هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال رئيس المركز الثقافي الروسي العربي، مسلم شعيتو، إنه "سيكون هناك عالم جديد واضح بانقساماته، وبتمايزه بين الغرب وروسيا، وذلك عقب انتهاء حرب أوكرانيا"، مؤكدا أن "أوروبا ستكون المتضرر الوحيد في هذه الحرب، بينما ستستفيد الولايات المتحدة مما يحدث، نتيجة لإضعاف أوروبا، لكن موسكو ستمد لاحقا يد العون لأوروبا لإنقاذها من تلك الأزمة".
وأضاف، في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21"، أن "العملية العسكرية في أوكرانيا زادت من شعبية بوتين"، مشيرا إلى أن "70 بالمئة من الشعب الروسي يؤيدون هذه العملية، في حين أن نسبة الـ 30 بالمئة الأخرى كانت تأمل في خيارات أخرى سياسية أو دبلوماسية أو اقتصادية".
ورأى "شعيتو"، وهو خبير في الشؤون الروسية والعلاقات الدولية، أنه "لن تكون هناك فرص لنجاح المفاوضات ما دامت الولايات المتحدة تعلن أنها ستقدم السلاح والدعم المالي لأوكرانيا، وتتوهم القيادة الأوكرانية أنها بذلك تستطيع تغيير موازين القوى"، مضيفا أن "الحرب لن تنتهي ما لم توافق كييف على الشروط التي طرحتها موسكو".
وفي ما يأتي نص المقابلة الخاصة مع "ضيف عربي21":
كيف ترى العملية العسكرية الروسية اليوم في أوكرانيا بعد مرور 23 يوما على انطلاقها؟
العملية العسكرية الروسية تفرضها الأهداف التي وضعتها القيادة الروسية تحديدا، والتي تُسمى "عملية الدفاع عن دونباس" من الاعتداءات الإرهابية التي تمثلها منظمات «آيدر»، و«آزوف»، وغيرهما، وهذه الاعتداءات مستمرة منذ 8 سنوات وحتى الآن.
القيادة الروسية قررت القيام بعملية محدودة في مناطق محددة في أوكرانيا، حيث بدأت العملية باستهداف كل البنى التحتية العسكرية، خاصة المطارات، ومنظومة الدفاع الجوي، ومن ثم التقدم بشكل تدريجي ومتصاعد إلى أن تُطوق هذه المجموعات في بعض المدن، منها ماريوبول، وخاركيف، وسومي، والمناطق المحاذية لدونيتسك ولوغانسك.
والعملية العسكرية تسير بوتيرة تزعج الإعلام الغربي، والذي بدأ يصورها مبتهجا، وكأنها فشل للقوات الروسية. بينما نحن نقوم بعملية محددة بحسب ما أعلنته القيادة الروسية، وليس كما يطرحه المحللون والإعلام الغربي ومعه "الإعلام العربي التابع".
ما صحة ما يُقال حول وجود رفض شعبي كبير داخل روسيا لهذه "العملية الروسية الخاصة"؟
لا صحة لهذا القول ولهذه المعلومات، وأنا في مدينة يسكنها 5 ملايين شخص، والذين يعترضون مرة أسبوعيا في يوم السبت عددهم ألف شخص، وعليك أن تحسب لتعرف النسبة.
لكن هناك تقارير تؤكد حدوث اعتقالات وتضييقات كثيرة بحق بعض المعارضين الروس لهذه العملية العسكرية؟
كلها تقارير إعلامية؛ فهذه الفترة بالتحديد أوضحت النموذج الأبشع في التاريخ من الكذب، وتغيير الحقائق، وقلب المواقف؛ فهم يصورون الضحايا في دونيتسك ويقولون إنهم في كييف، ويعرضون صورة الفتاة الفلسطينية عهد التميمي التي تتحدى الجندي الإسرائيلي باعتبارها مقاومة للجندي الروسي في كييف، يعرضون صورا لسيدة روسية تدافع عن مفاعلات زاباروجيا النووية وكأنها هي مَن قصفتها؛ فوسائل الإعلام أثبتت أنها كاذبة، فهي تحرّف الحقائق، وتلتزم بالقرار الأمريكي والأوروبي الغربي الذي يدعو إلى النازية، وإلى القتل، وسفك الدماء.
