هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يفتح مقتل زعيم تنظيم الدولة عبدالله قرداش "أبي إبراهيم القرشي"، على يد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، الباب واسعاً أمام التساؤلات عن تأثير الحادثة على مستقبل التنظيم، ونشاط خلاياه في سوريا والعراق.
وتزامن مقتل القرشي مع زيادة نشاط التنظيم وتطوير حجم هجماته، وآخرها الهجوم على سجن الصناعة بحي غويران في الحسكة، الشهر الماضي.
وبدا من خلال زيادة العمليات أن التنظيم بدأ بالنهوض مجدداً بعد القضاء على آخر جيوب سيطرته في بلدة الباغوز شرقي دير الزور في آذار/ مارس 2019، لكن وعلى نحو مفاجئ، جاء هذا التطور، ليصعب مهمة إحياء التنظيم، التي كان يقودها القرشي، منذ تسلمه الزعامة، بعد مقتل البغدادي في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
بتسلم القرشي الزعامة، ركز التنظيم على المناطق المفتوحة في البادية السورية كمنطلق لهجماته، واعتمد أكثر نتيجة خسارته مناطق سيطرته على شكل الإدارة اللامركزية، ما يطرح السؤال عن تغيير استراتيجية التنظيم بمقتل زعيمه؟
وتقتضي الإجابة عن ذلك، من وجهة نظر الباحث في الشأن السياسي والحركات الدينية، عرابي عرابي، معلومات أمنية حول ما إن كان الزعيم القادم (الخليفة) سيعتمد على مجلس شورى جديد، أم يستمر بالكوادر القيادية ذاتها.
ويضيف لـ"عربي21"، "من خلال قراءتنا لسلوك التنظيم في مراحل القوة والضعف، نلاحظ أنه رغم دور القيادة القوي إلا أن التنظيم يعتمد على رمزية القيادة في الاستمرار، والخضوع، وفي المقابل فإن للقيادات الميدانية كلمة، وهؤلاء هم سبب استمرار التنظيم".
اقرأ أيضا: NYT: أطفال مقاتلي تنظيم الدولة لا يستحقون هذا المصير
ويؤكد عرابي أن التنظيم منذ ولادته، لم يقم بعمليات تغيير واسعة لقيادات الصف الأول، وصحيح أن القرار الاستراتيجي بيد زعيم التنظيم والقيادات العليا المحيطة به، إلا أن القرارات الميدانية هي بيد قادة المجموعات الصغيرة والخلايا، وهذا ما يفسر ارتفاع حدة العمليات في مناطق دون غيرها، لأن القرار متروك للقيادات الميدانية.
وبذلك، فإن عرابي يبدو أميل للرأي الذي لا يرجح حدوث تغير كبير على التنظيم بمقتل "القريشي"، ويقول: "القيادات العليا رمزية أساساً، والقرارات على الأرض بيد القيادات الميدانية، التي لن تستبدل بطبيعة الحال"، ويردف بقوله: "هذا ما يفسر أيضا محافظة التنظيم على كيانه، رغم الضربات التي يتلقاها، ورغم مقتل قيادات الصف الأول".
وفي السياق ذاته، يرى الباحث في الشؤون العسكرية، النقيب رشيد حوراني، أن من أهم العوامل التي تساعد التنظيم على البقاء، اعتماد التنظيم بعد خسارته مناطق سيطرته على اللامركزية، ومعرفة عناصره بالمناطق التي تشكل مسرح التحرك والعمليات.
ويضيف لـ"عربي21" أن التنظيم يستفيد من العداء بين الحاضنة الشعبية والقوى المسيطرة، فعلى سبيل المثال في دير الزور هناك تسهيل محدود من الأهالي للنيل من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، جراء سياساتها وانتهاكاتها والتمييز القومي الذي تمارسه، وتحديداً ضد المكون العربي.
ويستبعد حوراني في الوقت ذاته أن يؤثر مقتل قائد التنظيم على تحركاته الميدانية، مرجعا ذلك إلى اعتماد التنظيم استراتيجية عامة لا ترتبط بوجود رأس.
ويقول: "بوجود الخليفة أو بغيابه، التنظيم ماض في نشاطه ضد مختلف القوى المسيطرة في سوريا والعراق".
أما الصحفي السوري، عبد العزيز الخطيب، فرجح أن يشكل مقتل "القرشي" نكسة للتنظيم، تتطلب وقتا قد يكون طويلا، قبل أن يعاود النشاط مجدداً.
وفي حديثه لـ"عربي21" قال الخطيب إن التنظيم سيستغرق وقتاً للإعلان عن الزعيم الجديد، والأرجح أن يكون عراقيا، كما هو حال البغدادي والقرشي، وإلى حين ذلك فإنه يبدو أن الأنباء عن هجمات ستختفي.
وأضاف أن مقتل القرشي في إدلب، يجعل مهمة الحفاظ على القيادات أولوية، وهذا ما يستدعي تغيير مواقع القيادات وتحديداً قيادات الصف الأول، خوفا من انكشاف مواقعها، وهذا بطبيعة الحال قد يشغل التنظيم عن تنفيذ هجمات الإنهاك.
يذكر أن زعيم التنظيم القرشي قُتل فجر الخميس، على يد قوات أمريكية خاصة في مبنى كان يسكن فيه في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي بمحاذاة الحدود التركية.