صحافة دولية

FP: أقليات الهند تواجه هجمات عنصرية وسط صمت حكومي

قالت الصحيفة إن رئيس الوزراء الهندي وحزب بهاراتيا جاناتا يتحملان مسؤولية الحملات العنصرية- جيتي
قالت الصحيفة إن رئيس الوزراء الهندي وحزب بهاراتيا جاناتا يتحملان مسؤولية الحملات العنصرية- جيتي

نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا لأستاذ العلوم السياسية في جامعة إنديانا، سوميت غانغولي، أن الحكومة الهندية منعت منظمة المبشرون الخيرية، المنظمة التي أسستها الأم تيريزا، من تلقي الأموال الأجنبية خلال الاحتفالات بأعياد الميلاد في مدينة كلكتا.

وتأتي هذه الخطوة بحسب مقال الصحيفة، في أعقاب استراتيجية حكومية مستمرة لاستخدام قانون تنظيم المساهمات الأجنبية لتقييد التمويل الخارجي للمنظمات غير الحكومية التي تعتبرها حاسمة، حيث بررت وزارة الداخلية الهندية الإجراء باتهام المنظمة بالتبشير.

وذكر المقال أن قرار تقييد الأموال على الإرساليات الخيرية يأتي في الوقت الذي اجتاحت فيه الهجمات ضد المسيحيين الهند، كجزء من موجة مفاجئة من التعصب والعنف ضد الأقليات الدينية.

وأحرق أعضاء منظمة باجرانغ دال المرتبطة بحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، تماثيل بابا نويل، في مدينة أغرة الهندية، موطن تاج محل، زاعمين أن المبشرين كانوا يستخدمون الأعياد لتغيير ديانة السكان إلى المسيحية.


 وفي ولاية آسام، التي تضم أقلية مسيحية كبيرة، دخل الهندوس المتعصبون الكنيسة المشيخية وأوقفوا الصلوات، أما في ولاية هاريانا، قام الحراس الهندوس بتخريب تمثالا للمسيح.

وقالت الصحيفة إن رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي يتحملان بعض المسؤولية عن هذا الجو العدائي المتزايد.

ودعا النائب عن حزب بهاراتيا جاناتا، تيجاسفي سُريا، خلال أعياد الميلاد، حركة غار وابسي (وتعني حرفيا، "العودة إلى الوطن")، للضغط من أجل تحويل المسيحيين والمسلمين إلى هندوس.

وفي وقت لاحق، سحب سريا بيانه بهدوء تحت انتقادات شديدة، لكن بيانه لم يكن حادثة منعزلة حيث أن الفكرة ظلت صامدة منذ فترة طويلة مع الجناح المتشدد لحزب بهاراتيا جاناتا، راشتريا سوايا مسيفاك سانغ.

بينما بلغ خطاب الكراهية ذروته في 17 و18 كانون الأول/ ديسمبر، حيث تجمع رهبان ونشطاء هندوس متشددون في بلدة هاريدوار، موقع الحج، فيما وصفوه بأنه "لقاء كراهية".

 حينئذ، دعا أحد المتحدثين البارزين، المثير للجدل ياتي نارسينغاناند، صراحة إلى شن هجمات ضد الأقليات الدينية وأماكن العبادة.

 وقال: "السيوف تبدو جيدة على المسرح فقط.. المعركة سيفوز بها أولئك الذين يملكون أسلحة أفضل".

 

اقرأ أيضا:  إندونيسيا تسمح لقارب يقل لاجئي روهينغيا بالرسو على ساحلها


وتابع المقال في سرده للتطورات بأن الأسوأ من ذلك، دعوة أحد منظمي الحدث الجيش الهندي والسياسيين والهندوس إلى نسخ الحملة ضد أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار، والتي تدعو في الواقع إلى الإبادة الجماعية.

كما ارتفع خطاب الكراهية والاعتداءات الجسدية على الأقليات وأماكن عبادتهم في الهند،في عام 2021، تحديدا في الأشهر التسعة الأولى من العام، حيث أحصي ما لا يقل عن 300 عمل عنف موجه ضد الأقليات الدينية في جميع أنحاء البلاد، لكن القليل من الجناة تمت معاقبتهم.

