مقالات مختارة

لغتنا الجميلة في خطر

عماد الدين حسين
1300x600
1300x600

هل صحيح أن اللغة العربية مهددة في وجودها؟!

سؤال يطرحه البعض هذه الأيام، ونحن نحتفل باليوم العالمي للغة العربية في ١٨ كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي يصادف اعتماد الأمم المتحدة عام ١٩٧٣ العربية لغة رسمية.

هذه اللغة التي يتحدث بها أكثر من ٤٥٠ مليون شخص، تواجه صعوبات كبيرة شأنها شأن العديد من اللغات العالمية، بخلاف الإنجليزية التي تكاد تكون لغة غالبية العالم.

مما يسر النفس، أن هناك اهتماما إعلاميا كبيرا بالاحتفال باللغة العربية، على مستوى الحكومات والشعوب العربية.

كان ملفتا للنظر أن الجناح المصري في معرض إكسبو دبي، أطلق مبادرة عنوانها «اتكلم عربي» وشارك فيها كثيرون، منهم الفنانة اللبنانية كارول سماحة التي قالت إنها سجلت أغنية بعنوان «اتعلم واتكلم عربي».

ويدرس الاتحاد الدولي لكرة القدم اقتراحا بأن تصبح العربية لغة رسمية في الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، الذي يعتمد أربع لغات فقط هي الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية.

ويوم الأحد الماضي سمعت المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ، يحيي هذه اللغة في افتتاح الجلسة العامة، ويقول؛ «إن الحفاظ عليها من أعظم الواجبات الوطنية والشرعية والعملية، وإن المجلس يحض على تعزيز قيمة اللغة في نفوس كل المتحدثين بها، وإن المادة الثانية من الدستور تؤكد أن الإسلام دين الدولة، وأن العربية لغتها الرسمية وأنها ثابتة في وجه كل المتغيرات».

كذلك كان ملفتا للنظر ما أصدرته إدارة البيانات بمكتب النائب العام، وقالت؛ «إنها تقصد من بياناتها الإسهام في إحياء اللغة العربية السليمة وتذوقها بجانب كشف الحقائق، وأن العربية هي لغة قومية من الروافد الرئيسية للهوية المصرية العربية، وهي عنصر أساسي من عناصر رباط الأمة، واحترامها وإتقانها واجب وطني؛ فهي رمز الولاء والانتماء والاعتزاز بالهوية، وهي مدعاة للفخر والرقي وعلو الشأن، وهي لغة مقدسة اختارها رب العالمين لغة للقرآن الكريم، وعلينا تأمل السر في هذا التشريف العظيم».

على المستوى النظري، فإن كل البلدان العربية نقول إنها تدعم اللغة العربية، لكن الأمر على أرض الواقع مختلف إلى حد كبير.

لا أقول ذلك تشكيكا في اهتمام هذه الحكومات، لكن في عدم اتخاذ إجراءات عملية لدعم هذه اللغة التي تتعرض لعمليات تجريف واسعة لأسباب عديدة.

نحن كعرب نتحمل المسؤولية الكبرى خصوصا في مراحل التعليم المختلفة، سواء كان تعليما عاديا أو جامعيا.

بعضنا يعتقد أن نوع التعليم الذي يلقى الاحترام والتقدير، هو ذاك الذي يجعل أولادنا يتحدثون اللغات الأجنبية بطلاقة، وهو أمر محمود بطبيعة الحال، شرط ألا يكون ذلك على حساب لغتنا الأم.

عدد كبير من طلاب المدارس الأجنبية الذين يجيدون لغات أجنبية مختلفة، لا يجيدون الكتابة أو الحديث بالعربية.

وفي المقابل، فإن عددا كبيرا من طلاب المدارس الحكومية لا يجيدون الإنجليزية ولا قواعد العربية. أما طلاب المدارس والدبلومات الفنية، فإن بعضهم لا يعرف حتى كيفية كتابة اسمه باللغة العربية!!

ومع المشاكل الكثيرة التي يعاني منها التعليم ليس فى مصر فقط، ولكن في العديد من الدول العربية، خصوصا في البلدان التي تعاني من نزاعات وصراعات طائفية ومذهبية عرقية وأهلية، فإن الاهتمام باللغة العربية يتراجع.

في العديد من شروط الوظائف نجد ضرورة إجادة اللغة الإنجليزية، وقلة من هذه الوظائف تطلب ضرورة إجادة اللغة العربية.

السبب الثاني، هو الهجمة الآتية من الخارج والمتمثلة في الفضائيات والشبكات المختلفة التي تروج للإنجليزية فقط، ليس فقط كلغة، ولكن أيضا كسلوكيات وقيم غريبة تماما عن مجتمعنا.

لا ألوم هذه الشبكات التي تروج لقيمها وثقافتها ولغتها، ولكن ألوم الحكومات والمجتمعات العربية التي لا تبذل الجهد الكافي لحماية اللغة العربية ودعمها خصوصا لدى الصغار.

قبل أيام، سمعت من يقول إنه لو استمر الأمر على هذا المنوال، فإن اللغة العربية مهددة بالتهميش أو الانقراض.

ظني أن ذلك احتمال بعيد، لأسباب كثيرة أهمها أنها لغة القرآن الكريم، الذي قال بوضوح: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، وحينما يتعهد المولى عز وجل بحفظ القرآن، فهو تعهد يعني أيضا حفظ اللغة التي نزلت به، وكل من يصلي لا بد أنه يعرف بعضا من اللغة العربية، حتى لو لم يكن لسانه عربيا أصيلا.

أظن أن بداية الحل لهذه المشكلة المهمة جدا، هي أن نحبب الصغار فيها وأن نشجعهم على إجادة الحديث بها، وأن تهتم وسائل الإعلام العربية المختلفة بدعم وتشجيع اللغة العربية، وليس فقط مجرد الحديث بها.

 

(عن صحيفة الشروق المصرية)

التعليقات (1)
علي ابراهيم
الجمعة، 24-12-2021 06:06 م
لا اهلا و لا سهلا بالمهرجين الذين يغسلون جرائم السيسي