هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال موقع ميدل إيست آي البريطاني، إن على الصين أن تشعر الآن
بالارتياح، بعد مغادرة الولايات المتحدة، لأفغانستان، مشيرا إلى اتفاقية كبيرة
كانت بكين وقعتها مع الحكم السابق بالبلاد، ويمكن أن يوفر دفعة للاقتصاد الأفغاني.
وقال الكاتب محمد مكرم بلعاوي، في مقال بالموقع، ترجمته
"عربي21" في عام 2007 وقعت الصين مع الحكومة
التي تدعمها الولايات المتحدة في كابول صفقة بمبلغ ثلاثة مليارات دولار لتطوير
منجم ميس أيناك للنحاس على مدى ثلاثين عاماً. يقال بأن منجم ميس أيناك يحتوي على
ما يقرب من 240 مليون طن من النحاس الخام بدرجة 2.3 بالمائة مما يجعله واحداً من
أكبر المشاريع عالية الجودة غير المستغلة في العالم بحسب ما ورد في إحدى المطبوعات
الصناعية.
وأشار إلى أنه كان من شأن ذلك أن يمنح اقتصاد
أفغانستان السقيم دفعة قوية ويساعد على تعزيز الاستقرار في البلاد شريطة أن يكون
الحكم صالحاً. كما يتوفر لدى أفغانستان ركاز من الليثيوم وغير ذلك من المعادن
والأملاح التي يقدر الخبراء قيمتها بما يقترب من تريليون دولار. يذكر أن النحاس
والليثيوم مهمان جداً بالنسبة للاقتصاد الصيني القائم على صناعات التكنولوجيا
العالية. إلا أن الصين لم تتمكن من الاستفادة من صفقتها مع كابول لأسباب أمنية.
أما وقد غادرت الولايات المتحدة الآن أفغانستان
فينبغي أن تشعر الصين بالارتياح ويحدوها الأمل، وخاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار
تاريخ علاقاتها الإيجابية مع الطالبان. لطالما خشيت الصين من أن ينتقل الصراع في
أفغانستان إلى إقليم زينجانغ ذي الأغلبية المسلمة والمضطرب، مما سيقوض خطط التنمية
لدى الصين ويعود بالفائدة على الولايات المتحدة والهند.
وتابع: "لذلك فقد عملت الصين مع جارتها
باكستان لقطع الطريق على الانفصاليين المسلحين والحيلولة دون تمكنهم من تجاوز ممر
واخان، ذلك الشريط الضيق من الأراضي الأفغانية الذي يمتد حتى الصين، مع الاحتفاظ
في نفس الوقت بعلاقات طيبة مع الطالبان".
وقال إنه لا جديد في هذه العلاقات، فقد ساندت
الصين المجاهدين الأفغان في ثمانينيات القرن الماضي ضد التدخل السوفياتي. وعلى
الرغم من أن الصين لم تقم علاقات مع الحكومة الأفغانية بعد استيلاء الطالبان على
البلاد في عام 1996، إلا أن كثيراً من الأمور قد تغيرت منذ ذلك الحين.
سياسة خارجية حازمة
منذ أن وصل الرئيس "شي جي بينغ" إلى
السلطة في الصين والبلاد تنتهج سياسة خارجية أكثر حزماً وأكثر انفتاحاً. ففي عام
2013 أطلق الرئيس جي مبادرة الحزام والطريق التي غيرت من قواعد اللعبة، فيما اعتبرت واحدة من أكبر خطط البنى التحتية في التاريخ، إذ تقدر قيمتها ما بين واحد إلى ثمانية
تريليونات دولار. ولقد انضم إلى المبادرة الصينية ما يزيد عن 140 بلداً ومنظمة
دولية.
ويعد أكبر مشاريع مبادرة الحزام والطريق هو
الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، وهو عبارة عن مبادرة تكلفتها 60 مليار دولار
لربط الصين ببحر العرب عبر ميناء غوادار الباكستاني.
ما من شك في أن غايات الصين داخل أفغانستان
تطورت مع الزمن، فلم تعد سياستها الخارجية مدفوعة بالاعتبارات الأمنية، حيث يلعب
الاقتصاد والسياسة الجغرافية دوراً كبيراً وخاصة حين يتعلق الأمر بالهند والولايات
المتحدة.
وقال الكاتب: في وقت مبكر من هذا العام وقعت
الصين صفقة اقتصادية مع إيران بقيمة 400 مليار دولار. ونظراً لأن أفغانستان هي
الطريق الأقصر بين البلدين فقد مثلت المعبر الطبيعي، ولذلك فإن إيران والصين سوف
تستفيدان كلتاهما من استقرار الأوضاع في أفغانستان، من الناحية الاقتصادية وفيما
يتعلق بمواجهة المخدرات والحرب على الإرهاب.
وبينما تخطوان كلتاهما بحذر داخل أفغانستان إلا
أنه مما لا شك فيه هو أن انسحاب الولايات المتحدة سوف يسهل المهمة ويزيدها أماناً،
وخاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار أنهما في ذلك متوافقتان مع كل من الباكستان وروسيا.
استراتيجية رهن الاختبار
وتبدو حركة الطالبان من جانبها واثقة من أن
الصين سوف تلعب دوراً محورياً في إعادة إعمار أفغانستان وفي تحقيق الاستقرار
الاقتصادي فيها. وكان كبار زعماء حركة طالبان قد التقوا في شهر يوليو / تموز بوزير
الخارجية الصيني في مدينة تيانجين الصينية الشمالية. ويبدو أن اعتراف الصين
بالحكومة الأفغانية الجديدة بات وشيكاً.
وقال الكاتب إنه في هذه الأثناء سوف توضع على
المحك خلال الشهور القادمة استراتيجية الولايات المتحدة الهادفة إلى استخدام
الاعتراف الدولي والمساعدات الإنسانية في التحكم بطالبان. ومن المؤكد أن الولايات
المتحدة سوف تعتمد في ذلك على حلفائها، مثل قطر وتركيا وباكستان، من أجل تحقيق
أهدافها في أفغانستان، إلا أن علاقاتها مع الحليفين الأخيرين باتت غاية في التعقيد
لدرجة أن الأمور لا تسير معهما بسلاسة في كثير من الأوقات، الأمر الذي يثير شكوكاً
حول مدى نجاعة هذه الاستراتيجية.
بينما تعتمد الولايات المتحدة إلى حد كبير على
شراكتها مع الهند كجزء من الحوار الأمني الرباعي، والذي يتضمن أيضاً اليابان
وأستراليا، للحد من الأطماع الصينية في المنطقة، إلا أن الانسحاب الأمريكي من
أفغانستان أضر بسمعة الولايات المتحدة كشريك يمكن الوثوق به، الأمر الذي سيضع تلك
الشراكة – وكذلك علاقات الولايات المتحدة مع الهند – على المحك.
ورأى أن هذا قد يدفع التآكل في مصداقية واشنطن
كثيراً من البلدان الأخرى، بما في ذلك الدول الخليجية، نحو إعادة تقييم علاقاتها
مع الولايات المتحدة. ولقد أثبت الانسحاب من أفغانستان بوضوح أن القوة الكبرى في
المنطقة لم تعد الولايات المتحدة وإنما الصين.