ورغم رفع السلطات قضية خطاب كراهية ضد أحد المتحدثين في اجتماع هاريدوار وآخرين لم يتم الكشف عن أسمائهم، إلا أنها لم تقم بأي اعتقالات، في غضون ذلك، اتبعت حكومات الولايات قوانين تبرر هذا التعصب.

 وذكر المقال أن مجلس النواب  في ولاية كارناتاكا قد أقر في 23 كانون الأول/ ديسمبر، قانون حماية الحق في حرية الدين، والذي يهدف إلى حظر التحول من الهندوسية إلى دين آخر، حيث يمكن أن يؤدي انتهاك القانون إلى غرامات كبيرة أو حتى الحبس.

ورغم أن القانون لا يشير صراحة إلى المسيحية أو الإسلام، إلا أن نيته واضحة: "جعل التحول الديني باهظ التكلفة قدر الإمكان" حتى لو رفض مجلس الشيوخ، حيث يمثل حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي أقلية، مشروع القانون، يمكن لمجلس النواب تجاوز قراره بأغلبية بسيطة، تقول الصحيفة.

ولم تدين الحكومة الهندية خطاب الكراهية أو الهجمات ضد الأقليات كما لم يعلق مودي ولا وزير الداخلية الهندي أميت شاه، المسؤول عن الحفاظ على القانون والنظام، على التطورات المقلقة في الأسابيع الأخيرة.

ولكن عشية أعياد الميلاد، غرد مودي ليتمنى لمواطني الهند عيد ميلاد سعيد، مضيفا: "نتذكر التعاليم النبيلة للسيد المسيح".

 

 

اقرأ أيضا: ناشط إيغوري يروي معاناة زوجته بسجون الصين


وأضافت فورين بوليسي أنه رغم مناشدات الزعماء الدينيين ونشطاء المجتمع المدني، فقد وقف كل من مودي وشاه مكتوف اليدين في وقت تشهد البلاد ارتفاعا مستمرا في المضايقات والعنف بدوافع دينية.

وذكر المقال أن تواصل مودي مع المجتمع المسيحي كان سياسيا بحت، فقد دعا مودي البابا فرانسيس رسميا لزيارة الهند، على هامش قمة مجموعة العشرين في روما في تشرين الأول/ أكتوبر، مدعيا أن البابا وصف الدعوة بأنها "أعظم هدية".

وآنذاك، أشار الناشط الكاثوليكي الهندي البارز جون دايال إلى أن هذه البادرة لم تكن أكثر من مجرد حيلة ساخرة من قبل مودي قبل الانتخابات على مستوى الولاية في جوا ومانيبور، وكلاهما يضم عددا كبيرا من السكان الكاثوليك.

فيما لم يُدن أي زعيم ذي مكانة وطنية اجتماع هاريدوار أو الهجمات الأخيرة، بينما اعتبرت الصحيفة أن صمت الحكومة المطبق على العنف ليس مفاجئا، فنادرا ما أعطى حزب بهاراتيا جاناتا اهتماما للعلمانية أو أخلاقيات التعددية الدينية.

وتابعت الصحيفة الأمريكية أن غياب حزب المعارضة الرئيسي، المؤتمر الوطني الهندي - الذي كان في يوم من الأيام حامل لواء الهند العلمانية يعتبر أمرا مروعا.


وكشفت فورين بوليسي أنه في أعقاب اجتماع هاريدوار، تواصل 76 من المحامين البارزين إلى رئيس المحكمة العليا في الهند، نوثالاباتي رامانا، لحث المحكمة العليا على اتخاذ إجراءات قانونية ضد خطاب الكراهية.

وخلص كاتب المقال إلى أن مصير التعددية الدينية في الهند على المحك، مضيفا أن تعصب رئيس الوزراء مودي، قد يؤدي لتحقيق نبوءة محمد علي جناح، مؤسس باكستان، الذي رأى بأن الهندوس والمسلمين يشكلون شعبين مختلفين، مما صعب عملية التعايش.

0
التعليقات (0)