سياسة عربية

ما تداعيات تصريحات "رباعية السودان" على الأزمة الجارية؟

مشامون: المجتمع الدولي يريد بقاء الشراكة بين المدنيين والعسكريين- الأناضول
مشامون: المجتمع الدولي يريد بقاء الشراكة بين المدنيين والعسكريين- الأناضول

أكدت دول رباعية السودان "السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا" في بيان لها، على وقوفها بجانب الشعب السوداني، وطالبت بعودة الحكومة المدنية الانتقالية ومؤسساتها فورا.


ودعت جميع الأطراف السودانية إلى التعاون وتوحيد المواقف للوصول إلى الهدف الحيوي وهو استقرار البلاد وانتهاء الأزمة السياسية هناك، كذلك طالبت بإطلاق سراح المعتقلين الذين تم اعتقالهم بعد الانقلاب العسكري في 25 تشرين الأول/ أكتوبر.

"فشل السيسي"


وتدفع هذه التصريحات والمطالب التي جاءت بأقل ما يأمله الشارع السوداني، للتساؤل حول تأثيرها على الأزمة السياسية في السودان، وكذلك عن دورها في التأثير على الفريق عبد الفتاح البرهان ودفعه للقبول بعودة الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك.

من جهته، اعتبر الباحث في مركز الدراسات الدولية بباريس، رولاند مارشال، أن "بيان الرباعية كان أكثر أهمية لمصر من السودان، لأن القاهرة اعتقدت أنه بإمكانها إقناع الإمارات والسعودية بدعم البرهان معها، ولكنها لم تستطع ذلك، لأن رهان أبو ظبي والرياض على قضايا أخرى تعتبرها أهم من قضية السودان، بالتالي قد يدفع هذا الأمر السيسي لدفع وإقناع البرهان لاتخاذ موقف أكثر توافقية".


وأوضح مارشال خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "السيسي فشل في الحصول على دعم إمارتي سعودي للبرهان، فُهم من قبل الأخير على أنه رفض لتمويل نظام يحكمه العسكر في السودان من قبل أصدقاء قدامى مثل أبو ظبي والرياض".


وأضاف: "لكن بالمقابل أيضا ما قالته الرباعية هو مجرد تصريحات، وحديثها عن ضرورة عودة الحكومة المدنية يمكن فهمه بطرق مختلفة، لكن في النهاية، تقف الرباعية على نفس المسافة من الفرقاء (المدنيين والعسكريين) في السودان".

 

اقرأ أيضا: المبعوث الأممي للسودان: اتفاق محتمل لتقاسم السلطة مجددا

وجاءت تصريحات الرباعية على صيغة مطالب قدمتها للبرهان، ولم تتحدث عن رد فعلها المتوقع في حال رفض العسكريين إعادة الأمور في البلاد لما كانت عليه قبل الانقلاب العسكري، حيث ركزت هذه التصريحات فقط على ضرورة الالتزام بالوثيقة الدستورية التي جعلت الحكم مناصفة بين العسكريين والمدنيين.

وسبق هذه التصريحات أيضا إيقاف الولايات المتحدة الدعم البالغ قيمته تقريبا 750 مليون دولار، ما يدفع إلى التساؤل: هل سيتم استخدام الدعم المادي كأداة ضغط على البرهان أم لا؟


وللإجابة على هذا السؤال، أشار مارشال إلى أن "الاقتصاد السوداني يعيش حالة فوضى الآن، ويحتاج إلى مزيد من الأموال"، إلا أنه "شكك في احتمالية توفير هذه الأموال خاصة إذا قامت الدول الغربية وكذلك السعودية والإمارات بتجميد دعمها الاقتصادي، كذلك لو أرادت تركيا وروسيا دعمه لا يمكنهما ذلك فهما ليستا بهذا الثراء، والصين كذلك لا تريد إنفاق أموال في بلد خسرت عليه الكثير بالفعل، بالتالي من الناحية السياسية هذا كله سيدفع الجامعة العربية أيضا لعدم دعم البرهان".

وأضاف: "لذلك أعتقد بأنه ستُفرض عقوبات اقتصادية في القريب العاجل، وقد تؤثر على الشخصيات الرئيسية للانقلاب، اللواء برهان وحميدتي. ولكن بعيدا عن قضاياهم الشخصية، فإن قضية الانتعاش الاقتصادي أمر بالغ الأهمية لأي حكومة في السودان اليوم، بالتالي فالجيش معزول على الصعيد الدولي سواء سياسيا أو اقتصاديا لدرجة تمنعه من النجاح".

 

اقرأ أيضا: أطراف أزمة السودان يتفقون على الحوار بوساطة من "جوبا" 


وعود لم تُنفذ


ووفقا للباحث البريطاني في سياسات النخبة الأفريقية، والمدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي، أليكس دي وال، فإن البرهان "تلقى عندما تولى السلطة في نيسان/ أبريل 2019، وعودا بالدعم من مصر والسعودية والإمارات، وقدمت وقتها أبو ظبي والرياض حوالي 750 مليون دولار سواء سيولة نقدية أو دعما عينيا على شكل سلع، لكنهم اكتشفوا ثلاثة أمور دفعتهم للتراجع نوعا ما عن دعمه الآن".

