قضايا وآراء

الفريد في جودت سعيد

أحمد أبو رتيمة
1300x600
1300x600
تُوفِّي المفكر السوريُّ جودت سعيد الأحد الماضي (30 كانون الثاني/ يناير 2022) في دار غربته في تركيا، بعد أن قضى الفصل الأخير من حياته الدنيا نازحا عن بلده سوريا التي أُثخنت قتلاً وتنكيلاً وتدميراً، ولم تتحقق دعوته التي صدع بها في بدايات الثورة السورية للمتظاهرين حين أوصاهم بالتمسك بالسلمية قائلاً: "إذا نجحت الثورة السوريَّة بالسلاح سنظل محكومين بالسلاح، وكل من أخذ بالسيف؛ بالسيف يهلك".

تحقَّقَ جزء من رؤيته أنَّ تسلَّح الثورة لم يزدها إلا بعداً عن الخلاص من الاستبداد، ولم تنتصر الثورة أيضاً بالنهج السلمي الذي ظلّ يبشر به أكثر من ستين عاماً، ذلك أن الكتلة الحرجة من الراسخين في الإيمان بفاعلية المنهج السلمي في التغيير لم تتشكل لتمثِّل حالةً عامةً تمكنها من فرض الواقع.

قبل الولوج إلى عالم أفكاره فإن مما تميز به جودت سعيد ورعه الشخصي وتخففه من الدنيا، كان يعيش أفكاره بحقٍّ، فلم يكن ينظِّرُ مِن على أريكة مريحة، بل كان يعمل في مزرعته في الجولان يربي النحل ويحلب الأبقار ويقود الجرار الزراعيَّ حتى سنٍّ متقدمة من عمره، كان صادقاً في التعبير عمَّا يؤمن به، حتى رجال المخابرات الذين كانوا يستدعونه بسبب تنظيمه لقاءات تعليمية في المسجد فإنه كان يشرح أفكاره لهم لعله ينير قلوبهم، ويردد كلمة الإنجيل: "ما أقوله لكم في السر قولوه في العلن".

كان حريصاً على تجريد الفكرة، كي لا يدانَ بتهمة التسلح أو التآمر، إنه فكرة مجردة متمثلاً بذلك الآية القرآنية: "أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله".

ألاّ يكون لدى الإنسان ما يخفيه وأن يعرض كل أفكاره في العلن دون مداراة وتقية وتوجُّس، فهذه منزلة عظيمة من السلام النفسي لا يبلغها أيُّ أحد، وقد بلغها جودت سعيد.. كان رجلاً اختلط إيمانه بكيانه حتى اقترب من كونه فكرةً تمشي على الأرض.

يعرف أيضاً عنه علو الهمة في القراءة وطلب العلم، فقد كان يقضي معظم وقته في دار الكتب المصرية أثناء دراسته الباكرة، وقد قرأ كتاب "شروط النهضة" لمالك بن نبي أكثر من ثلاثين مرةً، وكذلك فعل مع كتاب تجديد التفكير الديني لمحمد إقبال الذي قرأه أكثر من عشر مرات.

أكثر العرب لم يسمعوا باسم جودت سعيد، وهذا يحكي مأساة الفكر والعلم في وسطنا الثقافيِّ، فبينما يحظى كثير من التافهين والتافهات بملايين المعجبين والمتابعين وهم لا يقدِّمون سوى الغثاء والزبد، فإن أناساً يكرِّسون أعمارهم الطويلة للبحث الجاد في سبل الخلاص وتنجلي بصائرهم عن رؤى اختراقية لحجب المشكلات الكثيفة، ثم لا يعرفهم ولا يقدِّرهم إلا قليل من المؤمنين.

يشير جودت سعيد إلى هذه المشكلة في مقدمة كتابه "حتى يغيروا ما بأنفسهم": "في شباب العالم الإسلامي مَن عندَهُم استعدادٌ لبذل أنفسهم وأموالهم في سبيل الإسلام، ولكن قلَّ أن تجد فيهم من يتقدم ليبذل سنين من عمره ليقضيها في دراسة جادة، ليُنضِج موضوعاً، أو يصل به إلى تجلية حقيقية".

