدا".
من جهته أوضح أبو عامر، أنه "لا يمكن عزل
الملف الأوكراني عن الملف السوري، بالتالي إسرائيل لم تتخذ هذا الموقف شبه المحايد
في الملف الأوكراني إلا بسبب مسألة سوريا، والغرب يدرك هذا الأمر لذلك لا يمارس
ضغطا كبيرا عليها للانحياز أكثر تجاه الموقف الأوكراني".
وأضاف: "لذلك لا أعتقد أن إسرائيل ستذهب
بعيدا عبر دعم أوكرانيا، لكن ربما يقتصر الأمر فقط على المواقف السياسية حفاظا على
مصالحها في الساحة السورية، بالتالي على المدى المنظور سيستمر التنسيق بينهما في
سوريا، إلا إذا حدثت تغييرات جديدة في الموقف الإسرائيلي تجاه ملف أوكرانيا وهذا
التغير إذا حدث فهو سيحكم الموقف الروسي من التنسيق بينهما في سوريا".
وخلص بالقول: "أعتقد أننا سنبقى ننتظر
موقف بينت بمعنى حسم الموقف الإسرائيلي تجاه ملف أوكرانيا، لكن في الوقت الحالي
ربما يكون هناك نقد لروسيا لكنه سيبقى على المستوى المنخفض ولن يتعدى التصريحات
السياسية فقط لإرضاء المجتمع الغربي".