هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلّطت صحيفة "التليغراف" البريطانية الضوء على المناضل الجزائري سعدي ياسف، المقاوم للاحتلال الفرنسي الذي توفي الشهر الماضي عن عمر يناهز 93 سنة، واصفة الفيلم الذي جسد قصته بأنه "الأعظم والأكثر تأثيرا بين أفلام القرن العشرين".
وولد سعدي ياسف في 20 كانون الثاني/ يناير 1928 لأبوين أميين
يتحدثان لغة البربر من منطقة القبائل شمال الجزائر. بدأ العمل كخباز متدرب، وانضم
في سن 17 عامًا إلى "بارتي دو بوبل الجيريان"، وهي منظمة قومية وقع
حظرها لاحقا من قبل السلطات الاستعمارية الفرنسية. أعيد تشكيلها باسم "الحركة
من أجل انتصار الحريات الديمقراطية"، التي انضم ياسف لجناحها شبه العسكري وهي
منظمة سريّة.
وبعد تفكك تلك المنظمة، انتقل المناضل الجزائري إلى فرنسا، حيث زادت العنصرية
المعادية للعرب من معارضته للحكم الاستعماري الفرنسي. ثم عاد إلى وطنه وعمل
خبازًا، وانضم إلى جبهة التحرير الوطني عند اندلاع الحرب الجزائرية بعد ذلك بعامين،
وأصبح قائدًا عسكريًا لمنطقة الحكم الذاتي في الجزائر.
وقالت الصحيفة إنّه في بداية معركة الجزائر عام 1956، كان سعدي ياسف قائدًا
عسكريًا في العاصمة لجبهة التحرير الوطني حين قاد الجيش الفرنسي حملة وحشية
استثنائية جرت في الحي الأوروبي ومنطقة الأزقة في المدينة القديمة والقصبة تحت
أوامر الجنرال جاك ماسو الذي لجأ إلى التعذيب، والإعدام خارج نطاق القانون،
والإخفاء القسري لمعارضي الاحتلال الذين وصمهم الجانب الفرنسي بتهمة الإرهاب.
وفي مقابلة مع بلومبرج نيوز في 2007، تحدث ياسف عن استراتيجية جبهة
التحرير الوطني بأنها "تستهدف على وجه التحديد المحتلين، وليس فقط أي
شخص". قال: "لقد قتلنا النساء، نعم، وأخرجنا الأجنة من رحمهن" -
وهي أفعال بررها كجزء من النضال من أجل الحرية. "كانت هذه وسيلتنا الوحيدة ضد
عدو قاس."
ويُعتبر التفجيران اللذان استهدفا حانة ومقهى في الحي الأوروبي في أيلول/سبتمبر 1956 من أعنف الأعمال التي قامت بها جبهة التحرير الوطني حيث قُتل أربعة
أشخاص وجُرح 52 بعد زرع عبوة ناسفة من قبل نسوة.
ولاحقا، شارك سعدي ياسف في "معركة الجزائر" التي وقعت عندما حاول
الجيش الفرنسي استعادة المدينة القديمة من أيدي المقاتلين الجزائريين، واعتقل ياسف
في نهاية تلك المعركة في 14 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1957.
وبعد سقوطه بأيدي الاحتلال الفرنسي، حُكم على الرجل بالإعدام ثم خُفف
الحكم إلى السجن مدى الحياة، ليُقضّي حكمه بين الجزائر وفرنسا. وسرعان ما غادر
ياسف السجن عام 1958 بعفو عندما تولى الجنرال شارل ديغول السلطة.
بعد استقلال الجزائر عام 1962، أصبح ياسف عضوًا في مجلس الأمة،
الغرفة العليا في المجلس التشريعي الجزائري، حيث شغل منصب عضو مجلس المستشارين عن
جبهة التحرير الوطني حتى وفاته.
كما تناول مقال "التليغراف" الفيلم المقتبس "معركة
الجزائر" حيث لعب ياسف دور جعفر. كما قام الجزائري بدور بارز في تحديد أرض
المعركة الحقيقية للمخرج وتعريفه ببعض المقاتلين الذين شاركوا في المعركة.
وفاز الفيلم بالأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي عام 1966 وتم
ترشيحه لثلاث جوائز أوسكار. في استطلاع أجرته مجلة "سايت اند ساوند" في
عام 2012، اختار المخرجون والنقاد "معركة الجزائر" من بين أفضل الأفلام
التي تم إنتاجها على الإطلاق.
كما يُعتبر الفيلم، الذي تم حظره لمدة خمس سنوات في فرنسا، مصدر إلهام
لجماعات وحركات مثل الجيش الجمهوري الأيرلندي، وحركة بلاك بانثرز، وجماعة الجيش
الأحمر، ومنظمة التحرير الفلسطينية بالإضافة إلى عدد من المجالس العسكرية الحاكمة
في دول أمريكا اللاتينية.
كما عرضت وزارة الدفاع الأمريكية ومركز مجلس العلاقات الخارجية
الأمريكي الفيلم في 2003 بعد الغزو الأمريكي للعراق.
وأصبح هذا الفيلم أيضا جزءا من المناهج الدراسية في الأكاديميات
العسكرية مثل ويست بوينت الأمريكية، وفقا للتليغراف.