ملفات وتقارير

ما هي أجندة مشاورات الرياض بين فرقاء اليمن؟

تحدث خبراء عن غموض أجندة مشاورات الرياض- جيتي
تحدث خبراء عن غموض أجندة مشاورات الرياض- جيتي

يلف الغموض أجندة مشاورات الرياض التي دعا لها مجلس التعاون الخليجي بشأن اليمن، ذلك أن الدعوة خلت من الإشارة إلى مرتكزات هذا المؤتمر.

وما يلفت الانتباه ويثير التساؤلات أن أحد الأطراف الفاعلة في الحرب وهي جماعة الحوثي، أعلنت رفضها المشاركة في هذه المشاورات.

وكان الحوثيون قد أعلنوا، في بيان الخميس، ترحيب الجماعة بأي حوار مع دول التحالف، شريطة أن يكون في دولة محايدة غير مشتركة بـ"العدوان" على اليمن، ما يعني احتمال غيابها عن مشاورات الرياض المرتقبة.

بينما رحبت الرئاسة اليمنية، الجمعة، بالمشاورات، مشيدة في بيان، بـ"الجهود المخلصة لدول الخليج العربي وتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية".

ودعت "المكونات اليمنية كافة للمشاركة بفاعلية وإيجابية في المشاورات القادمة، وتضافر الجهود كافة لإخراج اليمن من أزمته وإنهاء معاناة أبنائه والشروع في بناء مستقبل أجياله"، بحسب البيان.

"لا علاقة لها بالسلام"

وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة فيصل الحذيفي أن مشاورات الرياض تهدف إلى إضفاء الشرعية على سلوك دول التحالف في اليمن وانتزاع الموافقة على كل التصرفات المخالفة للقانون الدولي، وإعفائها من المسؤولية.

وقال الحذيفي في حديث لـ"عربي21": "ليس لهذه المشاورات المزمعة أي علاقة بالحوار والسلام وإنهاء الحرب".

وتابع: "فأحد الأطراف الفاعلة في الحرب والصراع لم يستجب للدعوة"، مؤكدا أنه ليس ممكنا إنجاز سلام أو حوار يفضي إلى السلام في ظل غياب أي طرف فاعل على الأرض.

وحسب الأكاديمي اليمني فإن من سيحضر المشاورات من اليمنيين يمثلون طرفا واحدا وهم فريق الشرعية، التي سيتم توسيع ممثليها ضمن أطراف جديدة أفرزتها دول التحالف نفسها.

كما أشار إلى أن "هناك تضجرا شعبيا متصاعدا تجاه سلوك دول التحالف، وسيكون من أهداف هذه اللقاءات لطرف واحد تخفيف حدة النقمة والتقليل من موجة عدم الرضا".

ولم يستبعد الحذيفي أن يتم "انتزاع موافقة الشرعية والأطراف التي تدعمها على موضوعات غير معلنة ليست محل رضا، ولن تتم الموافقة عليها في حالة التئام الدولة اليمنية بعد أن تضع الحرب أوزارها على المدى البعيد أو المنظور".

ولفت إلى أن كل ما يدور حول هذه المشاورات بين طرف واحد تحيط به الشبهات من كل صوب، وأسوأ الاحتمالات هي استعراض لإلقاء الحجة على الحوثيين بالتمنع عن الجنوح نحو السلم.

"متعمد وإقصاء"

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الناصر المودع إن الغموض الذي يلف أجندة مشاورات الرياض "أمر متعمد"، لأنه كما يبدو أن هناك أفكارا جاهزة يراد تمريرها من خلال هذه المشاورات.

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "لهذا لا يمكن الإفصاح عن هذه الأفكار إلا عن طريق تسريبات لجس النبض هنا وهناك".

وأكد السياسي اليمني أن المشاورات لا تهدف كما يقال لإنهاء النزاع في اليمن، ولكنها "تهدف إلى إحداث تغيير في سلطة هادي، ولا يعرف في أي اتجاه تحديدا".

واستدرك قائلا: "لكن يبدو أن هناك رغبة في تقليص سلطة هادي وسلطة حزب الإصلاح ( توجه إسلامي) وتقوية قوى أخرى وتحديدا الانفصاليين الجنوبيين، وربما أنصار المؤتمر الشعبي جناح طارق صالح وابن عمه أحمد علي".

من ناحية أخرى، وفقا للمودع فإن هناك تسريبات بأن هذه المشاورات تهدف إلى خلق أمر واقع فيما يتعلق بالأقاليم، والإشارة بشكل من الأشكال إلى موضوع حق تقرير المصير في جنوب اليمن.

وكان مؤتمر الحوار الوطني اليمني الذي انعقد ما بين عامي 2013 و2014، قد أقر فيدرالية من 6 أقاليم 4 في الشمال و2 في جنوب وشرق البلاد.

