مقالات مختارة

أزمة أوكرانيا والاقتصاد العالمي

أحمد  الشهري
1300x600
1300x600

في الوقت الذي يستعد فيه "الفيدرالي" لرفع سعر الفائدة تضيف أزمة أوكرانيا صدمة جيوسياسية للأسواق والاقتصاد العالمي، وما سيتبعها من تأثيرات في الأسواق الناشئة وأسعار السلع بما في ذلك الطاقة والغذاء، ولا سيما أن روسيا ضمن أكبر أربع أسواق ناشئة التي تضم الصين والهند وروسيا والبرازيل.


لا يزال العالم يواجه ثلاثة تحديات كبرى حتى قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية، فالاقتصاد العالمي يعيش حالة تباطؤ وركود اقتصادي وضغوطا تضخمية متعددة المصادر، والدولة الوحيدة ضمن الأسواق الناشئة الرئيسة في 2022 التي يتوقع لها معدل نمو عال هي الهند بمعدل 9 في المائة، في مقابل 4.8 في المائة للصين، و0.3 في المائة للبرازيل، و2.8 في المائة للمكسيك.


من المؤكد أن الأسواق النامية والناشئة ستتأثر بأسعار الفائدة الأكثر تشددا التي سيفرضها "الفيدرالي" خلال الفترة المقبلة ولا سيما في نهاية الربع الأول من 2022، وإذا ما رفعت البنوك المركزية أسعارها فسنرى تأخرا في حركة الاستثمار والتجارة يمتد إلى أشهر عديدة لا تقل عن خمسة أشهر نتيجة الخوف وتراجع الثقة، كما أن الظروف الانتخابية في بعض الدول، مثل البرازيل وكوريا الجنوبية، سيكون لها تأثير مؤقت في قرارات الاستثمار في تلك الدول، وفي الوقت نفسه لا يمكننا تجاهل الاقتصاد الصيني في ظل تداعيات أزمة أوكرانيا، واحتمالات نشوء مواقف سياسية صينية تجعل أمريكا وأوروبا تتخذان مواقف مضادة تؤثر في نمو الصين، وسيكون الوضع أكثر تعقيدا إذا ما شهدت الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي إثارة لقضايا الجزر المتنازع عليها مع الصين، وهي:

الفلبين وفيتنام وتايوان وماليزيا وبروناي، وستكون تجارة بحر الصين المقدرة بـ9.5 تريليون دولار مهددة بصدمات جيوسياسية، تعيد العالم إلى مستويات تجارة 2018 المقدرة بـ19.5 تريليون، أي تراجع بمقدار 31 في المائة عن مستويات 2021 البالغة 28.5 تريليون دولار، إضافة إلى خسارة تجارة روسيا إذا ما تم عزلها مع تراجع الاقتصاد الأوروبي بشكل عام، أي أننا قد نشهد تراجعات قوية في اقتصاد أوروبا بشكل عام وارتفاع تكاليف تصنيع ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا.


أخيرا: العالم مجهد اقتصاديا والدول التي يعتمد عليها في النمو، أي الأسواق الناشئة، لا تزال تعاني آثار أزمة كورونا وتداخلات سياسية ناشئة أو محتملة الحدوث ما بين 2022 و2024 وأبرز الآثار المباشرة التي يمكن رصدها، ارتفاع سعري السلع والطاقة، وهذا ما قد يجعل الفيدرالي الأمريكي يؤجل قرارات رفع سعر الفائدة، وعلى الرغم من ذلك الأوروبيون هم الأكثر تأثرا بأي تطورات سلبية مع روسيا، وستظل واشنطن أقل المتأثرين نسبيا لتعادل كميات الإنتاج والاستهلاك النفطي استراتيجيا، أما أكبر الرابحين فهي الدول النفطية والدول التي ستسد فجوة الطلب على الغذاء والسلع الأساسية، وفي نهاية المطاف، الخيارات التي سيستخدمها الغرب بقيادة أمريكا في أزمة أوكرانيا، هي التي ستحدد اتجاهات الاقتصاد العالمي.

 

(الاقتصادية السعودية)

0
التعليقات (0)