ملفات وتقارير

7 سنوات على حرب اليمن.. تغيّر لافت بنهج السعودية الإعلامي

شرعت السعودية في حربها ضد الحوثيين بالعام 2015 بيد أن الحرب طالت 7 أعوام- واس
شرعت السعودية في حربها ضد الحوثيين بالعام 2015 بيد أن الحرب طالت 7 أعوام- واس

تدخل الحرب السعودية في اليمن ضد الحوثيين عامها الثامن، دون تحقيق أهدافها التي أعلنت عنها الرياض في العام 2015.

 

وكان ولي العهد محمد بن سلمان قال إن بلاده ومن خلال "عاصفة الحزم" بإمكانها القضاء على الحوثيين خلال أسبوعين، كما ذكر المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية جون برينان، أن ابن سلمان أبلغه أن الجيش السعودي سيدخل صنعاء خلال الأسابيع الأولى من الحرب، بيد أنه لم يقترب منها بعد مرور سبع سنوات، بحسب مذكرات المسؤول الأمريكي.


وبالتزامن مع مرور 7 أعوام كاملة على حرب اليمن، شن الحوثيون هجمات غير مسبوقة أدت إلى حرائق ضخمة في خزانات وقود بمنشآت نفطية غربي السعودية.

 وفي رده على الهجمات الحوثية الكبيرة، أطلق التحالف الذي تقوده السعودية عملية قال إنه استهدف بها منشآت نفطية يمنية تخضع لسيطرة الحوثيين، واعتبر أن "العملية العسكرية لا تزال في مراحلها الأولى"، قبل أن تعلن المملكة عن وقفها استجابة لمبادرة من مجلس التعاون الخليجي.


ولا تعد هذه المبادرة الأولى من نوعها، إذ سبقتها وساطات ومبادرات عديدة طيلة السنوات الماضية، باءت جميعها بالفشل.

 

"عربي21" رصدت جانبا من التقلبات والنقاط اللافتة في إدارة السعودية لحربها مع الحوثي على الصعيد الإعلامي، تتناول أبرزها في هذا التقرير.


تغير في الخطاب

أقرت الرياض بشكل غير مباشر بعدم قدرة أنظمتها الدفاعية على صد الصواريخ والمسيرات الحوثية، بالقول إن الهجمات تستهدف منشآت نفطية، وإن المملكة غير مسؤولة في حال أدى ذلك إلى الإخلال في معدلات إنتاج النفط اليومية، وهو خطاب مغاير للغة المستخدمة طيلة السنوات الماضية، حول قدرات الدفاعات الجوية، فيما كان الإعلام شبه الرسمي يصف الصواريخ الحوثية بـ"المفرقعات".

وقالت وزارة الخارجية في بيان إن "المملكة تطالب المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته في المحافظة على إمدادات الطاقة والوقوف بحزم ضد المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران".

إعلاميا، رصدت "عربي21"، تغيرا لافتا في مواقف وسائل إعلام وكتاب مقربين من الحكومة، تخلوا خلال خضم الهجمات الحوثية عن لغة التهديد والحزم المستخدمة منذ سنوات، وباتوا ينتقدون الصمت الغربي تجاه مسيّرات وصواريخ الجماعة المدعومة من إيران.

 

فيما أطلقت منصات مقربة من الحكومة هاشتاغ "الرمم المتحدة"، شتمت فيه الأمم المتحدة، وموقفها تجاه الهجمات الحوثية، قائلين إن المنظمة اتخذت موقفا ظاهره الحياد وحقيقته الانحياز للجماعة المتمردة.

واتهم كتاب سعوديون الأمم المتحدة بمساعدة الحوثيين، عبر إدانة الغارات الجوية السعودية فوق اليمن.

 

 


اتهام طرف ثالث

الإعلاميون والمحللون المقربون من الحكومة، أجمعوا على وجود طرف ثالث يدعم أو يسمح للحوثي بشن هجماته، مع تلميح بعضهم إلى دور أمريكي في ضرب المملكة.

وقال الخبير العسكري اللواء المتقاعد زايد العمري، إن "الهجمات على المملكة ليست قدرات حوثية ولا إيرانية بل هي أبعد من ذلك".

وتابع في حديث لقناة "الإخبارية" الرسمية، أن هناك طرفا يدعم الحوثي في محاولة "للتأثير على قرارات المملكة تجاه القضايا العالمية".

الصحفي عضوان الأحمري، رئيس تحرير "اندبندنت العربية" المملوكة للمجموعة السعودية للأبحاث، قال إن "استهدافات الحوثي المكثفة للأهداف البترولية في السعودية ليست مصادفة، وليست مرتبطة إطلاقاً بالتشويش على المشاورات اليمنية التي ستنطلق".

وأضاف في تغريدة: "ابحثوا عن المستفيد من الضغط على السعودية لخفض أسعار النفط وزيادة الإنتاج. هناك من يحاول الابتزاز عبر أكثر من محور، ولن يستفيد".

 

ويتخذ الإعلام السعودي موقفا غاضبا من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إذ يتهمه كتاب بارزون بأنه انحاز إلى الحوثيين بسبب التزام الرياض باتفاقها مع موسكو حول معدل إنتاج النفط.