يقول سعيد: "لا يغرنك مديح المسلمين للعلم، فمعظمهم تفكيره أسطوري آبائي، ولا يثقون بالعلم إلا إذا وافق أهواءهم".

ما هو التفكير العلمي والتفكير الأسطوري في رؤية جودت سعيد؟

الموقف العلميُّ هو أن يتجرد الإنسان للبرهان والدليل وأن يتحرر من الهوى والظن، وهذا هو منهج القرآن: "إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربِّهم الهدى".

من الأفكار المركزية التي يطرحها جودت سعيد التحرر من التفكير الآبائي، وولادة الفكر المستقل، فالإيمان لا يمكن أن يكون ثمرة التقليد والتبعية الفكرية، والقرآن يدين الذين كفروا في قولهم: "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون"، وأكثر المسلمين يتبعون اليوم هذا المنهج في تقليد الآباء، وكلمة الآباء في القرآن رمز هيمنة الثقافة والتفكير الجمعي.

لكن الله تعالى لا يقبل حجة الذين يقولون يوم القيامة: "ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل".. إنه لا بد من ولادة فكرية بعد الولادة البيولوجية..

اشتهر جودت سعيد برأيه في اللا عنف سبيلاً راشداً لإصلاح الإنسان والعالَم، ولذلك لُقِّب بـ"غاندي العرب". وفي مقابل الفريق الذي لم يسمع باسم جودت سعيد من الأصل، فإن هناك فريق التصنيفات السريعة الذي يقول: "نعم أعرفه، ذلك الرجل الذي يدعو إلى اللا عنف ويعطل الجهاد".

وهذا المدخل في تعريف جودت أو غيره يفتقر إلى العدل، فالأحكام السريعة غير كافية لفهم الحقيقة، وأمثال أفكار جودت سعيد أنها ثمرة طريق طويل من البحث الجاد والقراءة العميقة ودراسة التاريخ الإنساني وتدبر القرآن، مما يستدعي جهداً جادَّاً في قراءتها وفهمها قبل نقدها.

من المؤكد أن أفكار جودت سعيد ليست فوق النقد والمساءلة، وهو نفسه كان يقول إن أفكاره إن كانت زبداً فستذهب جفاءً غير مأسوف عليها، وإن كانت مما ينفع الناس فستمكث في الأرض..

المهم أن إنتاجا فكرياً عميقاً مكث صاحبه في بناء لبناته عشرات السنين من عمره؛ يستحق أن يقرأه الناس بجدية، وأن يطالعوا كتبه بعقل منفتح، ولا ضير بعد ذلك أن يتقبلوا بعضَه ويتجاوزوا بعضَه الآخر، المشكلة في تيَّار سائد لا يقرأ أصلاً ويتسم بالكسل الفكري..

كان إيمان جودت سعيد الراسخ في جدوى اللا عنف ثمرة تدبر القرآن وقراءة التاريخ الإنساني في آن واحدٍ، فهو يؤمن بأن الكائن الإنساني يحمل طاقاتٍ هائلةً لم تتكشف بعد. وهو يعقب على قوله تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم": "ما زال الإنسان لم يكتشف قوة الحب، وعندما يكتشف تسخيرها ستكون أعظم من اكتشاف النار".

ويستدل من حوار الله تعالى مع الملائكة حول آدم: "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون".

يقول جودت سعيد إن الإنسان لا يزال حتى اللحظة يفسد في الأرض ويسفك الدماء كما توقعت الملائكة منه، فما هو علم الله تعالى الذي أجاب به على الملائكة؟!

يرى جودت أن الإنسان لم يحقق علم الله فيه، وأن هذا سيحدث لا ريب فيه فسيتوقف الإنسان عن سفك الدماء والإفساد في الأرض: "والله متمُّ نوره ولو كره الكافرون".

لذلك يرى جودت سعيد أن القرآن لم يذكر عبثاً قصة ابني آدم في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل من القرآن:

"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لئن بسطت إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أصحاب النار ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كيف يواري سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)".

