فيما تبدي دولة الاحتلال قلقها من التوترات الأمنية المتصاعدة، فإن خبراءها الأمنيين والعسكريين يظهرون أن لديها مشكلة كبيرة، وهي أنها خالية تماما من العمق الاستراتيجي، هذا هو حالها اليوم، وسيبقى كذلك في المستقبل، باعتبارها دولة صغيرة، وضعفها الظاهر أيضًا، مما يجعلها عرضة لمضايقات عسكرية، خاصة عندما تكون على خلفية أيديولوجية.
في الوقت ذاته، هناك تعقيد آخر يواجه دولة الاحتلال، يتركز في أن العداء للدولة اليهودية يستند إلى أبعاد أيديولوجية، مما سيجد طريقه عبر إطلاق الصواريخ أو القذائف، والوقوف على التلال القريبة من الحدود، والحديث يدور عن حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وإيران ذاتها، وربما الحوثيون في اليمن.
مردخاي ليبمان الخبير الاستراتيجي ذكر في مقاله بموقع "
نيوز ون"، ترجمته "عربي21" أنه "ليس من الصعب التكهن بما سيحدث إذا ومتى اندلع قتال بين إسرائيل وإيران، فهي التي قد تضرب أولاً، ولا ينبغي استبعاد مثل هذا الاحتمال لضربة استباقية إيرانية بأي شكل من الأشكال، لأنها تعلن صباح مساء أنها ملتزمة بالقضاء على "العدو الصهيوني" بوصفه "الشيطان الأصغر"".
وأضاف أنه "في الوقت نفسه، فإن إسرائيل لديها مشكلة كبيرة، وتتمثل بأنها محرومة تمامًا من العمق الاستراتيجي، ونتيجة لذلك فإنها تعاني من خطر استراتيجي وتكتيكي على حد سواء في نفس الوقت، وبالتالي فإنها الوحيدة التي ليس لها عمود فقري تكتيكي بدون عمود فقري استراتيجي، وهو ما ثبت فعلياً على الحدود مع قطاع غزة الذي يفتقر لأي قواعد جوية، لكنه شكل لإسرائيل تحديا وتهديدا كبيرين".
يستذكر الإسرائيليون هذه الأخطار والعيوب التي تعانيها دولتهم، رغم ما يزعمونه من إنجازات شهدتها حرب 1967، وفي استهداف المفاعلات النووية العراقية والسورية بفعل ما قام به سلاح الجو الإسرائيلي، حتى أنه بات يوصف من بين الأفضل في العالم، وربما حتى الأفضل منها، لكنه رغم ذلك يعاني من حالة "التلعثم" في بعض المواجهات العسكرية، ويتسبب بخيبة أمل كثيرين يعتقدون أنه سيوفر للدولة نفس العمق الاستراتيجي الذي تعاني من عدم توفره لها.
في الوقت ذاته، يزعم الإسرائيليون أن فرص دولتهم في البقاء على قيد الحياة وفق البيانات الموجودة جيدة، طالما أنها تمتلك هذه المظلة الجوية، والقدرة على الرد على الضربة الاستباقية، لكن المشكلة التي تواجه إسرائيل تكمن فيمن سيحوز القدرة على الضرب المسبق، وبشكل أكثر دقة، وهو ما بتنا نراه في ساحات القتال في أوكرانيا، حيث الدمار الكبير الذي سببته الصواريخ الروسية.
تبدي الأوساط الإسرائيلية قلقها من تكرار ما تعانيه روسيا، وبعدها كل البعد عن تحقيق قوتها في مجال الصواريخ خلال حربها مع أوكرانيا، رغم أنه من المشكوك فيه ما إذا كانت روسيا قد استثمرت 10٪ من قوتها، لكن الدمار الذي لحق بالمدن الكبرى في أوكرانيا، وتخريب صناعتها ومحطات المياه والكهرباء فيها، لا يوفر الحسم الذي تصبو إليه روسيا، الأمر الذي قد يجعل إسرائيل الصغيرة تعاني مجددا من مثل هذا الوضع البائس، مما سيشجع أعداءها الساعين لتدميرها.