قضايا وآراء

ظلال صالحاني وبشار الأسد

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
خرجت قبل أيام الشابة الجامعية ظلال صالحاني من سجن عدرا السوري، بعد أن قضت فيه زهرة شبابها لمدةً تناهز العشر سنوات، وكأنّ عمرا جديدا كُتِبَ لها بعد سني الاعتقال في أقبية بشار الأسد، وهي التي تلقت بصبر واحتساب حكم قضاته عليها بالإعدام في 2016.

كل جريمة طالبة قسم الكيمياء في جامعة حلب ظلال صالحاني أثناء مشاركتها في مظاهرة سلمية عام 2012؛ محاولتها إسعاف شاب تلقى رصاصة من قبل قوات النظام، وفي تهمة أخرى محاولة إطعام نازحين هربوا من بطشه، لتنتهي في السجن إثر ذلك، ولتذوق أصناف المعاناة من زبانية بشار وجلاديه، وما نال ذلك كله شيئا من عزمها ولا فتّ من عضدها، بشهادة مُعْتَقَلات خرجن قبلها.

تقول عنها المعتقلة السابقة عايدة الحاج يوسف: ظلال ثورة داخل سجن عدرا، لم أر أشجع منك يا صغيرتي. وتناقلت أخريات بإعجاب كيف كانت تحافظ على ابتسامتها رغم كل شيء.
سندس شبور، هدي شعباني، د. فاتن رجب، طل الملوحي، فاطمة الزهراء وولاء العاقل وغيرهن كثيرات في أقبية سجون بشار الأسد ينتظرن الإفراج عنهن

سندس شبور، هدي شعباني، د. فاتن رجب، طل الملوحي، فاطمة الزهراء وولاء العاقل وغيرهن كثيرات في أقبية سجون بشار الأسد ينتظرن الإفراج عنهن.

ظلال كان من المفترض أن يتم إطلاق سراحها في تموز/ يوليو من عام 2021 بعد أن استنفدت ربع مدة الاعتقال، إلا أنه تم الاحتفاظ بها لثمانية أشهر أخرى إلى أن أطلق سراحها الثلاثاء (22 آذار/ مارس 2022).

ظلال وشقيقاتها فضلا عن مئات آلاف من الضحايا الذين قضوا بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والإعدام الميداني؛ شهود على وحشية هذا النظام الذي تسعى دول عربية لفك عزلته والتقرب من إيران وروسيا من خلاله.

وهؤلاء لهم يد طولى بقتل الشعب السوري عدة مرات؛ الأولى حين ساهموا بتشويه الثورة خشية انتقالها إلى دولهم، والثانية حين تخلوا عن الضحايا واللاجئين، والثالثة الآن حيث يمدون يد المصالحة إليه؛ وهو لم يغير أو يبدل شيئا في مواقفه نحوهم أو نحو الشعب المضطهد من قبله.
ظلال وشقيقاتها فضلا عن مئات آلاف من الضحايا الذين قضوا بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والإعدام الميداني؛ شهود على وحشية هذا النظام الذي تسعى دول عربية لفك عزلته والتقرب من إيران وروسيا من خلاله

تخيلوا كيف عانى ذوو ظلال مدة اعتقالها، وحجم المرارات التي تجرعوها وهم يتلقون بين حين وآخر أنباء مرعبة عن التصفية الميدانية للمعتقلات وأحكام الإعدام التي توزع عليهن، ناهيك عن التعذيب وغير ذلك من قصص يشيب لها شعر الرأس. وعائلة ظلال نموذج واحد من آلاف النماذج لعائلات سورية تعيش كمدا مشابها.

إن مصافحة الأنظمة القاتلة والمستبدة والمرتكبة لمجازر جماعية بحق مواطنيها مشاركة لها في الجريمة، وإقرار لها على ما فعلته، وخذلان لآلاف الضحايا الذين أجرمت بحقهم، ولكن علينا أن نتذكر أن من يداهن المجرم هو أصلا مرتكب لجرائم بحق مواطنيه ولديه في سجونه عشرات المظلومين والمضطهدين، ولو تحرك الشعب ضده كما فعل الأحرار الذين خرجوا سلميا في سوريا بادئ الأمر لأجرم بهم وأطلق آلته الوحشية ضدهم، وربما أكثر بكثير مما فعله بشار.

