افتتح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الدورة 76 للجمعية العامة بكلمات مدوّية؛ إذ قال: «أنا هنا لأدق ناقوس الخطر. وعلى العالم أن يستيقظ، لأنه لم يتعرض حتى لخطر أكبر ولا لانقسام كهذا.» وبعد أن كانت دورة العام الماضي عبر الفيديو بسبب كوفيد-19، في هذه الدورة حضر الكثير من رؤساء الدول والحكومات إلى نيويورك شخصيا. ومن هؤلاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي كان الجميع يترقبون ظهوره لأول مرة. وفي هذا الظهور للرئيس بايدن امام رؤساء ورؤساء حكومات وممثلين لدول العالم ، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة لن تلجأ إلى القوة العسكرية إلا «كخيار أخير»، مشددا على رغبة واشنطن في فتح «حقبة دبلوماسية» جديدة بعد نهاية الحرب في أفغانستان.
في أول خطاب له بالأمم المتحدة الثلاثاء، رسم الرئيس الأمريكي جو بايدن ملامح حقبة جديدة من المنافسة الشديدة بدون حرب باردة، ووعد بأن يتحلى جيش بلاده بضبط النفس، وبالتزامات جديدة لمواجهة التغير المناخي.، وقال بايدن إن إدارته الجديدة ملتزمة بالعمل مع الحلفاء لقيادة العالم نحو مستقبل أكثر سلاما وازدهارا، وستركز على مواجهة التحديات المستقبلية بدلا من الحروب، حيث الاستعداد لاستخدام القوة فقط عند الضرورة. ، وأضاف أنه: «خلال الأشهر الثمانية الأخيرة أعطيت الأولوية لإعادة بناء تحالفاتنا وإحياء شراكاتنا والإقرار بأنها أساسية لأمن الولايات المتحدة وازدهارها الدائمين».
وأوضح قائلا : «لا نسعى إلى حرب باردة جديدة أو إلى عالم منقسم إلى كتل.. الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي بلد يلتزم ويسعى إلى حل سلمي لتشارك التحديات، حتى لو كانت لدينا اختلافات قوية في مجالات أخرى» ، وفي تحذير محدد قال بايدن إن «الذين يرتكبون أعمالا إرهابية ضدنا سيجدون الرد المناسب، مشددا على مواجهة خطر الإرهاب سواء كان من الدول الصغرى أو من غيرها»، وتابع: «سنواجه الإرهاب بكافة السبل بما فيها العمل مع شركائنا حتى لا نضطر لنشر قوات عسكرية على نطاق واسع».
وقال بايدن إن الولايات المتحدة ستساعد في حل الأزمات من إيران إلى شبه الجزيرة الكورية إلى إثيوبيا. وأضاف أن العالم يواجه «عقدا حاسما» وينبغي للزعماء العمل معا لمكافحة جائحة فيروس كورونا المستعرة وظاهرة الاحتباس الحراري التي يعاني منها كوكب الأرض والتهديدات الإلكترونية. وأوضح أن الولايات المتحدة ستضاعف التزاماتها المالية بخصوص مساعدات المناخ وتنفق 10 مليارات دولار لمكافحة الجوع.
ولم يتطرق بايدن إلى الصين، المنافس الصاعد لأمريكا، بشكل مباشر لكنه تطرق إليها بإشارات ضمنية طوال خطابه، حيث الصراع المتصاعد حدته بين الولايات المتحدة مع بكين في منطقة المحيطين الهندي والهادي وحول قضايا التجارة وحقوق الإنسان. وقال إن الولايات المتحدة ستتنافس بقوة وعلى الصعيد الاقتصادي وتعمل لدعم النظم الديمقراطية وسيادة القانون. وأضاف «سندافع عن حلفائنا وأصدقائنا ونعارض محاولات الدول الأقوى للهيمنة على الأضعف، سواء من خلال تغيير الأراضي بالقوة، أو الإكراه الاقتصادي أو الاستغلال التكنولوجي أو المعلومات المضللة، لكننا لا نسعى، وسأقولها مجددا، نحن لا نسعى إلى حرب باردة جديدة أو عالم منقسم إلى تكتلات جامدة».
يذكر أن بايدن يواجه انتقادات في الداخل والخارج بسبب تعجله بالانسحاب من أفغانستان وترك بعض الأمريكيين والحلفاء الأفغان يكافحون في ذلك البلد من أجل الخروج. ويواجه تعهده بوحدة الحلفاء اختبارا بسبب اتفاق ثلاثي بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، والذي قوّض صفقة غواصات فرنسية وترك فرنسا تشعر وكأنها طُعنت في الظهر.
وقال بايدن «لقد أنهينا 20 عاما من الصراع في أفغانستان، وبينما ننهي حقبة من حرب لا هوادة فيها، فإننا نبدأ حقبة جديدة من الدبلوماسية التي لا هوادة فيها». وفي مواجهة الانتقادات بسبب الانسحاب من أفغانستان، تعهد بايدن بالدفاع عن المصالح الحيوية للولايات المتحدة، لكنه قال «المهمة يجب أن تكون واضحة وقابلة للتحقيق، والجيش الأمريكي «يجب ألا يُستخدم كرد على كل مشكلة نراها في جميع أنحاء العالم».
خطاب بايدن هو طمأنه لحلفاء أمريكا ومضمونه أن الولايات المتحدة لا تزال حليفا موثوقا به لشركائها في جميع أنحاء العالم، وذلك بعد سنوات من سياسات «أمريكا أولا» التي اتبعها سلفه الجمهوري دونالد ترامب. وقال بايدن إن مواجهة مجموعة متنوعة من التحديات العالمية «ستعتمد على قدرتنا على إدراك إنسانيتنا المشتركة». وأضاف أنه لا يزال ملتزما بحل الخلاف مع إيران بخصوص برنامجها النووي سلميا.
خطاب بإيدن فيما يخص الشرق الأوسط حيث أكد أن دولة فلسطينية ديموقراطية وذات سيادة هي «الحل الأفضل» لضمان مستقبل إسرائيل.وقال «علينا أن نسعى لمستقبل يسود فيه مزيد من السلام والأمن لجميع شعوب الشرق الأوسط». مضيفا «التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، مؤكدا ان هذا الامر لا جدال فيه ودعمنا لدولة يهودية مستقلة لا لبس فيه».»لكن ما زلت أعتقد أن حل الدولتين هو أفضل طريق لضمان مستقبل إسرائيل كدولة ديموقراطية يهودية تعيش في سلام إلى جانب دولة فلسطينية ديموقراطية وذات سيادة وقابلة للحياة». وتابع «ما زلنا بعيدين جدا عن ذلك الهدف في الوقت الحالي لكن يجب ألا نسمح لأنفسنا بالتخلي عن إمكانية إحراز تقدم». كما تعهد بالدفاع عن إسرائيل، لكنه قال إن حل الدولتين مع الفلسطينيين لا يزال مطلوبا، وإن كان الطريق إليه لا يزال بعيدا بهذه الكلمات فيما يخص الشرق الاوسط.
(الدستور الأردنية)