نشطاء: الإساءة لسمعة مصر تهمة مطاطية مستهلكة

أعرب العديد من النشطاء عن سخطهم من تداول مصطلح "الإساءة لسمعة مصر" بكثرة في الإعلام المحلي واستخدامه كذريعة للتضييق على المواطنين وقمعهم من قبل السلطة السياسية.

وكان المصطلح قد تم استخدامه منذ بدء الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو ٢٠١٣، حيث بدأ بتوجيه الاتهامات إلى المعارضين بـ "تشويه سمعة مصر والتخابر مع قوى أجنبية" كما حدث مع حركة "٦ إبريل" التي أصدر القضاء المصري قرارًا بحظرها في نيسان/ إبريل ٢٠١٤ استنادًا إلى تلك التهم.

ونشرت صحيفة التايمز البريطانية في كانون الثاني/ يناير ٢٠١٤ خبرًا حول تحذير وجهته الحكومة المصرية لأجهزة ووسائل الإعلام الأجنبية والصحفيين الأجانب من تشويه صورة البلاد في الخارج، وهو ما عقب عليه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف آنذاك بأن "السلطات المصرية تحاول التضييق على حرية الإعلام، وتثبيت رواية واحدة للأحداث هي رواية النظام".

وفي آذار/ مارس ٢٠١٥ أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها حول السجناء السياسيين في مصر أن "الرئيس السيسي وحاشيته أقاما نظاماً شديد التقييد يعمل بإحيائه للاعتقال التعسفي والتعذيب أثناء الاحتجاز والاستهانة بالحقوق المدنية والسياسية، وضيقه الشديد بالنقد العلني، على الإساءة إلى سمعة مصر أكثر من أي شيء غيره".

الإعلام المحلي والنخبة المؤيدة لنظام السيسي شاركت في تداول المصطلح والترويج له، حتى وصل استخدامه إلى مسؤولين خارجيين، مثل ما حدث في ٢٨ آب/ أغسطس ٢٠١٩ حينما اتهم المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير جندلمان تعليقا على رفض لاعب الجودو المصري محمد عبد العال مصافحة نظيره الإسرائيلي: "هناك سلام بين البلدين. رفض المصافحة من قبل المصري ليس إلا إساءة لسمعة مصر في الرياضة العالمية".

ولم تسلم الفنانة شيرين عبد الوهاب من تهمة "الإساءة إلى سمعة مصر" في شباط/ فبراير ٢٠١٨ بعدما قالت إن الشرب من مياه النيل قد يؤدي إلى الإصابة بالبلهارسيا، تعقيبا لها على أغنية "مشربتش من نيلها"، وهو الأمر الذي كلفها أمرًا قضائيًا بدفع "خمسمئة وخمسين دولارًا" آنذاك وإدانتها بالإساءة لسمعة البلاد.

وبسبب طلاء حمار بخطوط سود ليظهر كحمار وحشي في الحديقة الدولية بمدينة نصر، تم توجيه تهمة "الإساءة لسمعة البلاد" إلى متعهد بتوريد الحيوانات في آب/ أغسطس ٢٠١٨، فيما أكدت السلطات الأمنية آنذاك أنه "سيتم تقديم المتعهد للمحاكمة بتلك التهمة ومحاسبته عليها، لأن ما حدث منه أضر بسمعة البلاد وشوه صورتها أمام الجميع".

ولإضفاء صبغة شرعية على الاتهام المتداول، استخدم "مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية" التابع لدار الإفتاء المصرية ذات الاتهام في آب/ أغسطس ٢٠١٥، حيث أعلن في بيان له يتعلق بموقع "ميدل إيست آي" الحقوقي وقال فيه إنه "اكتشف خطة وضعتها المنظمات الإرهابية لإقامة واستغلال منابر إعلامية موهومة وزائفة في الغرب بهدف توظيفها لترويج الأكاذيب والشائعات التي تستهدف سمعة ومكانة مصر عالمياً".

وتوالت الاتهامات على مدار سنوات الانقلاب في مصر حتى وصلت مؤخرًا إلى اتهام الأعمال الفنية فقط لأنها لا تدور في فلك السائد ولا "تمجد باسم السيسي" وفق وصف النشطاء.

ففي خلال الأيام القليلة الماضية ثار جدل واسع حول فيلم سينمائي تناول الفقر والأحياء والقرى الفقيرة في مصر، ليثير الفيلم غضب الممثلين في مهرجان الجونة السينمائي ويعتبره "إساءة لسمعة مصر" لأنه "لا يعترف بالإنجازات الحاصلة في البلاد".