بعد فترة من الزمان سيسجل التاريخ في صفحاته السوداء بشار وزبانيته وداعميه ومسانديه، وسيخلّد ظلال وأمثالها من المعتقلات والمعتقلين الذين رفضوا الانصياع للظالم ودفعوا زهرة شبابهم ثمنا لذلك.

لله در الشاعر جميل الزهاوي حين قال:

ورب حر رأى الأوطان صائرة
إلى الدمار بحكم العسف والنكب
يقول قد وجب اليوم النزاع لها
كأنه قبل هذا اليوم لم يجب
ماذا على السلطان لو أجرى
الذي تشتاقه الأحرار من إصلاح
تالله لو منح الرعية حقها
لفداه كل الشعب بالأرواح
التعليقات (2)
أبو العبد الحلبي
الخميس، 24-03-2022 07:08 م
هذه الدنيا دار ابتلاء لا هناء و موطن التواء لا استواء في الأغلب الأعمَ . لو استعرضنا التاريخ منذ تدوينه و لو قرأنا ما أنزله الله - و هو الأفضل- لوجدنا تسلط ظالمين ثم هلاكهم ثم تسلط ظالمين آخرين ثم هلاكهم و هكذا في تعاقب على ممارسة الظلم على عباد الله من دون اعتبار من قصص من كانوا قبلهم . استخلاص العبر مما كان يساعد في تجنب التكرار المهلك فيما سيكون . لنا رب كريم قوي قادر حرَم الظلم على نفسه و أمر الناس بأن لا يظلم بعضهم بعضاً ، لكن عدم السمع مقترناً بضعف العقول جعل أصحاب القوة المؤقتة يتمادون في قهر المستضعفين و في عصرنا هذا تجاوز الظالمون المدى . في زاوية المظلومين المسحوقين المعذبين ، رد الفعل الطبيعي هو اللجوء لرب العالمين بالدعاء له من أجل التخلص من سطوة الظلمة . الإنسان عجول بطبعه فيريد أن يرى استجابة فورية لكن هذا لا يتأتى لسبب بسيط و هو أن الله ليس موظفاً عند الإنسان و إنما الإنسان عبد لله العليم الخبير الحكيم الفعال لما يريد . العاقل من الناس ينطبق عليه القول المأثور "يقيني بالله يقيني " فالوثوق بالله سيحمي هذا العاقل من استبطاء تخليص الله للبشر ممن يوقع الظلم عليهم بل إن الاستبطاء هو نوع من سوء الظن . يكفينا أن الله تعالى قد قال لنا (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَل الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) .إذن يوجد تأخير أو مدَ للحبل للظالمين ، و يوجد استدراج لهم من رب يُمهل ولا يُهمل ، ثم بعد ذلك ما يخبرنا عنه رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم) إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ( و هذا الأخذ هو أخذ عزيز مقتدر من دون أدنى شك . كل سوء العذاب الذي حصل في سوريا منذ 8 آذار 1963 و حتى يومنا هذا كان نتيجة أفعال مجرمين ظالمين عبيد أوامر لبشر مثلهم ، لكن ربَك بالمرصاد لمن طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد . الباقي في هذه الدنيا أن يمنَ الله على المستضعفين فيشاهدون عجائب قدرة الله و هي تفعل فعلها بالظالمين . و حتى لو نجا الظالمين بالموت قبل نزول سوط عذاب الله لهم في الدنيا ، فعذاب الآخرة أشدَ بأساً و تنكيلاً ( إن جهنم كانت مرصادا * للطاغين مآبا * لابثين فيها أحقابا * لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا (. يقول المفسرون أن الحقب بضع و ثمانون سنة و بما أن أحقاباً تعني ثلاثة أو أكثر و بما أن اليوم عند ربنا هو كألف سنة مما نعدَ الآن فهذا يعني أن الطاغين الظالمين و على الأخص القاتلين أو من دبروا أو أمروا بالقتل هم عملياً خالدون في نار جهنم و بئس المصير .
ريم العتيبي
الأربعاء، 23-03-2022 03:18 م
كالعادة مقال رائع تظهر فيه مدى الظلم الذي نعيشه ببلاد يجب ان تكون المأوى والأمان لكن بوجود مثل هذه الانظمه الظالمة خرج وسيخرج آلاف القصص كقصة ظلال أعانك الله دائما على قول الحق وتوصيل رسالتك للعالم حماك الله استاذى الفاضل