يستلهم جودت سعيد من هذه الآيات أن ابن آدم الذي زكاه القرآن امتنع عن الرد بالعنف، ومع أنه قُتل إلا أنه كان منصوراً لأن القرآن يصف القاتل بأنه أصبح من الخاسرين ومن النادمين، والخسران والندم يعني أن موقف المقتول انتصر أخلاقياً وروحياً..

ويرى جودت سعيد في هذا المشهد تأسيساً لعالَم جديد يؤمن فيه الناس بعبث الحرب وسفك الدماء، فتنتصر الكلمة والفكرة.

الفريد في جودت سعيد أنه لا يكتفي بتأصيل آرائه من القرآن، وإن كان عميق الاطلاع نافذ البصيرة في تدبر آيات القرآن، بل إنه يؤمن بأن أحداث التاريخ وعواقب الأمور هي آيات يتحدث الله تعالى من خلالها إلى البشر، فكلمات الله تعالى أوسع بكثير من أن تحصى في القرآن والكتب السماوية السابقة، والقرآن يشير إلى هذا المعنى: "قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً"، وفي آية أخرى: "وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أقلامٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ بعده سَبْعَةُ أبحر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَٰتُ الله".

القرآن وكل الكتب السماوية يمكن كتابتها بزجاجة حبر واحدةٍ، فما هي كلمات الله التي لن تحصيها كل أشجار الدنيا وكل بحورها؟

إنها كلمات الله المبثوثة في الكون والتاريخ: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيَّن لهم أنه الحق".

هذا هو المعنى الثوريُّ الانقلابي الذي تميَّز به جودت سعيد عن المنظومة الفقهية السائدة، فالخطاب الدينيُّ يستقي الدين غالباً من البحث في كتب التراث وآثاره، لكن جودت سعيد ينبهنا إلى أن القرآن يلفت أنظارنا إلى السير في الأرض وفهم الطبيعة وقراءة التاريخ الإنساني وتدبر عاقبة الأمور.

في أفكار جودت سعيد فإن لآيات التاريخ والطبيعة ذات القداسة التي لآيات القرآن، كيف لا وكلها كلمات الله تعالى! فإذا كان القرآن يقول: "ألم تر كيف فعل ربُّك بعادٍ"، فإن التاريخ يقول لنا: ألم ترَ كيف فعل ربك بالاتحاد السوفييتي، وألم تر كيف فعل ربك بتشاوشيسكو والقذافي!

والقرآن نفسه يحث المسلمين على السير في الأرض والنظر في عاقبة الأمور، وهذا يعني أن مآلات التاريخ معتبرة دينياً في تقرير الحق والباطل، فالحق وفق القرآن هو ما ستكون العاقبة له: "قُلْ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ".

يحيي جودت سعيد مفاهيم كامنةً في القرآن لم يلتفت إليها المسلمون قبله، فهم يقرأون هذه الآيات بقصد التبرك بكلام الله، دون استكشاف القوانين التي تتضمنها، مثل مفهوم العاقبة ومفهوم النفع ومفهوم النسخ ومفهوم الزبد.

"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ".. يأخذ جودت سعيد من هذه الآية معيار النفعية الحقيقية لقبول الأفكار وردها، فإبراهيم عليه السلام علّلَ كفره بالأصنام بأنها لا تنفع ولا تضر: "قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون".

وفق هذه المعاني فإن نظام الرقِّ انتهى لأنه ليس مما ينفع الناس، والخيل والبغال والحمير انتهت لأن هناك ما أثبت تفوقه عليها في نفع الناس وهي السيارة والطائرة، وهكذا فإن التاريخ يسير في اتجاه إثبات النافع للناس كلِّهم..

وهنا أيضاً يبرز مفهوم جودت سعيد للنسخ الذي تشير إليه الآية: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخيرٍ منها أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ على كل شَيْءٍ قَدِيرٌ". فالآيات هنا آيات كونية وليس آياتٍ تشريعيةً فقط، أي أن آيات الخيل والبغال نسخت بآيات السيارة والطائرة، وآية الرق نسخت بآية أن كل البشر يولدون متساوين في الكرامة.

والنسخ ليس بنزول وحي جديد من السماء، بل عبر التجربة الإنسانية وتكشُّف آيات الله في الآفاق والأنفس للإنسان: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق".