وأوضح دي وال خلال حديثه لـ"عربي21": "أول أمر أنه كانت قوة المعارضة المدنية في الخرطوم أكبر بكثير مما كانت تتوقعه السعودية والإمارات ومصر، وثانيا كانت هذه المعارضة معادية للإسلاميين الذين تعاديهم هذه الدول، أي أن الانفتاح الديمقراطي لن يكون آلية يمكن للإخوان المسلمين الوصول عبرها للسلطة، لذلك لم يكن هناك خوف في الرياض وأبو ظبي من الإخوان المسلمين في السودان".


وأضاف: "أما النقطة الثالثة والأهم، أن الأزمة الاقتصادية في السودان كانت شديدة لدرجة أنه لا يمكن حلها بدون مساهمات مالية أكبر بكثير مما قدمته الدولتان الخليجيتان اللتان لم تكونا مستعدتين لتقديم المزيد، أيضا ما يحتاجه السودان هو تخفيف عبء الديون، وهذا الأمر يتطلب دورا من الولايات المتحدة وأوروبا".

وحول أوراق الضغط التي يمكن أن تستخدمها الرباعية ضد البرهان قال دي وال: "كانت صيغة إصلاح الأزمة الاقتصادية في السودان على النحو التالي، أولا الاعتراف بإسرائيل (بتسهيل من الإمارات)، يليه رفع الولايات المتحدة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وكذلك رفع العقوبات عنه، وهذا يسمح لدائني السودان بإعادة جدولتها ويتيح للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي المساعدة".

وأضاف: "سهلت الرباعية المفاوضات التي أدت إلى توقيع الوثيقة الدستورية في آب/ أغسطس 2019، بناء على هذه الأسس وكان البرهان الطرف العسكري من اتفاق الوثيقة الدستورية، لذلك عندما عاد إلى الدول العربية الأسبوع الماضي وطلب المال ذكروه بالصفقة، بالتالي فالضغط الحالي الوحيد الممكن على البرهان هو الضغط المادي".

 

اقرأ أيضا: ما هي فرص الوصول لتسوية سياسية في السودان؟

 

المجتمع الدولي يؤيد الشراكة


من جهته، أشار الباحث في الشأن السوداني جهاد مشامون، إلى أن "المجتمع الدولي وواشنطن يريدون بقاء الشراكة بين المدنيين والعسكريين واستمرار آلية الحكم التي تمت وفق الوثيقة الدستورية كما هي لحين انتهاء الفترة الانتقالية، بالمقابل فالشارع السوداني الداعم للمدنيين لا يريد بقاء هذه الشراكة".


ولفت إلى أنه "كان هناك قلق خلال العامين الماضيين لدى السياسيين والشارع السوداني، من حدوث انقلاب عسكري، ولهذا لجان المقاومة لا تقبل التفاوض مع العسكر".

وحول إمكانية ضغط دول رباعية السودان على البرهان لإعادة الحكومة المدنية، عبر مشامون خلال حديثه لـ"عربي21"، عن "اعتقاده بأنه لا يوجد ضغط حقيقي من هذه الدول على العسكر، وحتى العقوبات التي فرضوها عبر إيقاف الدعم المالي للسودان لن تأتي بنتيجة، فهذا الدعم يأتي للبلد وليس للبرهان، والأخير يهتم بمصلحته الشخصية فقط وليس مصلحة البلد".


وأشار إلى أن "الضغط الذي يمكن أن يشكل فرقا هو فرض عقوبات دولية فردية على العسكر المشاركين في الانقلاب".

وحول مدى استجابة البرهان لمطالب الرباعية، قال: "إذا لم تتم عقوبات عليه شخصيا فلن يستجيب، وهو أيضا يراهن على أن تقاربه مع إسرائيل يمكن أن يساعده على التقارب مع أمريكا وبالتالي ستدعمه للبقاء في منصبه وحمايته من المحاكمة المستقبلية".

 

بدوره، قال دي وال: "البرهان يقبع في الزاوية، ولا يستطيع إقناع داعميه الداخليين والخارجيين بأن لديه حلا للأزمة الاقتصادية، لذلك سيتعين عليه التراجع".

 

وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان، الجمعة، إن محادثات أثمرت عن خطوط عريضة، لاتفاق محتمل على العودة إلى تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين، بما يشمل إعادة رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك إلى منصبه.

وأشار المبعوث الأممي، إلى أن الخطوط العريضة للاتفاق المحتمل، تشمل عودة رئيس الوزراء حمدوك، وإطلاق سراح المعتقلين وحكومة تكنوقراط، وإدخال تعديلات على الدستور ورفع حالة الطوارئ.

وأوضح أنه "لا بد من التوصل إلى اتفاق، على التصدي للأزمة خلال أيام لا أسابيع، قبل أن يشدد الجانبان من مواقفهما".

وبالتزامن مع تصريحات المبعوث الأممي، قال التلفزيون السوداني، إن القائد العام للقوات السودانية، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قرر الإفراج عن 4 من وزراء حكومة عبد الله حمدوك.

 

إلا أن مسؤولين في حكومة حمدوك، قالا لوكالة رويترز السبت، إن المباحثات وصلت طريقا مسدودا مع العسكر، وإن إجراءات مشددة باتت تمارس ضد حمدوك إثر ذلك.

 

اقرأ أيضا: دعوات للإضراب بالسودان رفضا لتقاسم السلطة مع العسكر

0
التعليقات (0)

خبر عاجل