مع دخول
الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الثالث، وتفاقم أعداد المهاجرين من أوكرانيا تحت
وطأة الحرب، تشهد دولة الاحتلال خلافات حادة، بين مؤيد لاستيعابهم بشكل عام، وآخر يرى
باقتصار استقبال اليهود منهم فقط، وفريق ثالث يحذر من تشتت جهود الحفاظ على ما يسمى
"النقاء العرقي" للدولة.
في الوقت
ذاته، يشير هذا الخلاف المتصاعد داخل حكومة الاحتلال إلى حالة من التباين حول النظرة
الإسرائيلية الحقيقية للحرب الدائرة، وعدم وجود توافق حتى اللحظة حول الموقف النهائي
منها، في ظل وجود اختلاف بين مكونات صنع القرار الإسرائيلي على النظرة للحرب، بين رافض
للغزو الروسي بصورة قاطعة، وآخر يعتبر أن هذا الموقف قد يكبد إسرائيل أثمانا باهظة،
وفريق ثالث يطالب بالانحياز الكامل للمعسكر الغربي، وتحمل النتيجة المتوقعة.
أفيغدور
ليبرمان وزير المالية قال في حوار مع موقع "ويلا" العبري ترجمته "عربي21" إنه "يجب قبول جميع طالبي اللجوء من أوكرانيا طالما أن الحرب تتصاعد"، زاعما
أن تل أبيب "تبذل جهوداً كبيرة لاستيعابهم، لكنها في الوقت ذاته لا تنضم
لأي عقوبات ضد روسيا، رغم أنه يدعو لتوسيع سياسة استيعاب اللاجئين من الحرب في أوكرانيا،
وقبول جميع طالبي اللجوء طالما أن القتال على الأرض مستمر، وبمجرد توقف المدافع عن
إطلاق النار، يمكن التوقف عن عملية استقبال اللاجئين".
وزعم
أن "الدولة اليهودية يفترض أن تكون حامية لكل يهودي أينما كان، وحتى الآن يوجد
مئات الإسرائيليين في أوكرانيا، ويقدمون المساعدة على الحدود، وهناك توجه لبناء مستشفى
ميداني، ويوميا تهبط في مطار بن غوريون 12-16 رحلة جوية من روسيا ودول الغلاف حول أوكرانيا،
بعضها مخصص للرحلات الجوية من قبل مهاجرين من الوكالة اليهودية، وبعضها رحلات تجارية،
والتوقع أن هذا الأسبوع فقط سيصل 2000-3000 مهاجر، ومن يحق لهم الحصول على قانون العودة"
العنصري.
وزير
ما يسمى الشتات نحمان شاي دعا في حوار مع موقع "ويلا" ترجمته "عربي21"
إلى "تشكيل لجنة وزارية تضع سياسة هجرة واضحة لإسرائيل، بحيث تتكيف مع الوضع الذي
خلقته الحرب في أوكرانيا"، واصفا النقاش حول تحديد حصص للاجئين القادمين من أوكرانيا
بأنه انتقل من "تافه" إلى "مخز"، لأنه "حتى اللحظة ليس لدى
إسرائيل سياسة هجرة محددة وواضحة، وأزمة اللاجئين من أوكرانيا تتطلب قرارًا حكوميًا
على أساس اتفاق بين مختلف مكونات الحكومة، وضرورة أن تتكيف إسرائيل مع الوضع الجديد".
وأضاف
أن "إسرائيل غير مبالية بالكارثة الإنسانية التي تحدث في شرق أوروبا، وما أعلنته
وزيرة الداخلية آياليت شاكيد من مخطط خاص باللاجئين يمكن وصفه بأنه "مخجل"،
ويشوه سمعة إسرائيل، ويقوض سياستها المتعلقة بالهجرة، رغم مزاعمها أن الدولة لا تستطيع
تحمل تكاليف استيعاب اللاجئين القادمين من أوكرانيا".
في الوقت
ذاته، خرجت مظاهرات دعم للاجئين في تل أبيب أمام منزل شاكيد، فيما عبر رئيس حزب ميرتس
نيتسان هورويتز ورئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي عن مواقف مماثلة لما طرح شاي، برفض
التمييز بين اللاجئين في الدين والعرق والجنس، وأي تمييز على هذه الأسس تقوم به الحكومة
مخز إلى درجة العار.
لكن
رئيس الكتلة اليمينية عضو الكنيست نير أورباخ، تحدث بطريقة عنصرية بقوله إن "إسرائيل
دولة خاصة، لأنها لليهود فقط، وهي مكلفة بحمايتهم وفقا لتعاليم التوراة".
دانا
فايس محررة الشؤون السياسية في "القناة 12"، افتتحت استوديو الأخبار الذي
تابعته "عربي21" بكلمة "العار"، الذي يلف جميع وزراء الحكومة الإسرائيلية،
بل إن كلمة "الفضيحة" أكثر ملاءمة لسلوك الوزيرة شاكيد تجاه اللاجئين الأوكرانيين،
دون استثناء كل الوزراء بوصفهم مسؤولين عن هذا العار، بمن فيهم من رفعوا شعارات حقوق
الإنسان في حناجرهم؛ وعبروا عنها في اجتماعاتهم وعلى منصة تويتر، لكنهم في لحظة الحقيقة
عند التصويت الحكومي أظهروا سياسة عنصرية تفصل اليهود عن غيرهم، مما يضطرنا لأن نخجل
جميعًا.
في المقابل،
ذكر الكاتب اليميني بن درور في مقاله بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته
"عربي21" أن "السماح بدخول المهاجرين الأوكرانيين من غير اليهود، يعني
انضمامهم إلى المتسللين من أفريقيا وغيرهم، وفي هذه الحالة سنكون أمام مجتمع إسرائيلي
متضارب ومنفصل، ومن شأن هذه الهجرة الجماعية، وبدون حدود، أن تلحق الضرر بالمجتمع الإسرائيلي،
والدولة بشكل عام، وكلما أصبح المجتمع غير متجانس، قل تماسكه".
وأضاف
أن "السماح باستيعاب المهاجرين الأوكرانيين غير اليهود يعني نشوء مجتمع إسرائيلي
بدون روح مشتركة، وتضاؤل مكوناته الداخلية، وسينجم عنه عدم ثقتهم ببعضهم البعض، والنتيجة
أن ينشأ مجتمع يهودي غير متجانس، وأكثر اغترابًا، وفيه محاولة لاستنساخ نموذج يوغوسلافيا
التي تفككت إلى سبعة كيانات، لكل منها طابع قومي وعرقي مختلف، ومن يريد إغراق إسرائيل
بالمهاجرين وطالبي اللجوء، فهو يأخذها إلى هذا النموذج المفكك، ويدفعها لمواجهة معضلات
مماثلة".