هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
"كل المشاركين في هذه اللعبة متساوون. نحن نمنح الفرصة الأخيرة للفوز في مسابقة عادلة لأشخاص يعانون عدم المساواة والتمييز في العالم الواقعي خارج هذه اللعبة".
هذه العبارة جاءت على لسان شخصيات المسلسل الكوري «Sguid game» أو لعبة الحبار.
وقد يسأل البعض، وما الذي يهمنا في مسلسل كوري جنوبي، وهل انتهت كل مشاكلنا حتى نتحدث عن مسلسل كوري؟!
أسئلة قد تبدو عادية ومنطقية، لكن مسلسل «لعبة الحبار»، صار يشغل الكثير من سكان العالم أجمع، بعد أن وصل عدد مشاهديه حتى الأسبوع الماضي إلى ١١١ مليون شخص، بعد ٢٨ يوما فقط من إطلاق شبكة نتفليكس له، متصدرا ترتيب المشاهدات في ٨٢ دولة.
هذا النجاح الساحق، جعل رئيسة شبكة نتفليكس لمنطقة آسيا والمحيط الهادي مينونج تقول لموقع البي بي سي؛ «إن نجاح المسلسل تجاوز حدود أكثر أحلامنا جموحا».
هذا المسلسل هو الأضخم إنتاجا في تاريخ نتفليكس، وتجاوز الرقم القياسي الذي حققه المسلسل الأمريكي «بريد جرتون» بـ ٨٢ مليون مشاهدة، في الفترة الزمنية نفسها.
المسلسل الكوري طبقا للبي بي سي، بدأ عرضه في أيلول/ سبتمبر الماضي، وصار حديث العالم كله.
لم أكن قد سمعت عن المسلسل، حتى لفت صديق عزيز نظري إليه، ونحن نتحدث عن الجدل الذي صاحب عرض فيلم «ريش» للمخرج عمر الزهيري، والمنتج محمد حفظي في مهرجان الجونة السينمائي، بين من قال إنه يشوه سمعة مصر، وبين من يرى أنه فيلم طبيعي يعرض وجهة نظر، وأنه حقق جائزة غير مسبوقة لمصر في مهرجان كان.
«لعبة الحبار» يمزج بين الرمزية الاجتماعية والعنف الشديد من خلال رؤية يائسة للمجتمع الكوري، عبر عن أكثر الشخصيات المهمشة في كوريا الجنوبية، ومنها مهاجر هندي وآخر باكستاني وهارب من كوريا الشمالية وكوري جنوبي يعاني من أزمات حياتية.
فكرة المسلسل تتمحور حول لعبة يشارك فيها ٤٥٦ شخصية مغمورة وغارقة في الديون والإحباطات والتهميش، لديها فرصة للفوز بنحو ٣٩ مليون دولار، بشرط الفوز في سلسلة من 6 ألعاب قاتلة. الألعاب يفترض أنها بسيطة، ومعظم المتسابقين مارسوها في طفولتهم، لكن الشرط الأخطر في المسابقة هو أن الخاسر مقتول.
أنظار المشاهدين تلتفت أكثر إلى شخصيات المتسابقين أكثر من الالتفات إلى قواعد اللعبة. بعض النقاد فسروا سر إقبال المشاهدين على مشاهدة المسلسل، إلى أنه يركز على الجوانب الأكثر إظلاما للرأسمالية، وآخرون قالوا إنه بسبب معاناة الجيل الجديد من الاغتراب في الحياة الواقعية، وعدم قدرة كثيرين على الحصول على شهادات جامعية تؤمن لهم عملا معقولا، أو أن المسلسل يقدم بديلا عادلا لمنافسات العالم الواقعي غير المتساوية.
الملفت أن المسلسل استقطب شرائح واسعة من مشاهدين من دول مختلفة، وهو أمر يحسب لصُناعه؛ لأنه يطرح قضايا حياتية تهم قطاعات كبيرة من البشر، وليس فقط كوريا الجنوبية، التي صارت تؤثر كثيرا في المشهد الثقافي والفني العالمي، بعد النجاح الهائل الذي حققته فرقة البوب الكورية «بي تي إس»، وكذلك فوز فيلم «طفيلي» بالسعفة الذهبية لمهرجان كان.
الغريب أن سيناريو هذا المسلسل مكتوب منذ عشر سنوات، وأحجم كثيرون عن إنتاجه لأنه شديد الدموية وغامض وغير مألوف من وجهة نظرهم.
وتقول شارون يو أستاذة الدراسات الكورية فى جامعة نوترادم الأمريكية؛ إن «الميل المتزايد إلى تغليب الكسب المادي على رفاهية الفرد، ظاهرة موجودة في كل المجتمعات الرأسمالية حول العالم، ومنها كوريا».
ويفسر أستاذ الدراسات الكورية في جامعة أوسلو فلاديمير تيخونوف نجاح المسلسل؛ بأن كوريا الجنوبية صارت خلال العقدين الأخيرين مجتمعا يتسم بدرجة كبيرة من عدم التكافؤ.
هذا عن مسلسل «لعبة الحبار»، لكن السؤال الذي يفترض أن نسأله نحن المصريين والعرب في ظل الجدل حول فيلم ريش، وفي ظل سيطرة شبكات كبرى مثل نتفليكس وغيرها على الإنتاج الفني، هو: هل طرح أسئلة أن هذا العمل الفني يسيء لسمعة مصر، صار عمليا ومفيدا، أم تجاوزه الزمن، وهل نحن قادرون على منع ما نراه مسيئا في ظل السماوات المفتوحة بصورة غير مسبوقة؟!
"نقلا عن (الشروق) المصرية