اقتصاد دولي

هل أجّل متحور "أوميكرون" حرب النفط بين واشنطن والرياض؟

استخدمت واشنطن 50 مليون برميل من احتياطيها النفطي الاستراتيجي- جيتي
استخدمت واشنطن 50 مليون برميل من احتياطيها النفطي الاستراتيجي- جيتي

على الرغم من انهيار أسعار النفط يوم الجمعة بنحو 13 في المائة، على وقع مخاوف من احتمالية حدوث إغلاقات جديدة نتيجة انتشار سلالة جديدة لفيروس كورونا، فإن شبح وقوع حرب أسعار النفط بين واشنطن والرياض ما زال قائما.


ووفقا لبورصات الطاقة العالمية، فقد انخفض الخام الأمريكي بأكثر من 13 في المائة، بينما هبط برنت بنسبة 11.5 في المائة في نهاية تداولات الجمعة.


وسجل كل من خام برنت وخام غرب تكساس خسائر كبيرة للأسبوع الخامس على التوالي، ويعد هذا التراجع في الأسعار هو الأكبر منذ نيسان/ أبريل 2020.


حرب نفطية مؤجلة


وشغل الخلاف بين الولايات المتحدة وعدد من الدول المستهلكة من جهة وأوبك والسعودية من جهة أخرى، حول حجم إنتاج النفط أسواق الطاقة، حيزا مهم من متابعات وسائل الإعلام العالمية المهتمة باقتصاد الطاقة، حيث طالبت واشنطن الدول المنتجة بزيادة الإنتاج حتى ينخفض السعر.

 

بالمقابل ترفض الرياض وبقية دول أوبك هذا الأمر، ما دفع بالرئيس الأمريكي جو بايدن أن يأمر باستخدام جزء من احتياطي النفط الاستراتيجي الأمريكي، حيث تم استخدام 50 مليون برميل، الأمر الذي دفع بعض المحللين للتوقع بأن تحدث حرب نفط جديدة بين واشنطن والرياض على غرار التي حدثت في عام 2020 بين السعودية وروسيا.


وأثار الخلاف بين واشنطن والرياض حول حجم الإنتاج، تساؤلات حول احتمالية نشوب حرب نفط بينهما، كذلك الأمر: ما تأثير هذه الحرب لو حدثت على علاقة الرياض بواشنطن؟

 

اقرأ أيضا: بايدن يطلق شرارة حرب نفط جديدة.. كيف سترد الرياض وموسكو؟

أكد الدكتور "ثيودور كاراسيك"، مستشار أول في مؤسسة دراسات دول الخليج في واشنطن، أن "السؤال حول احتمالية حدوث حرب أسعار بين الدول المستهلكة وبين دول أوبك+ مهم، بسبب بعض العوامل المساهمة بالتأثير على التجارة العالمية بشكل عام وسوق النفط بشكل خاص".


وأوضح كاراسيك خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "استخدام واشنطن وخمس دول لاحتياطي البترول الاستراتيجي، إضافة لأزمة سلاسل التوريد العالمية، وبدء انتشار متحور "أوميكرون"، هذه الأمور مجتمعة لها تأثير ودور كبير في القرارات التي ستصدر لاحقا، سواء قرارات الدول المستهلكة المتعلقة باستخدام الاحتياطي الاستراتيجي، أو قرارات دول أوبك+ المتعلقة بتحديد حجم الإنتاج النفطي".


وتابع: "لذلك فقد يؤدي اندلاع حرب أسعار الآن خلال هذه الأحداث إلى تقلبات إضافية في أسواق الطاقة، وبالتالي فستؤثر هذه العوامل مجتمعة على النتيجة النهائية، خاصة أن هناك تباينا في الرأي بين واشنطن من جهة وأوبك+ من جهة أخرى، كذلك فإن هناك الآن نوعا ما يمكن تسميته بتحالف نفطي ثلاثي في ما يخص الأسعار مكون من الرياض وموسكو وأبو ظبي".


من جهته قال المحلل الاقتصادي في مؤسسة دراسات دول الخليج في واشنطن، الدكتور أوميد شكري، إن "ديناميكيات سوق النفط قد تغيرت بعد أن تسبب انتشار متحور "أوميكرون" في انخفاض أسعار النفط بنحو عشرة دولارات الأسبوع الماضي، كذلك لن يكون لإطلاق الاحتياطيات البترولية الاستراتيجية سوى تأثير قصير المدى على السوق، وفي نفس الوقت أوبك متشككة، وبالتالي فالمنظمة ستقرر ما إذا كانت ستزيد أو تخفض إنتاج النفط وفقًا لظروف السوق".


وأشار إلى أن "إدارة بايدن حاولت إقناع السعودية وروسيا بزيادة إنتاجهما من النفط كي ينخفض السعر، ولكن عارضت الدولتان طلبه، لاقتناعهما بالسعر الحالي وتوافقهما عليه، وبالتأكيد يمكن أن يكون للرياض وموسكو تأثير كبير على سوق النفط في ظل ظروف معينة، كذلك يبدو أن أوبك كمنظمة تعمل على زيادة دورها في سوق النفط".