لم يسبق أحد إلى هذا الفهم المستنير بوضوح جودت سعيد، وإن كانت هناك إشارات في كتب من سبقه ربما مثلت بذوراً رعاها ونمَّاها، كما في كتب محمد إقبال ومالك بن نبي.

هذا الفهم يحرِّر العقل المسلم من الأغلال، فلسنا مضطرين إلى جدلية موقف النصوص القديمة من كل تطور تاريخي، إذ إن ما ينفع الناس وما يقرِّبهم من العدل والقسط هو مقصد الدين، وإذا كان القرآن قد تضمَّن أحكاماً تتعلق بالحرب والرقِّ والمرأة فإن تلك الأحكام لا تعني قيداً جبرياً على التجربة الإنسانية، بل إن الدعوة مفتوحة للبشر دائماً لأن يبحثوا عمّا هو أقوم وأقسط وأقرب إلى العدل والإحسان.

طبيعة فكر جودت سعيد أنه استشرافي للمستقبل، إنه يبشِّر بعالمٍ لم يأت بعد، لذلك لم يفهمه أكثر الناس بمن فيهم الخواصُّ والنخب؛ لأنهم يرون العالَم تحت ضغط اللحظة الراهنة، حيث الحروب والإفساد في الأرض وسفك الدماء، لكن جودت يقول إن هناك أجنةً تتشكل في رحم المعاناة، وإن قانون الله تعالى في الخلق هو التطور والزيادة: "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة".

فما نراه اليوم من بنىً عظيمة، كانت بدايتها بذورًا وأجنّةً، ووراء الحُجب الكثيفة لمآسي اليوم ملامح تتشكل، مثل إدراك القوى العظمى أن جدوى الحروب انتهت بعد اختراع القنبلة النووية التي تكفي أن تدمِّر الأرض كلها، فالكبار لا يتقاتلون فيما بينهم بالسلاح، إنما يستغلون جهل الصغار ليخوضوا الحروب فيما بينهم. إن هذه البذور ستنمو وفق رؤية جودت سعيد لأن البشر يتعلمون بالتجربة، ومن لم يؤمن بالغيب سيؤمن بالعذاب الأليم: "لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم". وقد آمن الأوروبيون بالاتحاد الأوروبي بعد أن ذاقوا العذاب الأليم في حربين طاحنتين أزهقت عشرات ملايين النفوس، فرجعوا إلى الكلمة السواء.

يؤكد جودت سعيد على التفكير السنني في الدين في مواجهة التفكير الخرافي الأسطوري، فالقانون ليس محصوراً في الطبيعة، بل إن هناك قوانين تحكم النفس والمجتمع. والدين مجموعة من السنن، فإذا فعل الإنسان المقدمات ستأتي النتائج حتماً دون تأخر، وهذا يخرج الدين من حالة الطلاسم والأسطورة إلى حقل السنن التي يمكن تتبعها والتعامل معها.

من اليسير علينا تصور أمراض الجسد، لكنَّ الكذب والغدر والبغي أمراض، ولها عواقبها المؤكدة: "يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم". يحاول جودت أن ينقل سنن المادة إلى ميدان النفس والمجتمع، فمن علم يقيناً أنه لن يفلت من عاقبة ظلمه وكذبه وبغيه تماماً كما أن جسده لا يفلت من عاقبة تناول طعام ملوث، فإن ذلك سيدفعه إلى الإيمان والاستقامة.

إن مواضيع مثل حياة الأمم وموتها، وتأخر المسلمين، والاقتتال والتمزق، والشقاء والسعادة، والخوف أو الأمن، كلها خاضعة لقوانين، فالقرآن يقول: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وحين يتحلى المسلم بهذا الفهم السنني فإنه يتتبع البدايات ليعرف أين الخلل، فيصير التغيير سلطة بيد الإنسان، لأن الله تعالى لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون.

يضيق المقام عن مزيدٍ من التفصيل والبيان، لكن أضعف معاني وفاء الأمم لعلمائها ومفكريها أن يقرأوا إنتاجهم بعقول وقلوب مفتوحة، فيؤدوا لهم حقهم وينتفعوا وينفعوا ويكملوا الطريق.

twitter.com/aburtema
التعليقات (0)