صحافة إسرائيلية

قلق من "هبة النقب" وتحدي الشبان لشرطة الاحتلال

أثارت أحداث النقب تساؤلات حول ما إذا كانت شرطة الاحتلال فقدت قدرتها على الردع أمام المتظاهرين- جيتي
أثارت أحداث النقب تساؤلات حول ما إذا كانت شرطة الاحتلال فقدت قدرتها على الردع أمام المتظاهرين- جيتي

المواجهات المتواصلة التي تشهدها القرى الفلسطينية المحتلة في صحراء النقب فرضت نفسها على الأجندة السياسية والأمنية الإسرائيلية، باعتبارها أحداثا صعبة تضع دولة الاحتلال على مفترق طرق، ما دفع أوساطا إسرائيلية نافذة إلى مطالبة القيادة السياسية بأن تقرر ما إذا كانت ستواصل العمل من أجل رؤية ما تسميها "الدولة اليهودية"، أو إنها ستنحي الحلم الكبير جانبًا بحثا عن بضعة أيام من الهدوء.


في الوقت ذاته، يعتبر الإسرائيليون أن الهبة التي قام بها الفلسطينيون في القرى الفلسطينية مفاجئة لهم، لأنهم يعتبرون أنفسهم يخوضون كفاحا عنيفا من أجل مواجهة المخططات التهويدية في النقب، والتصدي لمخططات احتلال الأرض بالاستيطان، رغم أن ذلك يشكل تحدياً للأطماع الإسرائيلية التي بقيت تعمل سنوات طويلة في الخفاء خشية اندلاع مثل هذه الهبة الجماهيرية اليوم، رغم أن ذلك يعمل على تقويض الأساس المفاهيمي لاستمرار وجود مصانع الصندوق القومي اليهودي. 


الجنرال غيرشون هاكوهين قائد الكلية القيادية السابق في الجيش الإسرائيلي، ذكر في مقال بصحيفة إسرائيل اليوم، ترجمته "عربي21" أنه "منذ أكثر من عقد من الزمن، بدأ الصندوق القومي اليهودي يهتم بزراعة أشجار لأغراض سياسية تسعى لمنع توطين البدو في النقب، رغم محاولته تغليف عمله هذا بشعارات من بينها أن زراعة الأشجار تعتبر عملا وطنيا، لكن جملة التطورات السياسية التي شهدتها إسرائيل في السنوات الأخيرة نجحت في تحويل مصدر العمل الاستيطاني إلى قضية مثيرة للجدل". 


وأضاف أن "أحد أسباب اندلاع الهبة الفلسطينية في النقب وجود خلاف إسرائيلي داخلي في الأساس حول النظرة المستقبلية للنقب، والتواجد اليهودي فيه، من خلال إدخال منظور ما بعد الصهيونية في الخطاب الإسرائيلي الذي أعاد تشكيل الوعي العام الإسرائيلي في ما يتعلق بما يحدث في المنطقة، بحيث أن ما كان مقبول بالكامل من قبل الحكومة والوكالات اليهودية منذ مائة عام، وأصبح مع مرور الوقت قاطرة الزخم الصهيوني، فقد بات اليوم مسدودًا وبشكل متزايد".

 

اقرأ أيضا: وزيرة إسرائيلية: قمع غير مسبوق بالنقب.. ووقفات تضامن (شاهد)

صحيح أننا أمام هبة جماهيرية يقودها الفلسطينيون في النقب، ويمكن لقوات الاحتلال والشرطة والأجهزة الأمنية أن تعمل على تطويقها، والحد منها، لكنها شكلت تعبيرا عمليا عن غياب إفراغ جزء كامل من "القيم الصهيونية"، تمهيدا لاختفائها عن الأجندة العملية، خاصة أن التوصيف الأجنبي العالمي يعتبر الصراع في النقب مواجهة بين "إسرائيل" والبدو، باعتبارهم أصحاب الحق الأصلي في هذا المكان.


في الوقت ذاته، فإن أحداث النقب التي تمثلت في قيام الشبان بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على الشرطة، وإضرام النار في المركبات، أثارت المشاعر اليهودية الحادة، وأثارت تساؤلات حول ما إذا كانت الشرطة وقوات الاحتلال فقدت قدرتها على الردع أمام المتظاهرين في النقب، ما أنشأ شعورا بأن الاحتلال برمته في موقف ربما يكون الأكثر خطورة على الإطلاق، صحيح أن هناك اتهامات توزع على قادة الأمن والشرطة والجيش، لكن استمرار هذه الحوادث لا يمكنه أن يتواصل.


يعتبر الإسرائيليون أن تجرؤ الشبان في النقب على الانتفاض في وجه سلطات الاحتلال التي وفرت الحماية لعملية التشجير الاستيطانية خلق واقعا أمنيا مقلقا، تحولت فيه الشرطة من مسيطرة ورادعة إلى مضطهدة وخاضعة للسيطرة من الفلسطينيين، ما يمنح مصداقية للقلق الذي يساور الإسرائيليين، وهم يرون شرطتهم وأجهزتهم الأمنية مردوعة أمام المتظاهرين الشبان الذين يرشقون الحجارة وزجاجات المولوتوف، ويغلقون أمام المستوطنين الطرق المؤدية إلى البحر الميت.

التعليقات (0)