 

ونشر كتاب ومغردون سعوديون صورا مفبركة شبهوا خلالها بايدن ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون بعبد الملك الحوثي، وذلك بعد تداول تقارير أن زيارة جونسون للرياض كانت رغبة منه في إخضاع المملكة لفض التزامها مع روسيا في "أوبك+"، والقيام بزيادة إنتاج النفط لتعويض الضرر الحاصل من خلال العقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا.

 

اقرأ أيضا: دعوة خليجية لوقف القتال باليمن.. هذه أجواء مشاورات الرياض


 

رسالة للأمريكان

 

 الباحثة في معهد دول الخليج العربي بواشنطن، كريستين ديوان، قالت إن ما تقوم به السعودية ليس تكتيكا جديدا في الحرب، لكنه تكتيك وسياسة جديدة تجاه واشنطن.

 

وأضافت في حديث لـ"عربي21" أن الهجمات الحوثية تعطي صورة واضحة للقيادة السعودية حول وجود معضلة أمنية، وبالتالي فإنهم يبعثون برسالة إلى الولايات المتحدة مفادها "زد بالتزامك الأمني تجاهنا أو ادفع المزيد مقابل نفطك".

 

ولفتت ديوان إلى أن الولايات المتحدة تلتزم بتعزيز الدفاعات السعودية، كما يتضح من شحنة صواريخ الباتريوت الأخيرة، واستدركت: "ثبت أن هذا غير كاف لمواجهة صواريخ ومسيّرات الحوثيين".

 

وأضافت أن هذه الهجمات تمنح الجماعة اليمنية نفوذا أكبر، ما يجعل البحث عن تسوية سياسية مقبولة أمرا ملحا، لكنه لا يزال أكثر صعوبة. 

 

تجاهل الجنود القتلى


رصدت "عربي21" توقف الإعلام الرسمي في السعودية عن نعي الجنود القتلى في اليمن، بشكل كامل منذ نهاية العام 2020.

ولم يقتصر تجاهل إعلان القتلى من طرف الإعلام الرسمي فقط، إذ توقفت كافة المنصات الإعلامية، وكبار المغردين عن ذلك أيضا، بعدما كان يتم نعي الجنود على نطاق واسع.

وبخلاف ما ينشره الحوثيون بين الفينة والأخرى من أسماء قتلى الجنود السعوديين في حال حازوا على وثائقهم الشخصية، فإن التفاعل مع أخبار القتلى يكون شحيحا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تعتيم رسمي.

وبحسب البيانات التي اطلعت عليها "عربي21"، فإن آخر جندي سعودي قتل هو تركي أحمد عتودي، والذي يخدم اللواء الثامن عشر التابع للقوات البرية في جازان، وذلك في يوم الثلاثاء قبل الماضي.

ونشر أقارب عتودي تقرير الوفاة، الذي يوضح أن مقتله جاء برصاص قناص خلال تواجده بمنطقة الحرث الحدودية مع اليمن. 

وغالبا ما تقوم حسابات أقارب القتلى بحذف التغريدات المتعلقة بخبر وفاتهم بعد أيام من نشرها، دون توضيح الأسباب، إلا أن الإعلام الحربي التابع للحوثيين، يقوم بنشر الأسماء على نطاق واسع في مواقع التواصل.


التخلي عن شيطنة التصوير

شهدت الضربات المكثفة الأخيرة للحوثيين على المملكة، تخلي الأخيرة عبر إعلامها الرسمي، وشبه الرسمي، عن التوجه السابق بالتعتيم على الأضرار الناجمة عن الصواريخ.

ونشر التلفزيون الرسمي صورا من داخل المنشآت النفطية المتضررة، وصورا لمنازل وأماكن عامة تضررت.

فيما نشر ناشطون على نطاق واسع مشاهد لأضرار الضربات الحوثية.

اللافت أن هذا النشر المكثف يأتي بعد نحو ثلاثة أعوام من بدء المملكة سياسة التعتيم شبه التام على نتائج الضربات.

في أيلول/ سبتمبر 2019، ضرب الحوثيون عبر طائرات مسيرة، منشآت نفطية تابعة لأرامكو في بقيق وخريص، شرقي المملكة، وفي تشرين ثاني/ نوفمبر من عامي 2020، و2021، قامت الجماعة المدعومة من إيران بضرب منشآت نفطية في جدة غربي المملكة، وهي الضربات الأكثر تأثيرا على خزانات أرامكو، بحسب وسائل إعلام، وفي تلك الضربات، شن الإعلام السعودي حملة واسعة ضد من يقوم بنشر أي صورة أو فيديو، أو حتى تسجيل صوتي للضربات، أو الشظايا الناتجة عنها.

وتحت شعارات مثل "لا تكن عينهم"، "لا تكن مراسلهم"، روّج الإعلام السعودي إلى أن أي صورة أو مقطع يتم التقاطه لآثار قصف الحوثيين، سيكون مساعدا للجماعة التي تخوض المملكة حربها ضدها منذ سنوات.

فيما ذهب خبراء قانونيون إلى أبعد من ذلك، مؤكدين أن تداول فيديوهات لهجمات الحوثي على المملكة، يعد جريمة معلوماتية، وذلك بالاستناد إلى المادة السادسة من نظام الجرائم المعلوماتية التي تنص على معاقبة أي شخص ينتج مادة من شأنها المساس بالنظام العام، وهي تستوجب السجن لفترة قد تصل إلى خمس سنوات، مع 3 ملايين ريال غرامة.

 


التعليقات (0)