وحول احتمالية حدوث حرب أسعار نفط بين واشنطن والرياض قال شكري لـ"عربي21": "علينا انتظار نتائج قمة أوبك وأعياد رأس السنة الجديدة، لأنه إذا زاد الطلب في السوق، فلن تزيد أوبك إنتاجها، وسترتفع أسعار النفط عندما يرتفع الطلب وتكون البلدان المستهلكة للنفط قادرة على وقف انتشار متحور "أوميكرون"، في هذه الحالة إذا لم تقم أوبك بزيادة طاقتها الإنتاجية، سترتفع أسعار النفط مرة أخرى".

 

ولفت إلى أن "الطاقة دائما ما كان لها دور مهم في العلاقات الأمريكية السعودية، كذلك لعب الاستقرار في سوق النفط دورًا مهمًا في أمن الطاقة والأمن القومي لأمريكا، والاستقرار في سوق النفط صعب جدا بدون تعاون السعودية".


وأكد على "حاجة واشنطن والدول الرئيسية المستهلكة للنفط على المدى القصير إلى تعاون السعودية ودول أخرى أعضاء في أوبك لخفض أسعار النفط، حيث يعتمد أمن الطاقة في هذه الدول على المديين القصير والمتوسط على قرارات السعودية وروسيا".


وأضاف: "بالتالي فإنه في ظل الوضع الحالي، والعوامل المتغيرة في السوق، تراجعت احتمالية نشوب حرب أسعار نفطية شرسة".

 

اقرأ أيضا: النفط يهبط 10 دولارات.. وتراجع البورصات الأمريكية

تحالف واشنطن الرياض


وارتبطت واشنطن مع الرياض بتحالف عميق واستراتيجي في شتى المجالات، سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية، ودفع هذا التحالف الرياض بتوصية من واشنطن خلال فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترامب لزيادة إنتاج النفط حينما كانت العلاقات السعودية الإيرانية في أسوأ حالاتها، لكن في ظل الخلاف الحالي بين البلدين تثار تساؤلات عن تأثير حرب أسعار النفط لو نشبت بينهما على علاقتهما وتحالفهما.


عبر البروفيسور بيل شنايدر، أستاذ السياسة العامة والشؤون العامة والدولية في جامعة جورج ميسن الأمريكية، عن "اعتقاده بأن نشوب حرب أسعار النفط بين الولايات المتحدة وأوبك أمر غير محتمل حدوثه"، مضيفا: "تضغط واشنطن على أوبك لزيادة الإنتاج، لكن أي خطوات تتجاوز ذلك فستكون غير محتملة وغير مثمرة".


وأوضح شنايدر خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية، التي تعد، إلى جانب إسرائيل، أهم حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يمكن أن تتضرر نتيجة أي حرب نفطية قد تقع بينهما".


وأضاف: "لدى الولايات المتحدة أدوات أخرى تحت تصرفها لمحاولة خفض أسعار الوقود لديها، بما في ذلك الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، كذلك يجب عدم إغفال أن أكبر مشكلة يواجهها بايدن هي زيادة إنتاج النفط الأمريكي، بنفس الوقت الذي يسعى فيه للحفاظ على الالتزام بتقليل اعتماد أمريكا على الوقود الأحفوري، وتعتبر هذه المشكلة بالنسبة له خطيرة جدا".


بدوره قال الخبير في الطاقة ثيودور كاراسيك: "لنفترض الآن أن حرب الأسعار قد تندلع بالفعل، سيكون لذلك عواقب خطيرة جدا من الناحية السياسية، حيث ستؤدي إلى انجراف أكبر للمجموعة الجيوسياسية "أوبك" نحو الشرق، ونعم.. الولايات المتحدة لديها بعض الأوراق الضاغطة في جعبتها، ولكن هناك فرصة متضائلة لاستخدام هذه الأوراق القوية، ودول في الخليج المنتجة للنفط تعرف وتدرك ذلك".

 

اقرأ أيضا: النفط يهبط أكثر من 2 بالمئة مع ظهور سلالة جديدة من كورونا

من ناحيته أشار شكري إلى أن "دور الطاقة في العلاقات بين الرياض وواشنطن سيزيد من قدرة أرامكو على الاستثمار في البنية التحتية للطاقة الأمريكية، كذلك يمكن للبلدين التعاون بشكل أكبر في عملية انتقال الطاقة".


وأضاف: "ولكن إذا اندلعت حرب أسعار النفط الجديدة، فمن غير المرجح أن تستخدم الولايات المتحدة جميع الأدوات المتاحة لتحقيق الاستقرار في السوق، على الرغم من أن إدارة بايدن ليس لديها العديد من الخيارات على الطاولة، وكنت قد شرحت في كتابي عن دبلوماسية الطاقة الأمريكية، الذي نشرته Springer Publishing في مارس، بالتفصيل قضية حرب أسعار النفط وتحدثت عن دور المملكة العربية السعودية وأهميته في سوق النفط".

 

التعليقات (1)
محلل سياسي متواضع
الأحد، 28-11-2021 05:23 م
لا يمكن أن تحصل حرب نفط بين السعودية و أمريكا . أمريكا هي صاحبة القرار في انتاج و تسويق النفط . قال بعض من كانوا قريبين من الراحل أحمد زكي يماني "وزير البترول والثروة المعدنية السعودي سابقاً من عام 1962 إلى 1986" أنه كانت تأتيه قصاصة ورق من أمريكا مكتوب عليها سعر برميل النفط و يقوم هو بتبليغها أثناء اجتماعات أوبك ، و لا أظن أن وضع السيطرة السياسية قد تغير فكل المتحكمين في عالمنا العربي الآن أمهم أمريكا و عمهم سام !

خبر عاجل