فيما اعتبر الكاتب والسياسي اليمني أن هذه الأمور تعني عمليا، شرعنة تقسيم اليمن، مشيرا إلى أن الأقاليم حتى الآن لم تقر بدستور، ولم يجر حولها استفتاء شعبي.

وأكمل: "الوحدة اليمنية تخص الشعب اليمني الذي هو صاحب الولاية، وليس من حق أي طرف بما فيها الرئيس والبرلمان أن تتصرف بهذا الحق".

وأوضح المودع أن مشاورات الرياض "لا تهدف إلى إحداث تغيير إيجابي يصب في صالح الشعب اليمني".

وقال: "يبدو أن هناك حزمة من المساعدات المالية، وربما الوعود المستقبلية لليمن في مجلس التعاون الخليجي لتكون بمثابة ثمن تمرير الأفكار التمزيقية والمقايضة للشعب اليمني الذي يعاني تحت وطأة الجوع بتقديم مساعدات مقابل التنازل عن سيادته وسلامة أراضيه".

 

اقرأ أيضا: دعوة لهدنة في اليمن وترحيب أممي بمشاورات الرياض

"تفويض جديد"

من جهته، قال الصحفي والباحث اليمني، فهد سلطان إن السعودية تبحث عن حل في اليمن في أسرع وقت ممكن.

وتابع حديثه لـ"عربي21": "كما أقامت مؤتمر الرياض الأول بُعيد انطلاق عاصفة الحزم 2015، فهي تعيد مؤتمرا جديدا بالقدر نفسه للحصول على تفويض جديد من خلال وضع حلول جديدة".

وأشار الصحفي اليمني إلى أن هذا المؤتمر يأتي في سياق الخروج قليلا من الأمم المتحدة التي تقود حوارا ستكون السعودية أحد الأطراف فيه، فيما المملكة تريد أن تكون مشرفا على أي حل قادم على اليمن.

"استعراض وستفشل"

بموازاة ذلك، استبعد الصحفي والكاتب اليمني عبد السلام قائد نجاح مشاورات الرياض التي دعا إليها مجلس التعاون الخليجي، حيث قال إنه لن يكتب لها النجاح وربما لن تتم أساسا، لأن جماعة الحوثي التي تعد طرفا رئيسيا في الأزمة ردت على الدعوة إلى المشاورات في الرياض بقصف منشأة أرامكو السعودية.

وأضاف قائد في حديث لـ"عربي21": "تعتقد جماعة الحوثي أن أي مبادرة مقدمة من السعودية أو تكون شريكة فيها إنما تعكس فشلها وهزيمتها أو الإعياء من الاستمرار في الحرب".

كما أنه ليس منطقيا، وفقا للصحفي اليمني، أن تكون السعودية والإمارات ضمن رعاة المشاورات وهما طرفان رئيسيان في الأزمة اليمنية، ويفترض أن الدعوة للمشاورات يتقدم بها طرف ثالث نزيه وموثوق به وتتم في أراضيه وليس في أراضٍ يسيطر عليها أحد أطراف الصراع.

وقال إن الدعوة لتلك المشاورات تبدو وكأن الغرض منها مجرد استعراض دبلوماسي الهدف منه التغطية على فشل كل من السعودية والإمارات في إدارة الأزمة اليمنية، متابعا بالقول: "إذا كانت الدولتان قد فشلتا في تنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، رغم نفوذهما عليه، فكيف يمكن النجاح في الإشراف على مصالحة وطنية شاملة بين مختلف المكونات اليمنية ومليشيا الحوثيين؟".

وأوضح الكاتب اليمني أن المشاورات التي دعا إليها مجلس التعاون الخليجي لم تستند إلى إطار منهجي متكامل، ولا إلى مؤشرات استجابة من كل الأطراف للانخراط فيها.

وأردف: "فيما لم تصل الأزمة في البلاد إلى "اللحظة الحرجة" التي تجعل كل الأطراف تنخرط في تسوية سياسية سلمية بعد وصولها إلى مرحلة الألم والمعاناة المتبادلة".

واختتم بالقول: "تبدو الدعوة إلى التشاور في الرياض مجرد استعراض دبلوماسي سعودي، كما تهدف إلى وضع الكرة في ملعب جماعة الحوثيين لاختبار رغبتها في تحقيق السلام، وربما يتبع فشل تلك المشاورات تصعيد عسكري ضد جماعة الحوثيين".

والخميس الماضي، أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف الحجرف، استضافة مشاورات للأطراف اليمنية في 29 آذار/ مارس الجاري في العاصمة الرياض، بهدف إنهاء الحرب في البلاد.

ويشهد اليمن منذ نحو 7 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على محافظات عدة بينها العاصمة صنعاء منذ أيلول/ سبتمبر 2014.


التعليقات (0)