"مفوضية السايح" الليبية في مرمى نيران "الشكوك" (بورتريه)
عربي21- علي سعادة11-Dec-2105:09 PM
0
شارك
رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية عماد السايح
الغموض
لا يزال يكتنف مصير هذه الانتخابات رغم أن الناخبين سيصطفون عند مراكز الاقتراع بعد
أيام قليلة لانتخاب أول رئيس ليبي.
فرئيس
المفوضية العليا للانتخابات الليبية تطارده الشكوك من قبل مكونات رئيسية في اللعبة
السياسية الليبية منذ سقوط نظام معمر القذافي.
حتى
أن أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة نفسه لا يضمن شيئا حين يقول لمن يسألونه:
"أنا لست نبيا ولا ساحرا.. ولا أعرف ما الذي سيحدث في هذه الانتخابات".
رئيس
المفوضية العليا للانتخابات الليبية عماد السايح، الحاصل على شهادة البكالوريوس في
التخطيط الاقتصادي من جامعة القاهرة، يتمسك بقراره "المسنود" دوليا بأن الانتخابات
"ستكون في موعدها ولا مجال لتأخيرها حتى لو عُدلت القوانين من البرلمان".
وألمحت
تقارير صحفية نسبت إلى مقربين من التيار الإسلامي في ليبيا إلى أن اسم عماد الشاذلي
السايح، لا يدل على أن أصله ليبي وأنه ربما حصل على الجنسية الليبية بـ"أوراق
مزورة"، وبأنه من أصول تونسية، دون تقديم أي دليل، وربما ذهبوا بروايتهم هذه استنادا
إلى أن والدة السايح هي سيدة تونسية.
وتقول
روايات غير موثقة على مواقع التواصل الاجتماعي بأن السايح "مسير من الاستخبارات
الفرنسية عن طريق سفيرتهم في ليبيا"، وبأنه سبق أن اتهم بقضايا
فساد حين كان يعمل في مؤسسات رقابية في عهد القذافي، وتبدو هذه الروايات وكأنها جزء
من "المناكفات" التي بدأت تظهر على السطح مع اقتراب التصويت في الانتخابات
الرئاسية.
الجلبة
التي يحدثها المرشحون للرئاسة والذين قارب عددهم المائة، في رقم غير مسبوق في أي مكان
آخر على هذا الكوكب، لم تستطيع إخفاء الخلافات حول قانوني الانتخابات بين مجلس النواب
من جانب، والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي من جانب آخر.
وفيما
بدا وكأنه رد على تصريحات رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، بخصوص ترجيح
تأجيل الانتخابات 3 أشهر، للتوافق على قوانين الانتخابات، فقد هدد المشاركون في مؤتمر
باريس الدولي بشأن ليبيا، في بيانهم الختامي، بفرض عقوبات على الأفراد الذين
"سيحاولون القيام بأي عمل من شأنه أن يعرقل أو يقوض الانتخابات المقررة في ليبيا"،
سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها.
وكان
اسم "المفوضية الوطنية العليا للانتخابات" في ليبيا قد ورد في قانون صدر
بإنشائها عن المجلس الوطني الانتقالي.
وعين
السايح عضوا في "المفوضية" عام 2011 من قبل المجلس الوطني العام في بداية
تكوين "المفوضية" بصفة مفوض، ودعم السايح، رئيس "المفوضية" حينها
نوري العبار لتنفيذ أول انتخابات في ليبيا بصفته نائبا للرئيس.
لكن
العبار ما لبث أن استقال من رئاسة "المفوضية" على وقع تلك الانتخابات، فقرر
المؤتمر الوطني تكليف عماد السايح برئاسة "المفوضية". وترى أطراف ليبية أن
السايح ليس رئيسا شرعيا لمجلس إدارة "المفوضية" بل هو مكلف بالتسيير منذ
عام 2014، ولهذا فإن منصب رئيس المفوضية هو بالنسبة لهم منصب شاغر وكرسي فارغ.
وخرجت
هذه التصريحات إلى العلن عقب اقتراح السايح رفع عدد مقاعد البرلمان الجديد إلى 240
مقعدا، لـ"تحقيق العدالة في تمثيل كل مدن ليبيا". بحسب السايح.
ويشير
مراقبون إلى أن حربا تدور في سياق الحراك الانتخابي، ومناصبة الإسلاميين العداء لمفوضية
الانتخابات، وكان المشري قد شكك في "حيادية" السايح، قائلا إن عدم إجراء
الاستفتاء على مسودة الدستور "يضع علامات استفهام حول حياديته". كما حذر
من أن نتائج الانتخابات ستؤدي إلى مزيد من الانقسام.
ولا
يستطيع أي طرف ليبي الوقوف في وجه "المفوضية" بشكل علني ومكشوف بسب الدعم
الكبير من بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لرئيسها السايح.
و"المفوضية"
الليبية هي هيئة مستقلة تقع عليها مسؤولية إجراء الانتخابات في ليبيا ووضع ضوابط وآليات
الترشح.
وبدا
أن إعادة الأمين العام للأمم المتحدة، الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز مهندسة
المسار السياسي الحالي، لتكون مستشارة خاصة له حول الملف الليبي بعد أيام من الاستقالة
المفاجئة للمبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش، وكأنه تأكيد لإجراء الانتخابات في موعدها.
مقربون
من السايح يقولون إنه يقع الآن تحت ضغط كبير وتهديد له ولأسرته، وذكرت تقارير إعلامية
أنه قبل أيام قليلة حطمت سيارته بالكامل أمام مقر "المفوضية" التي تم اقتحامها
في الليلة السابقة لذلك.
ويأمل
الليبيون أن تساهم الانتخابات في إنهاء صراع مسلح عانت منه ليبيا، فبدعم من دول عربية
وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب قاتلت مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر المرشح في
هذه الانتخابات، حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.
ويخشى
بعض الليبيين من أن تفجر الخلافات حول الانتخابات الحالية أزمة مماثلة لتلك التي أحاطت
بانتخابات 2014، حين انقسمت ليبيا بين فصائل شرقية وغربية متحاربة وإدارتين متوازيتين
في طرابلس وبنغازي.
وتزيد
هذه الأمور من احتمالية تكرار هذا السيناريو في حال خسر عقيلة صالح وخليفة حفتر، فمنذ
تلك الانتخابات وقف كلاهما في وجه كل الجهود الدولية التي تستهدف الوصول بليبيا إلى
بر الاستقرار والوحدة. حيث دبر حفتر انقلابا عسكريا ضد الحكومة المعترف بها دوليا،
بينما رفض صالح الامتثال للاتفاق السياسي الليبي الذي توسطت فيه الأمم المتحدة عام
2015 ووقع عليه هو بنفسه.
ولا
يزال نحو 20 ألف مقاتل من المرتزقة والقوات الأجنبية على الأراضي الليبية وهم مصدر
نفوذ حفتر.
وتبدو
قوة عماد السايح و"المفوضية" في مساندة المجتمع الدولي لدورها في إجراء الانتخابات
الرئاسية في موعدها، رغم أن هذا المجتمع الدولي نفسه لم يستطع حتى اللحظة إرغام حفتر
وآخرين على القبول بنتائج الانتخابات السابقة، أو احترام الاتفاقيات التي وقعوا عليها،
أو المثول أمام المحاكم في القضايا التي يواجهها حفتر.