صحافة إسرائيلية

أبرز المخاوف الإسرائيلية من غزو روسي محتمل لأوكرانيا

تدرك الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية أن أزمة أوكرانيا ستضطرها لخوض نظرية "الفرص والمخاطر"- أ ف ب
تدرك الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية أن أزمة أوكرانيا ستضطرها لخوض نظرية "الفرص والمخاطر"- أ ف ب

يترقب الإسرائيليون، كما كل العالم، ما الذي سيقدم عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إزاء تطورات الأزمة مع أوكرانيا، وسط تقديرات إسرائيلية متزايدة بأنهم سيتأثرون بلا شك من هذه الأزمة، خاصة إن اتخذ بوتين قراره المتوقع بغزو أوكرانيا، ما يشكل لإسرائيل "السيناريو الكابوس"، لأنه يمثل تحديًا حقيقيًا للنظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة، ولأن هذه الأزمة ستقلل من اهتمام واشنطن بمشكلات الشرق الأوسط، وهذه أخبار سيئة لإسرائيل، فإنه قد يفسح المجال أمامها لتقوية علاقاتها مع جيرانها العرب.


وفيما ترجح الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية اقتراب الأزمة بين روسيا والولايات المتحدة من ذروتها بسبب أوكرانيا، فإن المعلومات الاستخبارية التفصيلية الي يتداولها كبار ضباط الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تؤكد أن روسيا تكمل بسرعة انتشارها العسكري غير المسبوق داخل حدود أوكرانيا، إضافة للتراكم الهائل لقواتها، بما يقدر بمائة ألف جندي، والقدرات المتنوعة مثل نشر طائرات مقاتلة متقدمة في بيلاروسيا، وسفن حربية في البحر الأسود، ومدفعية وصواريخ، وقوات خاصة، وحرب إلكترونية وسيبرانية، بجانب الاستعدادات القتالية مثل وحدات الهندسة اللوجستية، ومصفوفات الطب الجوي والميداني، بما فيها أكياس الدم. 


الجنرال عاموس يادلين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، والبروفيسور أودي أوفينتال الباحث الاستراتيجي بجامعة ريخمان، أكدا في تقدير مشترك نشره موقع القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "حيثيات تطورات أزمة أوكرانيا حملت مساعي روسية لإيصال رسائل إلى الولايات المتحدة على حساب إسرائيل، بطريقة قد تهدد حرية عمل الجيش الإسرائيلي في سوريا تحديدا، وفي ظل أزمة عالمية حادة، من المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بالطلب من إسرائيل أن تدعم مواقفها بوضوح، ودون مواربة، وفي هذه الحالة ستكون إسرائيل أمام أزمة جديدة مع روسيا، وهو ما لا تسعى إليه البتة".

 

اقرأ أيضا: غزو أوكرانيا يقترب.. دبلوماسيون روس وأمريكان يغادرون كييف


وأضافا أن "هذه الأزمة في الوقت ذاته قد تمهد الطريق أمام إسرائيل لاقتناص الفرصة على المستوى الإقليمي، من خلال البحث عن معاقل وتحالفات جديدة، وهي عملية تؤدي لتغيير تدريجي في بنيتها الإقليمية، عبر تطوير المزيد من اتفاقيات التطبيع مع دول أخرى عربية وإسلامية، بالتزامن مع تفكيك الأزمات التي تشهدها المنطقة، لأنه بات متوقعا جدا أن تسفر أزمة أوكرانيا عن انشغال غربي، أوروبي وأمريكي عن الشرق الأوسط".


وتدرك الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية أن أزمة أوكرانيا ستضطرها لخوض نظرية "الفرص والمخاطر"، بزعم امتلاكها الكثير لتقدمه لدول المنطقة على المستويات التكنولوجية والاقتصادية والأمنية، خاصة في مجال الدفاع الجوي والإنترنت، لمواجهة التهديدات الإيرانية، وفي سبيل ذلك فإنه يمكن إتاحة الفرصة لتوسيع العلاقات مع اللاعبين المهيمنين في المنطقة، مثل السعودية والإمارات والبحرين وتركيا، بجانب تعميق العلاقات مع دول السلام وتوطيدها، وهما مصر والأردن.


ويزداد القلق الإسرائيلي مع تنامي التقديرات بأن الغزو الروسي لأوكرانيا ممكن، بل ومن المعقول، أن يتم في القريب العاجل، وعلى هذه الخلفية، تراقب المحافل السياسية الإسرائيلية عبر وزارة الخارجية ما تشهده الساحة الدولية من نشاط دبلوماسي، لا سيما الحراك الأوروبي للتوسط بين موسكو وكييف وواشنطن في محاولة اللحظات الأخيرة لمنع الحرب، رغم أن السيناريو الرهيب الذي تتحسب له إسرائيل يتمثل في احتلال روسي واسع للأراضي الأوكرانية، والاستيلاء على العاصمة، والإطاحة بالحكومة الحالية. 


وتؤكد التقديرات الإسرائيلية، لا سيما تلك المطلعة على الأوضاع الروسية، سواء قسم روسيا بوزارة الخارجية أو سفراء سابقين في موسكو، أن القرار في هذه الأزمة العالمية يعود إلى رجل واحد، وهو الرئيس فلاديمير بوتين، حيث إنه يمسك بالأوراق قرب صدره، وترتبط أهدافه بتصميمه على إثبات أن روسيا قوة عظمى، ولا يمكن تجاهلها، وتوحيد مواطنيه حول العلم، وصرف انتباههم عن المشاكل الداخلية المزعجة، ولعل أقصى مطالبه إعادة الوضع العسكري في أوروبا للحقبة السوفييتية ما قبل 1989.


صحيح أن إسرائيل تمتلك علاقات وثيقة مع روسيا، لكن تدهور علاقاتها الجارية مع الغرب لهذا المستوى قد يدفع تل أبيب إلى الزاوية، ويجبرها على اتخاذ موقف واضح لا ليس فيه، بل إن الطين زاد بلة بنظر الإسرائيليين في ظل الاصطفاف الصيني الجاري في الأيام الأخيرة بجانب روسيا، حيث تلقت موسكو مكاسب غير متوقعة من بكين، على شكل دعم معلن لمواقفها، وتعاونهما في مجال الغاز، الذي سيعوض روسيا عن أي عقوبات تفرضها أوروبا عليها.


وطالما أن العلاقات التجارية بين إسرائيل والصين آخذة في التصاعد رغم الغضب الأمريكي، والعلاقات الإسرائيلية السياسية مع روسيا متنامية خدمة لمصالحها في سوريا، فإن الاستخلاص الإسرائيلي من تطورات الأزمة الأوكرانية أن إسرائيل قد تكون خاسرة فعلياً منها، وهذا الواقع الجديد سيترك تأثيره السلبي على استقرار المنطقة، وعلى الجهود الأمريكية المبذولة لوقف توسع إيران، وبشكل غير مباشر على استقرار وردع إسرائيل في المنطقة، لأن روسيا ستكون أكثر دعمًا لمواقف إيران. 

 

التعليقات (0)

خبر عاجل