إلى أي مدى نجح الإعلام الروسي في مواجهة الآلة الإعلامية الغربية؟
لم ينجح الإعلام الروسي في هذه المواجهة، لأن المنطلقات مختلفة؛ فالإعلام الغربي ومعه الإعلام العربي يعتمد على الكذب، وقلب الحقائق، بينما الإعلام الروسي في موقف رد الفعل، ولا يملك القدرة على السير في هذا الأسلوب من التعاطي، وأعتقد أن هذا النهج سيستمر، وهذا عالم جديد من الصراع بين الحق والباطل، وبين الكذب والقتل والدمار وقيم المثليين والفوضى الخلّاقة وصراع الحضارات بزعامة الولايات المتحدة، في مواجهة القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية ومقاومة المثلية بزعامة روسيا؛ ولا يمكن لروسيا أن تستطيع التصدي للهدم والقتل والدمار؛ فالهدم سهل جدا، لكن البناء صعب، وهذه هي الخريطة الجديدة للعالم.
هل يُفهم من كلامكم أن هذه الحرب لها بُعد ديني وأخلاقي؟
نعم، هذه معركة دينية وأخلاقية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فهذه معركة بين القيم بامتياز، الغرب الذي عمّم المثلية والفوضى، وحطّم المجتمعات، وأدخل الصراعات بين القوميات والديانات، إن لم يحرّض بين الطوائف كما في سوريا، فقد حرّض بين القبائل كما في السودان وليبيا، كما أنه حرّض بين الإثنيات كما في العراق، ولبنان، ويوغوسلافيا، وأفغانستان.. هذه الثقافة من الاعتداءات، ونشر المبادئ التي تقضي على الأسرة والعائلة، وتدمر الأديان.. بينما تقف أمامها مبادئ أخرى تعتمدها روسيا، وهي الإيمان بالقيم والتقاليد، والعادات، والديانات، وخاصة الأرثوذكسية القريبة جدا من المفاهيم الإسلامية في الشرق.
كيف تأثرت روسيا اليوم بالعقوبات الغربية التي تم فرضها عليها؟
هناك تأثر مرحلي آني، سينعكس سلبا على الحياة الروسية الاجتماعية والاقتصادية، لكن على المدى المتوسط ستصبح روسيا دولة مستقلة تماما عن كل السلع الغربية، وبحكم أنها تمتلك كل المقومات لتكون دولة منتجة، سواء من المواد الأولية، أو القدرات العلمية، أو الخبرات التي تمتلكها مصانعها ومؤسساتها المختلفة، كما أن ذلك سينعكس بشكل أكثر سلبية على أوروبا في المدى القريب؛ نتيجة لارتباط أوروبا بالطاقة الروسية والمواد الأولية المُنتجة في روسيا.
هل العملية العسكرية في أوكرانيا زادت أم قللت من شعبية الرئيس بوتين؟
نظرا لاعتماد الغرب على كل أساليب التحريف، والأكاذيب.. كان يتصور أن شعبية بوتين ستقل، لكن شعبيته زادت؛ فالرأي العام هنا يدعم توجه القيادة الروسية التي ترى أن التخلص من المنظمات الإرهابية هو ما سيعيد الحياة ويدعم الاستقرار في منطقتي دونيتسك ولوغانسك التي عانت على مدار ثماني سنوات؛ فلم يكن لدى الشعب الروسي سوى خيار أن يدعم أبناءه، وإخوته، وأقرباءه في الدم والدين والأخلاق من تلك المناطق، فليس هناك خيار آخر سوى دعم هذه العملية العسكرية التي يؤيدها 70 بالمئة من الشعب الروسي، و30 بالمئة ليسوا ضد العملية، ولكنهم كانوا يأملون في خيارات أخرى سياسية أو دبلوماسية أو اقتصادية.