"عربي٢١" قامت بتغطية ذلك الجدل حول الفيلم، والذي لا يزال مستمرًا، لكن ما لفت نظر النشطاء هو تصاعد نغمة الاتهام بالإساءة لسمعة مصر في الإعلام المحلي وبين النخب عبر مواقع التواصل، ما دفع النشطاء إلى القول إن النخب المصرية تؤسس لنظرية نقدية جديدة تضع الأعمال الفنية والأدبية على مؤشر الإساءة لسمعة مصر.

نشطاء أعربوا عن سخريتهم من تلك التهمة التي وصفوها بأنها "مطاطية" يتم توجيهها إلى كل من يخالف هوى النخبة وهوى النظام، واعتبروا أنه وفقا لهذه النظرية النقدية الجديدة فربما يتم اعتبار "البؤساء" إساءة لسمعة فرنسا، وكتابات "ديستوفيسكي" عن المستذلين والمهانين إساءة لسمعة روسيا، وكتابات "ديكنز" عن أولاد الشوارع إساءة للإمبراطورية البريطانية، مردفين بأنه "ربما يجب أن نلغي الفن والأدب لنحافظ على سمعة العالم".

وأشار نشطاء إلى أن تهمة "الإساءة لسمعة مصر" وما حدث في مهرجان الجونة أوضح أن مصر بالنسبة للنخبة هي السيسي والنظام فقط، وأن المصريين ليسوا مهمين وليسوا من مصر أيضًا.

البعض الآخر قال إن مصطلح "الإساءة لسمعة مصر" أصبح مطاطا يتم تأويله وفق مزاج شخصي وبدون معايير محددة وأصبح يتم تشخيصه في شخص السيسي ونظامه، مضيفين أن الظلم والفساد وعدم احترام حقوق الإنسان سواء كان غنيا أو فقيرا، والتمييز بين فئات المجتمع وعدم الالتزام بالدستور والقانون هي ما يسيء لسمعة مصر، مؤكدين أن مصر أكبر من نظام وأهم من أشخاص مهما علت مكانتهم.

نشطاء عددوا بعضًا من التهم التي وصفوها بالمطاطية والتي يتم استخدامها في مصر لأغراض كيدية بين النظام وبين من يعارضه، من بينها تهديد قيم الأسرة المصرية، والإساءة لسمعة مصر، وازدراء الأديان، مؤكدين أنها تهم تعيق التقدم غير كونها بابا للمكايدة وسحق الخصوم والقضاء على المنافسين، فلا يجب أن تُلقى على الناس دون جهات الاختصاص وبعد تحقيق.

"الإساءة لسمعة مصر"
مصطلع مطاط يتم تأويله وفق مزاج شخصي وبدون معايير محددة
الفقر لايسئ لسمعة مصر
لكن الظلم والفساد وعدم احترام حقوق الإنسان:الغني والفقير
والتمييز بين فئات المجتمع وعدم الالتزام بالدستور والقانون هي ماتسئ لسمعة مصر
مصر أكبر من نظام وأهم من أشخاص مهما علت مكانتهم

— مي عزام (@mayazzam_) October 23, 2021

هما قصدهم الاساءة لسمعة نظام يحكم مصر " بالدهلكة " والدعاية الاعلامية الكاذبة والارقام المضروبة والكفتة .. نظام نجح فى افشال اول تجربة ديموقراطية حقيقية منذ ثورة يوليو ١٩٥٢ المشؤمة اللي خلت ولاد الجنايني يحكموا ويتحكموا ويسرقوا وينهبوا باسم الوطنية

— بتاع البيانولا 😉 (@pianola_player) October 23, 2021

الاساءه الحقيقيه لسمعة مصر ان يحكمها شخص بانقلاب عسكري دموي بسببه السجون مكتظه بالمعتقلين والمعتقلات

— محمد حسن (@m4hassan441) October 23, 2021

تأتي "العالمية" بما لا تشتهي "الوطنية" وتعريفاتها المختلف عليها، فالفيلم الذي لقي احتفاءً شعبيا ورسميا في مصر بعد أن شق طريقه لمهرجان "كان"، يعاني اليوم من اتهامات الإساءة لسمعة الوطن وتجاهل الإنجازات الكثيرة. عندما تصبح "سمعة مصر" في مرمى فيلم

— ziad alfaifi (@ZIAD_online) October 23, 2021

تهديد قيم الأسرة المصرية، الإساءة لسمعة مصر وازدراء الأديان،تهم تعيق التقدم غير كونها باب للمكايدة وسحق الخصوم والقضاء على المنافسين فلا يجب أن تُلقى على الناس دون جهات الاختصاص وبعد تحقيق،فإن كنت ترى أن ريش لم يستحق الدفاع عن صناعه لأنه فيلم وحش فهل ذوقك الخاص يقابله تخوين الناس

— rasha elshamyرشا الشامي (@rasha_elshamy) October 22, 2021