هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الأصل ليس هناك موعد محدد بدقة، ثابت ومتفق عليه لانعقاد القمة العربية في الجزائر. الموعد الذي يجري تداوله في الأشهر الأخيرة كموعد لانعقاد القمة (آذار 2020) هو في الأصل موعد مؤجل. وقد فرضت تأجيله أسباب وظروف مختلفة ومتنوعة تتعلق بالأوضاع في عديد الدول العربية وفيما بينها.
في الأيام الأخيرة يدور مرة أخرى، حديث على درجة عالية من الجدية تقترب كثيراً من الأمر الواقع، حول تأجيل انعقاد القمة بشكل مفتوح. ويتم التعامل مع التأجيل كأمر واقع أو تحصيل حاصل. ودون أن يكون هناك أي موعد بديل مقترح من أي جهة.
أسباب التأجيل الأول/الأصلي هي نفس أسباب عدم تحديد وإعلان موعد جديد وبديل.
وهي نفس الأوضاع والعلاقات القائمة في عديد الدول العربية وتجاهها أو فيما بينها، والتي لا يبدو في الأفق القريب خروج منها أو تغيرها.
ومع استثناءات محدودة متمثلة في عدد من الدول العربية، فان نظرة، وليس من الضروري أن تكون متفحصة أو داخلة إلى العمق، تعطى في المحصلة صورة بانورامية محزنة - إن لم تكن مقلقة أو منذرة - للواقع العربي العام:
- سواء لواقع الحال بالنسبة للنظام العربي العام.
- إذا كان هذا التعامل واقعياً، وكان هذا النظام قائماً فعلاً وقادراً على لعب دور باسم كل العرب أو تقديم الدعم والإسناد لمن يحتاج ذلك من الدول العربية، أو في حل الخلافات والمشاكل بين الدول العربية وبعضها.
- أو بالنسبة لعدد كبير من الدول العربية منفردة.
بالنسبة للنظام العربي العام فليس له أي دور يذكر، لا في التخطيط العام للواقع العربي نفسه ولا لدوله. إن دور جامعة الدول العربية بكامل طاقمها كمؤسسة جامعة - على الورق - يكاد يكون صفراً في التعامل مع ما ينشأ بين دولها الأعضاء من خلافات، أو مع ما تواجهه بذاتها من صعوبات ومشاكل، وربما بما تتعرض له من اعتداءات بصرف النظر عن نوعها ودرجتها.
عدم قيام الجامعة بدورها يفتح الباب واسعاً أمام تدخل قوى ودول خارجية (غير عربية) من أكثر من اتجاه، ويكون تدخلها لأهداف ومصالح خاصة ومختلفة كثيراً عن أوضاع ومشاكل وخلافات واحتياجات الدول العربية المعنية، وتحت مسميات وذرائع مختلفة وبتسميات متنوعة، وإن كانت كلها تأتي تحت يافطة المساعدة.
وكلها في الحقيقة تعمل لحساب مصالحها ومنافعها وأهدافها السياسية والاقتصادية والتحالفية المناطقية والدولية، وكلها يمتد تدخلها ويتسع ليصل إلى الشؤون الداخلية الوطنية للدولة تحت اسم المساعدة.
وأما بالنسبة للدول العربية كدول منفردة، ومرة أخرى باستثناءات محدودة وقليلة العدد، فإن الخلافات والصراعات الداخلية تكاد تستغرق العديد منها، ولدرجة تمنع السير الطبيعي لحياة أهلها وحقوقهم في العيش الكريم بسلام وأمان، ناهيك عن وقف تطورها وتقدمها، ولعب دور مؤثر في مناطقها المحيطة وأقاليمها ومع أهلها ودولها.
لا يتسع هذا المقال للدخول في تسميات وتفاصيل. ولكن، أي تصفح لأي قارئ للصحف اليومية ومشاهدته لنشرات الأخبار المحلية والعالمية، يأخذانه إلى حالة من الذهول لكثرة عدد الدول العربية التي تعيش مع المشاكل الصعبة والمعقدة والخطيرة.
وكلها وغيرها مشاكل تتنوع وتتغير بين بلد وآخر، وكلها تؤثر أولاً على حياة المواطن فيها، وعلى أمنه واستقراره وعائلته. وكلها تشكل خطراً على وحدة البلد وعلى ثبات واستقرار الحكم فيه، وعلى شعبيته وعلى سيادة الديمقراطية في البلد وبين أهله، وعلى علاقات ودور النظام في إقليمه العربي بالدرجة الأولى ومع الدول المجاورة له.
إن وجود الجزائر في مركز الجدل حول القمة وموعدها الأصلي، والتوجه الأقوى نحو تأجيل هذا الموعد، لا يمس الجزائر ولا ينتقص بأي درجة من قدرتها واستعدادها لتحمل المسؤولية والمضي بها نحو أفضل وأنسب الترتيبات والمواعيد، وأفضل وأقوى وأنجح الاستعدادات والتحضيرات. وذلك لكي تلتئم القمة بأفضل توقيت وبأوسع وأغنى تمثيل ممكن. وليكون كل ذلك مقدمات لتخرج القمة بنتائج نوعية ومميزة تلعب دوراً مبادراً ومؤثراً في إحداث أفضل تغييرات ممكنة في الواقع العربي وعلاقاته البينية وجهوده الموحدة والمسؤولة.
وهناك مبادرة الجزائر إلى تحميل نفسها مسؤولية العمل الجاد للمساعدة في توحيد الصف الوطني الفلسطيني للخروج من حال الانقسام المؤذي، والمدمر إذا ما استمر وتواصل، إلى حال الوحدة والتكاتف في الخط السياسي الأساسي والبرنامج النضالي المنسجم معه، وفي المؤسسات التشريعية والأجهزة التنفيذية، وفي الهيئات القيادية الموحدة.
إن هذه المبادرة بقدر ما تزيد من مسؤوليات الجزائر، فإنها تأتي منسجمة ومتوافقة مع موقفها التاريخي العظيم مع الشعب الفلسطيني ونضاله الوطني للتحرر واسترداد كامل حقوقه الوطنية. وتأتي منسجمة ومتوافقة أيضاً مع مسؤوليتها عن عقد القمة العربية ونجاحها كما تمت الإشارة.
وهي (الجزائر) تبدو مقبلة بثقة عالية بالنفس مع استعداد للتعاون، لتحمل المسؤوليتين، وبالقدرة على تحقيق النجاح فيهما.
وهي في هذا تحظى بكل التعاطف والتأييد والأمل الواثق من كل جماهير الأمة العربية وقواها السياسية والمجتمعية.