من أين جئت بهذه النسب؟
هذه النسب مصدرها شركات الإحصاء الرسمية والخاصة التي تقوم بعملية الإحصاء اليومي تقريبا، ومن استطلاعات الرأي عبر وسائل الإعلام الروسية، ومن علاقتنا اليومية التي نحتك فيها بكل مكونات الشعب الروسي، سواء من الطبقة العاملة أو المثقفين أو المواطنين العاديين، أو الطلاب.
ما حجم الدعم والتأييد الإقليمي والدولي الذي حظيت به العملية العسكرية الروسية؟
إذا ما أخذنا بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ فإن هناك 141 دولة تؤيد الولايات المتحدة، وهناك قرابة الـ50 دولة ترفض هذا التوجه الأمريكي، هذا من ناحية الأرقام، أما من ناحية السكان والقيمة الاقتصادية فإن أكثر من 60 بالمئة من سكان العالم كالصين، والهند، وباكستان، وروسيا، وإيران، وأمريكا الجنوبية، وبعض الدول العربية.. وهم يمثلون 60 بالمئة من الكرة الأرضية اقتصاديا وديموغرافيا.
ما فرص نجاح المفاوضات المستمرة؟
لن تكون هناك فرص للنجاح ما دامت الولايات المتحدة تعلن أنها ستقدم السلاح، ودعما ماليا، ودعما "إرهابيا" لأوكرانيا، وتتوهم القيادة الأوكرانية أنها بذلك تستطيع تغيير موازين القوى، هذا وهم لكنه سيطيل الأزمة، ولا يدفع الأوكرانيين نحو المفاوضات الجدية وإيجاد حل.
هل تتوقع أن تستمر تلك العملية العسكرية لفترة طويلة؟
العملية العسكرية ستستمر إلى حين تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، وهي أهداف أصبحت مُعلنة لدى الجميع سواء للوسطاء أو للقيادة الأوكرانية، وكلها أهداف بسيطة ومحددة، بأن تكون أوكرانيا دولة مُحايدة لا تمتلك أسلحة دمار شامل، ولا تنتمي إلى حلف الناتو، وأن تعترف بالقرم كأراض روسية، وأن تعترف باستقلال دونيتسك ولوغانسك وتتفاوض معهما، وأن تخرج المنظمات الإرهابية، والعصابات التي أتت من الغرب وتعود لبلادها.
ما حقيقة ما قيل بشأن طلب روسيا مساعدات اقتصادية وعسكرية من الصين؟
روسيا لم تطلب مساعدات اقتصادية أو عسكرية من الصين؛ فالصين هي التي تشتري الأسلحة من روسيا، وعلى الجانب الاقتصادي هناك اتفاق بين البلدين بخصوص التبادل الاقتصادي بالعملة الوطنية، الروسية أو الصينية، بالإضافة إلى تصريح وزير خارجية الصين الذي قال: "سنشتري كل ما لا يشتريه الغرب من روسيا"، وبالتالي فإن روسيا ستضمن بيع كل سلعها عبر الصين، والدول الأخرى.
كيف تتصور علاقة روسيا بالغرب عقب انتهاء حرب أوكرانيا؟
سيكون هناك عالم جديد واضح بانقساماته، وبتمايزه بين الغرب وروسيا، والمتضرر الوحيد ستكون أوروبا، والمستفيد هو الولايات المتحدة نتيجة إضعاف أوروبا سياسيا واقتصاديا، لكن للأسف فإنه نظرا لتاريخ روسيا فإنها ستعود وتمد يد العون لأوروبا لإنقاذها من هذه الأزمة، وهذه مسألة نقاش دائر في روسيا اليوم، ورأي سائر يقول: يجب على روسيا أن تقطع كل علاقتها مع الغرب لأنه تصرف بشكل غير أخلاقي، وبالتالي فإنه يجب أن يتعلم ما عواقب ذلك.
كيف تتصور سيناريو نتائج العملية العسكرية،؟ ومَن الذي سيخرج منتصرا منها؟
السيناريو المتوقع أنه لن تنتهي الحرب في أوكرانيا ما لم توافق أوكرانيا على الشروط التي طرحتها روسيا، العسكرية منها والسياسية.